زكي عجّاوي – الأردن
لو تخيّلنا أن الكلام المرتجل هو لعبة كمبيوتر. تحتوي هذه اللّعبة على 4 مستويات من الصّعوبة ، والتي نحتاج إلى المرور بها واحدةً تلو الأخرى. بعد الإنتهاء من أول 3 مستويات ستصبح متحدثًا مرتجلًا جيدًا بجداره، ولكن فقط بعد اجتياز المستوى الرابع و النهائي سوف تصبح واحدًا من أفضل المتحدثين المرتجلين في العالم.
هل أنت مستعد للّعب؟ هيا نبدأ.
المستوى 1: تحدث لمدة دقيقتي
في هذا المستوى ، تحتاج إلى التّغلب على تبلّد الدّماغ عندما يبدو عقلك فارغًا. كن واثقًا من أنه يمكنك التحدث بسهولة لمدة دقيقتين حول أي موضوع بدون تحضير. المستوى الأول بسيط ولكنه الأكثر أهميّه. في هذا المستوى، هدفك هو التّحدث عن أي شيء لمدة دقيقتين فقط. لا تقلق بشأن ما إذا كان ما تقول له معنى. لا تقلق بشأن الهيكل أو الأداء. الهدف الوحيد هو ملء دقيقتين بالكلام.هل سبق لك أن رأيت المتحدثين الذين يتعثرون ويُحرجون أثناء الإجابة عن سؤال مرتجل؟ لم يمر هؤلاء المتحدثون حتى الآن بالمستوى الأول. مهما كانت خبرتك ، إذا كنت تعمل على صقل مستواك الأول ، إنس نوعية خطابك واملأ الوقت بالكلمات. بمجرد أن تشعر بالراحة في المستوى الأول ، لن تخاف أبدًا من التحدث فجأه لأنك ستعلم أنه بغض النظر عن السؤال المطروح عليك فإنّك ستجد الكلمات للإجابة عليه بطريقةٍ أو بأخرى. ستضمن المستويات الأخرى أن تكون إجابتك مذهله، ولكن عليك أولاً التخلص من الخوف من عدم العثور على الكلمات عندما تحتاجها.يمكنك فقط أن تأكل فيلا قطعة قطعة. ينطبق المبدأ ذاته على الخطابات المرتجلة. قبل أن تتقن المستوى السابق، لا تحاول الانتقال إلى المستوى التالي و تخلط بينه وبين العديد من التّقنيات في وقت واحد. بإمكامك الانتقال إلى المستوى الثاني عندما تشعر بالتّمكن من المستوى الأول فقط.
المستوى 2: أضف البُنية و المعنى
بإمكان لمستمعين تذكّر المعلومات ومتابعة أفكارك فقط إذا كنت تتحدث بطريقة منظّمة. من منظور احترافي، يجب أن يكون لخطابك مقدمة، متن وخاتمة. في هذا المستوى يجب أن تكون قادرًا على استخدام أُطُر العمل بسهولة لتنظيم إجابتك. بالإضافة إلى ذلك، خطابك يجب أن يدعم وجهة نظر معيّنة ويجب أن يكون ما تتحدث عنه واضحاَ للجمهور. أثناء العمل على هذا المستوى، لا تلتفت إلى لغة الجسد، التّنوّع الصوتي أو التواصل البصري. سيكون لديك فرصة للعمل على كل هذه العناصر في المستوى 3.
المستوى 3: الأداء
معظم تقنيات الإلقاء المستخدمة في الخطب الطّويلة قابلة للتطبيق على الخطب المرتجله. في المستوى 3، يجب أن تعمل على الإيماءات، الوقفات، التّواصل البصري ،التّنوع الصّوتي وتقنيات الأداء الأخرى. الهدف من هذا المستوى هو تطويرالقدرة على إلقاء خطاب مرتجل بقوة وشغف وجاذبية. بعد الانتهاء من العمل على المستوى 3 ، ستكون جميع إجاباتك المرتجلة مُتلقّاة جيداً من قبل الجمهور.
المستوى 4: الحبكه
إذا كنت تشعر بالراحة مع المستويات الثلاثة الأولى ، فأنت متطوّر كمتحدث مرتجل. تهانينا! مع ذلك ، لتصل إلى المرحله الّتي تجعل خطاباتك لا تُنسى، تحتاج إلى إتقان المستوى 4. هناك العديد من المتحدثين المرتجلين الجيدين ، لكن القليل منهم رائعون. إذا شاركت في مسابقة التحدث المرتجل، فإن كل المتسابقين متحدثين جيدين، ولكن المستوى 4 هو ما يميّز الفائز عن البقية.
إذا لاحظت أن إجابتك المرتجلة تم تذّكرها لسنوات بعد أن ألقيتها، فإنّ إجابتك كانت من المستوى 4.إذا كانت إجابتك مُتوقّعه وليس لها منظور فريد حول السؤال المطروح، فإنّها ستبدو مملّه وسرعان ما يُنسى خطابك. جمهورك لا يستطيع التّركيز على أي محتوىً رتيب. تجنّب إعطاء إجابات يمكن التنبؤ بها وأعط خطابك حبكهً غير متوقعه.على سبيل المثال ، لنفترض أنّ سؤالك كان: “أين تريد أن تقضي إجازتك القادمه ولماذا؟ ” أولاً ، فكر في أكثر الإجابات توقّعاً و الّتي سيقّدمها أغلب الخطباء، مثل “أريد أن أذهب إلى اليونان وأقضي بعض الوقت في الشاطئ لأنني متعب للغاية من العمل وأحتاج إلى الاسترخاء”، ” أريد أن أذهب للتّزلج في تركيا مع عائلتي. إنّي أستمتع بالتّزلج وقضاء الوقت مع العائلة يعتبر أفضل عطلة بالنّسبة لي” أو”سأسافر في أنحاء أوروبا لأنّني أستمتع بمشاهدة معالم المدن المختلفه والتّعرف على أشخاص جدد “.إجابات كهذه قد تكون جيّده في محادثة شخصية، لكن لا يمكنك الإجابة بهذا الشّكل إن كنت تريد أن يكون خطابك المرتجل من المستوى 4. جمهورك غير مهتم حقاً بإجازتك ولكنّه معني بالقيمة التي يمكن أن تضيفها إجابتك له. القيمة المُضافه تكمن في تجربة حياتك الفريدة، فكاهه مميّزه أو وجهة نظر غير اعتياديّه.ما أن تقرّر احتمالات أكثر الإجابات توقّعاَ، خذ خطابك في اتجاهٍ مختلفٍ تمامًا.مثلاً، “أرغب في قضاء إجازتي بالكامل في المكتب …” “أودّ الذّهاب إلى السّجن لمدة أسبوعين … “” في حياتي كل يوم كأنّه إجازة لأن … ” “أود أن أطير إلى القمرلمدة أسبوع …” أو “أود أن أكون غير مرئياً أثناء إجازتي حتى … ” بدايات كهذه للإجابه غير إعتياديّه وستثير اهتمام جمهورك لسماع المزيد.
صحيح أن عددًا قليلاً جدًا من المتحدثين في المستوى 4، ولكن ليس من الصعب على الإطلاق الوصول إلى هذا المستوى. عندما تتحدث أمام الجمهور ، فإنّك لم تعد في محادثه خاصّه و هدفك ليس أن تقول ما تعتقده بل أن تضيف قيمةً لهم.كن مبدعًا، وتجنّب الإجابات التي يمكن التنبؤ بها وستعلق خطاباتك في أذهان النّاس لسنوات. سيتطلّع الناس إلى كل واحد من خطاباتك المرتجلة. لماذا ا؟ لأنهم سيفكرون: “هذا المتحدث رائع. أنا بشوق لسماع ما سيقول هذه المرّة “. عندما تتخذ موقفًا مختلفًا عن البقية ، سوف يلاحظك الناس.
نصائح إضافية
اجعل فهم السؤال أولويه لديك
لا تجب على سؤال لا تفهمه. من الأفضل أن تسأل مرة ثانية أو حتى ثالثة بدلاً من التّخمين وإعطاء إجابة سيئة.إذا كنت تتحدث بشكل مرتجل أمام جمهور كبير ، بمجرد أن تسمع السؤال، أعد صياغته وكرّره. من خلال القيام بذلك ، تؤكد للجميع سماعك للسؤال بوضوح وتقرّ بأنك فهمته.
أَشِد بأهمّية السّؤال
إذا أعطيت إجابات مرتجلة خلال جلسة أسئلة وأجوبة ، فقل “هذا سؤال جيد جدًا ” من حين لآخر إذا كنت تعتقد ذلك حقًا.في نهاية إجابتك يمكنك أيضًا أن تسأل “هل هذا يجيب على سؤالك؟” للتأكد من إجابتك على السؤال بشكلٍ كافٍ. هذه العبارات تقوّي صلتك مع جمهورك لأنها تُظهر لهم أنك لا تستمع فقط إليهم ، ولكنّك تُنصت إليهم أيضًا وتهتم بحصولهم على إجابات وافيه.
حدّد وقتاَ لنفسك
تأكد من أن تكون إجاباتك مختصرة ولا تتجاوز 3 دقائق في المتوسط. إذا طالت إجاباتك، سيتوانى الجمهورعن طرح المزيد من الأسئلة ليتجنّبوا إطالة العرض التقديمي بشكل كبير، خصوصاً إذا كانوا يسعون إلى المغادره في الوقت المحدد.كلما طالت مدّة تحدثك، زاد احتمال أن تفقد انتباه الجمهور. بعد دقيقتين، يصبح الحفاظ على حماس جمهورك و اهتمامه للإجابه أكثر صعوبة. بغض النظر عن مقدار ما تعرفه عن الموضوع المطروح، تجنب الإدلاء بأجابات مرتجله تزيد مدتها عن 5 دقائق. اقترح مناقشة الموضوع بمزيد من التفصيل إما أثناء الاستراحة أو في المرّة القادمة. قد تكون الإجابات الطويلة مزعجة و مملّة للجمهور. يفترض بالإجابات المرتجلة أن تكون قصيرة.
أضف الطّابع الشّخصي على خطابك
عندما تعطي إجابةً مرتجلة، تجربتك الشّخصية ومنظورك الخاص يحملان قيمةً أكبر من الحقائق، الإحصائيات أو أي معلومات متوفرة على الإنترنت.يريد أعضاء جمهورك معرفة تجربتك، الحقائق غير المعروفة عنك و وجهة نظرك الفريدة. أنت ، كمتحدث ، مهتم بإضافة قيمة للمستمعين وجعل حياتهم أفضل من خلال إجابتك.اجعل خطابك شخصيًا قدر الإمكان للتواصل مع الجمهور و جعله عالمي المستوى. صل إجابتك بالجمهور، استخدم أمثلة من حياتك الشخصية وتحدث عن القضايا الّتي تهم الأشخاص الذين يستمعون إليك. الإجابات العامه و الجافّة لا تحقق شيئاَ سوى إصابة الجمهور بالملل. الإجابات الشّخصيه ترسخ في الذّاكره لسنوات وفي بعض الأحيان يكون لها القدرة على تغيير حياة الأشخاص.
تصوّر خطابك المرتجل
تم إجراء دراسة حول العدّائين الأولمبيين و التّصور. تم تقسيم العدائين إلى مجموعتين، تدرّب أعضاء المجموعه الأولى لعدة ساعات في اليوم و قسّم أعضاء المجموعه الثّانيه نفس الوقت ما بين التّدريب و التّصور بأنّهم يركضون.
كانت النتائج مذهلة. أظهر المتسابقون اّلذين تدرّبوا بدون تصوّر تحسّناً طفيفاً في أوقاتهم ، أمّا الّذين مارسوا التّصور إلى جانب تدريبهم أظهروا تحسّناَ كبيرًا عن المرات السابقة.لم يتخيل مايكل جوردان المباريات فحسب ، بل الفوز فيها أيضًا. هذا ما يسّر له الفوز بمباراةٍ تلو الأخرى خلال مسيرته الإستثنائيه. ممارسات التّصور تعمل أيضًا بشكل مذهل في الخطابات المرتجله.قبل أن تعتلي خشبة المسرح، تخيّل نفسك تقدم خطاباَ مرتجلًا رائعًا. تخيّل بوضوح ابتسامات وتصفيق الجمهور. استشعر روعة الشّعور بالنّجاح. أفكارك سترسل إشارةً إلى اللاوعي و الّذي سيحوّل المشهد المُتخيّل إلى حقيقةٍ واقعة.من الصعب وصف كيفية عمل قانون التّصور الإيجابي من وجهة نظر علمية، لكنّها تعمل لصالح أعظم الرياضيين ، هي تعمل لصالح أعظم الخطباء الإرتجاليين، وستعمل بالتأكيد من أجلك.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.