نقلا عن المركزية –
اللقاء اليوم بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي يُشكّل، بحد ذاته، فرصة ثمينة، هي موضع متابعة، نظراً لما قد يترتب عليها من نتائج، تجعل من الممكن ترجمة خارطة الطريق التي وضعتها المبادرة الفرنسية لمساعدة لبنان على الخروج من الانهيار العام، واعادته الي سكة النهوض من جديد.
ويأتي اللقاء في ظروف المصالحة الاميركية- الفرنسية، ومفاوضات نشطة حول الملف النووي الإيراني، وإعادة رسم استراتيجيات النفوذ وتقاطع المصالح في مناطق التوتر في الشرق الأوسط، ومن بينها لبنان.
وافادت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أن المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة بدليل تأليف الحكومة وتبني البيان الوزاري البرامج الاصلاحية في جميع الوزارات والقطاعات والتدقيق الجنائي المالي في حسابات مصرف لبنان الذي دخل حيز الوجود ويبقى تسديد لبنان الدفعة الأولى من العقد، أما النقاط الأخرى فهي على قدم وساق بدليل أن الرئيس ميقاتي على تنسيق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل سفره إلى فرنسا كما سيستكمله بعد عودته، مشيرة إلى أن الرئيس ميقاتي سيستمع إلى الجو الفرنسي في موضوع المبادرة أي اين أصبحت وما هي المشاريع المطلوبة، ومعلوم أن التراتبية قائمة على الاصلاح وبرامج المساعدات والمشاريع وهي لا تزال على هذا النحو. وهنا تكمن روحية المبادرة.
وأشارت إلى أنه بالنسبة إلى القصر الجمهوري فإن رئيس الجمهورية معني بالتفاوض عملا بالمادة 52 من الدستور وذلك في عقد الاتفاقات الدولية ومنه تبدأ وتعود القوانين.
واوضحت أن البرامج الإصلاحية موجودة والقوانين الإصلاحية في مجلس النواب لا بد لها أن تتحرك بما فيها إقرار استقلالية السلطة القضائية واللامركزية الإدارية الموسعة وبرامج المساعدات التي يتم التوافق عليها بين الحكومة اللبنانية والصناديق أو الجهات المانحة والمقرضة، وهناك قوانين مطلوبة وقطاعات كالكهرباء وسواها والمطلوب إعادة إعمار المرفأ وعلى الصعيد الحياتي دعم الأسر الأكثر فقرا والطبابة والاستشفاء والتربية وفي امكان الحكومة الحالية وضع مداميك ذلك ولكن بالعودة إلى المبادرة الفرنسية.
وتوقعت مصادر وزارية ان يكون موضوع تأهيل وتطوير الكهرباء، من ضمن الملفات المهمة التي سيتناولها البحث، بين الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اليوم لاسيما وان هذا الملف، مدرج ضمن المبادرة الفرنسية، ويتطلب معالجة سريعة، ولم يعد يحتمل اي مماطلة، او تأخير بسبب التداعيات السلبية التي يتركها على مختلف نواحي الحياة العامة في لبنان.
وكشفت المصادر ان هذا الملف يقع في اولويات جدول الاصلاحات التي تلحظها المبادرة الفرنسية، وهناك توجه متقدم، لكي تتولى شركات فرنسية والمانية، مهمة النهوض بقطاع الكهرباء، من ألفه الى يائه، بإشراف مباشر من الجهات المالية الدولية الممولة لهذا الملف، وبعيدا عن التدخلات والمحسوبيات، والسمسرات المعهودة.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ ميقاتي يعوِّل كثيرا على دور فرنسا لـ3 أسباب أساسية:
ـ السبب الأول، أن لبنان لم يعد في استطاعته الخروج من أزمته من دون مؤازرة دولية، والمساعدة الفرنسية ضرورية لفتح أبواب العواصم الغربية والعربية.
ـ السبب الثاني، أن الرعاية الفرنسية تشكل مصدر اطمئنان داخلي الى ان لبنان ليس متروكاً لقدره، وان باريس بما تملك من علاقات دولية ستبقى العين الساهرة على وضعه.
ـ السبب الثالث، أن باريس على تقاطع مع الدول المعنية بالواقع اللبناني، من واشنطن إلى الرياض وطهران، وبالتالي تستطيع التوفيق بين هذه الاتجاهات بما يخدم الاستقرار في لبنان.
وقالت المصادر المطلعة ان زيارة ميقاتي الباريسية التي تأتي بعد أيام على نيل حكومته الثقة تشكل ارتياحا لدى اللبنانيين الى ان مسار الحكومة الحالي يختلف عن مسار الحكومة السابقة التي لم تتمكن من الخروج من لبنان، وان هذه السرعة دليل جدية ودينامية مختلفة وإصرار على فرملة الانهيار ومعالجة الأزمة عن طريق البوابة الأساسية، ألا وهي المجتمع الدولي.
وأشارت “نداء الوطن” الى إنّ استضافة ماكرون ميقاتي إلى مائدة “العمل”، سيعقبها “إعلان مشترك” في باحة الإليزيه للإضاءة على جوانب التفاهم بين الجانبين على “دفتر ضوابط وشروط آليات العمل الإصلاحي المرتقب من الحكومة اللبنانية، بغية شروع فرنسا بفتح الأبواب الدولية أمام مساعدتها على انتشال لبنان من أزمته”، حسبما نقلت أوساط مواكبة للزيارة، متوقعة أن يكون الرئيس الفرنسي “واضحاً وصارماً في الإضاءة على الهامش الزمني الضيق أمام الحكومة للبدء بالشق التطبيقي من المهمة الإصلاحية المنتظرة منها، فضلاً عن تجديد وجوب التزامها إجراء الانتخابات النيابية واحترام المواعيد الدستورية”.
أما على الضفة المقابلة من المشهد، فاسترعى الانتباه أمس ما كشفه مصدر ديبلوماسي لبناني عبر وكالة “سبوتنيك” الروسية عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى لبنان، ضمن إطار جولة ستقوده إلى دمشق وبيروت، عقب انتهاء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأفاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني ان اللقاء الاول بين الرئيس الفرنسي وميقاتي سيكون لمزيد من التعارف واستكشاف ما يمكن ان تقوم به باريس في المرحلة المقبلة لمساعدة لبنان، ومع ان هذه الحكومة هي حكومة انتقالية سيطالب الرئيس ماكرون من جهة اخرى بحث خطة التعافي الاقتصادي التي تنوي الحكومة الاعلان عنها بمعزل عن البيان الوزاري الذي رسم سياسة الحكومة اقتصاديا وماليا وسياسيا للأشهر المقبلة. وعكس اختيار الرئيس ميقاتي ان تكون وجهته الاولى باريس دلالات مهمة اذ يبرز استمرار الاهتمام الفرنسي بلبنان. فتخصيص الرئيس ماكرون غداء عمل لرئيس الحكومة فور حصوله على ثقة المجلس رغم المشاكل التي يواجهها داخليا وخارجيا دليل على اهمية الملف اللبناني بالنسبة للرئاسة الفرنسية التي تطمح بعد أكثر من عام على قيام مبادرتها إلى تسجيل نتائج ايجابية في هذا الملف على عتبة فتح معركة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وقد استرجعت بعض الخسائر المعنوية التي منيت بها بعد ان ضاعت الآمال بتنفيذ مبادرتها وتشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين. ويعتبر الرئيس ماكرون ان تشكيل الحكومة كان خطوة ايجابية لا غنى عنها ودعا السياسيين في ترحيبه بتشكيلها إلى الامتثال للالتزامات التي قطعوها لتنفيذ الاصلاحات اللازمة التي ستمكن المجتمع الدولي من تقديم المساعدات من خلال مؤتمر دولي او من خلال اعادة احياء مؤتمر “سيدر” بعد اجراء الاصلاحات التي تضمنتها خارطة الطريق التي وضعها اصدقاء لبنان خلال اجتماعهم في 11 كانون الاول 2019 في باريس بعد الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الاول 2019. وسيحدد الاجتماع الاول بين ماكرون وميقاتي ما تنوي باريس القيام به على صعيد دعم لبنان.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.