رأيتُ اليومَ المسيحَ مع الشعوب القديمة
جالسًا قربَ نارٍ يلعبُ بحطبها
والبسمةُ اللطيفة ترسمُ وجهَه الأبيض
وكان روحُ الأقدمين معلِّمُهم حاضرًا
والحنينُ النازف يُخطِّطُ وجهَه الأحمر
وأنا وسطهما عروة اللقيا
وجسرٌ بين دمعةٍ وضحكة
بين كفنٍ وفستان عروس
قال الروحُ هوذا الروحُ لشعبي ليعبروا إليك
يُعَزّيهم فتتصالحَ ذاتُهم القديمة والجديدة
وتعودَ الريحُ إلى الأرض المهجورة
وتنبتَ الزهورُ فوق الندوب
وتُطلِقَ سواقي الرياحين والرحيق العنانَ لأجنحتها
ويزلغطَ الخزام
ويرجعَ النسرُ إلى الديار والشمسُ تتثاءبُ بين جناحَيه
وتعودَ الصخورُ خيالَه المهيب
وتقومَ السكينةُُ من غفوة الغفلة
وترجعَ الجواميسُ
ووقُعُ سباقها يفجِّرُ المراعي من الشقوق العميقة
وتخضوضرَ الأرضُ
وتسري طيورُ الدراج في البطاح
ويعلو صخبُها في الوادي الحزين
ويقومَ شعبي من مذلّة الحياة
واها، الموتُ ولا الهوان
وتعودَ الحريةُ على صهوة خيول النار
واها، حملتْ حوافرُها براقعَنا ورحلت أتُراها تعود؟!
لا، قال المسيح
وكلماتُ روح الاقدمين صدى المسامير
دعْ شعبَك على الضفّة الأولى
فليس هناك ضفّتان
فعندما جئتُ إلى البشر وجدتُني على ضفّتي
قامتُك الريح
وخيالُك تظنّه ضفّةً أخرى
لك هامةٌ واحدة، جبينُك الشمس
أنتَ الجبلُ المقدّس، هامتُه السماء
قلْ لشعبك أن يتسلَّقوا ذواتهم الجميلة فيصلوا إليّ
فوق جبلك أنا كرمُ الزيتون
فاعصروا ذواتكم تجدوني زيتَ السراج
لا ضفّتان
بل يدان منبسطتان
ودمُ القلب نهرُ الحب بينهما
والريحُ نفحةُ الله
وكلمةُ الحقّ في حنجرتك النسرُ ،
جناحاه طيفُُ الله
وكلُّ حقيقة ملتبسة هي خيالُه المتكسِّر على الصخور الحمراء
لا تعبرْ إليَّ فقد عبرتُ إليك
ثم نظرَ المصلوبُ شطري
وقال اعطِ هذا المصلوبَ من كتابك المكنون
واجعلْ كلَّ حرفٍ فيه حجرًا مدفوعًا عن قبور شعبه الحيّ
شِقَّ أكفانَهم أقمْ فيهم
انحدرْتُ ليصعدَ الجميع وانحدرْتَ معي ليبسطَ النسرُ جناحيه
فتعودَ شمسُ الحياة إلى وادي المنايا
ويُزغردَ الدراج في الحنايا
وتغدوَ صخورُ الوادي العظيم عتباتي المقدّسة
وصخرة كنيستي التي هي الإنسان تصير صخرة قيامتي.
وطارتْ ألسنةُ النار التي كان المسيحُ يلاعبها
وحطَّت عليَّ روحًا
ونظرْتُ شطرَ روح الشعوب القديمة:
وجدتُه قد عبر إليّ
والشعب كلّه عبر
والحياة أيضًا
وسمعنا وقعَ الجواميس وصيحات الدراج
هلّلويا هلّلويا شعبي قام
ونظرتُ حولي
المقعدان خاويان
المسيح وروح الأقدمين عبرا إليّ
وأقبلَ الشعبُ وتعمَّدَ بالنار
ونهرُ الحب في قلبي
رذاذُ قيامة وحمامُ سلام
نظرتُ بعيدًا
رأيتُ شعاعًا جميلًا ينساب في الوادي
كان هذا طيفَ من ظننتها رحلت
ها قد عادت
واسمُها اليوم مريم التي عيونها النهر
(قصيدة أهديها لشعب جميل أحبّه كثيرًا هم الهنود الحمر ورئيسهم روح الأقدمين، شعب فيه عزة النفس وخَفَر الروح)
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.