نقلا عن المركزية –
إزاء الانسداد القاتل في الافق السياسي المحلي، والذي يفاقم الاوضاع اللبنانية الصعبة اقتصاديا ومعيشيا وصحيا، ويزيد وطأتها وقساوتها، ترفض بكركي الوقوف في موقع المتفرّج. فحجم الأزمة التي باتت تتهدد مصير الوطن والكيان الذي كان للصرح الدور الاساس في قيامه منذ 100 عام، يتطلب مواكبة من الصنف “النوعي”، من قِبل الصرح، تماما كتلك التي يضطلع بها الاخير، منذ أشهر.
في هذه الخانة، تصبّ مطالبة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي امس بـ”حضانة دولية” للبنان. فقد طالب في عظته، بـ”طرح قضية لبنان في مؤتمر دوليّ خاص برعاية الأمم المتّحدة يثبّت لبنان في أطره الدستوريّة الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان ونظام الحياد وتوفير ضمانات دائمة للوجود اللبناني تمنع التعدّي عليه، والمَسّ بشرعيّته، وتضع حدّاً لتعدّدية السلاح، وتعالج حالة غياب سلطة دستوريّة واضحة تحسم النزاعات، وتسدّ الثغرات الدستوريّة والإجرائيّة، تأميناً لاستقرار النظام، وتلافياً لتعطيل آلة الحكم أشهراً عند كلّ استحقاق لانتخاب رئيس للجمهوريّة ولتشكيل حكومة”. وأعلن أنّنا “نطرح هذه الأمور لحرصنا على كلّ لبنانيّ وعلى كلّ لبنان، نطرحها للحفاظ على الشراكة الوطنيّة والعيش المشترك المسيحيّ – الإسلاميّ في ظلّ نظام ديمقراطيّ مدنيّ. لقد شبعنا حروباً وفتناً واحتكاماً إلى السلاح”.
هذا الاقتراح الذي يأتي في سياق الحركة غير المنقطعة التي ينشط فيها الصرح منذ اسابيع، لكسر المراوحة الداخلية، التي تراوحت بين حمله لواء “تحييد لبنان” وحياده الناشط، من جهة، ودعوته رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري الى التلاقي للاتفاق حكوميا، من جهة ثانية، يُعتبر، وفق ما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”، متقدّما، لا بل أكثر. الدوافع التي حدت بالراعي الى طرحه، واضحة: فشل كل الوساطات والمساعي المحلية والدولية والتي عمل هو شخصيا، على جزء منها.
اما خلفيات الطرح وجذورُه وأبعاده، فلا تزال ضبابية. والسؤال الذي يفرض نفسه، هو التالي: هل انطلقت فكرة “تدويل” الازمة اللبنانية من الصرح ومن المفترض ان يواكبها الخارج؟ على غرار لقاء قرنة شهوان الذي زرعه البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير في الارض اللبنانية، حيث نما وتجذّر وكبر بانضمام اطراف سنية ودرزية اليه، وفرض نفسه على المجتمع الدولي، فكان نواة الاستقلال الثاني… اما ان العكس هو الصحيح، بحيث انطلقت الفكرة، من دوائر القرار الغربية، من الفاتيكان الى باريس، وانضم اليها الراعي، الذي سيتحرّك في المرحلة المقبلة، لخلق دينامية محلية، تتابعها؟
الايام المقبلة ستساهم في بلورة الاجابات ومعالم الصورة. لكن في حال كان الاحتمال الاول مرجحا، فالخشية حقيقية من ان يموت الطرح في مهده، اذا لم تتأمّن الحاضنة المحلية التي يحتاج ليشتدّ عوده، تماما كما حصل مع فكرة الحياد.. لكن وفي عود على بدء، ترجح المصادر الا يهدأ الراعي او يستسلم اذا استمر التخبط، ويجب انتظار خطوته التالية، خاصة وانه يطرح الافكار والمخارج بالتدرج تصاعديا. فما الذي يمكن ان يقدّمه بعد فكرة “تدويل” الازمة؟ هل سيذهب نحو اقتراح أعلى سقفا وأبعد، نحو الفصل السابع مثلا، أو نحو المطالبة باستقالة اي مسؤول غير مسؤول يساهم بتشبّثه بمواقفه، بتعقيد الواقع اللبناني اكثر، ودفعه الى الانهيار الشامل؟
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.