نقلا عن المركزية –
من فيينا بمفاوضاتها النووية، الى العراق و”جلساته” السعودية -الايرانية، ومن الزيارة السعودية لرئيس جهاز المخابرات الفريق خالد الحميدان الى سوريا امس تمهيدا لاعادتها الى الكنف العربي بعد عيد الفطر، الى محطة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في فرنسا منتصف الجاري، تطورات سياسية ذات دلالات لا تجوز الاستهانة بها، نسبة لانعكاساتها المرتقبة على الداخل اللبناني، ولكل منها بعده الذي يبدو لبنان بعيدا منه ومن تلقف النتائج المترتبة عليه، على رغم متابعة دقائقه، فالانشغال بالازمات المتراكمة والملفات العالقة اكثر واكبر من ان تتيح للمسؤولين فيه الاستعداد لافرازات المرحلة المقبلة.
في مجمل التطورات الدولية والاقليمية الآنفة الذكر، حصة، ولو صغيرة، للبنان وازماته، نسبة لارتباطه او ربطه عضويا بها. تشكيل حكومته رهن مسار المفاوضات النووية من بوابة استخدامه ايرانيا ورقة ضغط متى دعت الحاجة لتحصيل القدر الاكبر من المكاسب، وسط تخوف من تحريك ملفه الامني لا سيما جنوبا اذا ما اقتضت الامور. وضعه الحدودي بكل ملابساته وتداعياته الكارثية على لبنان اضافة الى ملف النازحين قد تحركه تطورات وشروط عودة سوريا الى الجامعة العربية وانفتاح السعودية اللافت عليها، بعدما بات معلوما ان هذا الانفتاح لطالما ارتبط بتخلي الرئيس بشار الاسد عن حلفه مع طهران والعمل تدريجيا على اخراجها واذرعها العسكرية من الميدان السوري. كل ذلك، في اعتقاد المراقبين نتاج المحادثات الايرانية- السعودية في العراق، والمرتقب انعكاسها على مختلف ملفات المنطقة من اليمن الى العراق فسوريا ولبنان، الدول الاربع التي تبسط ايران نفوذها فيها وتحركها وفق ما تشتهي رياحها ولبنان الاكثر تأثرا. اما زيارة بن سلمان لباريس في 17 الجاري فلا بدّ الا ان تتطرق الى الوضع اللبناني واسباب انكفاء المملكة عن ساحته وتركها لقمة سائغة لايران، الامر الذي دفعه الى الهاوية السحيقة التي يقبع فيها.
هذه الوقائع كيف تتعاطى معها المنظومة السياسية الحاكمة والقوى السياسية المستقيلة من دورها في حقبة تكاد تكون الاشدّ والاخطر في تاريخ لبنان؟ هل بالمستوى الوطني المطلوب؟ قطعا لا، تقول اوساط سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، لا بل تتجاهلها، وإن كانت تعلل تقاعسها هذا بانتظار ما ستؤول اليه مجمل هذه التطورات من نتائج. حتى تشكيل حكومة تنقذ البلاد من الشرنقة القاتلة تحول من حل الى مشكلة في حد ذاته. اذ فيما تريد وتنصح دول العالم المهتمة بلبنان بالمسارعة الى تشكيل حكومة انقاذ مؤلفة من اختصاصيين تشرع في تنفيذ الاصلاحات المطلوبة كشرط للمساعدات الدولية خلال مدة ستة اشهر، مثابة مرحلة انعاش للدولة قبل اختناقها، على ان يتفق بعدها السياسيون على ما يريدون من شكل او طبيعة حكومة ما بعد الانقاذ، يستمر هؤلاء في التقاتل على جنس الملائكة. هذا يريد حكومة سياسية وذاك ثلثا معطلا وذلك انتخابات نيابية مبكرة وآخر اطاحة الحكم واستلام الجيش مقاليد السلطة الى ما هنالك من خيارات على مد العين والنظر.
تقول الاوساط ان استمرار القوى السياسية بممارساتها متجاهلة انتقال الدول المهتمة من مرحلة الوعظ الى حقبة الاجراءات العقابية، لهو مزيد من الامعان في دكّ آخر ما تبقى من دعائم الوطن، قبل اعلان مراسم الوفاة. كلام سيقوله وزير خارجية فرنسا جان ايف لودريان لمن سيلتقي من المسؤولين في لبنان، في السر او في العلن، يوم الخميس المقبل، وسط قناعة تولدت لدى اللبنانيين بأن حتى ما سيسمعهم اياه من تحذيرات وانذارات لن يغيّر في المعادلة المتحكمة بأدائهم، وعلى قاعدة “كل يغني على ليلاه” في مقاربة الحل لاهداف شعبوية فئوية سيمضي لبنان وشعبه نحو المصير المشؤوم.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.