نقلا عن موقع Lebanon 24 كتبت الصحافية المتألقة نوال الأشقر
منذ الفيديو الرئاسي المسرّب لا مؤشرات حيال إمكانية حصول خرق في الملف الحكومي، الذي يبدو أنّه وصل إلى حائط مسدود، سواء أكان التسريب مقصودًا أو نتيجة خطأ تقني. قبله فشلت كلّ اللقاءات التي تمّت بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في تحقيق أيّ تقدّم يذكر، لا في توزيع الحقائب ولا حتّى في حجم الحكومة، بدليل عودة الحديث عن عديد الوزراء ومطالبة “التيار الوطني الحر” برفعه في أكثر من مناسبة وتحت مسميّات جمّة، تارة لعقدة درزية مفتعلة وأخرى بذريعة عدم إرهاق كل وزير بحقيبتين، فيما الثلث المعطل هو الهدف الأساسي وفق مصادر تيار “المستقبل”، في المقابل يتهم “التيار الوطني الحر” الحريري بتجاوز وحدة المعايير وأنّه يريد الإستثئار بالحصّة المسيحيّة، البعض الآخر يعتبر أنّ خلف هذه الخلافات المعلنة يقف “حزب الله” غير مستعجل وغير معجب بطرح الوزراء الإختصاصيين، خصوصًا أنّ الرئيس الأميركي جو بايدن تسلّم مهامه في البيت الأبيض، ومن مصلحة إيران أن تحتفظ بالورقة اللبنانية لتطرحها حين يحين زمن التفاوض مع الأميركيين، فلماذا تخسرها الآن أو تقدّمها مجانًا؟
عد الفيديو المسرّب تشنجت العلاقة أكثر فأكثر بين “بعبدا” وخلفها “ميرنا الشالوحي” من جهة و”بيت الوسط” من جهة ثانية، وترميمها بات شبه مستحيل. وصلنا إلى “الستاتيكو” الراهن بعد ثلاثة أشهر على التكليف، وما تخلّله من لقاءات وصل عديدها إلى أربعة عشر لقاءً، استُتبع بعضها بإشاعة إيجابيات مفخّخة، سرعان ما اصطدمت بالوقائع المعطّلة. اليوم وفي ظل الإنهيارات الحاصلة على أكثر من صعيد بات الإنتظار خطيئة، فماذا سيفعل الرئيس المكلف؟
يدرك الحريري أنّ حسابات من يتشاور معهم تتخطّى الحكومة بحدّ ذاتها، لناحية شكلها وتوزيع الحقائب إلى ما هو أبعد منها بكثير. فالحكومة وإن قُدّر لها أن تبصر النور لن تكون لستة أشهر بل ستعمّر إلى نهاية الولاية الرئاسية. وفي حال حصول فراغ رئاسي كما هو الإنطباع السائد، ستتسلّم مقاليد الحكم، وبالتالي سيواصلون التمسّك بذرائع “وحدة المعايير” و”تحصيل حقوق المسيحيين” لإفشال كّل مبادرة لا تمنحهم الثلث المعطّل. كما يدرك الحريري أنّ ضغط الإنهيار على كلّ المستويات وموت الناس جوعًا ومرضًا، وقائع وعلى شدّة بؤسها لن تحمل خصومه على تعديل حساباتهم أو التنازل عن أولوياتهم لصالح عملية الإنقاذ. فنهاراتهم ولياليهم وأجنداتهم تتضمّن عملية إنقاذية واحدة، لأجلها دُفنت مبادرات وعلّقت حكومات ودمّرت علاقة لبنان بمحيطه العربي. ويدرك الحريري أنّ حليف الأمس النائب جبران باسيل لم يسقط من حساباته لحظة واحدة معادلته الشهيرة “أنا والحريري في الحكم معًا أو خارجه”، ويدرك أنّهم لا يريدونه رئيسًا للحكومة، وأنّهم قدّموا عصارة أفكارهم “القانونية” لسحب التكليف منه ولم يفلحوا، وأنّهم مهما طال زمن التكليف لن يدعوه يؤلّف حكومة إلّا بشروطهم، وتكاد لا تختلف عن الحالية المستقيلة، وإن تألّفت فستكون محكومة بالتعطيل بعد تفجير أزمة الثقة بين عون والحريري.
أمام هذه المعطيات، وأمام الواقع المأسوي في لبنان اجتماعيًّا وصحيًّا وماليًّا، بات لزامًا على أحدهم أن يكسر الجمود الحاصل، وفي هذه الحال أمام الحريري خياران لا ثالث لهما، أن يعلن للرأي العام مضمون التشكيلة الحكومية التي قدّمها للرئيس عون، وبذلك يدحض تهمة “الكذب” التي وردت في الفيديو الشهير ويثبت للشعب اللبناني قيامه بواجبه، والأهم أنه يثبت أنّ الأسماء التي اختارها لحكومته أتت منسجمة مع طرحه وشرطه لحكومة الإختصاصيين، وليبني على النتائج المقتضى، والخيار الثاني أن يستمع إلى نصائح “القوات” و”الإشتراكي”، ويدع عنه هذا الحمل ويعتذر عن التأليف.
لأنّ الإنتظار أيّها الرئيس المكلف مكلف. افعلها، فالبلاد وعبادها اكتوا بنار جهنّم، وباتوا لاجئين إلى أصقاع الأرض هربًا من الجشع والطغيان والقحط والإفلاس والمرض.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.