نقلا عن المركزية –
لم يكن يكفي لبنان مصائبه المتعددة الأوجه التي يدفع ثمنها المواطن، خصوصاً ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وصعوبة تأمين الحاجات المعيشية والحياتية الضرورية، حتى أخذت مظاهر شريعة الغاب تزيد وضوحاً في البلد. وزاد الطين بلة إقفال المصارف، فبعد انتهاء إضراب الثلاثة أيام، أعلنت “جمعية مصارف لبنان” منذ يومين تمديد القرار من دون أن تُحدِّد موعد فتح أبوابها من جديد أمام الزبائن، رابطةً موقفها باستمرار المخاطر والتهديدات والجو التحريضي ضدّها، وغياب ضمانات الحماية الأمنية، مستنكرةً بذلك اقتحامات المودعين المتكررة للعديد من الفروع حول مختلف الأراضي. وقالت الجمعية في بيان أنه “بنتيجة الاتصالات المكثفة التي أجرتها مع الجهات المعنية، ولأن المخاطر محدقة بالموظفين والزبائن، فإن المصارف ستُبقي أبوابها مغلقة قسرياً”، مشيرةً إلى غياب الإجراءات أو حتى الطمأنات من قبل الدولة والجهات الأمنية كافةً بهدف تأمين مناخ آمن للعمل.
توازياً، لم تكن خاتمة زيارة فريق خبراء صندوق النقد الدولي إلى لبنان مطمئنة، إذ في أول تقييم علني لأداء البلد في تنفيذ الإصلاحات، أعلن الصندوق أن “رغم الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات تعالج الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة في لبنان، فإن تقدّم السلطات في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها ما زال بطيئا للغاية”، ما يعني التأخير في الإفراج عن أموال الإغاثة. وتعقيباً قال وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام في تصريح أن “البلد سيدخل مرحلة إنتقالية اقتصادية ووصلتنا رسالة واضحة من صندوق النقد تفيد بأن هامش الوقت لدينا عبارة عن أسابيع فقط ويجب أن تشكّل الحكومة خلالها”.
كلّ التطورات توحي بمشهد سوداوي فما تكلفة إغلاق المصارف على الاقتصاد؟ وهل أن الاتفاق مع صندوق النقد في خطر؟
الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة يرى عبر “المركزية” أن “إقفال المصارف مشكلة كبيرة وأقوى الاقتصادات في العالم تنهار إن توقف النشاط المصرفي فيها لأسبوع، فكيف حال الاقتصاد اللبناني المهترئ أساساً؟ الضرر يطال الجميع إن كان الموظفين الذين يريدون سحب رواتبهم او اصحاب المعاملات أو حتى عمليات الصيرفة، بالإقفال تتم المساهمة في زيادة تعطيل مصالح اللبنانيين ولو أن دور المصارف اليوم في جمع الودائع ومنح القروض متوقف”.
ويعتبر أن “الموضوع مضخّم ومبالغ فيه نوعاً ما، فللمصارف حق في الدفاع عن أمنها والتعدي عليها مرفوض، إلا أن علينا في المقابل تفهّم المودعين الغاضبين من عجزهم عن سحب أموالهم والحلّ ليس بالإقفال أو حتى المطالبة بوجود قوى أمنية أمام كلّ فروعها لأن لديها مهام أهم عليها تنفيذها وهذا الاقتراح صعب التنفيذ، بل يمكن التعامل مع شركات الأمن الخاصة لحماية نفسها ولو انها مكلفة بعض الشيء لكنها أقل من كلفة الإقفال على البلد. المطلوب من المصارف أن تبذل بعض الجهود وعدم الإنجرار في النظام التخريبي المسيطر على البلد بل أن يساعدوه على الوقوف”.
أما بالنسبة إلى موقف صندوق النقد، فيشير حبيقة إلى أن “الصندوق عبر بطريقة دبلوماسية عن حقيقة ما يحصل في البلد وأن الامور لا تسير بالمسار الصحيح”، مستبعداً “حصول اي انفراجات في لبنان قبل رأس السنة وهذا الوقت الضائع مكلف جدّاً على الاقتصاد لأن الحكومة عاجزة عن إصدار قرارات صحيحة أو حتى تنفيذها”.
ويلفت إلى أن “المشكلة في لبنان في كثرة الأصوات، اذ يفترض أن يقابل وفد الصندوق لدى زيارته لبنان شخصاً واحداً مسؤولاً عن الملف من دون القيام بجولة ليستشف آراء مختلف المسؤولين”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.