جمهورية تاسك فورس اللبنانيّة
بقلم روني ألفا
ليبانون ديبايت اليوم
وأخيراً نطقَ زَكرِيّا على لسان النائب الفرنسي ” غويندال رويار ” النائب وعضو لجنة الدفاع الفرنسية، عند انعقاد لجنة الدفاع في الإتحاد الأوروبي. توصية بتشكيل تاسك فورس في بيروت إنسانية لدعم الشعب اللبناني والمؤسسات الأمنية على لسان رجل بارد لا نعرف قرعةَ أبيه. لم تسقط هفواً من فمِ غويندال عبارة ” لبنان لم يعد موجوداً “. نحن والحالة هذه في جهوزية تامة لِلَيلَة الدّخلَة. أي حفيد لويغان أو بيكو أو ديغول أو بيتان سيفتح كتب الإنتداب ويتعلم من أسلافه كيف يحكمنا. دليل إستعمال ” فْرَندلي ” مع تطبيقات عملية. الرجاء ممن توفر فيهم بقايا سيادة تكرار إبتهال أساس: ” منستاهل ” على أن نتنكّب لاحقاً عناءَ نحتِ صخرةِ جلاءٍ جديدة. صخورٌ كثيرةٌ ما زالت متوفرةً في نهر الكلب لذلك. العبارةُ جاهزة: هنا تمّ جلاء آخِر موظّف تاسك فورس من لبنان.
” لبنان لم يعد موجوداً “. غويندال لا يمزح. ليست بِدعابة الإعلانُ عن وفاة وطن من على أهم منبر أوروبي. يعني ذلك أولاً أننا تحوّلنا إلى نُزَلاءٍ في موتيلٍ على شاطئِ المتوسط. نحن نقطنُ في فندق ربع نجمة. سوّاح ولا سكان في مساقطِ رؤوس. بالمعنى الإنتمائي نحن مَوتى. نجدنا أحياءً بالمعنى التنفّسي الرئوي فقط. أصلاً تمّ إعلان وفاتنا منذ ١٧ تشرين ٢٠١٩. يومَها انتظرنا طانيوس شاهين فأتانا ربيع الزين. الأول عثمانيُّ التذكَرَة والثاني تُركيُّ الهَوى. توصيف بلا ضغينَة.
يشكّلُ لبنان متاهةً منهجيةً لعلماء السياسة. احتاروا في تصنيفه. جزءٌ من سوريا الطبيعية وهلال خَصيب. زومبي متصرفيّة. صَحوَة موت في عاميَّةٍ متنيَّة. شَحطَة قلم رصاص بين أصابع بطريرك مَسكوني في روما. دسكرة في سلطنة عثمانية. زاروب مشرقي في تأملات لامارتين. ترويكا ودويكا. وَرَم ميثاقي خبيث. بقايا جيولوجيَّة بين أوغاريت وفينيقيا. عجينةُ طائِف بخميرةِ طوائف. مركزيةٌ متفدرلة. فدراليةٌ متمركزة. باختصار لبنان دولةُ بيتزا بالإستِناد إلى مرماطون إيطالي أي بقايا ” لَفْتْ أوڤُر ” تفادياً لرَمي أطعِمَة متخثرة.
التعبير مهضوم شَكلاً. ” تاسك فورس “. تشعر وكأن شعباً بأكملِه محشور في دبابة ” لوكلير” فرنسية مصفّحة. أول الغيث سيتمثَّل بحلم الخلاص من طبقة سياسية محلية تتناسل كالقَمل في صلعة الرأس. سيأتينا غداً موسيو هوبير أو دكتور كزاڤييه إحتراماً لفرنكوفونيّتنا بالسليقة. سنشهدُ سريعاً توفّر الخبز الفرنسي المقرمِش والجبنة المطبوخة والممروحة. الجبنة المعفّنة بدايةً والمُقَدوَحَة لاحقاً. بلدنا فئران في سوبرماركت أجبان. لاحقاً سنكتشف أننا أعجز من أن ندفع تكاليف إقامة الموسيو والدكتور. سنسنّ قوانين كرمى لعينيهما. نعلّق الدستور ونعلن أحكام عرفية أيضاً. لاحقاً أيضاً سيُخصَّصُ لنا ملعب رشيد كرامي في طرابلس وملعب فؤاد شهاب في جونيه ومدينة كميل شمعون الرياضية لنتجمّع فيها بانتظار حوامات الغازيل التي ستُسقِطُ كراتين مربّعة بالمظلات. نحن نرقص بانتظار وجباتنا وعِظام رشيد كرامة وفؤاد شهاب وكميل شمعون ترقص أيضاً. سنهجم مثل الضباع لِنَنْتُشَ حصَّتَنا من كراتين البَسمتي والحمّص والحليب المجفف والسردين والتونا. هذا بالتحديد ما ستوصلُنا إليه عبارة غويندال رويار ” لبنان لم يعد موجوداً “.
سيريحُ لبنان غير الموجود مقعدَه في الأمم المتحدة. دولةٌ شاغرة المقعد غير مخوّلة للجلوس. تُسَجّى ويُصَلّى عليها فحسب. في الفترة الانتقالية التي ستنقلُنا من الشُّغور الى الوفاة سنأكلُ بعضَنا. بدأنا بالمازة والمقبّلات. قليلاً بعد ونبدأُ بالكدش واللطش. ستدرُجُ وظائف جديدة مِن تفويل السيارات بالبنزين لقاء أَجر إلى توظيفِ قتَلَةٍ مأجورينَ لاغتيالِ صاحبِ صيدلية أو فرن. أكثر ما يتشكَّلُ في الأذهان عن لبنان المقبِل هو مشهدُ جرّافةٍ مزوّدةٍ بكُرةِ حديديةٍ ضخمةٍ تهدمُ مبنى. على تُخومِ العقار غرفةٌ مبرّدَةٌ من البلاستيك الجاهز يجلسُ فيها مهندسون عَجَمٌ يُشرفون على الهدم المنهجي. بعد مدة قصيرة يُسَوّى المبنى بالأرض. كميوناتٌ تنقل الرُّكام بإشراف التاسك فورس. جمهوريةُ تاسك فورس اللبنانية الإسم الجديد التي نسكن فيها خائرين تائهين وطائعين.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.