سلاح الأمل – بقلم لين قصب
السلام الداخلي هو أن يجتمع كل من السلام الجسدي والروحي والنفسي، أي العافية، لتشكل معًا التوازن والتكامل. فالسلام الداخلي مبني على القناعة وعماده اليقين وقبول ما لا نستطيع تغييره، أما ثمرته فهي تحقيق السعادة والفرح بعيداً عن الطمع والأنانية بمنطق سليم وانسجام كامل. نلاحظ أن السلام الداخلي يتبلور برؤية ما وراء الكواليس وتحدي الصعاب ووضع حدّ للوسواس ثم المضي بقوة إلى مستقبل أجمل. كما أنه يبعث على الطمأنينة وبالتالي يُشعرنا بسعادة لا توصف وفرح لا محدود حتى نزرعه في قلوب البشر.
وبالحديث عن السلام النفسي، لا بد من التطرق إلى الخدمة الإنسانية كونها إحدى أهم العوامل
التي تحقق السلام والدعم الاجتماعي المستدام. كما إنها الجسر الذي يربط البشر ببعضهم وتعكس أخلاق المبادرين وأهدافهم السامية. فلا شك أن الخدمة الإنسانية هي من الصفات الإيمانية، ولهذا السبب سميت بخدمة الإنسان.
يناشد الإنسان قائلاً: “أنا سائح يطلب الحقيقة وإنسان يبحث عن مدلول الإنسانية بين الناس كذلك مواطن ينشد لوطنه الكرامة والحرية والاستقرار، والحياة الطيبة وفي ظل الإسلام الحنيف”. فالخدمة الإنسانية تنافس جميع أنواع الخدمات الأخرى كونها توفر المساعدة لعموم الناس بدون أي مقابل، بهدف نشر الفرح والسعادة والاكتفاء. والخدمة الإنسانية ترتبط بكلمة إنسان وهي ما تميز الإنسان عن المخلوقات جميعها. ويرى “أوجست كونت” أن الإنسانية هي مجموع الصفات التي تكون كائناً اجتماعياً يتطور مع مرور الزمن. فعندما يقوم الإنسان بعمل إنساني فهو يقوم بعمل يعود بالخير على البشر. فالخدمة الإنسانية تشبه الفلسفة الإنسانية التي تتبلور مع مرور الزمن وتقوم على أسس دينية وسماوية. فالأديان تدعو إلى خدمة الإنسان بهدف تأمين الراحة النفسية والسلام الداخلي وكل ما هو بحاجة له.
وفي الواقع لا يمكن فصل الدين عن المجتمع، ففي مختلف الأديان السماوية، خدمة الإنسان أولوية ومن المقدسات التي يجب الحفاظ عليها، فتقديم الخدمات على مختلف أنواعها هو تطبيق للتعاليم السماوية. نقرأ في القرآن الكريم: “يا أيها الذين آمنوا… اتقوا الله، إن الله خبير بما تعلمون” صدق الله العظيم. ونقرأ في كلام النبي شعيا عن المسيح، “يقضي للفقراء بالعدل ويحكم لبائسي الحق”. بناءً على ذلك، فإن الأديان السماوية على اختلافها تحث على العمل الإنساني لتعزيز التضامن الإنساني والتنوع الديني.
الإنسانية هي العطاء، فإن وهبك الله سبحانه وتعالى الإنسانية كاملة، فستعطي كل ما تملك لمن لا يملك. ومن أجمل الأمثلة على ذلك، “أوبرا وينفري” والتي تعدُّ من أكثر المشاهير شعبية حول العالم، حيث قدمت مئات المنح للمنظمات التي تدعم تعليم وتمكين النساء والأطفال والأسر حول العالم، كما قدمت تمويلات مالية كبيرة للعديد من الشابات. وكل ذلك بهدف إحداث تغيير إيجابي ودائم. نذكر أيضاً من المشاهير “جيم كاري”، الممثل المشهور الذي برز اسمه في الخدمة الإنسانية من خلال مؤسسته “Better you Foundation” التي أسسها في عام 2005 والتي تهتم بالأمن الغذائي العالمي. ومن هنا يؤدي المشاهير دوراً مهماً في تسليط الضوء على العديد من المشكلات الإنسانية ويسعون جاهدين إلى إيجاد حلول لها. منهم أيضاً “أنجيلينا جولي” التي قدمت العديد من الخدمات الإنسانية في البلدان النامية، وذلك بهدف إنقاذ الضحايا وإطعام الجائعين، وكان تركيزها على تقديم الدعم إلى الـ “NGOs” أي المنظمات غير الحكومية، والتي تقدم المساعدات إلى من هم بحاجة لها، والتي كان لها تأثيرًا هاماً في إقناع العديد من الدول بتقديم الدعم للمحتاجين. ومن الشائع أنها منظمات غير ربحية وتتميز بشكل عام بأن الغرض من وجودها هو غرض إنساني بحت للحفاظ على
كرامة المواطنين، ومن الأمثلة على هذه المنظمات “UNDP”، و”فرح العطاء” و”كفى”.
فلنقدس الإنسانية طالما نعيش وسط البشر لأنها أساس المجتمع وأساس السعادة والطمأنينة، كل إنسان يقوم بعمل محب يصبح عظيماً تماماً بالقدر الذي يعمل فيه من أجل أخيه الإنسان. يرى “أرسطو” أن
السعادة ترتبط بتحقيق الخير حيث تتحدد باللذة، والخدمات الإنسانية هي الفصيلة التي تقود الفرد إلى السعادة. هذا كله ما يجعل الفرد يتأمل ويتفاءل. وأكد “أرسطو” أن السعادة الحقيقية تتحول إلى العشق وإلى السعادة الفكرية والروحية التي تشعر الإنسان براحة نفسية عظيمة. هل لدينا الوعي الاجتماعي الكافي في مجتمعنا لكي نستطيع الوصول إلى السلام الدائم والمستدام في الحياة؟ وهل السلام عنصر كافٍ أم يحتاج إلى إمكانيات اقتصادية ووعي اجتماعي؟
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.