نقلا عن المركزية –
باتت المساكنة السياسية بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر من جهة، والرئيس المكلّف سعد الحريري من جهة ثانية، أمرا مستحيلا. قبيل تكليفه، كان الفريق الرئاسي غير راغب بعودة الحريري الى السراي. وبعد تكليفه، لم يترك وسيلة الا ولجأ اليها لمحاولة تيئيسه ودفعه الى “الاعتذار”. غير انه، ورغم انقضاء أشهر على هذه المواجهة، ورغم الاوضاع المحلية الضاغطة على الصعد كافة، معيشيا واقتصاديا وماليا وصحيا، لا يبدو اي من الطرفين في وارد التراجع او الاستسلام لفكّ أسر الحكومة الانقاذية المطلوبة بإلحاح.
هذه الحقيقة، وفق ما تقول مصادر سيادية لـ”المركزية”، ترسّخت أكثر في ذهن كل مَن يراقب التطورات السياسية، في اعقاب خطاب الحريري امس – الذي لم يحمل اي اشارة الى نيته رد التكليف، ولا تضمّن اي “صيغة” يُمكن ان تكسر الستاتيكو القائم، بل اقتصر على التصويب بقوة على بعبدا وميرنا الشالوحي وتمسّكهما بالثلث المعطل. كما ثبّت ركائزَ هذه الحقيقة المرّة، اكثر، في ارض التشكيل الوعرة، الردُ السريع الذي صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية على ما قاله الحريري، حيث تجاهل كل الوثائق التي اظهرها وتأكيدَه حرصه على حقوق المسيحيين وعلى صلاحيات الرئيس، قافزا فوقها ليقول “مرة جديدة استغل الحريري ذكرى استشهاد والده ليلقي كلمة تناول فيها ملابسات تشكيل الحكومة وضمّنها مغالطات كثيرة واقوالا غير صحيحة لسنا في وارد الرد عليها مفصلا لتعذر اختصار 14 جلسة ببيان”. وتابع “تكفي الاشارة الى ان ما اقر به الحريري في كلمته، كاف للتأكيد بأنه يحاول من خلال تشكيل الحكومة فرض أعراف جديدة خارجة عن الأصول والدستور والميثاق”.
الخلاف اذا عميق وكبير بين الجانبين، والثقة مفقودة تماما. كلّ منهما له روايته الخاصة لما دار خلال فصول التشكيل على مر الاسابيع المنصرمة، وله ايضا تصوّره الخاص لكيفية التأليف ودور كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف فيها. وفي وقت تشير الى ان السجال في هذه القضية، وإقحام حقوق الطوائف وصلاحيات الرؤساء، ليس الا لتحقيق المكاسب الفئوية عبر اثارة الغرائز واستنفار العصبيات، على طريقة “يا غيرة الدين”، تقول المصادر ان هذه اللعبة ما عادت تنطلي على أحد، لا على البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي اعتبر امس ان الحرص على الصلاحيات يجب الا يكون للتعطيل، ولا على الناس الذين وحّدهم الجوع والفقر والمرض والبحث عن تأشيرة سفر لترك البلاد، وهو ما اعلنه الحريري بنفسه امس.
وبما ان هذا الكباش “الشخصي الطابَع” لا يبدو سيفضّ قريبا، بل هو آخذ في الاشتداد، تشير المصادر الى ان اللبنانيين سيدفعون ثمن هذه الحرب. فاذا كان المجتمع الدولي حريصا على هذا الشعب ومتضامنا معه كما لا ينفك يؤكد، عليه التدخل لانقاذه من براثن اهل المنظومة وخلافاتهم الضيقة وكيدياتهم، ربما انطلاقا من المبادرة التي طرحتها بكركي منذ ايام لتدويل الازمة اللبنانية. ثمة حل ثان موجود، وهو في استعادة الثورة الشعبية زخمها وقوّتها، اللهم اذا لم تقمعها السلطة وتخردقها كما حصل في طرابلس. اما الحل الثالث، فهو في قرار يتّخذه حزب الله – الذي حيّده الحريري امس في خطابه – بالضغط على حلفائه في بعبدا والتيار الوطني لتسهيل التشكيل، لكن حتى الساعة، لا يبدو في هذا الصدد ولننتظر ما سيقوله الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله غدا، في هذا الخصوص.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.