نقلا عن المركزية-
سايرناه (أي الرئيس المكلف سعد الحريري) في بداية التكليف معتقدين أنه يخشى إقدام الرئيس دونالد ترامب على خطوة قد تستهدفه هو أو تعرضه للعقوبات. ثم اكتشفنا أن المشكلة ليست هنا، بل في تسمية الوزراء المسيحيين (…)”. إنها مقتطفات من الكلام الذي نسبته وسائل إعلام إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في معرض تفصيله أسس خلافه الكبير مع الرئيس المكلف، والذي يعد واحدا من أهم المطبات التي تعطل عملية التشكيل حتى اللحظة. وبينما لا يشك أحد في أن هذا التصعيد الكلامي من جانب الرئيس عون، معطوفا على الكلام عن “أننا لن نتحدث من الآن وصاعدا إلا بحكومة من 20 وزيرا”، يدل بوضوح إلى أن مخاض الولادة الحكومية لا يزال عسيرا، فإن قراءة متأنية للرسائل المشفرة التي بعث بها عون إلى الحريري، تؤكد المؤكد: ملف التأليف غير مرتبط بالعوائق الداخلية المعتادة، بل أيضا بجملة استحقاقات اقليمية ودولية، من غير المفترض أن تعطل الحياة السياسية المحلية إلى هذا الحد.
وتلفت مصادر سياسية مطلعة عبر “المركزية” إلى أن عودة الرئيس عون إلى بداية مرحلة التكليف قبل أكثر من ثلاثة شهور تعتبر محاولة لاتهام الحريري بأنه يربط تأليف الحكومة بالمقاربة الأميركية الجديدة للملف النووي الايراني وتفرعاته المحلية، مع العلم أن هذه حال الثنائي الشيعي، على ما تنبه إليه أوساط المعارضة. بدليل أن العجلات الحكومية كانت قد توقفت عن الدوران غداة فرض عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس، في رسالة أميركية قوية إلى حزب الله، وحليفه الوثيق (في الشكل على الأقل) نبيه بري، قبل أن يحين دور رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ليوضع على لائحة العقوبات الأميركية في محاولة لقطع الطريق على طموحاته الرئاسية المستقبلية، في سهم موجه مباشرة إلى بعبدا.
وفي هذا الإطار، تشير المصادر إلى أن شيئا لم يغير هذا الموقف التصعيدي من جانب الثنائي الشيعي وحلفائه، حيث أن مسار التأليف لم يسجل أي تقدم حتى بعد انطلاق ولاية الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، مشددة على أن الرهان على أي تغير أميركي تجاه ايران في القريب العاجل، للإفراج عن الحكومة المنتظرة يبدو في غير مكانه، حتى إن البعض يذهب إلى اعتباره خاسرا سلفا. وتدعو المصادر في هذا الاطار إلى التنبه إلى التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي الجديد أنطوني بلينكن الذي أعلن قبل أيام أن “بلاده لا تزال بعيدة” عن التوصل إلى اتفاق مع طهران في شأن برنامجها النووي، بينما يكثف المسؤولون الايرانيون، وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الدعوات إلى رفع العقوبات عن ايران، من غير رد ملموس، حتى اللحظة من الادارة الأميركية المفترض أن تكون “أكثر سلاسة في التعامل مع الملف الايراني”.
كل هذه المواقف والمعطيات تدل، بحسب المصادر، إلى أن المفاوضات الايرانية الأميركية لن تقلب الموازين في لبنان، على المدى المنظور على الأقل، ما يعزز فرضية أن المبادرة الفرنسية قد تكون المنفذ الوحيد لاخراج البلاد من ظلمة الأزمات إلى أنوار الحلول، بغض النظر عن التباين الأميركي- الفرنسي الواضح في شأن حزب الله، وهو ما قد يكون دفع مسؤولا فرنسيا رفيعا قبل أيام إلى دعوة واشنطن إلى “اعتماد مقاربة أكثر واقعية” لهذه القضية، بحسب ما نقلت عنه وكالة رويترز.
وتختم المصادر معتبرة هذا التصريح محاولة فرنسية جديدة لإحياء مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون، وتوفير الغطاء الأميركي اللازم لنجاحها، بينما يمعن أهل الداخل في تصفية الحسابات الضيقة، على حساب الناس الغاضبين في شوارع طرابلس وسواها من المناطق.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.