رسالة من مفقود !
أميّ لقد سدّدتُ حربة في قلبك تلك الليلة
منذ سنة وأنت لا تزالين تتعقّبين رائحة عطري في كلّ الأمكنة
تذهبين إلى اللامكان، تعبثين في كلّ الموجودات، بحثاً عن أثر لي.
خذلك القدر، خذلتك بيروت، وخذلك حُبُّ هذا الوطن
أيا وجعي، حلّقي معي قليلاً في ذاك السراب، حيث اللامكان، حيث اللأشلاء، حيث اللاجسد
حلّقي في سمائي غير المُنتمية إلى هذا الوجود الأرضيّ
حلّقي معي لأدخل أحشاءك مرّة أخرى، وأتحسّس نبض قلبك الحنون
حلّقي معي كي نشعر بذاك التناغم الوالديّ.
نعم خذلتك، ولم يبقَ لي أثراً تبحثين عنه، لتُصلّي على تلك الحفنة من لحم ودم
خذلتك، لأنّك لم تجدِ منذ ذاك اليوم الأسود، قطعة لحم من جسدي، لتُقيمي مراسم الدفن وعرس الأعراس.
أبحث اليوم خجلاً عن عينيك، لأكفكف دموعها الحارقة
أبحث عن ابتسامتك الضائعة في متاهات هذا الكون الوسيع
أبحث عن قلقك الجارف، وعن تلك الهمسات التي اشتقتها
أبحث عن أسئلتك الدائمة، وعن اتصالاتك التي افتقدها
أبحث عن لمسات يديك تلفُّ وجهي وتُدغدغني غُنجاً ودلعاً
أبحث عن توبيخك لي كلّما تأخرّت عن موعد العودة
أبحث عن تلك الذكريات التي محاها الزمن وأوقفها بعد السادسة مساء بثمانِ دقائق
أبحث عن وجودك وعطرك .
والآن،
إسمحِ لي أن أدعوك إلى اختطاف لحظويّ عند قارعة طريق السماء
لنصليّ معاً من هناك، لبيروت ولأهلها وللوطن الجريح
لنطلب من الخالق بلسمة جراح الأمهات
لنتضرّع إلى الرب منحهنّ الصبر والسلوان
عسى أن يُحقّق الله سُبل العدالة ليستكين قلبك وقلوبهنَّ، فتنهض بيروتي
وإلى تلك اللحظة أغمضِ الآن عينيك واحضنيني
فقيدك المفقود
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.