نقلا عن المركزية –
يشدد “الحزب التقدمي الاشتراكي” على أهمية “التسوية” التي طرحها رئيس الحزب وليد جنبلاط، باعتبار أن لا مفر ولا بديل منها لتشكيل الحكومة، خاصة وأنها المفتاح الوحيد لباب المساعدات الخارجية للبنان. ويتمحور الهمّ الأساسي للحزب حالياً حول الوضع الاجتماعي والمعيشي الضاغط في ظل تسارع وتيرة الانهيار.
لا يحصُر جنبلاط لقاءاته ومشاوراته محلياً، فبعد زيارته باريس، يزور هذا الاسبوع موسكو، تلبية لدعوة نقلها اليه السفير الروسي في لبنان ألكسندر روداكوف، يرافقه نجله رئيس “اللقاء الديمقراطي” النائب تيمور جنبلاط، والنائب وائل أبو فاعور. وسيجتمع، بحسب المعلومات، مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين الى الشرق الاوسط ميخائيل بوغدانوف. وتأتي هذه الزيارة في مرحلة بالغة الدقة، فاين تكمن أهميتها؟
مستشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، رامي الريس قال لـ”المركزية”: “زيارة جنبلاط إلى موسكو محددة منذ فترة. هي طبعاً ستتناول طبيعة العلاقات الثنائية بين لبنان وموسكو والعلاقة التاريخية بين الحزب التقدمي الإشتراكي مع موسكو بمعزل عما شهدته في لحظات معينة من تباين في وجهات النظر حيال بعض الملفات الاقليمية، في نهاية الامر روسيا لاعب دولي كبير لها تأثيرها الواسع في الشرق الأوسط والمنطقة العربية ونأمل دائماً أن يُستفاد من الدور الروسي لمصلحة تثبيت استقرار لبنان ومساعدته على اجتيازه هذه المرحلة الصعبة”.
وفي تنامي الحديث عن اتجاه بعض القوى لتأجيل الانتخابات كلها، نيابية ورئاسية وحتى بلدية، في ما يعتبره البعض توجّها من قبل فريق 8 آذار لاستمرار الإمساك بالسلطة والقرار، يقول: “الحزب التقدمي الاشتراكي متمسك بإجراء كل الانتخابات في موعدها وليس هناك ما يبرر لا سياسياً ولا ديمقراطياً ولا عملياً تأجيل هذه الاستحقاقات، يكفي ديمقراطيتنا اللبنانية ما يصيبها من تشوهات في الممارسة ومن تطبيق لمفاهيم مغلوطة ومن اعتباطية في المقاربات الدستورية والسياسية، ولا حاجة لمفاقمتها بتأجيل الانتخابات”.
أضاف الريس: “لقد عبر الحزب مراراً وتكراراً عن تحفظاته على القانون الانتخابي المطبّق حالياً وهو قانون كان الهدف الاساسي منه توفير فرص النجاح لبعض الأطراف من خلال بدعة الصوت التفضيلي التي نقلت المنافسة إلى داخل اللوائح الانتخابية بدل أن توفر المناخات المطلوبة للتنافس الطبيعي والديمقراطي والحر بين اللوائح في ما بينها، ونحن كنا ولا نزال نأمل بأن نخطو خطوة إلى الامام في اتجاه تفكيك العقد المتنامية وفتح المنافذ المسدودة في إطار النظام السياسي الحالي، من خلال قانون انتخاب عصري يؤمن المساواة بين اللبنانيين ويسقط القيود الطائفية منه ويشكل خطوة إضافية على طريق تطبيق إتفاق الطائف الذي تعرض بدوره إلى تشويه كبير في الممارسة ولم تُطبق كل بنوده لا سيما لناحية إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي وإنشاء مجلس شيوخ لتمثيل الطوائف في ما بينها وتبديد مخاوفها من ان يسقط حضورها التمثيلي في اطار المعادلة السياسية الوطنية، لذلك نأمل بالفعل ان تجري الإنتخابات النيابية في موعدها، ولكن الهم الاساسي الآن هو الإقتصادي والاجتماعي والمعيشي الذي يُفترض ان تُكرّس له كل الجهود للخروج من المأزق الكبير غير المسبوق الذي تعيشه البلاد والذي تحدث عنه البنك الدولي بشكل واضح وفاضح ومخيف ومثير للقلق، ولاحقاً عندما يحين موعد الانتخابات فإن واجب كل القوى السياسية والشعبية الذهاب الى الانتخابات بمسؤولية ووعي لكي لا نفوّت هذه الفرصة على اللبنانيين الذين يعود لهم وحدهم اختيار من يمثلهم في صناديق الاقتراع”.
بعد حرب البيانات بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، هل ما زال الحزب “الاشتراكي” مقتنعا بأن لا حل الا بتسوية؟ وهل التسوية ما زالت ممكنة؟ “التسوية مطلب يبقى قائماً طالما ليس من آليات دستورية تتيح لرئيس الجمهورية إقصاء الرئيس المكلف وسحب التكليف منه وبالمقابل أيضاً طالما ان الرئيس المكلف عليه ان يتعايش مع رئيس الجمهورية الذي لا طريقة لتقصير ولايته او عدم إكمالها حتى يومها الأخير، وبالتالي هناك قاعدة بأن الرجلين محكومان بالتوافق وليس من بديل، هذا يذكّر بتجربة المساكنة السياسية، إذا صح التعبير، التي شهدتها فرنسا ونحن دائماً نتغنى بفرنسا بين الرئيسين فرنسوا ميتران وجاك شيراك عندما فاز شيراك وحزبه في الانتخابات وأصبح رئيساً للوزراء واضطر الرئيس ميتران ان يتعايش معه ووضع الرجلان مصلحة فرنسا العليا فوق كل اعتبار وأدارا دفة الحكم بكثير من المسؤولية الوطنية، وتكررت التجربة لاحقاً عندما انتُخب الرئيس جاك شيراك لرئاسة الجمهورية وفاز الحزب الإشتراكي بقيادة ليونيل جوسبان، آنذاك أيضاً اضطر الرجلان إلى مساكنة سياسية وتم تمرير المرحلة بأقل قدر ممكن من الخسائر. لا بدّ لنا من ان نستفيد من هذه التجارب الدولية كي ننقذ البلاد من الانهيارات المتتالية. واذا كانت لدى الأطراف السياسية الأخرى التي تنتقد التسوية اية اقتراحات بديلة فليتفضلوا ويقدموها، ونحن على استعداد لدراستها، لكن طالما ليس من خيارات بديلة فلنذهب إلى التسوية دون إضاعة المزيد من الوقت”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.