نقلا عن المركزية –
في لبنان فقط تفوق كلفة تعبئة خزان السيارة بالوقود الحد الادنى للاجور وتعجز ماكينات المحطات عن استيعاب الاصفار الخمسة. في لبنان فقط، تفتح المدارس ابوابها في ظل عجز الاهل والاساتذة عن الوصول اليها لعدم توافر البنزين. في لبنان فقط يتعرض محقق عدلي في جريمة هزت البشرية جمعاء لتهديد مباشر من شخصية حزبية معروفة بالاسم ولا من يسأل او يُسائل من المنظومة الحاكمة من رأسها حتى اخمص القدمين. في لبنان فقط يقتحم المسؤول الحزبي قصر العدل ويجتمع مع القضاة ويدقق في الملفات ويبعث رسائله لقاضٍ مشهود لنزاهته ولا يخرج رئيس او وزير او نائب او موظف بلدية حتى ليستنكر او يرفع الصوت ضد ممارسات ميليشياوية لم تشهد مثلها اكثر بلدان العالم تخلفا ورجعية. في لبنان فقط يفترش اهالي 216 ضحية الطرق ويتظاهرون امام منازل السياسيين والقضاة لكشف حقيقة من قتل ابناءهم في أضخم ثالث انفجار دموي مفجع في العالم بات يُدرّس في معاهد العالم نظرا لفظاعته فيما يُمنع على قضاة لبنان احقاق الحق وتسمية القتلة والمجرمين.
لم يعد اللبناني يعرف من أين يأتيه العقاب: من اسعار المحروقات الملتهبة مع رفع الدعم التدريجي وقد قفز سعر صفيحة البنزين اليوم الى ما فوق 209000 ليرة لبنانية، من فاتورة مولد الكهرباء المسعر مازوته بالدولار ليصيب جيب المواطن بالافلاس، من المؤسسات التي تقفل تدريجا بعدما قاومت على مدى عامين كل انواع الظلم، وصرفت موظفيها في مختلف القطاعات لينتقلوا الى ضفة العاطلين عن العمل، من جشع التجّار المحتكرين ومصاصي دماء اللبنانيين بتهريب المحروقات المدعومة الى سوريا ام من سلطتهم السياسية التي حجبت عنهم كل بصيص امل بالعيش الكريم حتى كفروا بها وبدولتهم وفقدوا الامل بالتغيير بعدما ثاروا وانتفضوا في 17 تشرين جراء ارتفاع بسيط في رسم خلوي ليرتضوا اليوم ببلوغ صفيحة البنزين المئتي الف ليرة وما فوق ولا من يرفع الصوت او يواجه.
قبيل الزيارة: هذا في الشارع اما في القصور الرئاسية فعالم آخر، وسعي للبحث عن كيفية فتح حنفية مساعدات تفرمل الانهيار، مفتاحها في جيب الخارج الذي يرفع شروطه الاصلاحية. وللغاية، وقبيل زيارته باريس الجمعة المقبل حيث يستقبله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ويولم على شرفه، بعد نجاح جهود باريس في التشكيل ، علما ان وجهة رئيس الحكومة بعد الثقة لطالما كانت عربية، غير ان الظرف المحيط بعلاقة لبنان بالعرب والخليجيين راهنا اضافة الى الدور الذي لعبته فرنسا في مساعدة لبنان حتّما افتتاح جولة ميقاتيي الخارجية الاولى من باريس، حيث سيستمع الى ما لدى ماكرون من نصائح لجهة خطة النهوض الاقتصادي المستندة الى الورقة الفرنسية وامكان عقد مؤتمر لدعم لبنان استكمالا لسيدر اذا ما باشر لبنان تنفيذ الاصلاحات.
مجموعة الدعم: وليس بعيدا، وجّهت مجموعة الدعم الدولية للبنان رسالة دعم اليه، خاصة اذا تمكنت حكومته من تحقيق اصلاحات. فقد رحبت المجموعة بتشكيل الحكومة الجديدة وبمنح البرلمان اللبناني الثقة للحكومة وبرنامجها. وتماشياً مع البنود الرئيسية للبيان الوزاري المعتمد، حثت مجموعة الدعم الدولية القادة اللبنانيين على التحرك بسرعة لتخفيف عبء المشقة الاقتصادية والاجتماعية عن الشعب اللبناني واستعادة الخدمات الأساسية والتحضير لانتخابات نزيهة وشفافة في موعدها في العام 2022 والشروع في الإصلاحات اللازمة لاستعادة الثقة ولتحقيق العدالة والاستقرار والازدهار للشعب اللبناني ولتمهيد الطريق لتعزيز الدعم الدولي. وفي إشارة إلى بيانها الصادر في 3 آب 2021، كررت مجموعة الدعم الدولية التأكيد على أهمية استكمال التحقيق في انفجارات مرفأ بيروت على وجه السرعة. وأكدت وقوفها الى جانب لبنان وشعبه.
الامم المتحدة مستعدة: الى ذلك، هنأت ممثلة الامم المتحدة في لبنان السفيرة يوانا فرونتسكا رئيس الجمهورية ميشال عون على “تشكيل الحكومة الجديدة”، مؤكدة من بعبدا ان “منظمات الأمم المتحدة ستعمل معها في سبيل تحقيق ما ورد في بيانها الوزاري، لا سيما في ما خص الإصلاحات واجراء الانتخابات النيابية ضمن المهلة المحددة، إضافة الى الاستمرار في دعم الجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية وتوفير المساعدات اللازمة لها”. ولفتت الى ان مجلس الامن سيلتئم في 9 تشرين الثاني المقبل للاستماع الى احاطة عن الوضع في لبنان لا سيما بعد تشكيل الحكومة ونيلها الثقة على ضوء برنامج العمل الذي تقدمت به”.
التنقيب: من جانبه، أبلغ رئيس الجمهورية المنسقة الخاصة ان لبنان “سيبدأ بعد نيل الحكومة الجديدة الثقة، التفاوض مع صندوق النقد الدولي بهدف إيجاد حلول عملية للأوضاع الاقتصادية الراهنة وفق خطة النهوض الاقتصادي التي أشار اليها البيان الوزاري”، لافتا الى انه “بالتزامن مع هذه المفاوضات سيتم العمل على معالجة ملف الكهرباء المجمد منذ فترة وإعادة اعمار مرفأ بيروت وتأهيله وإزالة آثار الانفجار الكارثي الذي استهدفه العام الماضي”، مؤكدا ان “الانتخابات النيابية سوف تجري في موعدها المقرر في 8 أيار المقبل في أجواء من الديموقراطية “. وجدد رئيس الجمهورية التزام لبنان “تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته والتمسك بحقوقه في مياهه وثرواته الطبيعية والرغبة باستئناف المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية”، وقال “من هنا ابدينا اعتراضنا لدى مجلس الامن والأمم المتحدة على ما قامت به اسرائيل مؤخرا من توقيع عقود تقويم تنقيب الغاز والنفط مع احدى الشركات الأميركية، لان هذه الخطوة تتناقض مع مسار التفاوض غير المباشر باستضافة الأمم المتحدة والوساطة الأميركية، والذي يتطلب تجميد كل الاعمال المتعلقة بالتنقيب في المناطق المتنازع عليها بانتظار حسم مسار التفاوض غير المشروط”. ولفت الى ان “عملية التدقيق المالي الجنائي بدأت بعد توقيع العقد وهي ستشمل في مرحلة أولى الحسابات المالية لمصرف لبنان، على ان تشمل لاحقا الإدارات والوزارات والمؤسسات والمجالس والصناديق وسائر الهيئات”. واعلم رئيس الجمهورية فرونتسكا انه سيلقي كلمة لبنان “امام الجمعية العام للأمم المتحدة بعد ظهر يوم الجمعة المقبل بتوقيت بيروت عبر الأقمار الصناعية، لان الظروف الداخلية فرضت علي عدم السفر الى نيويورك فضلا عن ضرورة مواكبة انطلاق عمل الحكومة”.
لقاءات دبلوماسية: اما في السراي، فاستقبل ميقاتي سفير الكويت عبد العال القناعي الذي قال بعد اللقاء: “قدمت للرئيس ميقاتي تهنئة دولة الكويت بتأليف الحكومة الجديدة وحصولها على ثقة المجلس النيابي، وأعربت له عن أملنا أن تتكلل جهودها بالتوفيق والنجاح لما فيه مصلحة الشعب اللبناني الشقيق، كما سلمته رسالة تهنئة من سمو رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح وأعربت له أن الكويت ستبقى دائما الى جانب لبنان وهي حريصة على رفاه لبنان الشقيق وأمنه واستقراره”. وعن إمكان اعتبار هذه الزيارة فاتحة خير لإعادة الكويت الى لبنان؟ أجاب: “الكويت لم تدخر وسعا، لا في الماضي ولا في المستقبل، في تقديم ما هو ممكن للبنان الشقيق بهدف استقراره ورفاهية شعبه”. وردا على سؤال عن إمكان زيارة الرئيس ميقاتي الكويت قريبا؟ أجاب: “أهلا وسهلا به إن شاء ذلك، وهو سيكون بين أهله وفي بلده”… كما واستقبل سفير بريطانيا أيان كولارد وبحث معه في العلاقات الثنائية. وتلقى الرئيس ميقاتي اتصالا من وزير خارجية مصر سامح شكري هنأه خلاله بتأليف الحكومة الجديدة وتمنى له التوفيق… الى ذلك، استقبل ميقاتي قائد الجيش العماد جوزف عون على رأس المجلس العسكري ، وقال للوفد “أثبتت مؤسسة الجيش أنها عصية على كل الخلافات والتداعيات السياسية، وتعبر عن تطلعات اللبنانيين بوطن سيد، حر، مصانة حدوده وأمنه، موحدة إرادة أبنائه، ولو اختلفوا في ما بينهم يجمعهم تمسكهم بالمؤسسة العسكرية كضامن أساس، ليس للأمن فقط بل حتى للدولة بمفهومها الواسع“.
غداة التهديد: من جهة اخرى، قفز ملف التحقيقات في جريمة انفجار المرفأ الى الواجهة بقوة اليوم. فغداة تلقي المحقق العدلي طارق بيطار تهديدات من حزب الله، التقى وزير العدل القاضي هنري الخوري في مكتبه في وزارة العدل، المحقق العدلي واستوضح منه حصرا ما تداولته وسائل الإعلام منذ يوم أمس، والمتعلقة بأمنه الشخصي، وسيقوم الوزير الخوري بمتابعة هذا الأمر مع المراجع القضائية المختصة كي يُبنى على الشيء مقتضاه.وافادت المعلومات ان المحقق العدلي رد خطياً على طلب النائب العام التمييزي في شأن إعداد تقرير حول ما يتم تداوله عن رسالة شفهية وصلته بالواسطة من صفا وذلك بالتأكيد على فحوى الرسالة التي تم التداول بها والتي وصلته.
ارتياب مشروع: في المقابل، توجه فريق من محامي الدفاع عن الوزير السابق يوسف فنيانوس اليوم لتقديم دعوى “نقل الدعوى للارتياب المشروع” بحق المحقق البيطار. وتعليقا، قال فنيانوس في بيان “انني آسف لاضطراري تقديم دعوى للارتياب المشروع، وذلك حرصا لحسن سير التحقيق والوصول الى الحقيقة المرجوة. وبانتظار نتيجة هذه الدعوى سوف أحدد موقفي وفقا للقانون، معتمدا على نزاهة القضاء، موضحا ان من اعتنق القانون والعدل مبدأ عمره، لن يسكت عن جور يطاله شخصيا“. وشدد على ان “السلوك الشاذ والردود والاجتهادات والانتقائية والكيل بمكيالين، وكل أنواع المظالم، لا تغير الحقائق والوقائع“. ورأى فنيانوس “ان تحميله الجريمة واصدار مذكرة توقيف في حقه خطوة غير مشروعة وظالمة، اذ ان المجلس العدلي اصلا ليس صاحب الصلاحية“.وقال “أتت مصيبة انفجار المرفأ وهناك من يريد تحميلي كشخص، من موقعي كوزير سابق للاشغال العامة والنقل، ذنوب كل القضية بكل أبعادها. حيث اؤكد انني أتحمل مسؤولياتي الادارية ان وجدت. وليس هناك من شرع او حق يقبل بأن أحمل جريمة قتل الشهداء وايذاء الجرحى وتدمير منازل بيروت، وأشعر بألم شديد مع اهل الضحايا كأنني واحد منهم، خصوصا وان ما خسروه لا تعويض له في هذا العالم، لكن الحقيقة وحدها التي تبلسم الجراح“. وختم: “يؤسفني القول ان الطريق التي يسلكها القاضي البيطار لن توصل الى الحقيقة“.
الاهالي: من جانبهم، علق أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت على الخبر معتبرين أن “الفئة الباغية مستمرة في عدوانها على دمائنا ودموع أمهاتنا وأطفالنا منعا لإظهار الحقيقة بجريمة تفجير مرفأ بيروت.”وأشاروا في بيان، الى أنه بدل ان يمثل المتهمون أمام القانون للإدلاء بإفاداتهم علها تبرأهم، يسارعون للمتلص ومحاربة عوائل شهداء التفجير الآثم المتعطشين للحقيقة والعدالة بإستخدام ما يسمى بالإرتياب المشروع في محاولة للهروب للأمام مراهنين على تضافرهم بالحماية السياسية والطائفية لبعضهم البعض. ورأوا أن هذا الأمر إن دل فعلى انهم خائفون مرتعدون من إظهار الحقيقة وبالتالي كشفهم وإدانتهم و”فعلا كاد المريب ان يقول خذوني“. وأهابوا بالقاضية رندا كفوري رئيسة الغرفة السادسة بالمحكمة التمييزية الجزائية ان تحكم ضميرها أمام هول الجريمة النكراء وأمام “مصيبتنا كعوائل ضحايا وأمام الآم الجرحى والمعوقين كما تدمير العاصمة وترويع أهاليها. وقالوا لها: حضرة القاضية لا تقتلينا مرتين دماء شهدائنا أمانة برقبتك.
لن نترك القضية: بدوره، اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، في بيان ان “لمن المخزي جداً ان يتم تهديد محقق عدلي يعتبر بين أقرانه من أشرف وأنزه القضاة، وفي قضية بحجم انفجار مرفأ بيروت والمآسي التي نتجت عنه، كما انه من المؤسف جدا ألا تتجاوب مع المحقق الكثير من الشخصيات المطلوبة الى التحقيق، ساعة بحجة الحصانات، وساعة أخرى بحجة التوازن الطائفي، والمطلوب من وزير العدل الجديد والحكومة الجديدة بأكملها ان تقف سدا منيعا بوجه كل تهديد او عرقلة للمحقق العدلي. وبكافة الأحوال وبطريقة او بأخرى لن نترك قضية انفجار المرفأ تسقط من دون كشف حقيقتها“.
جدول جديد: معيشيا، وبينما الطوابير امام المحطات على حالها، ارتفعت اسعار المحروقات اليوم. فكما كان متوقعاً، قفزت أسعار المشتقات النفطية إلى مستوى قياسي تخطت فيه سقف الـ200 ألف لصفيحة البنزين.. وزارة الطاقة والمياه – المديرية العامة للنفط أصدرت اليوم الجدول “المنتظَر” لتركيب أسعار المحروقات الجديد، وجاءت الأسعار على النحو الآتي: صفيحة البنزين 98 أوكتان 209300 ليرة لبنانية صفيحة البنزين 95 أوكتان 202400 ليرة لبنانية الديزل أويل 162700 ليرة لبنانية قارورة الغاز 139700 ليرة لبنانية.. وذكرت محطة أم. تي. في أن الشركات ستسلّم البنزين على أساس 14 ألفاً وتمّ إفراغ حمولات السفن، ومن المتوقع حدوث بعض الانفراجات خلال اليومين المقبلين لكن الأزمة لن تُحلّ كلياً. وعزت سبب استمرار محطات المحروقات في الإقفال وعدم تعبئة البنزين “إلى عدم القدرة على استبدال الماكينات التي تُشير إلى 4 أصفار أو أرقام ولا تُشير إلى 5 ممّا أربك الشركات والمحطات”.
البطاقة: في المقابل، وبينما عاود الدولار الارتفاع، لا حلول للازمات بعد. وليس بعيدا، صدر عن المكتب الاعلامي لوزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار بيان يتعلق بإطلاق مشروع البطاقة التمويلية، جاء فيه:
“بعد أن كثرت التساؤلات عن مشروع البطاقة التمويلية وموعد إطلاقها، يهم وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار أن يؤكد بأنه منكب على العمل مع اللجنة الوزارية المؤلفة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزيري المال يوسف الخليل والاقتصاد أمين سلام من أجل إنهاء آلية ومعايير تطبيق القانون الرقم 230 تاريخ 16/7/2021. كما أعلن أنه سيتم إطلاق المشروع من خلال مؤتمر صحافي بعد توقيع الآلية وبعد الحصول على رأي مجلس شورى الدولة”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.