نقلا عن المركزية –
بعد يوم “التأمل والصلاة” في الأول من تموز في الفاتيكان، ولقاء البابا فرنسيس رؤساء الطوائف المسيحية اللبنانية، ورسم مسارا إنقاذيا في كلمته الختامية، على رأسه إعلاء المسؤولين المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وعدم التضحية بلبنان على مذبح المصالح الخارجية وتصميم الفاتيكان على هوية العيش المسيحي – الاسلامي المشترك والالتزام ببناء مستقبل معاً، والذي سيكون سليماً فقط اذا كان مشتركاً، هل من خريطة طريق لما بعد اللقاء؟
عاد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى لبنان، وفي جعبته أفكار عديدة، منها زيارة مرجعيات سياسية او روحية من الطوائف الاسلامية او الاتصال بالقوى السياسية المسيحية او عقد قمة روحية مسيحية – اسلامية… خيارات عدة مطروحة، بحسب ما أفادت مصادر مطلعة “المركزية” ستتم جوجلتها خلال اليومين المقبلين، وفق الانسب والاولويات وطريقة التحرك. ففكرة قمة روحية مطروحة، لكن تحقيقها دونه عقبات، من بينها ان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، رجل الانفتاح والاعتدال يعاني من وضع صحي خاص يمنعه من المشاركة.
وأشارت المصادر الى ان خلال إطلاق كتاب “علاقة البطريركية المارونية بالمملكة العربية السعودية” للأب الانطوني انطوان ضو، برعاية البطريرك وحضور السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، في احتفال كبير قبل ظهر الخميس ستلقى كلمات لكل من الراعي والبخاري على جانب من الأهمية من الناحية الوطنية والسياسية، وستتعدى الكلمتان مضمون إطلاق الكتاب الى تجديد العلاقات بين لبنان والسعودية. وفي هذا الاطار سيتوضح تحرّك البطريرك.
أما في الفاتيكان، فأصبح الكرسي الرسولي على اقتناع، بحسب المصادر، بضرورة التحرك السريع من أجل لبنان ويُفترض ان تقوم أمانة السرّ البابوية في الفاتيكان باطلاع السفراء المعتمدين لدى الفاتيكان على نتائج اللقاء وحث الدول الصديقة للتحرك لمساعدة لبنان.
سفير لبنان في الفاتيكان فريد الخازن أكد لـ”المركزية” ان دعم الفاتيكان للبنان دائم ومتواصل قبل اللقاء وبعده. والبابا شخصياً بذل جهوداً كبيرة لإنجاحه، وهذا ما حصل. وبالطبع يصبّ الفاتيكان جهوده لمتابعة مرحلة ما بعد اللقاء، لكن لم تحصل بعد أمور تفصيلية يمكن الحديث عنها إذ لم يمضِ على اللقاء سوى أيام معدودة”، لافتاً الى ان “المتابعة ستكون على جوانب عدة، منها ما له علاقة بالكنائس وإمكان التعاون في ما بينها، وآخر عن العلاقة بالدولة وقدرة لبنان وحاجته لتشكيل الحكومة، وثالث عن متابعة كل من يريد ويسعى لوضع أطر معينة لدعم لبنان بكل الوسائل المتاحة”.
أما بالنسبة الى الدبلوماسية، فاعتبر الخازن ان المسألة تخص الفاتيكان مباشرة وستكون هناك متابعة على مستويات عديدة، لكن ليس كما يصور بعض الاعلام اللبناني كأن التغيير الجذري سيتم بين ليلة وضحاها”، مشيراً الى “ان هناك إرادة وإفكاراً في الفاتيكان لتفعيل مزيد من الدعم ومساعدة الناس والمواطنين الذين يعانون أكثر من اي احد آخر، لكنها لم تتبلور بشكل كامل او واضح، وتحتاج الى بعض الوقت”.
وعن إمكان لقاء البابا السفراء المعتمدين في الفاتيكان ووضعهم في أجواء اللقاء، أوضح الخازن أن “ليس لديّ اي معلومات، لكن بالنتيجة ستكون هناك متابعة على المستوى الدبلوماسي، إنما المطلوب اليوم، في حال كانت هناك خريطة طريق معينة، ان يقابلها متلقٍ في لبنان. فالحديث في لبنان يتمحور إجمالا حول الطلب من العالم، لكن بالنسبة الى المجتمع الدولي والعالم الخارجي، يجب ان تكون الطريق مفتوحة في لبنان لتحويل هذا الدعم الى سياسة او الى اجراءات عملية وهذا الامر للاسف غير متوافر في لبنان نظراً للاوضاع الموجودة”.
أما عن التواصل بين الفاتيكان والادارة الاميركية، فأكد الخازن “ان وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن زار الفاتيكان منذ نحو أسبوعين واجتمع مع البابا وكبار المسؤولين، وبالطبع جرى التداول بموضوع لبنان المطروح على جدول اعمال الفاتيكان بشكل مستمر”، مؤكدا “ان هناك اهتماما فاتيكانياً مباشراً بالوضع اللبناني، الذي لا يتوانى عن طرح المسألة مع اي مسؤول دولي يلتقيه يتواصل معه، بغية تجنيب لبنان المزيد من الازمات والمخاطر سواء على المستوى اللبناني البحت او على المستوى الاقليمي الاوسع والدولي”.
وعن طرح مسألة لبنان في اللقاء الذي سيجمع الرئيسين الاميركي جو بايدن والفرنسي ايمانويل ماكرون على هامش اجتماع الجمعية العمومية في ايلول، أجاب الخازن: “اليوم التنسيق اصبح اكبر من السابق بين باريس وواشنطن. لم يتم التفاهم على كل الامور لكن الطريق اصبح مفتوحا بطريقة اسهل بكثير مما كان عليه في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. وقد يكون ملف لبنان مطروحاً خلال اجتماعهما، لكن المشكلة اليوم هي ايضا في لبنان وليس فقط لدى الاطراف في الخارج. فلنفترض ان الاطراف في الخارج تريد ان تتخذ قرارا معينا اكان دعما ماديا او غيره، فمن هي السلطة المسؤولة في لبنان؟ نتحدث عن تشكيل حكومة لم تتشكل، ونتحدث عن حكومة تصريف اعمال، هناك عقبة في لبنان تقف عائقاً حتى لو قرر العالم كله مساعدتنا”.
ورداً على سؤال حول إمكان عقد قمة روحية اسلامية مسيحية في لبنان، أشار الخازن الى ان السفير البابوي في لبنان جوزف سبيتيري سيعقد سلسلة لقاءات مع المرجعيات الدينية الاسلامية وسيضعها في جو ما حصل في الفاتيكان، وقد تكون في لبنان لقاءات بين المرجعيات الدينية المسيحية والاسلامية وهذا امر طبيعي وايجابي.
أما عن الحديث عن دعوة مرجعيات اسلامية او سياسيين للقاء في الفاتيكان فقال:”المسألة ليس مسألة دعوة، فالبابا أمضى نهاراً كاملاً مع رؤساء الكنائس وجلسة صلاة وأبدى اهتماماً مباشراً وشخصياً، لكن هذا الدعم او اللقاء او الصرخة التي أطلقها، اين ستترجم في لبنان؟ ومع من؟ وكيف؟ الفاتيكان اخذ مبادرة، لكن كيف ستستكمل في لبنان؟ هذا هو السؤال “.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.