فَليَكُن ذِكرُنا.. مؤقّتاً
فَليَكُن ذِكرُنا.. مؤقّتاً
بِقَلَم روني ألفا
إلى المدرسةِ عُد. حضورٌ أون لاين أو حضورٌ شخصيٌ لا فرق. الأوَّلُ ضحيةُ الأليافِ البصريةِ التي وُعِدنا بها منذُ سنوات فَتَلَيّفنا بالإنتظار. الثاني ضحية كورونا التي تَحومُ مثل العقبان على طرائدها. مدرسةٌ خاصةٌ ورسميةٌ لبنانيةٌ عالقةٌ بين زمنِ الطبشورةِ وزمنِ التابليت. لم تنفضْ غبارَ الطبشورِ عن صبّورتها بالكامل ولم تتقنْ بالكامل أيضاً تزحيطَ أناملها برشاقةٍ على الشاشاتِ الذكية.
كمُّ النِّكاتِ حولَ التعليمِ عن بُعد في لبنان يكادُ يدخلُ غينيس للأرقامِ القياسيةِ والظواهرِ الفو طبيعية. عن قُرب تمعّنوا بالتعليم عن بُعد. أقربُ ما يكون الى فكّ الطلاسم والأحاجي، كلُّها مستقطَعةٌ بتلامذةٍ يقضون حاجاتهم بينَ الفينة والفينة. بالبيجاما من تحت والقميص من فوق يتسمّرُ طالبُ العلم في شاشةٍ وبالقربِ منهُ كميةٌ من المغرياتِ المنزلية. قليل من الكورنفليكس وصوت نرجيلة يضفي قليلاً من جو قهوة ” القجاز ” على العملية التربوية المباركة.
معلّمو الأون لاين باتوا يتحلون بهيبة إفتراضية. يهذّبون أخلاقاً إفتراضية ويصنعون دون أن يدروا حياةً إفتراضية. بالمحصلة، صارَ التعليمُ مسخرةً والتلقينُ نكتةً والمخرجاتُ فكاهةً سمجة. نحن لم نتعلَّم حرفاً إلا وكانت المسطرةُ تأكلُ قليلاً من كفوف أيدينا كلَّ يوم. في كلِّ هذه المعمعة، أوجيرو ومعها وزارة الإتصالات يسهران على جودةِ محصولِ الأجيال التي باتت وفِي ندرةِ حليبِ النيدو تنمو على حليبِ الإنترنت.
على الأقل زرعُ شجراتِ الأرز بشراكةٍ إستراتيجية بين بشري وإهدِن لا يتم أون لاين. عشراتُ الشبان والشابات على ما تمَّ نشرُه انخرطوا في تشجيرِ الأرض بشيءٍ من كرامة. جميلٌ أن تفرضَ شجرةُ الأرزِ شلوحَها على سكانِ هاتينِ المنطقتين اللتين عرفتا طلعاتٍ ونزلاتٍ في تاريخهما السياسي. الأرزُ يوفّرُ الظلالَ المبرِّدةَ لارتفاع ِ الحرارةِ السياسية. سيمرُّ وقتٌ طويلٌ قبلَ أن تنمو الغرساتُ حيث السواعدُ النشطة. لا بأس. عندما ينمو الأرزُ ينمو لأجيال مديدة. نموذجٌ ليتعمَّمَ على كل المناطق.
أن تتشاركَ الأحزابُ على اختلافِ مشاربها في زرعِ شجراتِ أرزٍ في مناطقِ نفوذها وعلى تخوم مناطق نفوذ خصومها يشكّلُ وصفةً نموذجيةً للوحدةِ الوطنية. كلُّ ما يتطلبهُ الأمرُ رفشٌ ونبتةُ أرزٍ في عزِّ طفولتها وقليلٌ من الماء. لو قُيِّضَ للأرزةِ اللبنانيّةِ ان تنطقَ لقالت لكلِّ هؤلاء إزرعوني وتفيَّأوني وتظلَّلوا أجنِحتي أعلِّمُكم القواسمَ المشتركةَ ومُخطّطاتي في زَجرِ الزمانِ ودَحرِ العدو.
في غضونِ ذلك تنمو أرزةٌ صلبةٌ في جامعةِ القديس يوسف. أرزةٌ سيدةٌ حرةٌ مستقلة. سبقتها أرزةٌ أخرى في الأميركية. موسمٌ ” أرزيّ ” بامتيازٍ على ما يبدو. مشروعُ عاصفةٍ جديدةٍ تهبُّ على الشبابِ الجامعي ترفضُ الموجودَ من الفاكهةِ السياسيةِ وتتمردُ على المحصول. مستقلونَ فازوا بالتزكيةِ في ١٢ كليةٍ حتى الآن. نغّصَتْ عليهم الأحزابُ انتصارهم بانسحابها من الانتخاباتِ الطلابية. أعطتهم فوزاً بالتزكية. صيفٌ على مقاعدِ المجلس النيابي وشتاءٌ على مقاعدِ الجامعة. رِجل في بورِ السلطة ورِجِلٌ في فلاحةِ الثورة. تماماً مثل إمرأةٍ نصف حامِل.
أما نحنُ أهلُ الإنتظار فتوقفتْ أحلامُنا عند نفقِ نهر الكلب ونفقِ خلدة ونفقِ سليم سلام ونفقِ شكا ونفاقِ كلِّ من يتابعُ هذه الأنفاق. تعيينُ معلّمي سباحة وفتحُ دورةِ منقذينَ بحريين وتربيةُ مزارعَ أسماكِ الترويت وتشييدُ أكشاك ” ناولني ” وتأجيرُ ” حسكات ” ودراجات بحرية وربما أيضاً تنظيمُ مسابقاتِ سباحةٍ حرةٍ وسباحةِ فراشةٍ ومبارياتِ كرةِ الماء والتزلّج. سياحةٌ جديدةٌ مرتقبةٌ على خلفيةِ عبقريةِ من أتقنَ سدَّ البلاليعِ ومجاري تصريفِ المياه وإقفالِ ” الريغارات ” لأنه يعملُ على تطويرِ السياحةِ في بلدنا. فلنرقدْ على رجاءِ القيامة وليكن ذكرُنا… مؤقتاً.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.