نقلا عن المركزية –
توالت اليوم الكلمات المؤثرة ناعية الصحافي الكبير جورج بشير من زملاء رافقوا مشواره الصحافي الطويل والعريق، مستذكرين محطات واحداث جمعتهم به تروي جزءا من مسيرته الصحافية الزاخرة.
فغالي: رئيس تحرير الأخبار في الـ lbci جان فغالي الصحافي الكبير جورج بشيرا كاتبا:
” جورج بشير … بيروت … إذاعة مونتِ كارلو “
مازال هذا الصوت يرن في أذنيَّ منذ ” حرب المئة يوم ” على الأشرفيه … كان يربطنا بالعالم بعض الإعلام الأجنبي ، ومن حسن حظِّنا أن مراسِل ” مونتِ كارلو ” في بيروت هو جورج بشير … كان ينقل حقيقة ما يجري من قصفٍ براجمات الصواريخ على الأحياء المدنية ، وكنا ننتظره مساء كل يوم عند السابعة مساءً ليذيع رسالته عبر الهاتف ، ويُفصِّل فيها حقيقة تلك الحرب ، وغالبًا ما كانت تصله التهديدات من السوريين بسبب جرأة رسائله الإذاعية ، كما كانت تصل شكاوى من السوريين لأذاعة ” مونتِ كارلو ” ويعتبرون رسائله منحازة للجبهة اللبنانية والقوات اللبنانية . وفي عز القصف وانقطاع الخطوط الهاتفية ، كان يتصل من سيارة أحد القادة السياسيين ، كان كل همه أن تصل رسالته وان يسمع العالم ” حرب الإبادة ” التي كانت تتعرض لها المناطق الشرقية ولاسيما الأشرفيه .
كان ” الترانزستور ” المتنفس لأنه كان يعمل على البطارية في زمن انقطاع الكهرباء .
” راحت الأيام ” وتعرفتُ إلى جورج بشير في مرحلة انتخاب الشيخ بشير الجميِّل رئيسًا للجمهورية ، كانوا يأتون كالفرسان الثلاثة : فوزي مبارك ، رحمه الله ، وفيليب ابي عقل ، أطال الله بعمره ، وجورج . لأحقًا أسسوا ” وكالة الأنباء المركزية ” التي تفردت بخبر توقيف حبيب الشرتوني قاتل بشير الجميل.
ترسَّخت علاقتي بجورج بشير أثناء تغطية مؤتمر الطائف ، واستطاع جورج ان يأخذ تواقيع عرابي الطائف : السعودية والمغرب والجزائر ، على النص النهائي للطائف ، وأعتقد أنها موجودة في ارشيفه الغني .
أتذكَّر أنه في العام 1994 وبعد تفجير كنيسة سيدة النجاة وحل حزب القوات اللبنانية واعتقال الدكتور سمير جعجع ، كان جورج بشير من القلائل جدًا جدًا الذي كان ينشر محاضر التحقيق مع الدكتور جعجع في صحيفة الديار ، وهذه الجرأة تُسجَّل له وللأستاذ شارل ايوب ، صاحب ” الديار ” ورئيس تحريرها العام . تعرض جورج اثناءها لملاحقات وكان يلاحظ ان هناك سيارة تتعقب سيارته ، لكنه لم يتراجع عن جرأته الصحافية .
التقينا في لوس انجلس في صيف العام 1994 في ” المؤتمر الماروني العالمي ” ، في إحدى الإستراحات في فندق
” فورسينز ” ، تطلَّع جورج إلى جبل خلف الفندق وقال لي :
” بشرفك ما بيشبه جبل حريصا ” ، قالها وكأنه اشتاق إلى جبل حريصا ، مع انه كان في لبنان قبل ايام معدودة ( وجورج يقطن على بعد رمية حجر من بكركي وحريصا ) .
كان مارونيًا حتى العظم ، ولبنانيًا إلى أبعد الحدود … اتعبه العُمر لكن لم يُتعِب عزيمته الصحافية ، وكان فخورًا بما أنجز.
جورج … ستفتقِدك الصحافة اللبنانية والعربية ، ستفتقد جرأتك… اختلف معك كثيرون ، وأيدك كثيرون ، لكن الجميع يلتقون على أنك علامة فارقة في تاريخ الصحافة اللبنانية ، وسيفتقد الجميع قبلتك التي كنت تطبعها على جباه الزملاء عندما تلتقيهم .
إذا أردنا ان نفيك حقك ، فمجلدات لا تتسع لبصماتِك في الصحافة .
جورج ، بحسرة ودمعة حارقة ، وداعًا .”
فارس الجميل: بدوره كتب الزميل فارس الجميل التالي:
“لا يمر اسم الصحافي الراحل جورج بشير في بالي الا وترتسم البسمة على وجهي، لانني اتذكر الايام التي جمعتنا خلال عملي في”وكالة الانباء المركزية”، التي اسسها مع الزميل فيليب ابي عقل والصحافي المرحوم فوزي مبارك.
يومها كان للمهنة رونق حقيقي، وكان الخبر لا يخرج الى النشر الا بعد تمحيص وتدقيق واحاطة بكل جوانبه. وكانت لذته أن يترك اخباره الكثيرة والدسمة، التي يجمعها من اتصالاته ولقاءاته، الى الساعة الاخيرة قبل طبع الوكالة وارسالها الى المشتركين ووسائل الاعلام( لم تكن يومها الكترونية) فوجدنا “الحل” كي لا يتأخر الطبع أن التقيه في مكتبه واشاركه في الكتابة لانجاز الاخبار بسرعة. ومن عاداته المزمنة أن يأخذ “غفوة عالقاعد”بين الخبر والخبر، وانا انتظره لاستكمال ما نكتبه.
وكانت النهفة الحقيقية في دخول الاستاذ فيليب الى مكتب شريكه متوترا من التأخير، وقائلا بانفعال” وين صرت يا جورج ، تأخر الطبع”.فيجيبه ببرودة اعصاب” هلق بس يطلع الخبر بتشوف ضجتو”.
جورج بشير من زمن الجرأة والاقدام في المهنة، لم يكن يأبه المخاطر والتحديات، بل يخوض معارك الصحافة بشجاعة لافتة. يناقش ويحلل ويحترم الرأي الاخر، من دون التخلي عن ثوابته وقناعاته.
كان بصمة لافتة في عالم الصحافة والسياسة ايضا. تعازي الحارة الى ولديه الصديقين نادر وبيار والعائلة.
رحمه الله.المسيح قام حقا قام”.
فيفيان داغر: من جهتها كتبت الزميلة فيفيان صليبا داغر:
“كنت كما اللبنانيين ،نعرفه اسما وصوتا ،عبر رسالته الى اذاعة مونتي كارلو في السابعة من كل مساء . خيث نتجمهر حول الترانزيستور على ضوء الشمعة ،لنتابع منه اخبار جولات الحرب والقصف والسياسة ..في تلك الامسية وكنت في بداية تدربي في جريدة “العمل” ،في مبنى ” دار العمل” في الجميزة، سمعت الصوت الذي اعرفه عن غيب: من خلف الباب الزجاجي ،كان جورج بشير يسجل رسالته مباشرة الى مونتي كارلو! قطعت نفسي! وسرعان ما دخل متأبطا ذراع الاستاذ جوزف ابو خليل ،رئيس التحرير، ممازحا محييا من في غرفة التحرير و انا بينهم ..
فتعارفنا صوتا وصورة ،وصرنا ننتظره في كل مساء لنعرف اخبار الخارج وكواليس سياساته،تماما كما كان هو ينتظر زيارة بشير الجميل الليلية الى الجريدة للاستماع الى جولة الافق في الشجون المحلية ..
وبعد اعوام اسس والعزيزين فوزي مبارك وفيليب ابي عقل وكالة الانباء المركزية..اتذكرهم الثلاثة في زيارة الى مكتبي(في مجلة النجوى المسيرة”), طالبين مني التعرف عن قرب في جلسة خاصة الى سمير جعجع …اتذكر تلك الجلسة في العم 1985 في مكتب قائد القوات اللبنانية في وقت متأخر من الليل: غفا جورج على الكنبة او ” سكعت” عينه ،فتوقف جعجع عن الكلام مستغربا ،مما اضطرني الى “نكز” جورج مرات وسط محاولة فيليب ترقيع الموقف! ” كانت ايام وكانت سياسة وكان صحافيون وكانت صحافة وجورج من ابرز اعمدتها.
رحم الله فوزي وجورج .اللعنة على كورونا .واطال الله بعمر العزيز فيليب”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.