
نقلا عن المركزية –
حظيت زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن باهتمام عربي ودولي واسع، إذ عادت سوريا من خلالها إلى الخارطة العالمية بعد قطيعة مع محيطها العربي والدول الغربية دامت أكثر من أربعة عشر عامًا. وتُعدُّ هذه الزيارة الأولى لرئيس سوري إلى العاصمة الأميركية منذ الاستقلال.
تحمل الزيارة أبعادًا متعددة، تبدأ من السعي إلى رفع العقوبات الاقتصادية التي أنهكت المجتمع السوري وشلّت اقتصاده لأكثر من خمسة عشر عامًا، مرورًا بانضمام سوريا إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وصولًا إلى الحصول على دعم أميركي كامل في مختلف المجالات لتمكين الإدارة السورية الحالية من تجاوز المرحلة الحرجة التي تمرُّ بها، وإعادة بناء ما دمرته الحرب من بنى تحتية ومرافق حيوية، تمهيدًا لاستعادة سوريا عافيتها الاقتصادية وترسيخ استقرارها الداخلي.
لم يكن قرار إخراج سوريا من عزلتها الدولية وفتح قنوات الحوار والتفاوض مع دول القرار، وفي مقدمتها الولايات المتحدة، قراراً سهلاً على الرئيس الشرع وفريقه الوزاري. إلا أن الرغبة في الوصول إلى حلول وسطية دفعت القيادة السورية إلى تقديم الضمانات المطلوبة وإثبات جديتها تجاه المجتمع الدولي من خلال التزامها بالإصلاح، وبسط الأمن، وفرض سلطة الدولة على كامل أراضيها. وقد تزامن ذلك مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعمه الكامل لسوريا، تمهيداً لبدء مرحلة إعادة الإعمار وجذب الاستثمارات الأجنبية، وإحياء الاقتصاد الوطني بما يضمن حياة كريمة للشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة.
في المقابل، ما زال المشهد اللبناني يعيش حالة من التخبط الداخلي بين الأجندات السياسية المختلفة، وتأخر تنفيذ القرارات التي كان يفترض أن تعزز الثقة بالدولة ومؤسساتها. فرغم الانسجام النسبي بين رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، يبقى موقف الثنائي الشيعي العقبة الأساسية أمام تنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة، وهو شرط أساسي لفتح أبواب المساعدات الدولية وإعادة إعمار لبنان وخروجه من أزماته المتراكمة.
ويبقى السؤال مطروحاً: هل سيتغلب العقل والمنطق على الخطابات الشعبوية، ويتوحد اللبنانيون تحت راية الدولة لبدء مسيرة التعافي، أم سيبقى لبنان رهينة الفوضى وأصحاب المصالح الضيقة؟
يقول الفيلسوف البريطاني توماس هوبس، والذي يُعتبر من مؤسِّسي الفلسفة السياسية المعاصرة، «حين يغيب سيف الدولة، لا يبقى للعدالة صوت».
فهل يخضع الجميع لعدالة الدولة وسيادتها، أم يُكتب على لبنان أن يظلّ أسيرَ صراعاته ومطامع الآخرين!
نادين سلام- “اللواء”
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.





