نقلا عن المركزية –
ما ارشق المسؤولين اللبنانيين في البيانات الانشائية وعبارات الاستنكار الفضفاضة والنهج البلاغي الطنان الرنان، اذ يحتلون المراتب الاولى من دون منازع، وما افشلهم في التطبيق العملي المنتِج الذي لا يستأهلون علامة الصفر عليه، بحسب ما اثبتت التجارب، وما اكثرها في الآونة الاخيرة، وقد توجوها بانفجار المرفأ المشؤوم بعد حقبة الاغتيالات الشهيرة التي لم يكشف النقاب عن اي من مرتكبيها ودم الناشط السياسي لقمان سليم ما زال ماثلا للعيان. وفق السيناريو اللبناني المعهود يتعاطى هؤلاء مع ملف تهريب المخدرات من او عبر لبنان الى دول العالم العربية والغربية، شجب وادانة واستنكار ومواعظ اخلاقية لا يرقى اي منها الى مرتبة الفعل والتحرك الجدي لكشف النقاب عمن يرتكب الموبقات في حق لبنان وشعبه ويسحب انبوب الاوكسيجين الاخير عن البلد المريض المنازع.
وعوض توجيه البوصلة في الاتجاه الصحيح والاضاءة على الجهات المستفيدة من هذا الواقع والتي تسببت به، يطل رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب بعد اجتماع امني عقد في بعبدا عرض لملابسات القضية لـ”يلطش” السعودية المستهدفة بمخدرات الرمان المعبأ وفق المعلومات الاولية في سوريا والمصدّق عليه في لبنان، متحدثا عن”شبكات التهريب بفروعها اللبنانية والسعودية”، فيما يسأل رئيس الجمهورية عن مصير الات سكانر، لضبط التهريب على المعابر “السائبة” التي ينهب عبرها النظام الشقيق خيرات لبنان وما تبقى من مواد مدعومة من مال شعبه القابع على حافة الجوع.
القرار السعودي: بقي القرار السعودي اليوم في واجهة الحدث السياسي المحلي. فقد عقد قرابة الثانية عشرة والنصف، في قصر بعبدا، إجتماع وزاري امني دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لبحث ملابسات القرار القاضي بمنع دخول الفواكه والخضار اللبنانية ومعالجة تداعياته.
عون لافضل العلاقات: وقال رئيس الجمهورية في مستهل الاجتماع ان “التهريب بأنواعه كافة، من مخدرات إلى محروقات وغيرها من المواد يضر بلبنان ويكلفه غاليا، وعملية التهريب الأخيرة إلى المملكة العريبة السعودية تؤكد ذلك”. وأكد أن “لبنان حريص على عدم تعريض سلامة أي دولة، وبخاصة الدول العربية وأبنائها إلى أي خطر”، واستوضح المعنيين عن “أسباب التأخير في شراء آلات السكانر لوضعها على المعابر على الرغم من القرار المتخذ منذ تموز 2020 وصدور مرسوم بذلك”. ودعا إلى “إتمام عملية الشراء في أسرع وقت”، وطلب من “الأجهزة الأمنية التشدد في مكافحة عمليات التهريب ومن يقف وراءها”، مؤكدا “حرص لبنان على المحافظة على أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة وحماية الأمن والاستقرار فيها”.
دياب: من جهته، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، خلال الاجتماع “الدولة اللبنانية واللبنانيون، لا يقبلون بالطبع أي أذى للأشقاء السعوديين. ونحن حريصون على أفضل العلاقات. ونحن بالتأكيد مع المملكة في محاربة شبكات التهريب بفروعها اللبنانية والسعودية وخيوطها الممتدة بالعديد من الدول، ومع ملاحقة المتورطين”. أضاف: “نحن على ثقة أن السعودية وكل دول الخليج يعرفون جيدا أن التوقف عن استيراد الزراعات اللبنانية لا يمنع تهريب المخدرات الذي يعتمد طرقا مختلفة، وأن التعاون بيننا يساعد على ضبط هذه الشبكات”.
مقررات: وبعد الاجتماع، تلا مدير عام رئاسة الجمهورية بيانا جاء فيه: أكد المجتمعون “حرص لبنان على متانة العلاقات الاخوية مع السعودية وإدانة كل ما من شأنه المساس بأمنها الاجتماعي او بسلامة الشعب الشقيق، لاسيما تهريب المواد الممنوعة والمخدّرة، خصوصا ان لبنان يرفض رفضا قاطعا ان تكون مرافقه، طريقاً أو معبراً لمثل هذه الجرائم المشينة”.كما تمّ الطلب، في خلاصة اجتماع بعبدا، “إلى المدعي العام التمييزي غسان عويدات استكمال ومتابعة ما يلزم من تحقيقات لكشف كل ما يتصل بعملية تهريب المواد المخدرة في شحنات الخضار والفاكهة التي دخلت الاراضي اللبنانية والجهات التي تقف وراء تصديرها إلى المملكة العربية السعودية”. كذلك، اتخذ قرار بـ”إنزال، وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الاجراء، اشد العقوبات بالفاعلين والمخطّطين والمنفّذين والمقصّرين، على أن يصار إلى اطلاع المسؤولين السعوديين عن النتائج في اسرع وقت ممكن، إضافة إلى الطلب الى القوى العسكرية والامنية والجمارك والإدارات المعنية التشدد وعدم التهاون إطلاقاً في الاجراءات الآيلة لمنع التهريب على انواعه من الحدود اللبنانية والى اي جهة كانت، لاسيما منها الشحنات المرسلة الى دول الخليج، والتأكد من خلوها من اي بضائع ممنوعة”. وكلّف “وزير الداخلية محمد فهمي التواصل والتنسيق مع السلطات المعنية في المملكة العربية السعودية لمتابعة البحث في الإجراءات الكفيلة بكشف الفاعلين ومنع تكرار مثل هذه الممارسات المدانة”، إضافة إلى تكليف “وزراء المال والاقتصاد والصناعة والزراعة، مراجعة الآليات والإجراءات التي تتبع في عملية التجارة الخارجية واقتراح التعديلات اللازمة على النصوص القانونية المعمول بها حالياً لضمانة حسن وسلامة الصادرات اللبنانية بالتنسيق مع اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة”. وتمنى المجتمعون من “المملكة اعادة النظر في قرار منع دخول المنتجات الزراعية اللبنانية الى السعودية او عبور اراضيها وشدّد المجتمعون على ان لبنان كان وسيبقى الشقيق الحريص على سلامة أشقائه العرب”.
توقيف شخصين: ليس بعيدا، أوقفت شعبة مكافحة المخدرات في الجمارك شخصين من آل سليمان على صلة بشحنة الرمان إلى السعودية والتي احتوت على حبوب الكبتاغون، بحسب ما افادت الـLBCI. وقد تم تكليف مكتب المخدرات في قوى الأمن بالقضية بأشراف مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. وتحدثت المعلومات عن أن نسبة قليلة من الرمان الذي كان في الشحنة تم حشوه في المخدرات وأن كل رمانة تضمنت نحو ٢٠٠٠ حبة باعتبار أن وزن الحبة من هذا النوع من الرمان المستورد يصل إلى نحو ٧٠٠ غرام. من جهتها، ذكرت الـ”ام. تي.في”، ان شحنة الرمان تمت عبر شركة وهمية استوردت البضاعة من سوريا وفي لبنان جرى التلاعب بشهادة المنشأ وأعطيت شهادة منشأ لبنانية بهدف إخفاء مصدرها الحقيقي، موضحة انها وصلت من سوريا وبداخلها الكبتاغون ولم يتم وضع الكبتاغون في الرمان داخل الأراضي اللبنانية.
نتائج لا انشائيات: اوساط سياسية في المعارضة طالبت الحكومة بفتح تحقيق سريع حول شحنة المخدرات التي انطلقت من لبنان الى السعودية وتلك التي توجهت الى اليونان يصل الى نتائج عملية .ودعت الى عدم الاكتفاء بالبيانات الانشائية الاستنكارية والتنديد بل فتح تحقيق سريع وشفاف لكشف الحقيقة وانزال اشد العقوبات بالمرتكبين ومن يقف وراءهم لان ما قاموا به هو جريمة بحق اللبنانيين وسرقة للمال العام يعاقب عليها القانون، على الا يكون مصير التحقيق كسائر التحقيقات التي توضع في الادراج لاخفاء حقيقة من يقف خلفها، ذلك ان التعاطي اليوم ليس مع اللبنانيين على غرار نتائج تحقيقات المرفأ التي وُعد اللبنانيون بصدور نتائجها بعد خمسة ايام فيما ستحل الذكرى السنوية الاولى من دون اعلان اي نتيجة، انما مع دول خارجية لن ترحم اي تقاعس وتنتظر نتائج التحقيقات لاتخاذ المقتضى الذي يرتب انعكاسات بالغة الاهمية على المستوى اللبناني.
الراعي عند عون: هذه القضية والعرقلة التي تطبع عملية تأليف الحكومة حضرت اليوم في صلب نقاشات رئيس الجمهورية والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي زاره في قصر بعبدا. فقد أكد الراعي، ان “لا يوجد مبرر اساسي لعدم تشكيل حكومة في ظل الواقع الراهن”، مشددا على ضرورة “عدم التراشق بالمسؤوليات لان ذلك لن يشكل حكومة بل يزيد من حدة المشكلات”. ولفت الى ان “الحكومة هي العمود الفقري للدولة، ولا يجوز غيابها في هذه الأيام، فأكثر من نصف الشعب اللبناني أصبح فقيرا”، مشددا على أن “لبنان لا يمكن أن يكون معبرا للتهريب الذي يفقد وجهه الحضاري”. وقال ان موضوع التهريب الذي يشوه وجه لبنان كان من المواضيع التي طرحت خلال اللقاء، لا سيما وأن لبنان اصبح معبرا للمخدرات ولتهريب حبوب الكبتاغون الى الخليج عبر السعودية التي اقفلت الباب بوجهنا”. وقال: نحن لا يمكننا تحمل الخسارة، فأجهزة الدولة مسؤولة، ولكن اين هي اجهزة الرقابة؟ لا يمكن ان يشكل لبنان مركزا للتهريب وتبقى حدوده الشرقية والشمالية مفتوحة دخولا وخروجا لذلك. فلا يمكن للبنان ان يكون معبرا، كما رأينا بالامس الى السعودية وبعدها الى اليونان. واشار الراعي الى ان ” تم البحث بموضوع “القضاء واستقلاليته، وضرورة عدم حصول اي فراغ في هذا السلك، واجراء تشكيلات قضائية”. وقال “شددنا على كرامة القضاء وكرامة القاضي ونزاهته وحريته، مع عدم إنتماء هذا القاضي الى اي فئة من الفئات، وضرورة عدم التدخل بشؤون القضاة، فيستطيع عند ذلك القاضي العمل بحسب ضميره والعدالة”.
باسيل والعقوبات: وبينما لا جديد يذكر حكوميا، زار وزير الخارجية المجري النائب جبران باسيل في مقر التيار واعلن انه تحدث معه عن العقوبات التي يجري الحديث عنها في الاتحاد الأوروبي، وقال “اتفقنا أن ليس من مصلحة الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على أفراد منتخبين، ولن نقبل بفرض عقوبات على اكبر حزب سياسي مسيحي في لبنان، من الظلم العقوبات التي تركز على هكذا احزاب”. بدوره، قال باسيل “يمكن لأوروبا ان تساعدنا باتخاذ اجراءات ضد اشخاص او كيانات اساءت استعمال المال العام في لبنان متسلحة باتفافية الامم المتحدة لمكافحة الفساد وغيرها ويمكن حجز الاموال المهربة وملاحقة القائمين بعمليات فساد وتبييض اموال”. واضاف “الحكومة مطلوبة وضرورية وعاجلة لاجراء الاصلاحات وليس لمنعها والعقوبات مرغوبة اذا قامت على اسس قانونية واصلاحية ثابتة لا على اسس سياسية غير مبررة”.
توصية لجنة المال: ماليا، عقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة النائب ابراهيم كنعان وكان على جدول اعمالها استرداد الاموال المحولة للخارج بعد ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩ وصندوق تعويضات للمزارعين ومشروعين للاستثمار والانماء. وقال كنعان بعد الجلسة: اصدرنا توصية بالطلب من الحكومة فتح تحقيق فوري بعملية تهريب المخدرات وتحديد المسؤولية والمقصرين في الجمارك والامن وغيرها في ما يتعلق بالتهريب للسعودية. وأكّد أن اللجنة طلبت من الحكومة سد النواقص في ما يتعلق بضبط التهريب. وأعلن اقرار الاتفاقية المتعلقة بالبنك الاوروبي لاعادة الاعمار والتنمية معتبراً أنها مهمة في ضوء التعثر ما يعطي نفسا للاقتصاد اللبناني. وأردف: نعمل على اقرار صيغة مقبولة قانونيا ودستوريا لاستعادة الاموال المحولة للخارج وسيستكمل الاسبوع المقبل البحث بصيغة تطبق.
القوات تطعن: على صعيد آخر، قدم أعضاء تكتل “الجمهورية القوية” جورج عقيص، وادي أبي اللمع وبيار بو عاصي، في المجلس الدستوري في الحدت، مراجعة طعن بالقانون الرقم 215 عن منح مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة عبر الاقتطاع من الاحتياط الالزامي لسنة 2021 تاريخ 8-4-2021 المنشور في الجريدة الرسمية تاريخ 15-4-2021. وعقد النواب بعدها مؤتمرا صحافيا في مجلس النواب، ذكّر فيه عقيص ان التكتل كان عارض اقراره وصوّت ضده في جلسة الهيئة العامة للمجلس التي عرض خلالها هذا القانون على التصويت، وما تقديمنا اليوم الطعن بدستورية القانون 215/2021 الا للتأكيد على اننا لن نكتفي بالتصاريح والمواقف، كما ولثقتنا ان تمويل السلفة لن يحصل الا من خلال الاعتداء على أموال المودعين التي تمثل الاحتياطي الالزامي لدى مصرف لبنان
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.