نقلا عن موقع بانكينغ فايلز
كتب الدكتور ايلي الخوري
من غير الواضح ما إذا كان لبنان يستطيع التجنب من أن يصبح دولة فاشلة. فبعد انفجار مرفأ بيروت استقالت الحكومة، وكلف الرئيس الحريري تشكيل حكومة جديدة مهمتها الرئيسية إقامة إصلاحات جذرية تطال كافة قطاعات الدولة بما في ذلك الكهرباء والفساد. وبتحقيقها لهذا الشرط سوف يبدأ لبنان بتلقي المساعدات الخارجية التي تشتد الحاجة إليها يوما بعد يوم نتيجة تردي الاوضاع على كافة الاصعدة.
وبنتيجة التناحر السياسي لم يعد المواطن اللبناني يثق بهذا النظام السياسي والاقتصاي خاصة وانه بدل الاسراع بتشكيل هذه الحكومة للبدء ببناء اقتصاد منتج غير ريعي ومحاربة الفساد المستشري والبنى التحتية المهترئة وتزايد الفقر فقد مضى اشهر عدة ولم تبصر النور مما عزز اعتقاد اللبنانيين بان الوضع سيبقى على حاله والقديم على قدمه وكما يقول المثل اللبناني الشعبي ” بدل من حنا حنين وبدل من حسن حسين” .
بناء عليه هل ينبغي اعتبار لبنان دولة فاشلة؟
لا يوجد تعريف وحيد لمصطلح “الدولة الفاشلة” لذا فان المفهوم العام للدولة الفاشلة هي حكومة أصبحت غير قادرة على توفير الخدمات والمسؤوليات الأساسية التي هي في صلب مهامها مثل الدفاع العسكري، وإنفاذ القانون، والعدالة، والتعليم، والاستقرار الاقتصادي. ان الخصائص المشتركة للدول الفاشلة تشمل العنف المدني المستمر، والفساد، والجريمة، والفقر، والأمية، والبنية التحتية المتداعية لدرجة فقدانها مصداقية وثقة الشعب وهذا ما ينطبق على الدولة اللبنانية بدرجة ممتاز دون اي تحليل واجتهاد.
بحسب البروفيسور تشارلز ت. كول في معهد السلام العالمي فإن مفهوم الدولة الفاشلة يطلق عليه تسمية “إطار الفجوة ,Platform Gap”. يحدد الإطار ثلاث ثغرات لم تعد الدولة قادرة على توفيرها لمواطنيها. هذه الثغرات هي اولا القدرات, اي عندما لا تستطيع الدولة أن تقدم الخدمات الأساسية إلى مواطنيها؛ ثانيا الأمن، اي عدم القدرة على حماية سكانها من الغزو المسلح؛ ثالثا الشرعية، اي رفض النخب السياسية القواعد التي تنظم السلطة والاسس التي ترتكز عليها مفاهيم تراكم الثروة وتوزيعها.
اذا اردنا تقييم درجة فشل الدولة، وجب علينا اعتماد تطبيق “القياسات الكمية والنوعية Quantitative and Qualitative measurements” على حد سواء.
عند إجراء القياسات الكمية، يجب الاعتماد على “مؤشر هشاشة الدولة, Fragility State Index, FSI” الذي تنشره مجلة فورين بوليسي. ان تقييم نقاط ضعف كل دولة ومستوى تطورها يرتكز على أربعة مؤشرات رئيسية:
المؤشر الاجتماعي الذي يتضمن الامن الغذائي والتغيرات الديموغرافية بما فيها حركة النزوح الداخلي والخارجي اضافة الى التقديمات الاجتماعية الخ.
المؤشر الاقتصادي المبني على الاداء الاقتصادي العام بما فيه المساواة في الدخل للفرد وبرامج التحفيز والتنمية واهمية تفادي هجرة الادمغة.
المؤشر السياسي الذي يعكس حسن تمثيل المواطنين في مواقع القرار ومدى مرونة الدولة وانفتاحها وتطبيقها للقوانين.
مؤشر الترابط بين ادارات الدولة مع بعضها والانصهار بين المجتمعات المتنوعة و قدرة الدولة على بسط سلطتها على كامل اراضيها.
إن القياسات النوعية التي وضعها الباحث الألماني أولريش شنيكنر، والتي تسمى “نموذج المرحلة, Stage Model” ترتكز على ثلاثة عناصر أساسية. اولا احتكار السيطرة والسلطة ومن ثم الشرعية واخرها سيادة القانون. واستناداً إلى هذه العناصر الأساسية، يتم تقييم الدول على أنها اما موحدة، او ضعيفة، واما فاشلة ومنهارة. بناء عليه يمكن القول ان في الدول المستقرة، تعمل جميع العناصر الأساسية بشكل سليم. وفي الدول الفاشلة، لا تعمل أي من تلك العناصر الأساسية الثلاث بشكل صحيح.
في الخلاصة
صحيح أن لبنان لا يتمتع بالسيادة الكاملة كما يحلو لبعض رجال الساسة واحزاب السلطة على وصفه واظهاره على انه ساحة للصراعات الاقليمية والدولية، لكن هذه المشاكل ليست السبب المباشر للانهيار الكامل الذي يتخبط فيه البلد بل ان ما يحدث في لبنان هو دوامة موت النظام السياسي الذي يتحكم بالبلاد والعباد والذي بدء يتهاوى اكان من خلال العقوبات ام الملاحقات الدولية كما والتدقيق الجنائي حيث سوف يتم تعقب الفاسدين والمفسدين وناهبي المال العام والخاص.
اذا عدنا الى كل المؤشرات اعلاه نجد ان الدولة من خلال السلطات المتعاقبة قد اخفقت على كافة المستويات وجنحت بالبلاد الى قعر الهاوية ولن يختلف اثنان على تأكيد المؤكد اننا اصبحنا دولة فاشلة سياسيا واقتصاديا تبحث عن خشبة خلاص اقليمية او دولية ولا تجد من يلاقيها بسبب تعنت سياسييها ولا أحد على الأقل من كل اللبنانيين أنفسهم يعرف ما سيأتي بعد ذلك، والسلام.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.