نقلا عن المركزية –
قد تصح عبارة “غدا يوم آخر” على خلفية الأحداث الدموية التي وقعت في الطيونة أمس. وبغض النظر عن الصباح الأسود الذي استيقظ عليه أبناء عين الرمانة والطيونة بعد يوم من المعارك العشوائية والدامية التي أعادت فتح دفاتر الحرب اللبنانية سواء في سجلات أبناء الجيل القديم أو الجديد، وبعيدا من الهاجس الإقتصادي الذي كبت دموع المتضررين بأملاكهم وأرزاقهم ولقمة عيشهم، لا سيما وأن الأضرار المادية فادحة في الأملاك والسيارات وإن لم تحص بعد إلا أنهم سيدفعونها من لحمهم الحي، وخوفهم من الآتي الأعظم… كل هذا يمكن وضعه في دفة، والخلاصات السياسية الواجب قراءتها في دفة أخرى.
النائب السابق فارس سعيد يقول لـ”المركزية” في قراءة معمقة لخلاصات أحداث الطيونة السياسية: “بغض النظر عن تفاصيل المعارك التي وقعت في الأمس والتي كانت ظاهرة للعيان بفضل وسائل التواصل الإجتماعي وأظهرت بأم العين أن التظاهرة التي انطلقت من أمام قصر العدل لم تكن سلمية، وأن شرارة الأحداث انطلقت من خارج عين الرمانة وليس من داخلها. وما قام به أبناء هذه المنطقة كان بمثابة الدفاع عن النفس وهذا أمر طبيعي، لكن ثمة خلاصات سياسية يجب أخذها في الإعتبار: أولا إن فائض القوة لدى أي حزب أو طائفة في لبنان، يقف عند حدود طائفة أخرى. وهذا ما برز في أحداث خلدة سابقا، وشويا – حاصبيا، وعين الرمانة في الأمس، وهذا ما كان مؤكدا في الحرب اللبنانية. كل هذه الأحداث المتنقلة والمرجح أن تستمر، اثبتت أن لا يمكن لأي فريق أن يضع يده على لبنان حتى لو كان يملك فائض قوة. ورد فعل الناس وحده كافٍ لوضع حد لهذا الفائض من القوة”.
يضيف سعيد: “الخلاصة الثانية تتمثل في محاولة تجريم القوات اللبنانية بما حدث في الأمس واعتبار الحزب المسبب الأول لإحداث الفتنة وإراقة الدماء. وهذا نوع من المظلومية، لأن من وقف في وجه هجمة القمصان السود على عين الرمانة كانوا أبناء عين الرمانة ودفاعهم عن أعراضهم وحياتهم لم يأت بقرار حزبي من معراب إنما من قناعاتهم ووطنيتهم. وبالتالي لا يمكن تجريم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أو حزب القوات اللبنانية بما حصل . عين الرمانة وقفت في الأمس وتصدت وليس القوات وحدها”.
الخلاصة الثالثة التي استنتجها سعيد وضعها على طاولة زاوجت بين السياسة والعدالة، ويقول: ” أراد حزب الله وفريق الممانعة من خلال استعراض فائض القوة إقالة قاضي التحقيق في جريمة تفجير المرفأ أو استقالة الحكومة. وفي الحالين المعادلة واحدة. فإقالة القاضي البيطار تعني تكريس سيطرة إيران على لبنان واستكمال وضع يد حزب الله على كل مفاصل الدولة. واستقالة الحكومة أو كف يدها يعني دخول لبنان في حال من اللاإستقرار ووقف المحادثات مع الصندوق الدولي”.
ما بعد أحداث الطيونة-عين الرمانة لن يكون كما قبلها. ومع تقدم الساعات يتبين أن العمل على إعادة ترقيع الفجوات الدامية التي خلفتها تطورات الأمس الأمنية لم ولن تنفع، على رغم ما بات يعرف بالهدوء الحذر. فهل نجرؤ على القول بأنها “جولة وخلصت”؟ وإذا صح ذلك، ماذا بعدها؟ وعلى أي أساس سيعود الأهالي الذين نزحوا من بيوتهم؟ ومن سيقنع ذاك التلميذ الذي خبأته المعلمة تحت الطاولة خوفا من “الذئب” بالعودة إلى المدرسة واستئناف حياته الطبيعية في وطن يشبه كل شيء إلا وطن الكرامة والأمان والعيش بأطر طبيعية؟ من يطمئن سكان المنطقة التي باتت خط تماس بامتياز بالعودة إلى أعمالهم وفتح محالهم طالما أن القوى الأمنية تفاجأت بفائض القوة وبما حصل على رغم كل التحذيرات التي سبقت يوم 14 تشرين الأول الأسود؟
“ما حصل في الأمس يمكن وضعه في إطار جولة من الجولات التي سنشهد عليها تباعا طالما أن هناك حزبا يملك السلاح خارج الدولة اللبنانية”. ومن باب التأكيد على المؤكد يضيف سعيد: “عين الرمانة دافعت عن نفسها وتستحق التنويه” ويختم في العودة إلى كلام قاله البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير “إذا خُيّرنا بين العيش المشترك والحرية، نختار الحرية. فالعيش المشترك يقوم على الحرية والعدالة، وعندما يرفض مطلق أي مواطن المثول أمام العدالة يفسد العيش المشترك وينتهي لبنان، وما يحصل اليوم على يد حزب الله ليس إلا إفسادا للعيش المشترك ونهاية للبنان”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.