دير سيدة بكركي – من حصون لبنان المنيعة-بقلم د. روني خليل
نقلا عن موقع الإستشارية
لعبت البطريركية المارونية عبر تاريخ لبنان دوراً ريادياً على مختلف الصعد، ومثّل دير سيدة بكركي في التاريخ الحديث محور هذا الدور. فإلى أي حقبة يعود تاريخ تأسيسه؟ وما هي رمزية حراس بكركي؟ ومن هم البطاركة الذين تعاقبوا على الإقامة فيه؟ وما هي المؤسسات التابعة له؟ وسواها من المواضيع سنتناولها في مقالتنا هذه.
أولاً- موقع دير بكركي:
يربض دير سيدة بكركي على هضبة تشرف على ساحل كسروان، في وسط المنطقة المسيحية المارونية تحديداً، مشكّلاً محور الحياة الروحية والوطنية على السواء للبنان. سنتناول في بحثنا هذا تاريخ الدير ودوره الروحي والوطني عبر تاريخ لبنان منذ قيامه (أي قيام الدير) حتى يومنا هذا بشكل مختصر من دون أن نغفل المحطات الكبرى.
اتخذ البطاركة الموارنة أديرة عدة قبل اعتماد البطريركية المارونية دير بكركي مقراً ثابتاً، فسكنوا بداية دير مار مارون على العاصي ثم اتخذوا من يانوح مقراً لهم فكفرحي وميفوق وقنوبين بعد تعيينه كمقر للبطريركية في المجمع اللبناني (1736) وصولاً الى بكركي، هذا بالاضافة الى مقرات غير ثابتة اعتمدت مؤقتاً كدير سيدة النصر في غوسطا ومار شليطا مقبس وسواهما. يقع الدير على هضبة خضراء خصبة، تحيط من جوانبها أشجار الليمون والصنوبر والسنديان، على ارتفاع 200 م تقريباً. أما عبارة بكركي، فهي تعود الى عدة تفسيرات منها؛ الكركي وهو طائر كبير، طويل العنق والرجلين، وتفسير آخر ردها الى الأصل السرياني ومعناه المكان المستدير والمحصّن، فيصبح لكلمة بكركي المعقل أو الحصن. وتفسير ثالث رد التسمية الى المكتبة التي تحفظ الرسائل والسجلات والكتب. غير أنّ أرجح الظن هو التفسير الثاني أي الموقع المحصّن المستدير، إذ ان المكتبة لم توجد في بكركي في الفترة القديمة.
ثانياً- تاريخ تأسيسه:
بنى الشيخ خطار الخازن كنيسة في أملاكه الكائنة في محلة بكركي على اسم السيدة العذراء (سيدة البشوشة)، ثم تملّك أراضٍ اضافية اشتراها من آل الشمالي من درعون، فبنى على قسم منها غرفاً لسكن الكاهن. وجاءه بعد مدة رجل يدعى نصر العيادي (الحادي) من بلدة زوق مصبح، الذي طلب من الشيخ خطار الإقامة في الأنطش معتزلاً الناس، فاهتم المذكور بالأنطش الصغير وزاد على بنيانه، وعيّن الشيخ لاحقاً كاهناً لخدمة الكنيسة هو القس حنا من درعون ثم اتى بعده القس بطرس من البلدة ذاتها. بعد مدة طلب الشيخ خطار من الرهبان الكرمليين تدبير الدير أو الأنطش ان صح التعبير. وسرعان ما صرفهم وسلّم الدير وكامل أملاكه المجاورة وكنيسته الى الرهبان الأنطونيين بعد وفاة نصر المذكور، وكتب صك التسليم لهم سنة 1730 خلال بطريركية يعقوب عواد (1705-1733). فقاموا بتدبيره وجرّ المياه اليه من أسفل بلدة درعون ورمموه وبنوا بيوتاً للشركاء (الذين يعملون في زراعة اراضي الدير) وزادوا على أملاكه.
سنة 1750 وقع خلاف بين ورثة الشيخ خطار والرهبان الأنطونيين على أحقية ملكية الدير، إذ اعتبر ولدا الشيخ خطار أن ملكية الدير تعود إليهما بعد وفاة والدهما، فقاما بطرد الرهبان وتسلما عنوة الدير. فما كان من الرهبان الا أن باعوه الى المطران جرمانوس صقر الحلبي درءًا للمشاكل والخلافات. فقام الأخير وسلمه الى الراهبة (حنة) هندية عجيمي. وقد دارت حول افكارها العديد من الشكوك، فناصرها بعضهم وعارضها آخرون. فهي التي انضمت منذ سن ال 12 الى أخوية قلب يسوع في حلب المعروفة ايضاً بجمعية العابدات، وكشفت هندية في يوم من الايام أن المسيح ظهر عليها وطلب منها ان تغادر حلب الى كسروان لتؤسس أخوية على اسم قلبه الأقدس لتصبح رهبنة لاحقاً، وعليه، انتقلت بداية الى عينطورة ثم الى دير حراش فبكركي. وبمسعى من المطران جرمانوس ابن بلدها حلب، استطاعت اتخاذ دير بكركي مقراً لأخويتها، إذ فاتح المطران جرمانوس صديقه المطران طوبيا الخازن نظراً لعلاقاته الطيبة في كسروان مع أعيانها لمساعدته في تدبير المهمة وشراء الدير، وتزامن الامر مع الخلاف الذي نشب بين ورثة الشيخ خطار والرهبان الانطونيين فكان القرار بيع الدير الى المطران جرمانوس سنة 1750 وتنازل آل الخازن عن حقهم فيه وفي المقابل ثبّت البطريرك سمعان عواد عقد البيع. فسكنه المطران المذكور مع هندية التي اتشحت بالثوب الرهباني وقد تبعتها زميلات لها على درب الترهب وكان المطران صقر قد استحصل على موافقة البطريرك عواد بتأسيس أخوية قلب يسوع تبعها غفرانا كاملا من البابا إكليمنضوس 13 للمنضوين في الاخوية سنة 1768، فبدأت بالنمو والازدهار العددي. وقامت هندية والمطران جرمانوس بتشييد بناء جديد (حيث هو اليوم) مؤلف من جناحين للرهبان وآخر للراهبات وبذلك نقلت مقر الدير من وسط الحرج. ومكثت فيه وأخويتها حتى سنة 1779، قامت خلالها بتثقيف المنضوين وتهذيبهم روحيا، وانهالت عليها الحسنات والهبات فغدا دير بكركي ديرًا عامراً مزدهراً، وتملّك في بلدات كسروانية مجاورة، إضافة الى دوره التربوي إذ بات مركز ترجمة وتأليف ايضاً. وضم الدير خلال تلك الفترة ما يزيد عن الخمسين راهباً.
ثالثاً- اعتماد دير بكركي المقر الثابت للبطريركية تزامناً مع دير قنوبين:
إنقسم أبناء الطائفة، إكليروساً وعوام، حول مسألة هندية، فما كان من البابا بيوس السادس في 25 حزيران 1779، إلاّ أن أصدر براءة ألغى بموجبها رهبانية هندية وأمر بتحويل دير بكركي الى خير عام للطائفة. عندها طالب الرّهبان الأنطونيّون بحقّ ملكيّة دير بكركي، ورفعوا دعوى حقوقيّة في مجمع عين شقيق، قرب وطى الجوز، سنة 1786، ولم يفلحوا في استرجاع الدّير.
في العام 1780 وخلال عقد مجمع ميفوق، قرر آباء المجمع جعل دير بكركي مقراً للبطريركية المارونية وتكرر الأمر في مجمع عين شقيق قرب بلدة وطى الجوز الكسروانية سنة 1786 ومما جاء فيه؛ “أن يكون دير بكركي مع أملاكه وقفاً مؤبداً للكرسي البطريركي ومقراً للبطريرك والمطارنة تابعاً دير قنوبين”. وكذلك في الثالث من كانون الاول 1790، أثناء مجمع بكركي خلال بطريركية يوسف اسطفان (1766- 1793)، بحضور القاصد الرسولي وأساقفة الطائفة والرؤساء العامين للرهبانيات الثلاث، إذ أقر المجتمعون: ” إننا بعد النظر في كل الظروف، واعتبارنا ضرورة إيجاد مكان في كسروان يكون كرسياً ثابتاً لبطاركتنا،… ارتأينا أن يكون دير بكركي مقراً ثابتاً لهذا الكرسي وأن تكون كل خيراته الثابتة والغير الثابتة ملكاً مؤبداً لكرسينا البطريركي”. وعليه بات الدير المقر الثابت للبطريركية عوضاً عن دير قنوبين، واشترط المجتمعون أن يقيم البطريرك في الدير بشكل متواصل إلا لأسباب صوابية، وجاء تثبيت القرار من المجمع المقدس في روما في العام 1793. ومع ذلك لم يسكن فيه البطاركة بشكل متواصل نظراً لاعتماد بعضهم دير قنوبين كمقر ثابت، إضافة الى الاعتبار الروحي الذي حظي به الدير في الوادي المقدس، كما اعتمد بطاركة آخرون أديرة أخرى لاعتبارات خاصة، فأقام مثلاً البطريرك يوسف اسطفان في دير مار يوسف الحصن غوسطا، والبطريرك مخايل فاضل (1793- 1795) مكث في دير مار يوحنا حراش حيث دفن، وخلفه البطريرك فيليبوس الجميّل (1795- 1796) الذي أقام في دير بكركي وتبعه البطريرك يوسف التيّان (1796-1809) فجعل من دير مار شليطا مقبس – غوسطا مقراً له بالتزامن مع دير بكركي، في حين اعتمد البطريرك يوحنا الحلو (1809- 1823) دير قنوبين كمقر لبطريركيته.
رابعاً- الدير مقر ثابت من دون انقطاع- بطاركة بكركي وأبرز المحطات التاريخية فيه:
مع وصول يوسف حبيش الى السدة البطريركية (1823- 1845) وبعد استتباب أحوال الطائفة الأمنية ما دفعه الى التفكير جدّياً بترك دير قنوبين البعيد نسبياً عن المخاطر، خصوصاً بعد تحسّن العلاقات مع الحكام وتحديداً مع الأمير بشير الثاني الذي خصّ البطريركية بعناية كبيرة وذلك بفضل موقعها الإيديولوجي والديني والاقتصادي بعد ازدهار رهبناتها واتساع أملاكها وزيادة أعداد أبنائها، اعتمد الدير وبشكل نهائي مقراً ثابتاً للبطريركية خلال فصل الشتاء، من دون التخلي عن دير قنوبين الذي كان يقضي فيه فصل الصيف، وذلك لاعتبارات عدة ومنها؛ اعتدال مناخه، سهولة المواصلات المؤدية إليه، وجوده في قلب المنطقة المسيحية. قام البطريرك حبيش بترميم دير بكركي فأضاف بعض الغرف عليه ووسّع بنيانه، غير أن ورشة الترميم الكبرى ستأتي خلال بطريركية يوحنا الحاج.
البطريرك يوسف راجي الخازن (1845- 1854): أعاد بناء ماتهدّم من كنائس وأديرة ومدارس إبّان الحرب الأهليّة (1841- 1845) وسعى إلى تهدئة الخواطر بين الأفرقاء.
البطريرك بولس مسعد (1854- 1890): أجرى إصلاحات هامّة في المقر البطريركي في بكركي وفي الديمان، وأتقنه بالأثاث الفاخر. وفي عهده عقد في الدير سنة 1856 مجمعاً أسماه المجمع البلدي بحضور القاصد الرسولي وأساقفة الطائفة . أنشأ البطريرك مسعد مكتبة الدير (سنتحدث بالتفصيل عنها).
البطريرك يوحنا الحاج (1890- 1898): معه ستبدأ مسيرة ترميم وإعمار صرح بكركي على طراز حديث، إذ أضاف على بنائه القديم قسمًا من الطابق السفلي، والطابق العلوي بكامله، وكنيسة من تصميم الأخ اللعازاري ليونارد واضع تصميم مدرسة مار يوسف عينطورة، متخذاً من دير سيدة نسبيه غوسطا مقراً مؤقتاً (1890- 1894) ريثما تنتهي ورشة الترميم. فجاء الدير بحلّة حديثة. من أقواله الشهيرة مع أحد أركان السلطنة العثمانية: “قل لسلطان ال عثمان اننا جئنا الى هذه البلاد قبلهم واني افضل ان اترك قصري هذا واعود الى سكن المغاور والكهوف على ان اتنازل عن حرية سلطتي الروحية”…
البطريرك الياس الحويّك (1899- 1931): أنهى تزيين كنيسة الصّرح في بكركي برسم صورة انتقال العذراء، وتجهيزها بالملابس والآنية البيعية. اشترى عدّة عقارات للبطريركيّة في مناطق مختلفة من لبنان. عاش مأساة الحرب العالمية الأولى وفتح أبواب المؤسّسات الدينية ومنها دير بكركي لإيواء المحتاجين وإطعامهم. أقام الكرسي البطريركي الجديد في الديمان بالقرب من مقر قنوبين. وفي عهده بات صرح بكركي مع نشأة لبنان الكبير، محط أنظار العديد من المسؤولين المحليين والقناصل الغربيين وما يزال صرح بكركي حتى يومنا هذا يسير على هذا المنوال.
البطريرك أنطون عريضه (1932- 1955): أوصى بما يملكه من أسهم في شركة الترابة اللبنانية في شكا للبطريركية المارونية. أوعز الى وكلاء الكرسي البطريركي بتشجير أكبر مساحة ممكنة من أملاك الكرسي. كانت له مواقف سياسية ووطنية مشرّفة. عقد سنة 1941 مؤتمر وطني في بكركي ضمّ شخصيات من مختلف الطوائف للمطالبة باستقلال لبنان. دعم مسيرة الاستقلال، شيّد كنيسة فخمة في مقر الديمان.
البطريرك بولس المعوشي (1955- 1975): شيّد للبطريركية أبنية في الحازمية، واستصلح لها أراض في كفرزينا، واشترى أملاكًا جديدة للبطريركية في لبنان. رمم الكرسي البطريركي في بكركي وكذلك في الديمان. كما لعب دورًا وطنيًا بارزًا.
البطريرك أنطونيوس خريش (1975- 1985): مع بدء حبريته اندلعت الحرب في لبنان، فلعب دورًا وطنياً توفيقيًا مميزًا، واهتم بالمهجّرين والمعوزين.
البطريرك نصرالله صفير (1986- 2011): أضاف جناحين جديدين على دير بكركي أحدهما، ناحية الجنوب لإقامة الأساقفة وللأرشيف والمكتبة وصالة لاجتماعات أساقفة الطائفة؛ وآخر غربًا لإقامة الراهبات والموظّفين وإدارة الأوقاف مع صالات كبيرة للاجتماعات. وسّع الساحة الخارجية وأنشأ فيها كابلاّ كبيرة للاحتفالات الدينية. قُبِلَت استقالته في كانون الثّاني 2011. وكان للبنان فرصة استقبال الحبر الأعظم يوحنا بولس الثاني سنة 1997 الذي زار بكركي. كما وأدى دير بكركي خلال عهده دوراً وطنيّاً كبيراً في الحفاظ على الهوية اللبنانية إبان تلك الفترة.
البطريرك بشاره الرّاعي (2011- ): عمل البطريرك الراعي على تنظيم الدوائر البطريركيّة، وعلى تجديد قسم من الصّرح البطريركيّ وترميم كنيسته، كما بنى جناحًا جديدًا، ناحية الجنوب الغربيّ، مخصّص لإقامة الأساقفة المتقاعدين، وصالة كبيرة للمحاضرات واللقاءات…. ناهيك عن متابعة صرح بكركي للدور الوطني، فها هو غبطته يقدّم طرحاً سياسيًا “الحياد” بغية تخليص لبنان وتجنيبه الاصطفافات الخارجية.
أبرزنا هنا بعض الإنجازات التي جرت في دير بكركي، ولا ننسى كم من الاحتفالات الطقسية وسيامات الاساقفة وسواها من القضايا الروحية والوطنية التي جرت تحت سقف هذا الصرح العريق.
خامساً- حراس بكركي:
يعود تاريخ هذا التقليد الى زمان البطريرك اسطفان الدويهي، حين استنجد سنة 1704 بالشيخ حصن الخازن من غوسطا للدفاع عنه بوجه الضغوطات المتأتية من آل حماده حكام جبة بشري آنذاك، فهبّ الشيخ من كسروان على رأس مجموعة من شبان المنطقة لحماية بطريركهم في قنوبين، وبعد علم الشيخ عيسى حماده بالأمر تراجع عن ظلمه بحق البطريرك وطلب إقامة علاقات ود مع البطريرك درءاً للفتن والخلافات، ثم توجّه البطريرك جهات كسروان ومكث في دير مار شليطا مقبس بحراسة رجال آل الخازن. ومن حينها درجت العادة على حراسة أبواب بكركي من قبل ممثلَين عن العائلة (أحدهما من بلدة غوسطا إذ كان أول حارس منها والآخر من عجلتون أول معقل لآل الخازن) أثناء انتخاب بطريرك جديد. ودرجت العادة أيضاً أن يلبسا زيّاً خاصاً وأن يتقلدا بسيف.
سادساً- شعار البطريركية المارونية:
• رمزية الالوان في الدين المسيحي:
• الابيض يرمز الى الآب والى الطهارة والايمان
• الازرق الى الابن
• الاحمر الى الروح القدس والى المحبة
• الاسود الى التوبة
• الاخضر الى الرجاء
• الاصفر لون الذهب ولون جسد الخالدين
• الارزة: ترمز الى الصلابة والقدرة على الترسخ في الارض والخلود. وهي شعار لبنان تاريخيا.
• رمزية الشجرة: هي رمز القيامة خصوصا التي تورق اغصانها في الربيع، وما قامتها التي تربط جذوعها في الارض بارتفاعها سوى صورة للارتقاء الروحي، انها السبيل الذي يقود من المنظور الى اللامنظور ويرمز الى الخليقة كلها، الى شجرة الحياة.
• التاج: درج البابوات على وضعه منذ القرن 9، واخذوه عن الملوك الرومان، هو تارة قبعة من قماش مخروطية الشكل يحيط بها اكليل مذهب وطورا من معدن تكسوها طبقتان او 3 من الحجارة الكريمة ترمز الى سلطة البابا المثلثة؛ الروحية- القانونية- والزمنية.
• يوضع على رأس الاساقفة والبطاركة ويرمز الى اكليل الشوك الذي وضعه الجند للمسيح والجانب الامامي منه يدل على العهد الجديد والخلفي على العهد القديم والشريطان المتدليان منه يرمزان الى الروح والحرف.
• الصليب الاحمر الموجود في الشعار: ترمز اطرافه ال8 الى التجدد (التطويبات الثماني- طوبى للفقراء وطوبى للمرضى…) اتخذه فرسان القديس يوحنا شعارا لهم (فرسان مالطة) عندما انتقلوا من جزيرة رودس الى مالطة بسبب احتلال الاتراك لها.
• الصليب اللاتيني (المتعارف عليه) يكون الجزء الاسفل منه اطول من الاجزاء الاخرى، يرمز الى القيامة والرجاء والحياة الابدية
• ترمز العصا الى القصبة التي وضعوها في يد يسوع اليمنى بعدما جردوه من ثيابه فهي عصا الراعي الساهر على رعيته ورمز للسلطة الروحية للاساقفة والرؤساء العامين
• النجوم رمز النور
• الصليب المثلث هو الصليب البابوي، خطوطه ال 3 ترمز الى الصلبان الثلاثة التي زرعت ذات يوم جمعة على جبل الجلجلة وقد ترمز ايضا الى ملكوت السلطة: الكنيسة والعالم والسماء.
• الصليب البطريركي: يشتمل على خطين افقيين فقط يرمز الى الخشبة التي كتب عليها بيلاطس عبارته الشهيرة يسوع الناصري ملك اليهود تبناه البطاركة والكرادلة والاساقفة رمزا لسلطتهم.
• مجد لبنان اعطي له: نظرا لدور البطاركة في تاريخ لبنان.
سابعاً- المجامع التي عقدت في دير بكركي: عقد أركان الطائفة الروحيون مجامع عدة في بكركي هدفت الى تنظيم أمور الطائفة بشتى المجالات الروحية – الليتورجية والتربوية والاجتماعية… وإدخال التعديلات على الأبرشيات والرعايا كافة وسواها من التنظيمات. وفي ما يلي سرد سريع لهذه المجامع:
مجمع بكركي الأول: عُقد في دير سيدة بكركي في شهر كانون الأول من العام 1790 أيام البطريرك يوسف اسطفان وذلك بعد أمر من البابا بيوس السادس وبحضور قاصده المطران جرمانوس آدم، وأساقفة الطائفة.
مجمع بكركي الثاني أو المجمع البلدي: عقده البطريرك بولس مسعد أواسط شهر نيسان العام 1856 في دير بكركي بعد أمر من البابا بيوس التاسع وبحضور قاصده وأساقفة الطائفة ورؤساء رهبناتها وأعيان.
مجمع بكركي الثالث: عقده البطريرك أنطون عريضة في أواخر شهر نيسان من العام 1934 بحضور مطارنة الطائفة ورؤساء الرهبنات.
مجمع بين 2003- 2005: خلال بطريركية مار نصرالله بطرس صفير عقد في دار سيدة الجبل فتقا، غير أنّ مقرراته أطلقت من صرح بكركي في حزيران 2006.
ثامناً- مكتبة وأرشيف بكركي:
يعتبر البطريرك اسطفان الدويهي المؤرخ الأول للطائفة في التاريخ الحديث، فمعه بدأ جمع التاريخ الماروني، غير أنّ المحفوظات لم تكن منظمة ومنضوية في دير معيّن، وكانت منتشرة في أديرة وأماكن عدة فضلاً عن ما أتلف أو حرق نتيجة جور الأيام. وبعد اعتماد صرح بكركي، كمقر ثابت للبطريركية، أمر البطريرك يوسف حبيش بأن يؤتى بجميع الوثائق والمخطوطات والمستندات الى الدير. غير أن فكرة إنشاء المكتبة لم تبصر النور الا مع البطريرك مسعد الذي أقامها وضم اليها أرشيفاً ضخماً فجمع بذلك التراث الماروني المكتوب من براءات بابوية ومراسلات ومخطوطات وأواني كنسية وسواها. ويتعبر أرشيف بكركي اليوم من أغنى مراكز البحث والأرشيف في لبنان، إذ يضم أكثر من مليون وثيقة باللغات المختلفة (العربية، السريانية، اللاتينية، الفرنسية، العثمانية، الانكليزية…)، ترجع أقدمها الى عهود القرون الوسطى فأقدم وثيقة خُطت على جلد غزال ترقى الى العام 1215 وهي براءة بابوية الى البطريرك إرميا العمشيتي…
في بداية عهد البطريرك صفير، أنشأ في الناحية الجنوبية من الصرح جناح ضم إضافة الى غرف للأساقفة الأرشيف والمكتبة، وتم تصوير الأرشيف على الميكروفيلم، ثم في أوائل الألفية الثالثة أدخلت المكننة عليه وصوِّرت محفوظات البطريركية إلكترونيًّا. وتابع البطريرك الراعي المهمة، فأقام مستودعات محصّنة لبعض محفوظات البطريركيّة وأرشيفها الثمين.
والجدير ذكره، أنّ الأرشيف يستقبل بشكل دوري الباحثين وطالبي العلم والتبحّر للقيام بأبحاثهم ودراساتهم التاريخية واضعاً بين أيديهم كل التسهيلات التكنولوجية واللوجستية من صالة مجهزة بآلات تصوير وحواسيب ومقاعد وطاولات وسواها من التجهيزات العصرية إضافة الى الاطلاع على الكتب النادرة والوثائق المختلفة التي تحمل في طياتها محطات مهمة من تاريخ لبنان. ويقوم المسؤولون عن الأرشيف سنوياً بتعقيم الوثائق وفق معايير عالمية بهدف الحفاظ عليها، فضلاً عن تصوير قسم كبير منها ووضع فهارس لها وتفصيل مواضيعها فباتت محفوظة إلكترونياً.
تاسعاً- متحف بكركي:
بدأت فكرة إنشاء متحف في بكركي أيام البطريرك الراحل صفير، غير أنّ تدشينه تم في العام 2019 خلال بطريركية مار بشارة بطرس الراعي الذي أوكل أخصائيين لتأهيله، ويضم اليوم مجموعة ثمينة من الثياب الحبرية، والأواني الكنسية المارونية والصور الزيتية لبعض بطاركة الطائفة… وبات المتحف محطة دينية وسياحية وتراثية للزائرين من سواح ومحليين.
واليوم تتابع بكركي (البطريركية المارونية) أدوارها على الصعد الروحية والوطنية والاجتماعية، وكانت ولم تزل نقطة ارتكاز في لبنان والشرق حتى، متمسّكة بتقاليد الطائفة وخصوصياتها ورموزها، متحدية الصعاب الكثيرة، داعمة الوجود المسيحي بصيغة العيش المشترك مع كل أفرقاء الوطن، وساعية لأن تبقى رسالة محبة وسلام وأمن لجميع اللبنانيين.
مراجع البحث:
– المطران أنطوان نبيل العنداري، المجمع البطريركي الماروني الى أين، مجلة المنارة، 2006، عدد أول، ص 5.
– المجمع اللبناني، 1736، مطبعة الأرز جونيه 1900، القسم 3، الباب السادس.
– مقال عن دير سيدة بكركي لحافظ أرشيف المكتبة البطريركية في بكركي الأستاذ سامي سلامه.
– البطريرك اسطفان الدويهي، تاريخ الأزمنة، طبعة الأباتي بطرس فهد، دار لحد خاطر، 1983، ص 349،355
– المطران يوسف محفوظ، مختصر تاريخ الكنيسة المارونية، الكسليك، 2009، ص 43.
– الأب بولس صفير، بكركي في محطاتها التاريخية (1703-1990)، منشورات جامعة الروح القدس الكسليك، 1990، ص 9-260.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.