نقلا عن المركزية –
حان الوقت الآن لإدارة الرئيس جو بايدن لتبديل موقفها لحماية المصالح الأميركية في لبنان. هكذا كتب إدوارد غابرييل سفير الولايات المتحدة الأسبق لدى المغرب 1997 – 2001، والذي يرأس حالياً فريق العمل الأميركي الخاص بلبنان. وأضاف: أن الدولة الفاشلة في بلاد الشام وشرق البحر الأبيض المتوسط ليست في مصلحة الولايات المتحدة وحلفائها، والفائز الوحيد في مثل هذه النتيجة سيكون إيران وحلفاءها.
أسأله أن قائمة الدول التي تحتل الأولويات في اهتمامات الرئيس بايدن طويلة ولا نرى لبنان بينها، فكيف تقول ما قلته وما هي المصالح الأميركية في لبنان، وكيف تقنع الإدارة أن لبنان يستحق وهو مهم لأمنها القومي؟ يجيب إدوارد غابرييل: «لأكن صريحاً، خلال حملة بايدن استمع أنتوني بلينكن وزير الخارجية الحالي وجايك سوليفان مسؤول الأمن القومي إلى ما طرحه عليهما فريق العمل الأميركي – اللبناني عن الفرص المتوفرة في لبنان. وتذكرين أن أول مبادرة لهذه الإدارة توجيه رسالة قوية مع الفرنسيين إلى لبنان وأن على الحكومة أن تستقيل لتحل مكانها حكومة إصلاحات تلبي حاجات اللبنانيين، كانت هذه رسالة قوية وهذا ما عنيته في البيان الذي أصدرته، وأنا أتفق مع إدارة الرئيس بايدن التي أكدت الأسبوع الماضي أننا سنكون حاسمين مع الزعامات الحالية، حيث أكدنا لهم أن أصدقاء أميركا وشركاءها لن يكفلوهم، ولن نرمي أموالاً صالحة في أعقاب أموال مسروقة، ومع هذا سنستمر في العمل مع الإدارة ومع الفرنسيين ومع البنك الدولي لدعم برامج مساعدات غذائية، ووقود، وثقافية للفقراء من اللبنانيين، وأؤكد أننا نلاقي آذاناً مُصغية من إدارة بايدن حول هذه النقاط».
أقول له، تعرف كما أعرف أن كل الزعماء في لبنان يتصارعون فيما بينهم غير مهتمين بمن أفقروهم من الناس وسرقوهم، كيف تتعاملون أنتم معهم وكيف يمكن التخلص منهم؟ يشير غابرييل إلى زيارة ديفيد هيل مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق إلى لبنان مؤخراً، حيث وجه رسالة حاسمة مفادها: «عليكم جميعاً بالتنحي ولن نكفلكم. ثم هل تعتقدون أن صندوق النقد الدولي سيساعدكم؟ انسوا ذلك ولا تتوقعوا رفع العقوبات بل توقعوا العكس، ولن ندعمكم. نحن نريد حكومة تعالج مشكلات الناس». ويضيف غابرييل: «تبع تلك الزيارة التحرك الفرنسي بالتنسيق معنا مع أنواع من المقاطعة كمنع بعض المسؤولين اللبنانيين من دخول فرنسا، إذ لا تعتمد فرنسا قانون ماغنيتسكي. هذه هي قوة الرسالة والهدف تخفيف مشكلات الشعب اللبناني».
أقول له، وضعُنا في لبنان غريب؛ لدينا رئيسا حكومة والاثنان «مشلولان»، لدينا رئيس جمهورية ومسؤولون آخرون متمسكون بأولوياتهم المشكوك فيها، وليس بأولويات الشعب، أكرر: كيف تتحدثون معهم؟ يجيب: «منذ أسبوعين نتكلم معهم بلغة التحذير وأنهم وصلوا إلى (الساعة الحادية عشرة)، وقلنا لهم، لن تلقوا أي مساعدة وسنبحث مع المجموعة الدولية فرض ضغوطات وعقوبات ضد الفساد وانتهاك حقوق الإنسان والإرهاب، وسوف نستمر في التدقيق في نشاطات الأفراد لأننا لا نريد أن نؤذي البلاد». لقد قلت، ما زال هناك وقت أمامنا قبل أن يصبح لبنان دولة فاشلة! لكن لنكن صريحين، أن لبنان الآن دولة فاشلة ويعيش حالة غريبة جداً. هناك اللبنانيون اللبنانيون. وهناك «حزب الله» والموالون له يعتبرون أنفسهم لبنانيين بالاسم لكنهم ينتمون لإيران وبرنامجها، كيف يمكن للبنان الاستمرار وهو رهينة لإيران وعملائها؟ «حزب الله» هو الأقوى وميليشيا مسلحة، ولو لم يكن لبنان دولة فاشلة ما كان يحق لهذا الحزب أن يكون في البرلمان أو الحكومة، لكنه موجود، لا بل يدير كل الأمور؟ يأتي جوابه مفصلاً، يقول: «لدى البنك المركزي الآن ما يكفي للدعم شهرين، ما عنيته أن لبنان لم يصل بعد إلى مصاف الدولة الفاشلة هو أن لدى البنك المركزي شهرين قبل أن يمس بالاحتياط الإلزامي. بالنسبة إلى (حزب الله)، فإن أميركا تتواصل الآن مع إيران حول اتفاق جديد، وفريق العمل الأميركي اللبناني مع أصدقاء آخرين يعملون عن كثب مع إدارة بايدن والكونغرس، نشجعهم على التواصل مع إيران ونتفق معهم كي توقف هذا الخطر النووي، لكن بلينكن قال: ستكون المفاوضات أقوى وأطول، وهذا يعني أننا سنتوصل إلى اتفاق يشمل العملاء والإرهاب والسيطرة على منطقة الشرق الأوسط وضمناً دور (حزب الله) وتكنولوجيا الصواريخ». يضيف غابرييل: «أعرف أن هذا تحدٍ كبير للجالية الأميركية – اللبنانية التي تعمل عن كثب مع إدارة بايدن، بأن تتأكد من أن أي اتفاق جديد مع إيران سيساعد لبنان ولا يؤذيه». لكن، أسأل، والفريق الأميركي يفاوض على اتفاق جديد لماذا لا يكون للبنان إشارة مثل: ارفعوا أيديكم عن لبنان؟ يوضح غابرييل: «هذا من ضمن الأهداف. بلينكن وسوليفان قالا لنا إن برنامجهما على مرحلتين؛ الأولى: معالجة المسألة النووية، والثانية: العمل مع الدول الخليجية والدول الأخرى للتأكد لاحقاً من التعاطي مع (حزب الله)، والسيطرة الإيرانية، هذا ما قالاه لنا. ولا تنسي وصف بلينكن: أقوى وأطول وهذا يتضمن (حزب الله) وفترة زمنية أطول تلزم إيران. ويكرر أن الاثنين أكدا أنهما لن يتركا لبنان في هذه العملية، هذا ما قالاه لنا وسنعمل كي يحققا التزامهما».
لكن في اللحظة التي تنتهي فيها الإدارة من المرحلة الأولى سيتم رفع العقوبات، وعندما تتسلم إيران الأموال فإنها لن ترد عليكم؟ يجيب غابرييل: «لم أسمع من إدارة بايدن بأنهم سيرفعون العقوبات إلى حد أن يكون لدى إيران طائل من الأموال لإعادة تمويل (حزب الله). الآن علينا التحرك مع المرحلتين: النووي، وكبح أنشطة (حزب الله)، وأنا أتفق معكِ أنه تحدٍ علينا مواجهته، لكن إدارة بايدن أكدت لنا بأنها ستتعاطى مع الأمر بحيث لا تعيد تقوية (حزب الله). إنما كما نقول هنا: الدليل في الحلوى. أقول: كلنا خائفون من هذا المثل: الدليل في الحلوى The proof is in the pudding أي علينا كي نعرف أن نتذوقه بأنفسنا؟»، يخفف غابرييل من هذا القلق على أمل أن تستمر الضغوطات في هذه المسألة، وقد شجعه رد الفعل الإيجابي لإدارة بايدن، «لكن حتى نرى كيف سيفعلون لكبح نشاط (حزب الله)، تأكدي أننا سنصارع بقوة كي تتحقق المرحلتان».
أشير إلى ما تردد في لبنان مؤخراً من أن «حزب الله» وإيران سيتركان سوريا، والجائزة الكبرى التي سيحصلان عليها ستكون لبنان. يجيب: «سمعت هذا ولا أرى شيئاً أبعد من هذا عن الحقيقة. أن إدارة بايدن لا تتحرك في هذا الاتجاه ولن يحدث هذا أبداً».
أسأله: لا أعرف إذا كنت رأيت ما نشرته «غوغل» مؤخراً من بيانات عن عدد مواطني دول الشرق الأوسط لعام 2021 حيث يظهر اسم لبنان، لكن في البيان عن العدد عام 2050 يختفي اسم لبنان؟ يجيب: «هذه قضية مهمة جداً، لكن دعيني أقول لكِ أمراً مهماً، إن الجيش اللبناني كان أكثر المتلقين من البرنامج التمويلي للولايات المتحدة. العام الماضي دفعت أميركا 750 مليون دولار، نسبياً الأعلى في كل دول العالم». يضيف: «أميركا يهمها لبنان كثيراً، وعليك ملاحظة الأولوية التي تبديها المؤسسة العسكرية الأميركية للبنان والاحترام الذي تكنه للجيش اللبناني، ومع المساعدات الإنسانية التي تقدمها أميركا يمكنك أن تتأكدي أن لبنان بين الأولويات. نحن لا نريد سياسة إيرانية أو سورية أو إسرائيلية أن تؤثر على لبنان. نريد سياسة أميركية – لبنانية».
أسأله: نلاحظ الآن أن «حزب الله» وجماعاته من كل الأطراف يوجهون نيرانهم ضد الجيش اللبناني، هل تعتقد أن الجيش محمي ولن ينقسم؟ يجيب: الجيش اللبناني قوي جداً في تماسكه كمجموعة واحدة وكيان مترابط. صحيح أن أفراده يشعرون بتأثير انخفاض قيمة الليرة، لذلك يعمل فريقنا مع الحكومة الأميركية لإضافة حزمة مالية تكميلية لهم، لنساعدهم على تعويض المصاريف الأخرى حتى يتمكنوا من زيادة رواتب القوات المسلحة، ويهمنا كثيراً أن يشعر الجنود أن عوائلهم غير محتاجة وأن هناك من يهتم بها. وأحب أن أقول إن أميركا موافقة على هذا وستساهم الدول الغربية مثل فرنسا في هذه المسألة.
أسأل: لماذا لا توجه دعوة إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي للقاء بايدن لطرح مشروع حياد لبنان وعقد مؤتمر دولي لإنقاذه؟ يجيب: «إن مجموعتنا التي تمثل كل الأطياف اللبنانية ستشجع إدارة بايدن على اللقاء قريباً مع البطريرك، لأنه يحمل إرادة طيبة والكثير من الأفكار الجيدة للبنان، وهو رجل يمكن الوثوق به وبما يريد أن يحققه للبنان كالحياد، أما بالنسبة إلى المؤتمر الدولي سأعطي وجهة نظري، فالمؤتمر الدولي يكون نتيجة دبلوماسية قاسية وقوية ومثابرة من قبل أصدقاء أميركا، وعندما ينجحون في حمل المنظومة على التنحي عندها يصبح المؤتمر مهماً، تماماً كما حدث مع مؤتمر مدريد الذي أتى بعد عمل دبلوماسي دؤوب شاركت فيه أميركا وأصدقاؤها».
في النهاية، حتى لو اعتقد العالم كله أنه يريد أن يترك لبنان أو تعب منه، لن يكل لبنانيو الانتشار من حمل قضيته. كل من غادر لبنان، حمله معه. إنه الحب الأول حتى للذين سمعوا عنه من أجدادهم.
حاورته هدى الحسيني – “الشرق الأوسط”
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.