نقلا عن المركزية –
كل شيء في لبنان ينهار، إلا “الجدار الفاصل” بين المعنيين بعملية انقاذ البلاد والعباد وانتشالهم من الحفرة التي أغرقوهم فيها جرّاء أدائهم السياسي والاقتصادي والمالي الكارثي على مرّ العقود الماضية، والذي بات “مضرب مثل”، على الصعيد الدولي، عندما يُراد الحديث عن سلطات فاشلة وفاسدة. هذا الحائط الذي يُحبَس اللبنانيون وحكومتُهم خلفه، يبدو عصيا على الكسر حتى الساعة. وبعد ان تعرّضت آخرُ محاولات خرقه، لانتكاسة قوية الاسبوع الماضي مع سقوط مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري وانفجار الخلاف مجددا بين الفريق الرئاسي، وفريق الرئيس المكلف سعد الحريري، يبدو ارتفاع هذا الجدار اكثر، مرجّحا، مع اعلان التيار الوطني الحر اليوم، رفضَه تركيبة الثلاث ثمانيات بحجة انها “مثالثة مقنّعة”، في موقف تصعيديّ جديد، ينسف احدى ابرز أساسات وساطة بري.. عين التينة في المقابل، تبدو عاقدة العزم على عدم الاستسلام وعلى المحاولة من جديد، بمؤازرة من بكركي ومن حزب الله.. فهل تنجح هذه المرة في فتح ثغرة بين المتنازعَين، تحت وطأة الاوضاع المعيشية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم، حيث نقف على شفير عتمة شاملة مع تحذير اصحاب المولّدات من تقنين قاسٍ مطلع الاسبوع، فيما الدواء مفقود كما المستلزمات الطبية والمحروقات؟ ام ان الحسابات الفردية و”التارات” الشخصية والمصالح “الاقليمية” ستترك الناسَ وأعصابَهم تحترق في “جهنّم”، وقد دفع هذا الواقعُ احدَ المواطنين في القاع، الى إشعال سيارته بعد ان تعذّر عليه تعبئتها بالبنزين؟
الوساطة مستمرة: بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن الاتصالات على الخط الحكومي استؤنفت في الساعات الماضية، بعيدا من الاضواء، لإحياء مسعى بري. وللغاية، سُجّل لقاء بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وموفد من حزب الله، خُصّص للبحث في مدى استعداد رئيس تكتل لبنان القوي لتسهيل الحل القائم على حكومة من 24 وزيرا مقسّمين الى ثلاث ثمانيات، ولتليين رفضِه المطلق لمشاركة الحريري في تسمية الوزيرين المسيحيين. غير ان باسيل يبدو رفض – حتى قَبلَ الوصول الى الوزيرين- منطقَ حكومة الـ 8 -8-8، محذرا من انها “مثالثة مقنّعة”، في كلام يقوله للمرة الاولى من شأنه وضع عقبة جديدة على درب التشكيل الشاق. على اي حال، تكشف المصادر ان بري يُمهل الاتصالات اياما، ولن يعلن انتهاء وساطته الا بعد انقضائها، خاصة أن في جعبته مخارج جديدة لا يريد الكشف عنها اليوم مخافة “إحراقها”.
تعويل على ضغط دولي: المصادر تشير ايضا الى ان “الاستيذ” يعوّل على ضغوط دولية مصرية – روسية، لإسعاف مسعاه، خاصة وان القاهرة تدعمه علنا في وساطته، فيما يستعدّ المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم لزيارة موسكو في قابل الايام حيث سيكون الشأن الحكومي حاضرا بلا شك، بالتوازي مع زيارة سيقوم بها ايضا رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الى روسيا منتصف الشهر الجاري، وقد استقبل اليوم في المختارة، السفيرَ الروسي ألكسندر روداكوف واستبقاه الى مائدة الغداء، وقد عرض الجانبان الأوضاع السياسية العامة في لبنان والمنطقة.
رفض للمثالثة: هذا في الكواليس. اما تحت الاضواء، فالمواقف على حالها على ضفّتي الازرق والبرتقالي، فيما طرأ اليوم جديدٌ لا يبشّر بالخير، مع تصويب الوطني الحر على صيغة “الـ8-8-8″، الامر الذي يقلّص حظوظ اي “تسوية” حكومية قريبا… فقد أبدى المجلس السياسي في التيار الوطنيّ اليوم، عقب اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة باسيل “قلقه الكبير من أن تؤدي المماطلة في تشكيل حكومة إنقاذية فعّالة الى بلوغ نقطة اللاعودة في مسار الإنهيار المالي وما ينتج عن ذلك من مخاطر معيشيّة وإضطرابات إجتماعية”. وجدّد دعوة الرئيس المكلّف الى القيام بواجباته الدستورية والوطنية فيقدّم تشكيلة حكومية تراعي الأصول الدستورية والقواعد الميثاقية ويتفق عليها مع رئيس الجمهورية لتأخذ طريقها الى الثقة في مجلس النواب، فتلتزم ببيان وزاري إصلاحي ينتظره اللبنانيون على قاعدة المبادرة الفرنسية ومتطلبات صندوق النقدّ الدولي”. وإذ اكد “المجلس إلتزام التيار بحكومة إختصاصيين وبرئاسة الحريري، فإنه يبقى منفتحاً على أي حكومة يتوافق عليها اللبنانيون لكنه يرفض قطعاً أي إنقلاب على الدستور بتخطي المناصفة الفعلية وتكريس أعراف جديدة بالحديث عن مثالثة مقنّعة يحاول البعض الترويج لها على قاعدة ثلاث مجموعات من ثماني وزراء يقود كلاً منها أحد المكونات الأساسية في البلاد، مع تأييده إستثنائياً لهذه المرّة، ألاّ يكون لأي فريق أكثر من 8 وزراء”. واعتبر المجلس أنه “في حال الإصرار على عدم تشكيل حكومة، وفي ضوء الإنحلال المتسارع في بنية المؤسسات، وامتناع الحكومة المستقيلة عن القيام بواجباتها في تصريف الأعمال بما تقتضيه المرحلة وأبسطها حلّ مشكلات الترابة والنفايات والمواد الأساسية، فإن خيار تقصير ولاية مجلس النواب سيصبح عملاً إجبارياً وإن كان سيتسبب بمزيد من هدر الوقت، فيما لبنان بأمسّ الحاجة للإسراع بإقرار القوانين الإصلاحية”.
بري لن يتراجع: في المواقف ايضا، دعا عضو كتلة التنمية والتحرير النائب غازي زعيتر الى “تشكيل حكومة انطلاقا من مبادرة الرئيس بري”، قائلا “الاخير لم ولن يتراجع عن تشكيل الحكومة من خلال المبادرة التي أطلقها، وعمله متواصل ومستمر من أجل الوصول إلى نهايات سعيدة. واشار الى ان الرئيس بري، يعمل على الاستفادة من المناخات الايجابية واللقاءات التي تحصل”، مضيفا “المبادرة هي من أجل بناء لبنان الحديث، وهو بانتظار الاجوبة من أجل الوصول إلى تشكيل الحكومة”. كما اشار زعيتر الى ان “ضغوطات اقتصادية ومالية تُمارس على لبنان، من أجل تقديم تنازلات بهدف الوصول إلى تسوية مع العدو الصهيوني وفي حال قدمنا التنازلات تتدفق الأموال على لبنان ويتحسن الاقتصاد لكننا سنبقى متمسكين بتحرير الأرض وبثلاثية الجيش والشعب والمقاومة مع رفضنا لاي تنازلات وسنبقى العمود الفقري الحامي لأي مقاومة”.
تقنين المولدات: وبالحديث عن الواقع الاقتصادي – المعيشي، فيوميات اللبنانيّ صعبة ومزرية ومذلّة، ولا معالجات او محاولات علاج رسمية. على هذا الصعيد، وبينما تقنين كهرباء لبنان يشتد، اعلن رئيس تجمّع أصحاب المولّدات الخاصة عبدو سعادة عبر “المركزية” أن “في ظلّ انقطاع التيار الكهربائي وشحّ المازوت سيعدّ التجمّع برنامج تقنين بمعدّل يتراوح ما بين الـ 4 والـ 5 ساعات، يعمم على المشتركين الأسبوع المقبل، رغم عدم رغبتنا بذلك إلا أن لا خيار آخر أمامنا”. وأضاف “نعاني صعوبة في الجباية ونسبة كبيرة من المشتركين عاجزة عن تسديد الفواتير. والخطر الأكبر متمثّل في حال رفع الدعم عن المازوت ما سيؤدّي إلى ارتفاع التسعيرة 4 أضعاف، وهي مرتبطة بسعر المازوت وسعر الصرف دولار وساعات القطع. وكلّما زادت ساعات القطع تضرّر أصحاب المولّدات”… هذا كلّه فيما الطوابير امام محطات الوقود تطول ايضا.
غسل الكلى: اما في جديد الانهيار الصحّي، وبعد الشحّ الكبير في الأدوية وكواشف المختبرات، فقد تبلّغت المستشفيات اليوم أن “تجار المستلزمات الطبية المستخدمة لمرضى غسيل الكلى سيبدأون خلال أسبوع أو إثنين كحدّ أقصى بتقاضي ثمنها بالدولار نقداً، ما يعني أنّها لن تبقى مدعومةً”، وفق ما كشفه نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون لـ “المركزية”. وحذّر من أن “هذه خطوة غير مقبولة وخطرة، إذ من جهة لا يمكن للمستشفيات تسديد ثمن المستلزمات هذه حسب سعر الصرف الموازي، ومن أخرى لا يمكن التفرّد باتّخاذ قرار كهذا من دون التنسيق مع وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال كونه مرتبطا بموضوع حيوي ويهدّد صحة وحياة ما يفوق 4500 مريض”. وأوضح هارون أن “ما من وسيلة في حوزتنا لمعرفة ما إذا كانت لدى المستوردين بضائع مدعومة أم لا، لكن المفروض ألا يرفع ثمنها وألا يغيّر ثمنها من دون التنسيق مع وزارة الصحة”، محمّلاً المستوردين “الخطر الذي سيهدد مرضى غسيل الكلى، ولا يمكن للمستشفيات أن تحمّلهم فروقات طائلة”.
ادوية محجوزة: الى ذلك، غرّد رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي على “تويتر” كاتبا: الأدوية والمستلزمات المحجوزة بمستودعات المستوردين تمثل (٧٠%) من حاجة السوق منهم (٨٧) دواء للأمراض السرطانية والمستعصية. الحل ان يتم الافراج عنها بقرار من الدولة وتوزع على الصيدليات وتحفظ حقوق المستوردين بعد التحقق من صدقية فواتيرهم وان يصدر وعد من مصرف لبنان بدفع الدعم لاحقآ.
لجنة المال: وبما ان الشيء بالشيء يذكر، وفي انتظار اتضاح تفاصيل القرار الذي صدر امس عن المجلس المركزي في مصرف لبنان والقاضي بدفع 400$ (fresh dollars) إضافة إلى ما يوازيها بالليرة اللبنانية للحسابات التي كانت قائمة بتاريخ تشرين الأول من سنة 2019 وكما أصبحت هذه الحسابات في آذار 2021، ابتداء من 1 تموز، تتجه الانظار الى لجنة المال التي ستعقد جلسة هي على الارجح الاخيرة الاثنين المقبل، لمناقشة قانون “الكابيتال كونترول” والذي يفترض ان يُبصر النور قريباً في مجلس النواب “إلا اذا”.
الاجراء السعودي: في الموازاة، قرارُ السعودية وقف استقبال المنتجات الزراعية اللبنانية اثر “شحنة الرمان المخدّر”، والذي ارخى بثقله على الاقتصاد اللبناني، اضافة الى ما يحكى عن توجه المملكة نحو منع استيراد المنتجات اللبنانية على انواعها كافة، أثار اهتمام لجنة الاقتصاد النيابية التي زار وفد من اعضائها اليوم وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي في مقر الوزارة. وقد ناقش المجتمعون السبل الافضل لتعزيز الثقة بين المملكة ولبنان وذلك بعد الخطوات التي اتخذتها الدولة اللبنانية لضبط المعابر ومكافحة المخدرات. واذ عبّر النواب عن آرائهم أمام فهمي، وطالبوا بتسريع الخطوات الاجرائية المتخذة لاعادة الثقة بين البلدين، طمأن فهمي الوفد الحاضر كونه يولي هذا الامر الاهمية القصوى للضرر الذي يحيط بالمحاصيل الزراعية والصادرات الصناعية، واتفق الطرفان على متابعة الموضوع قريبا، وسوف تلي هذا اللقاء إتصالات بمسؤولين لبنانيين وجهات خليجية أخرى.
ماراتون فايزر: في المقابل، تكاد تكون ارقام كورونا الجيّدة، العلامة المضيئة الوحيدة في مسلسل الكوارث اللبنانية. وعشية ماراتون فايزر المقرر غدا، دعا رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا عبد الرحمن البزري في بيان، اللبنانيين وغير اللبنانيين، الى الاقبال على تلقي اللقاح غد الاحد في المراكز التي حددتها وزارة الصحة في محافظات: البقاع، عكار وبعلبك الهرمل”، معتبرا أن “نسبة التلقيح في هذه المناطق منخفضة مقارنة بالمناطق الأخرى، وأن هذه الخطوة سوف تشجع المواطنين على تلقي اللقاح“. وأضاف “إن لقاح فايزر سيكون متاحا في هذه المراكز لمن هم فوق 60 سنة من العمر”، مشددا على أنها “خطوة جيدة الى الأمام من أجل زيادة نسبة التحصين في المجتمع وحماية الاشخاص الأكثر عرضة للإصابة الشديدة“.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.