حجم الدين العام في لبنان من أعلى معدلات المديونية عربيد: لا يجوز رفع الدعم والحل بتأليف حكومة قادرة وموثوق بها
نقلا عن الوكالة الوطنية –
يعاني الاقتصاد اللبناني مديونية عالية تسببت بأزمة، زادت الاحتجاجات وجائحة كورونا من حدتها. ووصل حجم الدين العام إلى أكثر من 150 بالمئة من الناتج المحلي الآجمالي، ليكون بذلك من أعلى معدلات المديوينة في العالم.
ترتبط الأزمة الاقتصادية في لبنان بشكل مباشر بطبيعة النظام السياسي المعقد، ومنهجية إدارة الملف التنموي بالدولة، والخلافات في الخيارات الكبرى بين الفرقاء.
على عكس معظم الدول العربية المحيطة به قبل سنة 1975، كان لبنان يعتمد نمط الاقتصاد الحر، والمبادرة الخاصة، وتشجيع الاستثمار، وجلب رأس المال الأجنبي، والنمط الاستهلاكي، فازدهر القطاع المصرفي والمالي عبر قانون النقد والتسليف وسرية الودائع، وكذلك قطاع السياحة والخدمات عموما بفعل تدفق الودائع من المحيط العربي المتوتر.
وبفعل هشاشة هذا النمط الاقتصادي، لعبت الأزمات السياسية المتتالية والحروب والانقسامات الداخلية والإقليمية، وحال الشلل السياسي أحيانا دورا في انهيار الاقتصاد، وكذلك غياب آليات وسياسات اقتصادية ومالية مناسبة وخطط تنموية فعالة. ومن أهم عوامل القصور في الاقتصاد اللبناني والتي كانت سببا في الأزمة:
– اعتماد لبنان على الاقتراض الخارجي لتمويل إعادة الإعمار.
– بناء الاقتصاد بالدرجة الأولى على قطاع الخدمات (83% من الناتج الإجمالي) والسياحة وتدفق الرساميل الخارجية.
– تراجع في القطاعات المنتجة كالزراعة والصناعة.
– فوارق كبيرة في توزيع الثروة مناطقيا واجتماعيا.
– تحول لبنان إلى دولة استهلاكية نموذجية تمولها البنوك.
– عدم إصلاح الإدارة بشكل بنيوي، إذ بقيت خاضعة للمحاصصة والمحسوبية، مما كرس الفساد.
– تراكم الدَّين الداخلي والخارجي تدريجيا مع خدمة دين بفوائد مرتفعة.
– استهلاك قطاع الكهرباء – مثلا – نحو نصف الدَّين الخارجي، وفق تقديرات البنك الدولي.
– زيادة العجز في المدفوعات بشكل سنوي.
– قطاع بنكي متضخم يدفع فوائد خيالية على الودائع.
أما الأسباب المباشرة التي عجلت بتفاقم الأزمة الراهنة، فيمكن حصرها في النقاط التالية:
– تراجع احتياطات البنك المركزي.
– انخفاض الودائع العربية والأجنبية.
– تقلص تحويلات المغتربين.
– عدم إيفاء المانحين الدوليين التزاماتهم وربطها بالإصلاحات.
– تأثيرات قانون قيصر المفروض على سوريا.
– تأثيرات أزمة كورونا منذ بداية عام 2020.
عربيد
للاطلاع اكثر على الازمة الاقتصادية كان لنا هذا الحديث مع رئيس المجلس الاقتصادي شارل عربيد الذي رأى أن “التراجع في الاقتصاد في لبنان معظمه تراجع في الاستهلاك الذي يشكل حوالى 70 في المئة من حركة الناتج عندنا، وقد تراجعت حركة الاستهلاك منذ بدء العام الحالي حسب مؤشرات عدة الى نسبة تصل الى حد الـ 75 بالمئة”، واعتبر أن “الوضع التجاري كارثي، ونحن نذهب من حال الركود الى حال الكساد، وهذا يشكل خطرا كبيرا على استمرارية الكثير من المؤسسات وديمومتها”.
وأشار الى ان “البنك الدولي رأى ان الناتج في لبنان سيتراجع الى نسبة قد تصل الى 40 في المئة، أي أن حجم اقتصادنا سيتراجع الى ما كان عليه منذ حوالى العشرين عاما، وهذا يشكل خطرا مباشرا على استمرارية العمل وعلى اليد العاملة اللبنانية”، وسأل عن إمكان استمرار المؤسسات والقطاعات الانتاجية”، وقال: “مثلا على المستوى السياحي هناك توقف كلي للحركة السياحية في لبنان بسبب جائحة كورونا وإقفال البلد، بالاضافة الى الوضع الاقتصادي والسياسي المتأزم وعدم الاستقرار والحصار الاقتصادي على لبنان، خصوصا من اصدقاء لبنان وتخوف من الوصول الى مرحلة الكساد وعندها اعادة تشغيل المحركات الاقتصادية ستصبح عملية معقدة جدا”.
ورأى أن “حل الازمة يكمن في تشكيل حكومة قادرة واعدة موثوقة حتى نستطيع ان نتصالح مع الرأي العام الداخلي و الخارجي، بالاضافة إلى الذهاب الى صندوق النقد الدولي بخطاب موحد بنظرتنا كلبنانيين على واقعنا، ثم المباشرة فورا بالاصلاحات كالكهرباء والقوانين العالقة في مجلس النواب التي لها علاقة بالمناقصات العامة، وإيجاد طريقة لخفض حجم الادارة العامة التي أصبحت منتفخة وتقليصها، والأخذ بالاجراءات السريعة التي تقدمنا بها لكل القطاعات لتحفيز الاقتصاد”.
وشدد على “ضرورة إحداث صدمة إيجابية في السياسة حتى نستطيع توقيف المنحى الانحداري للوضع الاقتصادي سادسا موضوع رفع الدعم وترشيده وتهديفه، حيث يجب ان نجد آليات لذلك لانه لا يمكن الاستمرار بالدعم، وفي الوقت نفسه لا يجوز رفع الدعم لأن المواطن لا يحتمل ذلك يجب أن يبقى الدعم على الطبقة الفقيرة التي هي بحاجة، وكذلك لا يمكننا ان ننتظر ان ينفذ الاحتياطي في مصرف لبنان، فهذا الموضوع يحتاج الى نقاش كبير مع أصحاب العلاقة”.
وعن دور المجلس الاقتصادي في هذه المرحلة، اشار الى ان “المجلس تقدم بورقة الاجراءات السريعة الى الحكومة السابقة، وعندما أتت الحكومة الحالية، أضفنا عليها انعكاسات انفجار مرفأ بيروت وسنعود وسنقدم هذه الورقة الى الحكومة العتيدة”، مشيرا إلى أن هذه “الاجراءات ستخفف من إمكان التراجع كما يقوم المجلس برسم السياسات فنحن بحاجة الى سياسة تحفيزية للقطاعات الانتاجية وبحاجة الى ميثاق اجتماعي جديد حتى نحمي الطبقات الفقيرة من كل الارتدادات من محاربة الفساد والبطالة ورفع الدعم”.
وأشار إلى “تأثير جائحة كورونا على مختلف القطاعات لا سيما الاقتصادية”، متمنيا ان “يصل لقاح الكورونا في أقرب وقت، فأزمة كورونا كان لها اثر اقتصادي واجتماعي كبير ان من ناحية التوقف عن العمل حيث اضطرت العديد من المؤسسات الى الاقفال وان من ناحية الرواتب والأجور، حيث الكثير من العمال يتقاضون نصف رواتبهم، وهذا يؤثر على القدرة الشرائية وعلى الطاقة الاستهلاكية، وشدد على انه “لا يوجد اقتصاد من دون سياسة فالاستقرار السياسي هو الركن الاساسي للاقتصاد”.
أضاف: “نحن كمجلس اقتصادي نتكلم في السياسات الاقتصادية ولا نتكلم في السياسة وعلى حكومة تصريف الاعمال أن تبادر ضمن اطار تصريف الاعمال الى اتخاذ الاجراءات المطلوبة لانقاذ ما يمكن انقاذه من الاقتصاد”، متمنيا أن “تتشكل الحكومة في اقرب وقت وتكون موثوقة ومتماسكة وتستطيع ان تقف في وجه التحديات، لكن الى ان يتحقق ذلك على حكومة تصريف الاعمال وعلى كل الوزارات وكل وزير ان يقوموا بعملية تشاركية مع المعنيين، لاتخاذ الاجراءات المطلوبة. إلا اننا في لبنان بحاجة الى خطة مارشال للنهوض”، معربا عن أسفه “لكون أصدقاء لبنان أصبحوا قلة”، ونتمنى ان يعودوا كما كانوا من قبل”.
وختم متمنيا أن “تمر مرحلة الاعياد بخير على اللبنانيين وان تكون بداية السنة الجديدة بداية ايجابية وننتهي من أزمة الكورونا عالميا، ونخرج من الجمود والانسداد في الافق داخليا
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.