نقلا عن النشرة الدولية
المستشار وائل صبيح … يكتب من سلسلة مقالات المرأة والقانون
النشرة الدولية –
يعتبر قانون الأحوال الشخصية من ركائز النظم القانونية المعمول بها في شتى أنحاء العالم، ولهذا السبب فإنه من أوائل التشريعات التي سنتها حكومات العالم إبان تبلور ونشوء الدولة الحديثة، وسعت لتطويرها عبر السنين.
وفي المنطقة العربية، وبالرغم من طروء تغيرات مهولة في أنظمة الحكم وآليات السلطة عبر العقود المنصرمة، فإن قدم قانون الأحوال الشخصية أو المدنية هو مكمن المفارقة وأساس العلة حسب رأي البعض.
ففي مصر على سبيل المثال، وضع أساطين الدستور لبنة قانون الأحوال الشخصية سنة 1926، أي قبل قرن كامل تقريباً، مضيفين بنداً هنا وبنداً هناك بين الحين والآخر، لمواكبة التحولات الاجتماعية ومعالجة ما استجد من قضايا واجهت الأجيال المتعاقبة من المواطنين والقضاة على حد سواء.
ولو افترضنا مجازياً أن قانون الأحوال الشخصية المصري قد هرم ووصل أرذل العمر، فإن نظيريه التونسي والعراقي -المعمول بهما منذ 1956و 1959 على التوالي- مقبلان على أوج الكهولة. ورغم كونهما يشكلان طفرة يحتذى بها آنذاك، فإنهما، كما الحال مع القانون المصري، استوجبا المراجعة الدائمة من قبل هيئات حقوقية ومنظمات المجتمع المدني، المطالبة بإدخال بنود جديدة وإلغاء أخرى قديمة قد تنشز عن ركب الحداثة ومعطيات العصر.
والنشوز في السياق القانوني المطروح يمثل أحد الملفات العديدة التي تستدعي التوقف والتمعن، إذ أن ما يترتب عليه -نفسياً واجتماعياً واقتصادياً- قادر على تغيير وضع المرأة بشكل كبير خلال علاقتها الزوجية وبعد انتهائها. لكنه بلا شك ليس الملف الوحيد، والبنود التي تنطوي عليها فصول الزواج والطلاق والميراث تفوق الحصر في مقال موجز كالذي أمام القارئ.
وبما أن أغلب الدول العربية اعتمدت الشريعة الإسلامية مصدراً لسن قوانين الأحوال الشخصية، عزا البعض أي إجحاف بحق المرأة إلى النص الديني نفسه. وهنا تقول أستاذة الفقه المقارن في جامعة الأزهر، الدكتورة سعاد صالح، إن سوء فهم الأحكام الشرعية -السماوية- هو ما جعل من قانون الأحوال الشخصية -الوضعي- مدعاة للانتقاد الدائم من قبل المرأة، حيث أنه بني على أساس اجتهادات ذكورية تسعى لتأمين مكاسب ومآرب ضيقة وبعيدة عن جوهر الإسلام الذي لم يبق بنداً أو احتمالاً إلا وعالجه بإنصاف للمرأة.
تذهب الكاتبة والناشطة الحقوقية العراقية، عواطف رشيد، باتجاه مشابه إذ تقر بأن قانون الأحوال الشخصية العراقي “إسلامي بحت”، مضيفة أن “تجار الدين” هم سبب اضمحلال الحقوق المكفولة شرعاً والاستعاضة عنها بقراءات مغلوطة واجتهادات مبهمة تهدف لإرضاخ المرأة لسلطة الرجل. وتضيف أن ما أقترح مؤخرا في العراق من أعتماد ما يعرف بالقانون الجعفري سيعمق الطائفية في المجتمع العراقي، وترى أنه يجب العودة لقاون الأحوال الشخصية الذي صدر في العراق في الخمسينات والبناء عليه وتطويره.
وفي تونس، ذات الدستور الأكثر علمانية في العالم العربي، فالطريق لا يزال طويلاً، حسب رأي راضية الجربي، رئيسة اتحاد المرأة التونسية. فرغم المكاسب والأشواط الواسعة التي قطعتها المرأة التونسية، والتي لن تقبل التفريط فيها، كما تؤكد الجربي، ومن بينها منع تعدد الزوجات، وضرورة أن يتم الطلاق عبر القضاء، لم تزل هنالك ملفات عديدة مستعصية، خاصة وأن تونس تعاني من أرتفاع كبير في نسبة الطلاق، وفي نسبة الأمهات الوحيدات اللاتي بحاجة لمساندة من المجتمع.
برأيكم:
هل يحمي قانون الأحوال الشخصية في بلدكم المرأة ويصون حقوقها؟
إن لم يكن كذلك، ما البنود التي تطالبون المشرع القانوني بمراجعتها؟
هل هناك حاجة لتطويرعقود الزواج لتضمن حقوقا أوسع للمرأة؟ هل من المقبول أن يكون الزواج مدنيا؟ هل يتم تقييد حق الرجل في الزواج بأخرى، وبأي صورة؟
هل يجب أن يكون الطلاق أمام شهود؟ وهل يجب منح المطلقة حصة من ثروة زوجها في حال الطلاق؟
ما مدى تقبل المجتمع العربي لأي تعديلات في القانون إن لم تكن مطابقة للنصوص الدينية، كحظر تعدد الزوجات أو المساواة في الميراث مثلاً؟
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.