نقلا عن المركزية –
يتبيّن يوما بعد يوم، حجمُ الضرر الذي ألحقه قرارُ السلطة السياسية، المتمثلة بحكومة اللون الواحد برئاسة الرئيس حسان دياب، التخلّفَ عن سداد ديونها من دون اتفاق مع الدائنين، في الجسد اللبناني. نعم، الفساد نخر كل شيء وهو استمر لعقود ولا تتحمل مسؤوليتَه هذه الحكومة تحديدا. نعم ثمة سياسات مالية اتّبعت على مر سنوات، أُقرّت بالتكافل والتضامن بين أهل الحكم والمركزي.. الا ان هذا القرار بالذات شكّل ضربة قاصمة لظهر الاقتصاد وسرّع وتيرة التدهور نحو الهاوية، وفق ما تقول مصادر مالية مطّلعة لـ”المركزية”.
في الساعات الماضية، كُشف النقاب عن مذكّرة وجّهها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، حذّر فيها من أن مصرف لبنان “بات في وضع صعب”. الرسالة التي رفعها عويدات الى كلّ من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارتَي المالية والعدل، شرح فيها سلامة ان مصارف المُراسلة في الخارج، بدأت تقطع علاقاتها المالية مع البنك المركزي، الامر الذي يتهدد تحويلات لبنان الخارجية، وعملية شرائه السلع والبضائع، والحصول على النقد الأجنبي (…) على مر السنوات الماضية، كان اي مصرف لبناني يُبرم اتفاقية مع مصرف مراسِل لتقديم خدمات تحويل الأموال وتمويل التجارة الخارجية (…) فتكون مصارف المراسلة الضامن لتسديد مبلغ إلى أحد المُصدّرين، بالاتفاق مع المصارف اللبنانية التي تكون الضامن لتسديد المبلغ من قبل المستورد. وهذه الحلقة، التي سيُصيب انكسارُها عمليةَ استيراد كل شيء، من السلع الحيوية والاولية كالنفط ومشتقاته، بشلل خطير، عزا سلامة انفراطَها الى عدم تسديد سندات الدين بالعملات الأجنبية (يوروبوندز) كما الى الحملات السياسية ضدّ مصرف لبنان ومحاولة تشويه صورته وسمعته في القضاء داخل لبنان وخارجه.
الرجل رفع الصوت، وحذّر من الأسوأ الآتي في الاسابيع المقبلة، اذا لم يتم التحرّك سريعا. والتحرّك هنا، بحسب المصادر، يفترض ان يكون هدفه الاول اعادة الثقة الخارجية الى لبنان – الدولة بعد ان فقدت في شكل شبه تام. ومفتاح استعادة هذه الثقة “سياسي”، لن يكون الا من خلال تشكيل حكومة تتلاقى والمعايير الدولية، تنكب على الاصلاح ومحاربة الفساد، بعيدا من سيطرة السياسيين وحساباتهم ومحاسيبهم. فمن هذا الباب، سيعود ضخُ الاموال في عروق الجسم المالي – الاقتصادي التي نضبت وأصيبت بجفاف قاتل، عبر تفاهم مع صندوق النقد الدولي… فإذا سلك القطار المحلي السكة الصحيحة هذه، ستستعاد تدريجيا علاقات بيروت مع المانحين في الاسرتين العربية والدولية، سياسيا وماليا واقتصاديا، وسترتاح إثرها، بطبيعة الحال، اجواء القلق والتوتر واللاثقة، التي تلفّ العلاقات بين لبنان المصرفي من جهة والمصارف المراسلة والدائنين من جهة ثانية.
التدقيق الجنائي بدوره مطلوب، وسيضع الامور والشبهات في نصابها، ويظهر الخيط الابيض من الاسود، تتابع المصادر، الا ان التعاطي معه باستنسابية وبكيدية سياسية كما هو حاصل اليوم، حيث يستخدمه فريق لضرب خصومه، ويريده في مؤسسة واحدة لا في القطاع العام كلّه، لن يصيب الهدف، ولن يعيد للبنانيين اموالهم وللدولة الثقةَ الخارجية بها.
فهل يدرك اهل المنظومة ان الحل والربط في يدهم، وان الانقاذ المالي يحتاج اولا قرارا “سياسيا”، بتأليف حكومة اختصاصيين تحترم تصوّر المجتمع الدولي لها، ام يستمرّون في رمي كرة النار في ملعب القطاع المصرفي وحده؟
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.