نقلا عن المركزية –
رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “استقالة الوزير جورج قرداحي أكبر مثال على عدم قدرة أي فريق على تحمّل ما يريده حزب الله، وفي النهاية أجبر الحزب على التنازل والخضوع، وهذه ضربة قوية له، وتشير الى مدى الضغط الذي يعيشه الحزب وعدم الارتياح، وهذا قد يدفعه للذهاب الى خيارات أمنية بسبب ضيق أفقه”.
لا يعير جعجع أهمية لاستقالة قرداحي بالمعنى السياسي، يعتبرها طبيعية، وكان يجب أن تحصل سابقاً، ولكنها لن تؤدي الى تغيير في المسار السياسي لدول الخليج من الملف اللبناني.
ويؤكد في حديث الى “الجريدة” الكويتية، أنّ “الأزمة أبعد من ذلك، وتتعلق بسياسات لبنان الدولة، وحالة التماهي التي حصلت بين الدولة و”حزب الله”، فبين عامَي 2005 و2012، كانت دول الخليج تنظر الى الحزب كطرف لبناني مشارك بالدولة، ولكنه غير مسيطر عليها، أما اليوم فالوضع اختلف، فالحزب يسيطر على الدولة وقراراتها، ويصادر إرادة اللبنانيين، وينخرط في مشروع إقليمي يستهدف الدول العربية ودول الخليج، ولذلك فالموقف منه كبير ويتخطى استقالة قرداحي، ويتعلق بتغيير الوجهة السياسية بشكل كامل”.
وحول إمكانية أن تؤدي استقالة قرداحي الى حل الأزمة مع دول الخليج، قال جعجع: “كلا، ولكنها قد تفتح باباً للنقاش والحوار في سبيل الوصول الى أرضية يقتنع بها الجميع في لبنان حول وجوب تغيير المسار السياسي، ومنع حزب الله من التحكم بالدولة وقراراتها، ومنع فرض سياسته عليها، كما فعل منذ سنوات عندما رفض وزير خارجية لبنان آنذاك جبران باسيل إدانة الاعتداء الإيراني على السفارة والقنصلية السعودية في إيران، وهذا ما أخرج لبنان من العلاقة الجيدة مع دول الخليج”، لافتاً الى أنّ “معالجة الأزمة تحتاج الى مسار سياسي طويل، يقوم على حوار شامل لبناني – عربي، يقتنع بموجبه اللبنانيون بضرورة الحرص على العلاقات مع دول الخليج وكل المجتمع الدولي، وهذا يجب أن يؤدي الى حل شامل للأزمة اللبنانية، ولسلاح حزب الله، واعتماد سياسة خارجية واضحة للبنان، ووقف التدخل في سورية، والعراق، واليمن”.
وأضاف: “إن أكثر ما يخشاه الحزب هو الضغط الذي يتعرّض له داخل بيئته، وسيجد الشيعة انفسهم يوماً في حالة انهيار كبير وانعزال عن العالم بسبب سياسات حزب الله، وحينها سيكون هناك تحركات كبيرة في صفوفهم تعارض الحزب وتوجهاته، وبالتأكيد سيكون هناك ردة فعل كبيرة ستنعكس سلباً على الحزب، وهنا قد نشهد حالة تغيير كبيرة تؤثر عليه وعلى مساراته، ولذلك حزب الله يركز هجومه على القوات لأنه يعتبرها أنها بخطابها الذي يتناول مصلحة اللبنانيين، قادرة على التأثير بالرأي العام الشيعي، فيسعى الى شيطنتها”.
ويركز جعجع على الانتخابات النيابية مجدداً، ويؤكد أنها “لا بدّ أن تجرى في موعدها، لا يمكن لأحد الإطاحة بها، ولا حتى بذريعة الوضع الأمني الذي قد يؤخر إجراءها أسبوعاً أو فترة قصيرة، والجميع في لبنان يؤكد ان الانتخابات ستجرى في موعدها، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يسحب كلامه ويظهر كاذباً، كذلك المجتمع الدولي يهتم بشكل كبير بالانتخابات التي ستكون فرصة أساسية للتغيير”.
ويبدو جعجع واثقاً بالانتخابات، ويراهن على إرادة الشعب اللبناني بالسعي نحو التغيير، والخروج من الانهيار. أما عن التحالفات فيقول: “سيكون لنا تحالفاتنا في مختلف المناطق، وخصوصاً مع شخصيات مستقلة تشبهنا في التوجهات، أما عن التحالفات السياسية، فهناك استعداد لدى الحزب التقدمي الاشتراكي ووليد جنبلاط لعقد تحالف انتخابي في الجبل، وهذا له هدف استراتيجي يتعلق بضرورة الحفاظ على المصالحة وتعميقها”.
ولكن ماذا عن السنّة والتحالفات داخل البيئة السنية؟ وهل يمكن أن يعاد التحالف مع تيار المستقبل؟ يقول جعجع: “لا أحد يعلم ما الذي سيقرره تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري حتى الآن، هناك الكثير من الأخبار التي نتلقاها عبر وسائل الإعلام، لكن لا قرار نهائيا، وحتى لو قرر الحريري العودة والمشاركة في الانتخابات، فإن أي تحالف انتخابي معه لا بدّ أن يرتبط بمراجعة عميقة للعلاقة السياسية، وبحث عميق في السياسة، ويحتاج الى اتفاقات واضحة وفي مجالات مختلفة قبل الدخول بالتحالف الانتخابي. علاقتنا مع السنّة تاريخية، وفيها ثوابت وقواعد مشتركة، ولا بدّ من الحفاظ عليها، وعلاقتنا مع جمهور تيار المستقبل مترسخة وكذلك مع الطائفة السنية ككل، ولكن التحالف مع «المستقبل» يحتاج الى شروط سياسية كثيرة، ولا بدّ قبل ذلك من معرفة الموقف النهائي للحريري”.
ويتقدّم جعجع بفكرة أنه بعد الانتخابات النيابية، لا بد من الذهاب فوراً الى اجراء انتخابات رئاسية سريعاً، لعدم إضاعة وقت اللبنانيين أبداً، كذلك لا بدّ من تشكيل حكومة كي لا يكون هناك أي ذريعة لعدم تسليم السلطة. يقول هذا الكلام كنوع من الرد غير المباشر على كلام رئيس الجمهورية ميشال عون الذي قال إنه لن يسلم البلد الى الفراغ. فهل ستجرى الانتخابات الرئاسية في موعدها؟ أم سيتم تعطيلها؟
يؤكد جعجع أنه لا مجال إلا لإجرائها، بسبب الضغط الشعبي والدولي، ولا بدّ من احترام المواعيد الدستورية، إلا اذا قرر حزب الله وعون تعطيل الاستحقاق كما فعلوا سابقاً، وهذا ستكون تداعياته سلبية جداً. هنا كان لا بدّ من توجيه سؤال اليه إذا كان يتوقع مغادرة عون موقعه عند انتهاء ولايته فيجيب: “لا خيار آخر لديه، الوضع مختلف عن الثمانينيات، حينها كان رئيساً لحكومة عسكرية انتقالية، وكان قائداً للجيش، أي الجيش معه، أما اليوم فالجيش مع الشرعية، وفي حال رفض مغادرة القصر سيكون رئيساً غير شرعي وشخصاً متمرداً، ولا يمكن لأحد أن يعترف به”.
يعتبر جعجع أن عون قد افتتح معركة الرئاسة مبكراً، في سبيل إيصال صهره جبران باسيل الى رئاسة الجمهورية، ولذلك يحاول تقديم الكثير من الطروحات. هل يمكن النجاح بذلك؟ يضحك جعجع ويقول بإمكانه أن يفكر كما يريد، ولكن ذلك لن يتحقق.
ألا ترى أن عون يريد المقايضة في أي ملف لإيصال صهره الى الرئاسة، وخصوصاً بملف التحقيق بتفجير المرفأ وبيع رأس القاضي طارق البيطار لحزب الله لإرضائه مقابل بيع ملف ترسيم الحدود للأميركيين، في محاولة لفتح الطريق أمام باسيل؟، هنا يجيب بأن عقلية عون قائمة على المقايضات والربح والخسارة، ولذلك قد يفكر بهذه الطريقة، ولكنه لن ينجح. أما ما يحكى عن مقايضة تتعلق بتطويق القاضي البيطار في مجلس النواب بتوافق مع التيار الوطني الحر، مقابل قبول الطعن بقانون الانتخاب، فإن ذلك سيكون بمنزلة جريمة كبرى يتعرّض لها لبنان واللبنانيون والقضاء والتحقيق، ونحن سنعمل على مواجهتها بكل ما أوتينا من قوة، ولن نسمح بذلك، وسندرس القرارات التي سيتم اتخاذها في حال قرروا اللجوء الى هذه المقايضة.
يرفض جعجع الكلام الذي يقول إن الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران سيؤدي الى تسليم المنطقة لإيران، ويعتبر أن ملف النووي سيبقى محصوراً بالنووي، ولا يمكن لأميركا رفع العقوبات على الصواريخ البالستية مثلا، ولا بالتسليم بنفوذ ايران في المنطقة، فالمعركة ستبقى قائمة بين واشنطن وطهران في العراق، وبين إيران والسعودية في اليمن، أما لبنان وسورية فهما في درجة مختلفة عن الاهتمامات والأولويات، ولا يتوهم أحد في لبنان إمكانية انتصار إيران بتعويم بشار الأسد، فهو أقل من ناطور في سورية.
وعن الكلام حول تغيير النظام أو الصيغة اللبنانية، يقول جعجع: “هذا ليس الهدف، فالنظام اللبناني قائم والمشكلة في عدم تطبيق الدستور وعدم احترام النظام، ويمكن أن يكون لديك نظام سيء، ولكن في حال أُحسنت الإدارة يمكن لهذا النظام ان ينتج كما حصل في عهد فؤاد شهاب، أما في ظل شخص كعون او كباسيل، فلو أعطيتهما أفضل الأنظمة في العالم فستكون النتائج تخريبية وتدميرية. أي تغيير في لبنان لا بدّ أن يؤدي الى الحفاظ على جوهر الكيان ودوره وبقائه مقابل تعزيز اللامركزية الموسعة”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.