نقلا عن المركزية –
لا يمكن فصل موقف رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل من ملف الجنوب عن ملف رئاسة الجمهورية، لكن في العمق هناك تبدّل كبير في النظرة الاستراتيجية لـ»التيار» تجاه ما يحصل. «الشيك على بياض» الذي كان يمنحه لـ»حزب الله» انتهى مفعوله، وصار الموقف العام «على القطعة». كانت العلاقة في أفضل أحوالها بين «التيار» و»الحزب» مع انطلاقة عهد الرئيس ميشال عون، ووقعت خلافات كثيرة ساهمت في توسيع الشرخ، من بينها، اتّهام باسيل «الحزب» بعدم دعم العهد، وبالتالي وضع حدّ لكل تصرّفات رئيس مجلس النواب نبيه بري الهادفة إلى ضرب العهد وإفشاله.
كل تلك العوامل تبقى سهلة، لكنّ السبب الأساسيّ الذي فجّر الوضع هو تبنّي «حزب الله» ومعه الرئيس نبيه بري ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، عندها وقع الشرخ الكبير الذي لم يُرمّم حتى الآن.
وعليه، يقف «التيار الوطني الحرّ» في الوسط اليوم، ويحاول لعب دور «بيضة القبّان» أو مرجِّح الكفّة وقائد الدفّة في آن معاً. وهو يعرف عدم قدرة «الممانعة» على إيصال فرنجية إذا لم يوافق باسيل ويمنحه أصوات كتلته والغطاء المسيحي، كما يعلم عدم قدرة المعارضة على الاتفاق لافتقادها إلى «المايسترو» الواحد وتشرذمها ومحاولة كل جهة إبراز نفسها.
يتصرّف باسيل على قاعدة أن لا شيء يخسره، بعدما بلغ أسوأ أيامه السياسية بعد الثورة وفرض العقوبات الأميركية عليه، والآن بدأت رحلة الخروج من القعر عبر محاولة شدّ العصب المسيحي والظهور بمظهر مانع مرشّح الممانعة من الوصول إلى بعبدا، والحريص على موقع رئاسة الجمهورية عبر إيصال مرشّح يتمتع بحيثية أو أقله مُغطى من القوى المسيحية الأساسية.
يحافظ باسيل على علاقة مع الرئيس بري رغم الصدامات السابقة، ويبارك مبادرة كتلة «الاعتدال الوطني» ويدعمها، ويسعى إلى إبقاء علاقته جيّدة بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي والتنسيق معه، خصوصاً في رفض تصرّفات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وتخطّيه الدستور والتّصرف وكأنّ البلاد قادرة على الاستمرار بلا رئيس جمهورية. ويتلاقى الراعي وباسيل وبقية الأفرقاء المسيحيين على موقف موحّد في رفض تجاوزات حكومة ميقاتي.
ومثلما يتعامل باسيل مع «حزب الله» على «القُطعة» من دون قطعه «شعرة معاوية»، تتعامل «القوات اللبنانية» مع باسيل وفق منطقه. وحتى الساعة لم يُحدّد الدكتور سمير جعجع موعداً للقاء باسيل وتكتفي «القوات» بقنوات التواصل في مجلس النواب وبين نائبَي الكورة فادي كرم وجورج عطالله.
وإذا لم يحصل اللقاء بين باسيل والسفيرة الأميركية ليزا جونسون حتى الساعة بفعل موانع العقوبات، إلّا أنّ المعلومات تؤكد وجود تواصل بين «التيار» والأميركيين، وهذا التواصل يحصل بواسطة نواب التيار القريبين من باسيل أو بواسطة رجال أعمال لبنانيين يدورون في فلك باسيل، ويهدف هذا التواصل إلى ترطيب الأجواء والتأكيد أمام واشنطن أنّ باسيل صار في مكان آخر وظهر هذا التموضع الجديد في الاستحقاق الرئاسي وعدم سيره بمرشح «حزب الله».
وما يلفت الأنظار أكثر هو العلاقة الجيدة بين باسيل والقطريين في ضوء سعي الدوحة لمساعدته على رفع العقوبات عنه، وسط الحديث عن وعود بإعطاء قطر استثمارات أكبر في مجال الطاقة في لبنان. ويردّد عدد من نواب المعارضة كلاماً مفاده أنّ اللائحة القطرية للأسماء المرشحة ضمن الخيار الثالث أتت بعد موافقة باسيل عليها، وقد أدخل باسيل سابقاً اسم المدير العام للأمن العام بالإنابة العميد الياس البيسري في اللائحة لضرب ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، وها هو يحاول الترويج لاسم السفير جورج خوري، في حين يُنقل عن القطريين تأكيدهم عدم وجود عقدة رئاسية عند باسيل، وهي في مكان آخر.
آلان سركيس – نداء الوطن
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.