نقلا عن المركزية –
لم يكن ينقص لبنان وشعبه الذي بات قاب قوسين او ادنى من الانفجار، وقد بدأت طلائعه من طرابلس مع موجة احتجاجات واسعة وقطع طرق ودعوات للتصعيد، سوى اعادة فتح مسلك السجالات الحامية بين بعبدا وبيت الوسط ليكتمل مشهد “الجنون” في البلد. فعلى قاعدة “اجا تيكحلا عميا”، فجر بيان اعلام القصر الجمهوري موجة غضب “مستقبلي” انبرت قيادات وشخصيات التيار الازرق الى الرد عليه بقسوة عكست مدى الاحتقان السائد بين المقامين الرئاسيين.
ففي وقت كانت الاوساط السياسية ترصد وإن بقليل امل، لقاء يمكن ان يجمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالرئيس المكلف سعد الحريري، بدفع من الوساطة التي تعمل بكركي على خطها، يبدو كل شيء توقف اليوم اثر اشتعال الجبهة مجددا.
لا دعوة رئاسية: المواجهة الجديدة، بدأت مع بيان صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية جاء فيه “تكاثرت في الآونة الاخيرة تحليلات ومقالات تتناول موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في ما خص موضوع تشكيل الحكومة وذلك بقصد التشويه والايحاء بأن الرئيس عون هو الذي يضع العراقيل في مسيرة التشكيل في وجه الرئيس المكلف. ودحضا لكل هذه الاقاويل يؤكد المكتب الآتي “اولا، رئيس الجمهورية لم يطلب الحصول على الثلث المعطل في التشكيلة الحكومية العتيدة. ثانيا: تكثر الادعاءات بأن رئيس “تكتل لبنان القوي” النائب جبران باسيل يعرقل تشكيل الحكومة، فيما الواقع يؤكد ان النائب باسيل لم يتعاط في عملية التشكيل مطلقا، وللتكتل مواقفه السياسية التي يعبر عنها. ثالثا: يدعي البعض أن “حزب الله” يضغط على رئيس الجمهورية في مسألة تشكيل الحكومة، وهذا امر غير صحيح في المطلق لأن الحزب لا يتدخل في أي قرار لرئيس الجمهورية، بما في ذلك تأليف الحكومة، وللحزب مواقفه السياسية التي يعبر عنها. رابعا: اما في ما يتعلق باختيار الوزراء وتسميتهم وتوزيعهم على الحقائب الوزارية، فإن هذا الامر ليس حقا حصريا لرئيس الحكومة استناداَ الى البند الرابع من المادة 53 والبند الثاني من المادة 64 من الدستور، ما يدل الى ان للرئيس عون حقا دستوريا بأن يوافق على التشكيلة الحكومية كاملة قبل التوقيع. خامسا: ليس لرئيس الجمهورية ان يكرر دعوة رئيس الحكومة المكلف الى الصعود الى بعبدا، ذلك ان قصر بعبدا لا يزال بانتظار ان يأتيه رئيس الحكومة المكلف بطرح حكومي يراعي معايير التمثيل العادل عملا بأحكام الدستور، في حين ان الظروف ضاغطة جدا على أكثر من صعيد لتأليف الحكومة.
قواعد المبادرة: في المقابل، كانت مصادر مقربة من بيت الوسط تشير الى “ان الحريري تعامل منذ اللحظة الاولى لتسريب الفيديو (الفيديو الذي يصف فيه الرئيس عون الحريري بالكاذب) وما تضمنه من عبارات لا تليق بمستوى التخاطب بين الرؤساء بما يستحق. ولاحظت المصادر ان الجهة التي تبرعت بالخبر عن رسالة نقلها الحريري الى عون حول تجاوزه الفيديو وانتظاره دعوة منه، تقصدت نقل رسالة مفادها ان “عون لن يبادر الى الاتصال بالحريري ودعوته الى لقاء معه في القصر الجمهوري اذا لم يلمس تغييراً في مواقفه المتصلبة والذهاب الى تشكيل حكومة وفق معايير سبق ان اثارها معه” ، الامر الذي يؤكد اصرار قصر بعبدا على تبني معايير جبران باسيل في تشكيل الحكومة على رغم النفي المتواصل لذلك. وأردفت “اما رسالة الرئيس الحريري الى من يعنيهم الأمر فهي واضحة لم تتبدل. حكومة بمعيار الدستور والمصلحة الوطنية والقواعد التي حددتها المبادرة الفرنسية … وخلاف ذلك دوران في حلبات الإنكار “.
نفي باسم باسيل: في الموازاة، تحركت ماكينة المستقبل ضد بيان القصر. فقد غرد المستشار الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري حسين الوجه عبر تويتر سائلا: هل نحن امام توضيح من رئاسة الجمهورية ام امام نفي باسم الوزير جبران باسيل ؟ واضاف “إن احداً لا يناقش في صلاحيات رئيس الجمهورية في اصدار مرسوم تشكيل الحكومة بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء” وفقاً للمادة ٥٣ من الدستور، وعلى توقيع مرسوم التشكيل بعد ان يجري رئيس مجلس الوزراء “الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة” وفقاً للمادة ٦٤ من الدستور . مع خطين تحت لتشكيل الحكومة”. ورأى ان “اذا كانت الظروف ضاغطة جداً لتأليف الحكومة ، فالأجدى بمن يعنيهم الأمر السير بطرح رئيس الحكومة المكلف الموجود لدى الرئاسة الاولى الذي يراعي التمثيل العادل وفقاً للدستور، وليس وفقاً للحصص السياسية والحزبية”.
شريط العار: اما نائب رئيس المستقبل مصطفى علوش فقال ” بالنسبة لـ”شريط العار” الذي ظهر فيه رئيس الجمهورية فليس الحريري من يحتاج للاعتذار بل موقع الرئاسة هو من اهان نفسه بالكلام الفارغ”. من جانبها، غردت عضو كتلة المستقبل النائبة رولا الطبش عبر حسابها على “تويتر” كاتبة “يا ليته يهب ويغرد دفاعا عن حقوق ابناء الجمهورية التي يحمل مسؤولية رئاستها، مثلما يهب للدفاع والتبرير والتبخير والتبجيل بالصهر.الارجح أن أدوات التغريد، username & password ، بيد الصهر، ومنذ اليوم الاول، كما هي الرئاسة، ومنذ اليوم الاول أيضا”.
وعلى الخط نفسه دخل، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مؤكدا في حديث اذاعي أن “الصهر الكريم يريد الثلث المعطل لكي إذا حدث شيء لعمّه، والأعمار بيد الله، أن تكون السلطة بيده في الحكومة التي بحسب الدستور هي التي تحكم بإنتظار إنتخاب رئيس جمهورية جديد، وهذا هو الأمر بكل وضوح”. وأردف أن “هناك غرفا سوداء، هناك سليم جريصاتي والمدام عون، هم الذين يحكمون ويتحكمون بالقضاء، وهناك غرف عسكرية “غريبة عجيبة”، وسأل: “لماذا فجأةً يظهر هذا الهجوم على العماد جوزف عون؟ لماذا اليوم وأين أخطأ قائد الجيش؟” ولفت إلى أن “هناك حزبا قويا جداً، ومن خلفه دولة قوية جداً إسمها الجمهورية الإسلامية، فهل الجمهورية الإسلامية تعترف بلبنان الكبير أم أننا نحن فقط مقاطعة من المقاطعات من الجمهورية الإسلامية بين لبنان وسوريا والعراق؟ هذا السؤال”.
حزب الله على الخط: وليس بعيدا، قالت اوساط قريبة من الضاحية لـ”المركزية” ان حزب الله يبذل جهدا كبيرا من اجل تخفيف التشنج السياسي السائد في الداخل ويحاول ايجاد نوع من التوازن بين بعبدا وبيت الوسط لعدم ترجيح كفة طرف على آخر، آملا بالنجاح في تقريب وجهات النظر بما يسمح باعادة دفع ملف التشكيل قدماً. وفيما افادت مصادر مطلعة ان حزب الله في طور تقييم المواقف الاولية الصادرة عن الرئيس الاميركي جو بايدن والفريق المقرب منه والشخصيات المنوي ان تنضم الى الادارة الجديدة، اكتفت الاوساط بالقول لا تعليق على الموضوع حاليا.
الراعي مصرّ؟: وكان المطران بولس صياح أكد أن “مبادرة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي متواصلة والعقدة الأساسية أنهم لا يلتقون لأن لدى كل واحد منهم سببه الخاص ومطالبه الخاصة، والبطريرك يحاول ان يجمعهم والصعوبات من كل الجهات، ولكنه مستمر بمسعاه ومعروف انه لا يتراجع بسهولة”. وأضاف في حديث اذاعي: البطريرك يكرّر “لازم الفرقاء يلتقوا لأنه اذا لم يلتقوا لا حل لأي مشكلة”. ورداً على سؤال حول سعي قداسة البابا لتحرك أممي من أجل لبنان قال الصياح: قداسة البابا يكثف الاتصالات مع فرنسا وأميركا من أجل المحافظة على قيمة لبنان حتى لا تموت. وعن زيارة له إلى لبنان تترافق مع زيارة العراق أجاب صياح: قداسة البابا قال للبطريرك الراعي في لقائهما الاخير في الفاتيكان “لبنان يستأهل زيارة لوحده”.
فقر في لبنان: على اي حال، تدور الجولة الجديدة من الكباش فيما دق البنك الدولي مجددا جرس الانذار حول الاوضاع في بيروت. فقد لفت مدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه إلى أن “جزءا كبيرا من الشعب اللبناني وصل الى تحت خط الفقر ونحن لا نزال ملتزمين بالنقاشات مع القيادات السياسية في لبنان في هذا الاطار لإيجاد الحلول والرد على التقارير هو الحل الوحيد”. واردف “البنك الدولي يشعر بقلق كبير وبمسؤولية كبيرة في المساعدة في تشكيل الحكومة لكن الامور تزداد سوءاً يوماً بعد يوم”. وقال “البنك الدولي لطالما رفع المشاكل المختلفة التي يعاني منها لبنان وفي السنوات الاخيرة كل الجهات علقت على هذه المخاوف والتقارير. و في التقرير الذي نشر في كانون الاول الماضي تحدثنا عن المصاعب الاقتصادية تحديداً وكيف يمكن تخطيها ولم يتم الرد من ناحية السياسات على هذه التقارير الاقتصادية”.
تفاوت في الالتزام: من جهة ثانية، لا يزال لبنان محجورا وسط تفاوت في نسبة التقيد بالاقفال التام بين منطقة واخرى، فيما واصلت القوى الامنية تطبيق مقررات التعبئة العامة، فسيرت دوريات وأقامت حواجز متنقلة وفضت تجمعات وسطرت محاضر ضبط في حق المخالفين.
سلفة للمتضررين: على صعيد آخر، وقع رئيس الجمهورية مرسوم سلفة بـ٥٠ مليار ليرة لاستكمال دفع تعويضات للمتضررين من انفجار مرفأ بيروت وطلب الى قائد الجيش العماد جوزيف عون الاسراع في توزيعها على المستفيدين وفق الالية التي وضعتها قيادة الجيش ومحافظة بيروت.
اسقاط مسيّرة: في المقلب الامني اعلن الجيش الإسرائيلي عن إسقاط طائرة مسيرة أطلقت باتجاه إسرائيل انطلاقا من الأراضي اللبنانية بعد ظهر اليوم.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.