بين “الهيبة” و”أبو ملحم” من المسؤول عمّا يحصل في بعلبك؟
نقلا عن موقع ليبانون فايلز –
ما حصل ليل الاثنين في منطقة بعلبك شكّلَ الخبر الأمني الأول مؤخراً على وسائل التواصل والأكثر إثارة للجدل، وان كان اشتباك بعلبك ليس ليس أمراً جديداً بل تكراراً روتينياً، كأنه حلقة من حلقات مسلسل “الهيبة “، الذي يعرض على الشاشة اليوم ويشاهده آلاف المتابعين. فالأحداث الأمنية في البقاع تتكرر كل فترة بسيناريو مختلف، وإن كان عنوان الحلقة الأخيرة اختطاف شخص بسبب سرقة هاتف خلوي، انتهى بمعركة بين عشيرتي آل جعفر وفيتروني. لكن سياق المسلسل هو نفسه، وما يحدث دائما في أحياء الشروانه وبريتال أن الأبطال هم أنفسهم، سواء من الأمنيين او العشائر والمسلحين في البقعة الجغرافية نفسها.
إعتاد البقاعيون على المشهد المتنقل من شارع الى شارع او من حي لآخر، المنطقة “فالتة عالآخر”، شباب مدجّجين بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وسيارات بزجاج داكن ولوحات مزورة، من دون حسيب او رقيب. ثأر او مطاردات ليلية وفي وضح النهار، “تشليح وسرقة”، عصابات مخدرات. وكالمعتاد جولة “أكشن” تنتهي كما بدأت باللفلفة والضبضبة وبالاتصالات بين العشائر وشيوخ الصلح، وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية على طريقة “ابو ملحم” في المسلسل اللبناني الشهير.
تبادل التقصير دائم بين الدولة وأهالي المنطقة، يلوم البقاعيون الدولة على الإهمال والتهميش، ويضعون ما يحصل في سياق عدم سؤال الدولة عن المنطقة، فالشباب من دون فرص عمل، والمنطقة لا تتوافر فيها مقومات المناطق الأخرى، كما تستقوي الدولة على الضعيف، فالقوى الأمنية تحضر كما يقول بقاعيون لتسطير مخالفات البناء بجيوش جرارة، ولا تهتم بمشاكلهم مما يؤدي الى انعكاس الفوضى والإهمال بالفلتان الحاصل.
يؤكد أحد السياسيين على خط الوساطات الجارية في المنطقة، ان عوامل كثيرة فاقمت الوضع، منها كورونا والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تضاعفت بعد 17 تشرين الاول من العام الماضي. ولا ينفي السياسي ان الحَكَمْ والكلمة الأساس هي للعشائر، فعندما تتحرك الدولة تقوم القيامة لأنها لا تجيد التعامل مع المنطقة، ولجان الصلح غالباً ما تحتكم لمنطق العشائر في منطقة متروكة ومهملة و”الرب راعيها”.
بمنطق مختلف تماماً يؤكد احد المسؤولين الأمنيين السابقين في المنطقة، إن ضبط الأمن يحتاج الى توافر قرار سياسي لا يبدو انه متوافر في البقاع، وان الخطة الأمنية التي نفذت عام 2018 لم تنجح في مناطق يسيطر عليها حزب الله، الذي يعتبرها البيئة الحاضنة، كون المجموعات المسلحة من مؤيديه او المقربين منه، وإن المخاوف كانت من حصول الاصطدام بين العشائر والأجهزة الأمنية دائماً.
ما يحصل في البقاع من إشتباكات تتجدد أسبوعياً يطرح تساؤلات عمّن يتحمل المسؤولية. هل هو تقصير من الأجهزة الأمنية، ام أنه حكم العشائر الذي يمنع الدخول الى محميات حزبية وسياسية، حيث يحظى تجار الممنوعات غالباً بالحماية السياسية، أو ان أبناء المناطق فعلا من المحرومين وهم تحولوا الى ضحايا الدولة المهترئة والمنهوبة؟
تتعدد الروايات والتساؤلات المشروعة، كالسؤال لماذا لا يحصل في المناطق الفقيرة الأخرى ما يحصل في البقاع، ومن يموّل جولات العنف بالرصاص والقذائف، وهل صحيح ما يُقال ان من يقترب من الخطوط الحمراء في المنطقة يتلقى تهديدات من أمنيين ومسؤولين في الدولة؟
التساؤلات كثيرة، لكن الثابت ان الأجهزة الأمنية ليست مقصرّة، لكن استنفار الأجهزة والدولة كلها لا ينفع في وجه دويلة السلاح المتفلت. والثابت ايضاً أن التكتيك المعتمد في المعالجة والقائم على عدم التدخل المباشر والعلاج الموضعي، هو الذي أوصل الى هذا المنحى الخطير. فإلى موعد آخر في جولة لاحقة بعد حين.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.