نقلا عن المركزية –
لا كلام يعلو فوق كلام قائد الجيش العماد جوزيف عون. الصامت الاكبر الذي يتمتع برباطة الجأش والصلابة وقدرة الصمود والمقاومة اضطر اليوم الى “بق البحصة” وتسمية الامور بنصف اسمائها علّ اللبيب يفهم، وهو شأن مستبعد بالركون الى ما صدر من مواقف وتوصيات عن اجتماع بعبدا الامني- المالي- الاقتصادي الذي غرد خارج السرب مقاربا “اثنين الغضب الشعبي” بلغة “عصفورية”. رسائل الثوار التي قطّعت اوصال الوطن لم تبلغ اذان اهل المنظومة الذين عوض المعالجة كلفوا الاجهزة الامنية منع قطع الطرق، وبدل ارساء الحلول رموا مسؤولية ارتفاع سعر الدولار على مواقع مشبوهة تنشط في الخارج، ولا عجب فهم يعيشون في قصورهم في البحبوحة والنعيم، واوضاع الداخل بألف خير.
قال قائد الجيش كلاما كبيرا. اشار الى “من يريد التدخل في شؤون المؤسسة، في الترقيات وفي التشكيلات وهذا امر ممنوع يزعج البعض”. “الجيش يتعرض لحملات إعلامية وسياسية تهدف إلى جعله مطواعاً وهذا لن يحدث أبداً”. “العسكريون يعانون ويجوعون مثل الشعب فإلى أين نحن ذاهبون، ماذا تنوون أن تفعلوا، لقد حذرنا أكثر من مرة من خطورة الوضع وإمكان انفجاره”. فماذا يقول القائد بعد وهل من كلام يُقال، وقد باتت مؤسسته وعناصرها في صف الشعب؟
اثنين الغضب: كان اثنين الغضب الذي دعت اليه مجموعات الثورة، ناجحا شكلا ومضمونا، حيث لفّت التحركات الغاضبة البلاد من الشمال الى الجنوب مرورا بالعاصمة والبقاع، رفضا للاوضاع المعيشية القاتلة التي يتخبط فيها الناس، فافترشوا الطرقات وقطعوها بالاطارات المشتعلة والسيارات رافعين الصوت ضد الغلاء والفقر والفساد، مطالبين بتشكيل حكومة انقاذية سريعا.
اجتماع القصر: في مقابل التحرك الذي ذكر بأولى ايام الثورة في 17 تشرين، كانت السلطة تجتمع في قصر بعبدا، مصدرة قرارات لم تلامس جوهر الازمة ولا مسبباتها ولا آلام الناس، بل طالبت الجيش بفتح الطرقات والاجهزة الامنية بملاحقة الصرافين والمتلاعبين بسعر الصرف، فيما اكد الرئيس ميشال عون انه أتى لاحداث التغيير ولن يتراجع. عون ترأس صباحا اجتماعاً اقتصادياً، مالياً، أمنياً وقضائياً في حضور رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنيّة ومدّعي عام التمييز وحاكم مصرف لبنان وعدد من المسؤولين في القطاعين المصرفي والصيرفي.
لن أتراجع: في مستهل الاجتماع أكّد رئيس الجمهوريّة أنّ الأوضاع المستجدّة على الصعيدين المالي والأمني تحتاج الى معالجة سريعة لأننا نشهد ارتفاعاً غير مبرّر في سعر صرف الدولار بالتزامن مع شائعات هدفها ضرب العملة الوطنية وزعزعة الاستقرار. وأضاف: هذا الواقع يفرض اتّخاذ اجراءات سريعة وحاسمة لملاحقة المتلاعبين بلقمة عيش اللبنانيّين من خلال رفع الأسعار على نحو غير مبرّر. أمّا الاجراءات فهي ذات طبيعة ماليّة، قضائيّة وأمنيّة. وحذّر من خطورة ما يجري لما له من انعكاسات على الأمن الاجتماعي وتهديد الأمن الوطني. وطلب من الادارات والجهات المعنيّة قمع المخالفات التي تحصل لا سيما التلاعب بأسعار المواد الغذائيّة واحتكارها وحرمان المواطن منها مشدّداً على عدم جواز استمرار هذا الفلتان الذي يضرّ بمعيشة الناس داعياً الأجهزة الأمنيّة والادارات المختصة الى القيام بواجباتها في هذا المجال كذلك طلب الرئيس من الأجهزة الأمنيّة الكشف عن الخطط الموضوعة للاساءة للبلاد لاسيما بعدما توافرت معلومات عن وجود جهات ومنصات خارجية تعمل على ضرب النقد ومكانة الدولة المالية. وتناول الرئيس الوضع الأمني في البلاد فقال انّه اذا كان من حق المواطنين التعبير عن آرائهم بالتظاهر الّا أنّ اقفال الطرقات هو اعتداء على حق المواطنين بالتنقل والذهاب الى اعمالهم لا سيما بعد أسابيع من الاقفال العام الذي فرضه حال التعبئة العامة لمواجهة وباء كورونا . وقال الرئيس أنّ قطع الطرق مرفوض وعلى الأجهزة الأمنيّة والعسكريّة أن تقوم بواجباتها كاملة وتطبيق القوانين دون تردّد، خصوصاً وأن الأمر بات يتجاوز مجرّد التعبير عن الرأي الى عمل تخريبي منظّم يهدف الى ضرب الاستقرار .ونبّه رئيس الجمهوريّة اللبنانيين الى خطورة الشعارات التي يتم رفعها بقصد المساس بوحدة الوطن واثارة الفتن والنيل من الدولة ورمزها مؤكداً أنّه ماضٍ في برنامجه الاصلاحي مهما بلغت الضغوط وقال : أنا أتيت لأحدث التغيير الذي ينشده اللبنانيون ولن أتراجع .
صرافون وفتح طرق: بعد التداول تقرّر الآتي: – تكليف الاجهزة الامنية ضبط جميع الاشخاص الذين يخالفون احكام قانون النقد والتسليف وقانون تنظيم مهنة الصرافة سواء كانوا من الصرافين المرخصين أوغير المرخصين الذين يمارسون المضاربة. – تكليف، بناءً لإشارة القضاء، الاجهزة الامنية العمل على استكمال اقفال المنصات والمجموعات الالكترونية غير الشرعية المحلية التي تحدد اسعار الدولار الاميركي تجاه الليرة اللبنانية ومتابعة التواصل لهذه الغاية مع الجهات الرسمية الدولية والمنصات العالمية الالكترونية بالاستناد الى القوانين الدولية المرعية الاجراء.- تكليف الوزارات المعنية والاجهزة الامنية العمل على ضبط استعمال العملة الاجنبية إلا لغايات قطاعية تجارية او صناعية او صحية وذلك لتأمين المتطلبات الاساسية للمواطنين.- تكليف وزارة الخارجية والمغتربين تكثيف العمل الديبلوماسي لحث الدول المانحة على مساعدة النازحين السوريين في وطنهم الام.- التأكيد على ضرورة وأهمية إعداد وإقرار مشروع القانون المعروف بالـ capital control.- الطلب الى الاجهزة الامنية والعسكرية عدم السماح بإقفال الطرقات مع الاخذ في الاعتبار المحافظة على سلامة المواطنين والمتظاهرين وعلى الممتلكات العامة والخاصة”.
قائد الجيش: وليس بعيدا، وفي موقف يكاد يكون الاول من نوعه، حذر قائد الجيش العماد جوزف عون من “يشنّون حملات سياسية علينا لتشويه صورتنا” مؤكدا ان” هذا الأمر لن يتحقق وممنوع التدخل بشؤوننا أو بالترقيات أو التشكيلات”. وسأل خلال اجتماع رأسه صباحا لكبار الضباط خصص للبحث في سلسلة التطورات التي تشهدها الاراضي اللبنانية والإجراءات الواجب اعتمادها “البلد كله يعاني بسبب الوضع الاقتصادي وكما أنّ الشعب جاع كذلك العسكريّ يعاني ويجوع فما الذي ينتظره المسؤولون؟ وأضاف “نحن مع حرية التعبير السلمي التي يرعاها الدستور والمواثيق الدولية لكننا لسنا مع التعدي على الأملاك العامة والخاصة ولن نسمح بأي مسّ بالاستقرار والسلم الأهلي”.
وتابع عون: “ليس صحيحاً ما يحكى عن حالات فرار في الجيش بسبب الوضع الاقتصادي و”بدكن جيش يضل واقف على إجريه أو لأ”؟ فكل عام يتم تخفيض موازنة الجيش أكثر الأمر الذي يؤثر سلباً على معنويات العسكريين”.
واردف: لا نقبل أن تمدّ اليد على حقوقنا فنحن دمنا فداء للوطن لكن حقوقنا واجب على الدولة تجاهنا، مضيفا: يشنّون حملات سياسية علينا لتشويه صورتنا وهذا الأمر لن يتحقق وممنوع التدخل بشؤوننا أو بالترقيات أو التشكيلات والجيش متماسك وفرطه يعني نهاية الكيان وتجربة 1975 لن تتكرر.
لا اتصالات: في الغضون، بقيت الاتصالات الحكومية مقطوعة مع وجود الرئيس المكلف سعد الحريري خارج البلاد حيث من المرجّح ان يلتقي في ابو ظبي غدا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بحسب المعلومات.
امل والتأليف: وبينما اشارت بعض المصادر الى ان تحرّك بعض المسيرات الاحتجاجية الدراجة من الضاحية نحو بعبدا ليل السبت، تعتبر رسالة من عين التينة باسمها وبالنيابة عن حزب الله، للفريق الرئاسي بضرورة تسهيل التشكيل، إعتبرت حركة “أمل”، “ان الإستمرار في التعنت والإصرار على تعطيل سكة الحل ببيانات شكلية متبادلة لها هدف واحد هو المزيد من رفع منسوب التوتر السياسي في البلد، ومحاولة إدخال عوامل إضافية على خط الاشتباك السياسي، ما يدفع بالبلد إلى مزيد من الانهيار، الذي تشي التحركات التي عمت المناطق كافة في الأيام القليلة الماضية، انه سائر إلى الانفجار الإجتماعي في ظل التردي الاقتصادي والمالي غير المسبوق الذي وصلت إليه الاوضاع في لبنان، مع تحليق سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، والارتفاع الجنوني للاسعار الذي يتخطى كل قدرة المواطن على تأمين لقمة العيش بأبسط صورها”. وكررت “أمل” في بيان اصدرته إثر اجتماع مكتبها السياسي التأكيد “أن المخرج الوحيد للأزمة في ظل الانسداد السياسي الآخذ في الاشتداد، هو باستعادة زمام الامور من خلال الاستعجال بتأليف الحكومة وتقديم المصلحة الوطنية العليا على ما عداها من المصالح الذاتية الضيقة التي لا يمكن أن تنقذ الوطن، بل تكبله بالشروط التعجيزية، وتطيل معاناة اللبنانيين الذين لم تعد تهمهم كل الشعارات التي يحاول المعطلون التلطي خلفها بحجج واهية وأوهام قوة غير موجودة إلا في اضغاث أحلامهم، بل لم يعد اللبنانيون مهتمين بحصص الطوائف والمذاهب والاطراف في الحكومة العتيدة بقدر مطالبتهم بخطوات إنقاذية تؤمن لهم امانهم الاجتماعي وأمنهم الاقتصادي”.
السعودية..لا عداء مع الشيعة: في مجال آخر، اكد السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، خلال زيارته للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، ان بلاده تؤدي واجباتها تجاه لبنان من دون تمييز بين طوائفهِ و فئاتهِ ، انطلاقًا مما يمليه عليها واجب الأخوة العربية الأصيلة. وأضاف “ما من خصومة ولا عداء مع أبناء الطائفة الشيعية الكريمة”.
“السفير مشغول! في المقابل، توقفت مصادر سياسية معارضة عبر “المركزية” باستهجان عند طريقة التعاطي الدبلوماسي الايراني مع الدولة اللبنانية، بعد الاهانة غير المسبوقة التي وجهتها قناة العالم الايرانية الى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، اذ بعدما استدعى وزير الخارجية شربل وهبه السفير الايراني محمد جلال فيروزنيا لاستيضاحه حقيقة ما ورد عبر القناة الايرانية وتقديم الايضاحات اللازمة، الغي الموعد لأن السفير”مشغول اليوم”، بحسب المعلومات. وفيما تردد ان موعدا اخر سيحدد لاحقا، استبعدت المصادر الامر، مستغربة القفز فوق اهانة من هذا النوع، واعتبار “القصة انحلت” بمجرد زيارة الوزير وهبه الى بكركي. وسألت هل بهذه الخفة يتم التعاطي مع قضية بهذا الحجم، ام ان سياسة الصيف والشتاء تحت سطح واحد سارية كما العادة، بحيث يُستدعى اي سفير اجنبي اذا ما صدر عنه موقف بسيط، في حين يبقى سفيرا ايران وسوريا فوق الاستدعاء او المساءلة مهما بلغ حجم الخطأ والخطيئة؟
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.