نقلا عن المركزية –
لا يشكل الكلام عن واقع الهجرة في لبنان ظاهرة خصوصا أن هذه الموجة أقلعت منذ الحرب العالمية الأولى، وباتت تتوزع على دفعات بحسب أزمنة الحروب وآخرها الحرب الأهلية استمرت حتى بعد انتهائها، حتى بات الإغتراب وطناً بديلاً للبنانيين. لكن القراءة في أرقام هجرة الجيش الأبيض بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان اخيرا، ودفعت بالأطباء إلى المغادرة بحثاً عن مساحة أمان لتأدية رسالتهم الإنسانية تخطت توصيف الظاهرة.
الأرقام تضاربت في ظل عدم وجود إحصاء دقيق يُعبرعن واقع حال الجسم الطبي. لكن المرجح بحسب مصادر طبية أن العدد لا يقل عن 1500 طبيب. أما الممرضون والممرضات فلا أرقام دقيقة عن أعداد المغادرين منهم، لكنها أيضا لا تقل عن 400. وفي ظل واقع لا يُبشر بالخير زادته سوءا جائحة كورونا وعجز المؤسسات الرسمية المعنية عن وضع استراتيجية فعّالة وتوقع انهيار وشيك، يبدو أن الأرقام ستكون مضاعفة في المرحلة المقبلة، وتكشف المصادر أنهبحلول نهاية السنة يكون قد رحل عن لبنان حوالى 25 في المئة من الطواقم الطبية، وهو رقم مُخيف جدا. فإلى متى ستستمر موجة نزوح الأطباء والممرضين والممرضات من لبنان وما هي وجهتهم في ظل الإنكماش الحاصل على خلفية تداعيات جائحة كورونا في كل أصقاع الأرض؟
الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين كشف لـ”المركزية أن “لا أرقام دقيقة عن عدد الأطباء الذين غادروا لبنان والحال نفسها بالنسبة إلى الجسم التمريضي لاعتبارات عديدة، أهمها عدم قدرة النقابة على إحصاء الأطباء الراحلين إلى دول لا تطلب معادلات أو امتحانات قبول، مثل دول الخليج ودول شرق أوروبا وغيرها من المناطق عدا عن تضارب الأرقام بين نقابة الأطباء ولجنة الصحة النيابية. ولفت إلى ان غالبية الأطباء يغادرون إلى الدول التي أنهوا فيها تحصيلهم الجامعي في اختصاصاتهم الطبية، لا سيما دول أوروبا الشرقية وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وإيطاليا. لكن الوجهة المستحدثة هي العراق وتحديدا بغداد وأربيل حيث كانت تشكل عيادات الأطباء في لبنان والمستشفيات الخاصة حضانة صحية للمرضى العراقيين الذين كانوا يأتون إلى لبنان بشكل دوري من دون استحصالهم على تأشيرة دخول إلى لبنان وكذلك الأمر بالنسبة إلى اللبنانيين المتوجهين إلى العراق. وعلى رغم انخفاض مستوى المداخيل في بلاد الرافدين إلا أن ثمة عدد من العائلات المقتدرة في العراق وعليها يعول الأطباء المهاجرون “.
شمس الدين توقع أن ترتفع نسبة المهاجرين لا سيما في عداد الجسم الطبي وقد تصل إلى أرقام قياسية غير مسبوقة، والسبب كما يشرح “انهيار المستوى النقدي والمعيشي في لبنان، وتآكل القدرة الشرائية. أما جائحة كورونا فلا دخل لها لأن الوباء منتشر في كل أصقاع العالم”. ورحج الباحث شمس الدين أن يرتفع عدد المغادرين بعد إعادة فتح البلاد في أوروبا وكندا نتيجة حصول المواطنين هناك على اللقاحات المضادة للجائحة واعتماد الحكومات سياسة ضخ السيولة لإنعاش الوضع الإقتصادي فهل يصبح مشهد وداع الأطباء والممرضين والممرضات من مسلمات تداعيات انهيار الواقع الإقتصادي؟ وهل نتأمل من عودة الجيش الأبيض إلى المستشفيات والعيادات في لبنان؟
بنظرة إيجابية يقرأ شمس الدين نتائج موجة مغادرة الأطباء من لبنان ويقول:” مما لا شك فيه هذه الظاهرة ظرفية. وأتوقع عودة نسبة كبيرة ممن غادروا منذ بدء الأزمة الإقتصادية نظرا إلى ارتفاع نسبة الضرائب التي تفرض على المقيمين في الدول الأوروبية والأميركيتين. لكن هذا المشهد لن يتحقق إلا مع عودة الإستقرار النقدي إلى لبنان وانحسار موجة تآكل القدرة الشرائية”.
إلى حينه ستبقى الطريق نحو مطار بيروت الدولي معبدة للمغادرين بأفواج الجيش الأبيض ومن ذوي الإختصاصات العلمية والطاقات الشبابية.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.