نقلا عن المركزية –
الى أين يتجه لبنان بعد الحدث المفصلي “التاريخي” المتمثل بتوقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل في نهاية العهد “العوني”، وسط نشوة محلية عارمة وتهليل اميركي ومباركة دولية واستغلال اسرائيلي للحدث عبّر عنه رئيس الحكومة يائير لابيد بقوله “ان لبنان اعترف بدولة إسرائيل في اتفاق ترسيم الحدود”؟
لعل الطابع الاستثنائي لهذا الحدث وما تخلله من صيغ وطروحات وما استلزم من وقت، ومن جهد اميركي وتقاطع مصالح تداخل فيها المحلي بالاقليمي والدولي من ايران الى اوكرانيا وصولا الى اوروبا واسرائيل فلبنان، وما بقي من تفاصيل الاتفاق بين الاطراف الثلاثة معطوفا على حجب مناقشته او ابداء الرأي فيه لبنانيا خلافا للدولة العبرية التي ناقشته رسميا، اضافة الى خلو وفد الناقورة اللبناني من اي وجود للجيش اللبناني الذي خاض مفاوضات تقنية شاقة وصعبة هناك، لعل هذا كله يجعل صعبا على اللبنانيين تصور سيناريو للنتائج المحتملة سلبا وايجاباً، والبقاء على رصيف الانتظار ترقبا لمفاعيله المتعاقبة تبعاً لما سيتخلل هذا المسار من تطورات ومفاجآت.
واذا كان لبنان اعترف بدولة اسرائيل، استنادا الى لابيد، في ظل صمت رسمي مطبق ازاء كلامه، وأمنت واشنطن الضمانة للاتفاق الذي وفّر على حد تعبير الرئيس الاميركي جو بايدن الامن والاستقرار لاسرائيل والمنطقة، يصبح بديهيا السؤال عن جدوى استمرار حزب الله وسلاحه ووظيفته ومستقبله، ومعه مستقبل لبنان…
الجواب لا بد سيقدمه امين عام الحزب حسن نصرالله في اطلالته عصرا مستعرضا باسهاب دور المقاومة بعد الترسيم اضافة الى ملفي الرئاسة والحكومة التي تؤكد مصادر قريبة من الضاحية انها ستشكل قريبا جدا.
اما الرئيس عون فيطل تلفزيونيا مساء ضمن حلقة خاصة بعنوان الرئيس ان حكى يضيء فيها على مراحل عهده وانجاز الترسيم في شكل خاص.
التوقيع اخيرا..: بعد مفاوضات طويلة وشاقة رعتها واشنطن استمرت اعواما، تم اليوم توقيع اتفاق او “رسالة” ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، التي ستسمح للجانبين بالبدء فورا في عملية التنقيب عن النفط والغاز. ففي الناقورة، سلّم الوفد اللبناني الموفدَ الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين الرسالةَ الموقّعة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون… وفي غرفة او خيمة اخرى، سلّم الوفد الاسرائيلي ايضا رسالتَه الموقّعة الى هوكشتاين.
وكان أعضاء الوفد اللبناني وصلوا إلى الناقورة قرابة الثالثة والدقيقة الـ 20 الى مقر “اليونيفيل” لتسليم الرسالة الرئاسية إلى هوكشتاين وتسليم ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا رسالة وقعها وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، تتضمّن تأكيد الإحداثيات المرتبطة بالحدود البحرية لإيداعها الأمم المتحدة وفقاً للآليات المتبعة في قانون البحار. وضم الوفد مدير عام رئاسة الجمهورية أنطوان شقير والعميد الركن منير شحادة مفوض الحكومة لدى القوات الدولية، وسام شباط عضو هيئة إدارة النفط وأحمد العرفة رئيس مركز الاستشارات القانونية.
اشارة الى ان عملية التسليم تأخرت عن موعدها ساعة بسبب رفض الوفد اللبناني للخرق الاسرائيلي البحري.
لا مفاعيل سياسية: وكانت سبقت مراسم الناقورة التي شاركت فيها سفيرتا الولايات المتحدة وفرنسا دوروثي شيا وان غريو وممثلة الامم المتحدة يوانا فرونتسكا، جولةٌ قام بها هوكشتاين على المسؤولين اللبنانيين. فقد استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قي قصر بعبدا هوكشتاين في حضور السفيرة شيا ونائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب ووزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب ومدير عام الامن العام اللواء عباس. وتسلّم عون من الوسيط الاميركي الرسالة الاميركية الرسمية في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية الجنوبية التي تتضمّن حصيلة المفاوضات ونوه هوكشتاين بدور عون في الوصول إلى هذه النتيجة والأخير شكر الوسيط على الجهود. ووقع رئيس الجمهورية الرسالة التي تحمل موافقة لبنان على مضمون الرسالة الأميركية عن نتائج المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود الجنوبية. وقال “انجاز ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية عمل تقني ليست له أي ابعاد سياسية او مفاعيل تتناقض مع السياسة الخارجية للبنان في علاقاته مع الدول“… بعدها، ترأس عون اجتماعاً لأعضاء الوفد المغادر الى الناقورة والذي ضم؛ مدير عام الرئاسة أنطوان شقير ومفوض الحكومة لدى القوات الدولية العاملة في الجنوب العميد منير شحادة وعضو مجلس إدارة هيئة النفط وسام شباط ورئيس مركز الاستشارات القانونية في وزارة الخارجية احمد عرفة، وزودهم بتوجيهاته.
نقطة تحوّل: وكان هوكشتاين قال بعد لقائه عون “عقدتُ عدّة اجتماعات هنا وكنتُ أقول دائماً إنّني متفائل وأنا ممتنّ لوصولنا إلى هذا اليوم التاريخي ولتحقيق الاتفاق”. أضاف “المهمّ اليوم هو ما سيحصل بعد الاتفاق وأعتقد أنه سيكون نقطة تحوّل اقتصاديّة للبنان ولنهوضه”. وأشار هوكشتاين الى ان “توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و “إسرائيل” من شأنه إحداث الاستقرار في المنطقة، وان الاتفاق سيسمح ببدء العمل من قبل شركة توتال للتطوير والاستكشاف ولا شيء سيعيق هذه الاعمال في لبنان ولا شي سيأخذ عائدات النفط والغاز من اللبنانيين”، لافتا الى ان “أهمّ ما في الاتفاق هو أنّه في خدمة الفريقين وليس من مصلحة البلدين خرقه وإذا خرق أيّ طرف الاتفاق لن يكون هذا لصالحهما“.
بوصعب: من جهته، أعلن بوصعب أن “رئيس الجمهورية وقّع الرسالة الأميركية الرسمية التي تسلّمها من هوكشتاين، في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وسلّمها الى الوفد اللبناني”، مشيرا إلى أنّ “الرئيس عون كلّف وفداً باسمه لتسليم الرسالة إلى هوكشتاين في الناقورة، وستكون هناك رسالة أيضاً للأمم المتحدة من قبل الخارجية اللبنانية“.
تعاون المسؤولين: بعدها، انتقل هوكشتاين الى السراي الحكومي، حيث التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، و خلال الاجتماع شكر الرئيس ميقاتي هوكشتاين على الجهود التي بذلها في سبيل التوصل الى انجاز الترسيم. وقال” نأمل ان يكون ما تحقق خطوة أساسية على طريق الافادة من ثروات لبنان من الغاز والنفط، بما يساهم في حل الازمات المالية والاقتصادية التي يمر بها لبنان، ويساعد الدولة اللبنانية على النهوض من جديد”. وقال” ان التعاون بين مختلف المسؤولين اللبنانيين، بمساعدة اصدقاء لبنان، حقق هذه الخطوة النوعية الاساسية في تاريخ لبنان ، بعد سنوات من العمل الدؤوب”.واكد “ان الاهتمام الشخصي للرئيس الاميركي جو بايدن والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اعطى دفعا لمسار جديد في المنطقة ولدعم لبنان لاستعادة عافيته الاقتصادية”.
بري داعم اساسي: ومن السراي انتقل هوكشتاين والوفد المرافق الى عين التينة حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال هوكشتاين بعد اللقاء: اجريت مشاورات مع رئيس مجلس النواب واقدر الجهود للتوصل الى هذا الاتفاق الذي سيستفيد منه لبنان والشعب اللبناني اقتصاديًا. اضاف: أكرّر أنّ هذا اليوم تاريخيّ وسيكون جيّد لجميع اللبنانيين وسيؤثّر إيجاباً على الوضع الاقتصادي في البلد وبرّي كان داعماً أساسيًّا للوصول إلى هذا اليوم وإلى الاتفاق. وتابع: هذا الاتفاق هو بين دولتين ولا علاقة له بنتائج الانتخابات الاسرائيلية.
اعتراف باسرائيل!: على الضفة الاخرى، صادقت الحكومة الإسرائيلية اليوم على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وذلك خلال اجتماع لمجلس الوزراء خُصّص للموضوع. وأعلن مكتب رئيس وزراء اسرائيل يائير لبيد في رسالة قصيرة للصحافة، اوردتها “وكالة الصحافة الفرنسية” أن “حكومة اسرائيل وافقت للتو على الاتفاق بشأن الحدود البحرية بين اسرائيل ولبنان”.وأشار الى أن “الاتفاق البحري مع لبنان إنجاز دبلوماسي واقتصادي“. وقال لابيد في مستهل اجتماع مجلس الوزراء ان لبنان اعترف بدولة إسرائيل في اتفاق ترسيم الحدود البحرية.وهذا إنجاز سياسي، فليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي بأسره“.
تننتي: اما المتحدث باسم “اليونيفيل” أندريا تننتي، فقال إنهم سعداء بالنتيجة الإيجابية للاتفاق البحري، مؤكدًا الجهوزية لمساعدة الوسيط الأميركي والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة. وشدّد في حديث اذاعي على ان “هذا الاتفاق سوف يعزز الاستقرار في جنوب لبنان، معتبرًا أنه يمهّد الطريق لمتابعة النقاط العالقة بما خصّ تحديد الخط الأزرق“.
بايدن يهنئ: ولاحقا، هنّأ الرئيس الاميركي جو بايدن إسرائیل ولبنان على إبرام اتفاقھما رسمیًا من أجل حل النزاع الحدودي البحري الذي طال أمده، معتبرا أن ھذه الاتفاقیة تقربنا خطوة واحدة من تحقیق رؤیة لشرق أوسط أكثر أمانًا وتكاملاً وازدھارا، ما سوف یوفر منافع لجمیع شعوب المنطقة.
نصرالله.. وجنبلاط: وفي وقت تتجه الانظار الى ما سيقوله نصرالله عن هذا الحدث ، غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على “تويتر”: “لماذا تغيب الجيش من ابرام الاتفاق حول الترسيم الذي يثبت الهدنة ويؤكدها. واين هي الشركة الوطنية للنفط واين هو الصندوق السيادي. ان تحركات المسؤولين في هذا الشأن تثير الريبة وكأن الموضوع هندسة مالية اضافية مصيرها الضياع والهدر“.
حوار رئاسي: على صعيد آخر، يُفترض ان تحضر الاستحقاقات الرئاسية والحكومية المعطّلة حتى اللحظة، في كلمة نصرالله ايضا، علما ان اللواء ابراهيم زار اليوم بعبدا والسراي، وذلك عشية دعوة يعتزم الرئيس بري توجيهها الى الكتل النيابية لاجراء حوار حول الانتخابات الرئاسية الاسبوع المقبل.
مغادرة عون: واذ تبدو حظوظ التشكيل والفشل في التأليف متساوية، قال المسؤول الاعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا اليوم ان المراسم الرسمية لمغادرة الرئيس عون قصر بعبدا ستبدأ في 11 من قبل ظهر الاحد اما المراسم الشعبية فستبدأ عند الـ11.30.
لانتخاب رئيس: ليس بعيدا، بحث مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، مع مجموعة العمل الاميركي من اجل لبنان على رأسهم اد غبريال، في الازمة الاقتصادية في لبنان كما في آخر التطورات السياسية. وشدد غبريال بعد اللقاء على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهل الدستورية، لافتا إلى أن هذا الرئيس يجب أن يمثل طموحات الشعب اللبناني ويطبّق الدستور.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.