اختتمت فعاليات المؤتمر الثامن لمنظمة المرأة الذي انعقد بعنوان “المرأة العربية والتحديات الثقافية” برعاية رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون ورئاسة السيدة كلودين عون رئيسة المجلس الأعلى للمنظمة في دورته التاسعة.
وكانت أعمال اليوم الثالث من المؤتمر قد انطلقت مع الجلسة الرابعة التي عقدت تحت عنوان “المرأة العربية بين المواطنة، السياسات الحكومية والنضالات المدنية، ونشر ثقافة النوع الاجتماعي: مسارات عربية متنوعة ومتقاطعة”.
ترأست الجلسة الدكتورة يسرى كريم محسن، المديرة العامة لدائرة تمكين المرأة العراقية بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، وعضوة المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة العربية عن جمهورية العراق. تحدث في المداخلة الأولى المستشار سناء سيد خليل من مصر عن عدم ترجمة المكتسبات التي حققتها المرأة في المواثيق والاتفاقات الدولية على أرض الواقع بسبب التأثير البالغ للموروثات الاجتماعية السلبية على العقل الجماعي، فضلًا عن تباين الجهود التفسيرية والإجراءات التنفيذية للنصوص الدولية والتشريعات الوطنية، وسعى إلى وضع خطة عمل مستقبلية لسد الفجوة بين النصوص والتطبيق الفعلي لها.
تناوبت على الكلام النائبة الموريتانية فاطمة خطري، لتبرز دور التشريعات والقوانين وكذلك المجتمعات الأهلية والنضالات النسوية في إعطاء المرأة الموريتانية المكانة اللائقة بها وتمكينها من حقوقها السياسية والمدنية كافة سبيلاً إلى تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030 (المساواة بين الجنسين). كما حاولت تحديد أهم العوائق التي تحول دون ذلك.
أما الدكتورة ليلى منير من المغرب، فسعت إلى تفسير إشكالية واقع المرأة في المجتمع المغربي بين المكتسبات التي حققتها والتحديات التي خاضتها من أجل تحقيق التمكين السياسي والاجتماعي والاقتصادي في ظل الإصلاحات السياسية والقانونية التي تبناها المغرب خلال العشريتين الأخيرتين. وتحدثت أستاذة علم الاجتماع من مصر نسرين البغدادي، عن تجربة مصر في اعتماد الدلائل التدريبية كأحد الوسائط لنشر ثقافة النوع الاجتماعي، مستعرضة محاور الدليل التدريبي الذي أعده المجلس القومي للمرأة في مصر تحت عنوان “الدليل التدريبي: إدماج منظور النوع الاجتماعي في جميع القطاعات”.
ترأست الجلسة الخامسة التي عقدت تحت عنوان “مساهمة المرأة في تعزيز صمود المجتمع والأرض” الأستاذة لونا إلياس جميل سعادة، خبيرة في مجال النوع الاجتماعي وعضوة اللجنة الاستشارية الدائمة للشؤون الإدارية والمالية والقانونية لمنظمة المرأة العربية. بدأت الجلسة أعمالها بمداخلة للخبير اقتصادي وعضو المجلس القومي للمرأة في مصر الأستاذ عمرو سليمان، تحدث فيها عن أخطر المشاكل البيئية ودور المرأة الرشيد في التعامل معها، مركزًا على ظاهرة التغييرات المناخية وأخطارها على البشرية وعلى الكوكب وكيفية تمكين المرأة من التصدي لها والتكيف معها لتنخرط في صنع القرارات المرتبطة بالأنشطة المتصلة بالحد من مخاطر الكوارث وتغير المناخ.
تناوبت على الكلام الدكتورة لبنى طربيه من لبنان وتناولت مسألة تأثير نشاطات المرأة وممارساتها في حياتها اليومية كربة منزل على البيئة، مستعرضةً دراسة ميدانية رصدت النشاطات المنزلية لعينة من ثلاثين امرأة ريفية، ينتمين لجيلين من قرية لبنانية واحدة، بهدف تقييم طريقة تفاعلهن مع البيئة عبر استخدامهن وإعادة استخدامهن أو استهلاكهن للموارد المتاحة لهن. وأظهرت الدراسة تمايزًا كبيرًا بين الجيلين من حيث التعامل مع الموارد، إذ نشأ الجيل الأول من كبيرات السن على ثقافة إعادة التدوير والترشيد بالاستهلاك، بينما اتجهت الشابات إلى اعتماد ثقافة الاستهلاك.
وتطرقت الباحثة فهيمة بنت حمد السعيدية من سلطنة عُمان عن أهمية دور المجتمّعات الافتراضية في تشكيل الوعي والسلوك والاتجاهات والقيّم في العديد من القضايا الحياتية، بما فيها نشر الوعي بأهمية صيانة البيئية والحفاظ عليها لا سيما عند المرأة كحلقة وصل مع المجتمّع المحيط. واختتمت المحور الخامس الدكتورة مريم هند بن مهدي من الجزائر، لتعرض الاستراتيجية البيئية التي اعتمدتها الجزائر لمواجهة الاحتباس الحراري، كما نتائج التجارب الأولية التي نفذتها وزارة البيئة بهذا المجال في إطار مشروع تعاون دولي على مستوى منتزه القالة الوطني، وولاية الطارف وفي منطقة جبل إيدوغ ولاية عنابة، لتنمية الموارد البيولوجية المحلية من خلال إنشاء تعاونيات نسائية ريفية لأهمية آثارها البيئية والاجتماعية والاقتصادية.
واختتم المؤتمر أعماله بالإعلان عن مشروع بحثي حول “المرأة والفن والإعلام: من التنميط إلى التغيير”، قدمته أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة ومنسقة المشروع نيفين مسعد. وفي الجلسة الختامية برئاسة الوزيرة كوثر كريكو، قدمت التوصيات الدكتورة مهى كيال، عضو اللجنة العلمية للمؤتمر. وشكرت الدكتورة فاديا كيوان ، المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية المشاركين والباحثين واللجنة العلمية، وتعهدت بإدماج هذه التوصيات قدر المستطاع في برامج المنظمة وأنشطتها.
وفي الختام، توجهت السيدة كلودين عون رئيسة المجلس الأعلى إلى المؤتمر بكلمة، شكرت فيها كل من ساهم في إنجاحه. كما أعربت عن تمنياتها بالتوفيق للدولة التي ستتولى رئاسة المجلس الأعلى اعتبارًا من آذار/مارس 2021.
التوصيات:
توقف المؤتمر عند ثلاث حقائق بديهية:
1-المرأة والرجل ينبثقان من وحدة النفس الإنسانية الأصلية وهما يتمتعان بشكل طبيعي بالخصائص الإنسانية ذاتها.
2-الثقافة هي معطى تاريخي، ديناميكي ومتغيّر بطبيعته.
3-الثقافة هي أداة ناعمة تنساب القيم المجتمعية من خلالها إلى عقولنا بشكل لاشعوري فتؤثر على إدراكنا وفهمنا وتقييمنا للواقع المعاش، وهي تُملي علينا لا شعوريا سلوكيات تعكس تلك القيم. وبالتالي فمن الطبيعي السعي لمنازلة الصور السلبية للمرأة والفتاة في دارها؛ أي عبر إنتاج ونشر صور إيجابية وقيم المساواة بين الجنسين.
وبناءً على ما تقدم جاءت أبرز التوصيات على الشكل الآتي:
1-في مجال الدراسات الميدانية والبحث العلمي:
– تشجيع بلورة تيار بحثي معني بإعادة قراءة النصوص الدينية التي تتصل بصورة المرأة وأدوارها، بقصد فك الاشتباك الحاصل بين النص وبين تفسيره، وتحرير العقل العربي من قراءات هي وليدة السياق التاريخي وأبعد ما نكون عن مقاصد الأصول الدينية الصحيحة.
2- في مجال الإنتاج الثقافي والفني والإعلامي :
-إنشاء مرصد عربي لمتابعة صورة المرأة في الإنتاج الثقافي والفني والإعلامي.
– تشجيع الإنتاج الفني والإعلامي العربي المشترك من أجل نشر قيمة المساواة بين الجنسين ونشر صور إيجابية عن المرأة.
3- في مجال التنمية المستدامة والقضاء على الفقر والتهميش:
– دعوة الحكومات إلى صياغة السياسات العامة وبرامج وخطط التنمية وفق رؤية كلية ومقاربة شاملة، تأخذ في اعتبارها احتياجات وأدوار كلا الجنسين في المجتمع، وتستهدف توفير الفرص والموارد للجميع على أساس من العدالة والمساواة.
4-في مجال المواطنة والسياسات الحكومية والنضالات المدنية:
– ضرورة تمثيل أفضل للمرأة في مواقع صنع القرار في مؤسستنا العربية المختلفة.
-دعوة الحكومات والمجتمع المدني إلى تكثيف العمل في مجال التمكين الحقوقي للمرأة خاصة لجهة حقوق المرأة في الميراث والتحكم في ملكيتها والاستفادة من القروض والخدمات، وحقها في المشاركة والتمثيل السياسي، وحقها في الحماية القانونية من سائر صور العنف في المجالين الخاص والعام.
في مجال مساهمة المرأة في تعزيز صمود المجتمع والأرض:
-دعوة المؤسسات التعليمية العربية إلى إدماج مبادئ التعامل الرشيد مع البيئة وحمايتها في المناهج الدراسية في جميع المراحل.
ومن التوصيات الرئيسية، ضرورة الالتزام بالسعي لإنفاذ القوانين وضمان بلوغ الأهداف المحددة في الخطط والإستراتيجيات والبرامج، من خلال اعتماد آلية التقييم التي تسمح بقياس الإنجازات ورصد المعوقات لمعالجتها.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.