نقلا عن المركزية –
كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
لا يُحبّذ البيت الجنبلاطي منذ أيام مؤسّس الحزب “التقدمي الإشتراكي” كمال جنبلاط تدخّل العسكر بالسياسة، لكن الواقعية فرضت عليه التعامل مع كل الوقائع والظروف.
يسير رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط بين النقاط، فهو المتصالح مع “حزب الله” والمتخاصم معه في نفس الوقت، وهو الحليف الطبيعي لآل الحريري وتيار “المستقبل” لكن في الوقت نفسه العلاقة مع الرئيس سعد الحريري ليست على أفضل حال، ولا يرتاح كثيراً لتمدّد “القوات اللبنانية” سواء في الجبل أو من خلال نسج الدكتور سمير جعجع تحالفات مع دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ويبقى رئيس مجلس النواب نبيه بري صديقه الإستراتيجي.
قد تكون التقلّبات في العلاقة مع القوى المذكورة طبيعية مع سياسي مثل جنبلاط، لكن أن تصل العلاقة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى هذه الدرجة من التبريد فإن في الأمر غرابة.
وافق جنبلاط على إنتخاب عون مرغماً، وسار في الحكومات التي شكّلها الحريري خلال العهد وعارض في المواضيع الإستراتيجية مثل التطبيع مع نظام الرئيس بشار الأسد، لكنه كان ينتقد دائماً تقاسم الحصص بين القدماء وحديثي النعمة.
كانت إنتفاضة 17 تشرين مفصلية، فبعد قطوع قبرشمون الذي كان المطلوب منه رأس جنبلاط، إندلعت الإنتفاضة وكان جنبلاط رأس حربة في الدعوة إلى المشاركة الشعبية ودعمها بشتى الطرق، وذلك لإسقاط العهد.
ويرى جنبلاط حالياً أبعد من تمنياته ورغباته، فهو طبعاً يريد إنتهاء عهد ميشال عون بأقل كلفة ممكنة، ويهاب من تمدّد “حزب الله” وسيطرته على مفاصل الدولة ووقوع لبنان تحت الإحتلال الفارسي، ويخاف من عودة النظام السوري عبر حلفائه، لكن في المقابل كانت مواقفه الاخيرة مفاجئة.
يُدرك جنبلاط أن انهيار هيكل الدولة سيصيب الجميع ويضرب الأقلّيات قبل الأكثريات، لذلك يعتبر أن لا مفرّ من بناء الدولة لأن هذا الوضع يقوّي دويلة “حزب الله” المدعومة من إيران ويضرب أسس الدولة اللبنانية.
وأمام الرغبة بالتبريد، فإن جنبلاط قال إنه لا يريد إستقالة عون، معاكساً بذلك كل مطالبات الرئيس الحريري، في رسالة واضحة مفادها أن الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من التصعيد لأن الأولوية للإنقاذ، في حين أن الدعوة إلى إستقالة عون في ظل الموازين الخارجية الموجودة وسيطرة “حزب الله” على الأغلبية البرلمانية، ستنتج رئيساً لمدة ستّ سنوات يكون إستكمالاً لعهد عون.
وكدليل على التسهيل الجنبلاطي خصوصاً في الملف الحكومي، فقد سمّى نجيب ميقاتي في الإستشارات الأخيرة، ويُنقل أن البعض من رجالات العهد حاول إستفزاز زعيم المختارة، وأبلغه بأن هناك حقيبتين للدروز واحدة أساسية وأخرى ثانوية، فالحقيبة الأساسية ستذهب إلى رئيس الحزب “الديموقراطي” النائب طلال إرسلان فيما ستكون الحقيبة الثانوية من حصة “الإشتراكي”، فكان جواب جنبلاط مفاجئاً وهو “إنني أقبل بما يُعرض عليّ ولن أعطّل ولا تهمّني الحقائب”.
مبدئياً وإذا لم تتعقّد الأمور، ستذهب حقيبة التربية إلى جنبلاط، لكنّ العقدة الحكومية ليست عند جنبلاط، بل تتمركز بين عون وميقاتي و”حزب الله”، وبالتالي فإن الحلّ المطلوب ينبع من هناك وإلا سيستمر مسلسل الإنهيار في “جمهورية جهنّم”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.