نقلا عن المركزية –
ينما تتدهور أحوال الناس من سيئ إلى أسوأ، ولهيب “جهنّم” بات يحاصر حياتهم من كل حدب وصوب تحت سطوة حكم قوى 8 آذار، لا تزال هذه القوى تبحث عن سبل تمديد ولاية حكمها وسطوتها على البلد وأبنائه، وعينها شاخصة اليوم باتجاه الاستحقاق الرئاسي المقبل لضمان إبقاء قصر بعبدا في عهدتها ست سنوات إضافية بعد انقضاء العهد العوني. غير أنّ ما سمعه “حزب الله” أمس لا يشي بأنّ “طريق كليمنصو” ستكون معبّدة أمام محاولة إيصال رئيس جديد من 8 آذار إلى بعبدا، إذ كشفت مصادر مطلعة على أجواء اللقاء الذي عقد بين رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط والمعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين خليل أنّ جنبلاط أكد بصريح العبارة لخليل أنه “يرفض انتخاب رئيس جمهورية ينتمي إلى فريق الثامن من آذار أو أي رئيس يشكل تحدّياً لهذا الفريق أو ذاك”.
ونقلت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ لقاء كليمنصو سادته “أجواء بالغة الصراحة” فاستهله وفد “حزب الله” بالإعراب عن “الرغبة بفتح صفحة جديدة” بين الجانبين، فبادر جنبلاط إلى طرح “جملة أسئلة” واضعاً الإجابة عليها برسم قيادة “حزب الله” في الأيام المقبلة. ففي الملف الرئاسي سأل: “هل أنتم مستعدون للقبول بانتخاب رئيس جمهورية من خارج صفوف 8 آذار؟”، وفي ملف الترسيم توجّه إلى خليل بصراحة متسائلاً: “هل قضية التصعيد الحدودي أكبر من مسألة شد الحبال التفاوضية مع إسرائيل وهل لها أبعاد إيرانية وروسية في إطار الصراع مع الغرب؟” وأردف: “نحن لا نوافق على خيار الحرب لأنكم إذا دفعتم الأمور في هذا الاتجاه ستقضون على البلد وعلى آخر فرصة متاحة لإنقاذه واستنهاضه من خلال ثروته النفطية والغازية”. وكذلك في موضوع صندوق النقد الدولي طالب جنبلاط “حزب الله” بموقف واضح وصريح إزاء عملية التفاوض مع الصندوق، منبهاً “حزب الله” إلى أنّ الخلاص المالي والاقتصادي للبنان لن يكون إلا عبر صندوق النقد “أما إذا تركتم البلد ينهار فسينهار عليكم وعلى الجميع”.
وإذ حرص وفد “حزب الله” الذي ضم إلى خليل، مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، على عدم إعطاء أجوبة شافية ونهائية على أسئلة جنبلاط، نقلت المصادر أن الوفد اكتفى في الموضوع الرئاسي بتأكيد “الانفتاح على النقاش في كل الخيارات”، وأبدى في ما يتصل بصندوق النقد عدم وجود “اعتراض مبدئي” على المفاوضات معه لكنه شدد على الحاجة إلى “التمعن في درس العديد من التفاصيل”. أما في قضية الترسيم البحري مع إسرائيل، فكان جواب “حزب الله” قاطعاً: “ليس لدينا هوس الحرب لكن إذا تمادى الإسرائيلي وتخلت الدولة عن دورها فلن نبقى مكتوفي الأيدي” في إشارة إلى جدية الجهوزية لكافة السيناريوات بما فيها سيناريو “الحرب”.
من جهتها، أشارت “الانباء الالكترونية” الى ان اللقاء بين جنبلاط ووفد حزب الله حرّك الركود السياسي، وشكل انعطافة سياسية تتخطى الإطار الثنائي الضيق الذي حاول البعض في الأيام الماضية تصويره على هذا النحو. فكما أوضح جنبلاط بعد اللقاء “أننا تركنا النقاط الخلافية جانباً وتحدّثنا حول النقاط التي يمكن معالجتها بشكل مشترك في ما يتعلق بالاقتصاد والإنماء للوصول إلى الحد الأدنى من التوافق حول أمور تهم المواطن”، كان الموقف مماثلا لدى حزب الله من خلال ما قاله الحاج حسين خليل المعاون السياسي لأمين عام الحزب حسن نصرالله، أن “ثمة مساحة مشتركة يستطيع اللبنانيون النقاش والجدال فيها إلى أن يصلوا إلى نتيجة تكون في خدمة المواطن”، فالوضع الصعب الذي يمر به الناس يحتم على كافة المسؤولين التلاقي بعيدا عن الإختلافات السياسية الكبرى لإيجاد حلول ولو بالحد الأدنى من شأنها تخفيف الأعباء عن الناس لاسيما على أبواب فصل الشتاء وهموم التعليم والاستشفاء والأمور المعيشية الأخرى.
أجواء اللقاء الصريحة عبّر عنها كل من جنبلاط وخليل، ويُتوقع أن تؤسس لنقاشات على مستوى عام حول المواضيع التي تعني الناس بالدرجة الأولى. وقد كشفت مصادر مطلعة لجريدة “الأنباء” الإلكترونية أن الصراحة كانت السمة الغالبة في اللقاء حيث طرح جنبلاط الهواجس الأساسية التي يراها أولوية لهذه المرحلة، ويتقدّمها العنوان الاقتصادي المعيشي والتفاوض مع صندوق النقد الدولي كفرصة إنقاذ وحيدة لإخراج البلاد من الانهيار، إلى العنوان المتعلق بترسيم الحدود البحرية وضرورة عدم تفويت إستفادة لبنان من الثروة الموعودة وعدم زج البلد بحرب مدمّرة سوف تأخذ بدربها كل شيء، والعنوان الثالث الرئاسة حيث كان حرص على مقاربة هذا الاستحقاق على قاعدة عدم التحدي بل البحث عن الشخصية القادرة على الانفتاح على الجميع والحوار واستعادة دور لبنان على شتى الصعد. هذه الصراحة الواضحة من جنبلاط، قابلتها إيجابية من الخليل وصفا، اللذين وعدا بنقل وجهة النظر والعودة بمزيد من الأفكار التي يمكن البناء عليها.
حرص جنبلاط على محاولة خرق جدران الأزمة أكدت صوابيتها ثقل الأحداث المتتالية والمتنقلة، وازدياد مساوئ الازمات، وقد أعطى حادث “فيديرال بنك” نهار أمس في الحمرا صورة أخرى عن معاناة المواطنين ما يؤكد أهمية الإسراع في إيجاد الحلول للأزمات الاجتماعية في البلد رغم الاهتمام بالمسائل الكبرى كاستحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو مسألة ترسيم الحدود البحرية، التي عزا نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب تعثر المفاوضات بشأنها إلى العدوان الاسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
رغبة مشتركة للتلاقي: بدورها، أشارت “الاخبار” الى ان بعد اللقاء الذي اتفق على موعده قبلَ خمسة أيام، بعد اتصالات تنسيقية تولاها العريضي وصفا، أشار الخليل إلى أنه «كانت هناك رغبة مشتركة للتلاقي في ضوء ظروف البلد مالياً واقتصادياً ومعيشياً، واستعرضنا العديد من المسائل الداخلية والاستحقاقات السياسية والمالية والاجتماعية. وكان اللقاء غنياً بامتياز وودياً وصريحاً، وأعتقد أن للبحث صلة في الأيام المقبلة بما يخدم لبنان واللبنانيين». فيما صرح جنبلاط بأن «اللقاء كان ودياً وصريحاً وتركنا جانباً النقاط الخلافية وتحدثنا حول النقاط التي يمكن معالجتها بشكل مشترك في الاقتصاد والإنماء».
مصادر مطلعة أكّدت أن الأجواء كانت «إيجابية وودّية» في اللقاء الذي استمر حوالي خمسين دقيقة. وكان «الطرفان واقعيْين في مقاربتهما للأمور، مع التسليم بوجود شبه استحالة في الاتفاق حول بعض القضايا»، لكن «هناك إدراك جدي لضرورة إبقاء قنوات التواصل مفتوحة خصوصاً أن اللحظة حرجة جداً».
بحسب المصادر، ركّز جنبلاط على ملف الانتخابات الرئاسية، فكرر موقفه بضرورة انتخاب رئيس يمثل الحدّ الأدنى من التوافق ولا يكون استفزازياً لأحد، وهو ما أيده وفد الحزب الذي اعتبر أن «الأمر بحاجة إلى التشاور بينَ الأطراف الأساسية والتفكير سوياً خصوصاً في ظل الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة على لبنان»
واستفسر جنبلاط حول دعوة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في ذكرى عاشوراء، إلى تشكيل حكومة حقيقية كاملة الصلاحيات تتحمل المسؤوليات في حال الشغور الرئاسي، وسأل ما إذا كان لدى الحزب مؤشر على عدم انتخاب رئيس للجمهورية، فأكد الخليل «أننا نسعى للإثنين ولا نريد الفراغ في أي من المؤسسات».
وأبدى جنبلاط اهتماماً كبيراً بملف الترسيم، سائلاً عمّا إذا كانت المسيّرات الثلاث التي أطلقت فوق سفينة التنقيب في الثاني من تموز الماضي رسالة إيرانية لتحسين شروط التفاوض حول الملف النووي، فجاءه الجواب بالتأكيد أن «إيران ليست بحاجة إلى مسيّرات لتحسين موقفها، وهذه المسيرات هي لتحسين موقع لبنان في عملية التفاوض البحري والضغط من أجل السماح له باستخراج النفط والغاز والاستفادة من ثروته. عندها سأل جنبلاط: «هل نصل إلى الحرب؟»، فكان الرد: «إذا أصرّت إسرائيل على حرمان لبنان من حقه ومنعت عنه ثروة قد تكون خشبة خلاص للبلاد، فلن نموت في الطوابير. وكل الخيارات موضوعة على الطاولة».
وفيما اتفقَ الطرفان على استكمال التشاور والتنسيق بينَهما في الفترة المقبلة، لم تحدد آلية التنسيق بعد، وهو ما سيجري الاتفاق عليه خلال أيام.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.