نقلا عن المركزية –
من الحركة الفرنسية الضاغطة في بيروت الى التحرك الاميركي اللافت على ساحتها، تحوّل المشهد اليوم. فغداة مغادرة الموفدين الفرنسيين من وزراء وسفراء ومستشارين رئاسيين نهاية الاسبوع ، حط على ارضه فجأة وفد اميركي من وزارة الخزانة في مهمة اعلنت السفارة انها تتصل بمناقشة القضايا المتعلقة بالفساد والتمويل غير الشرعي ومكافحة الإرهاب، الامر الذي يطرح اكثر من علامة استفهام حول طبيعة وابعاد وتوقيت الزيارة التي تزامن الاعلان عنها مع استقبال رئيس مجلس النواب نبيه بري السفيرة الاميركية دوروثي شيا.
القراءات متنوعة والتحليلات المتصلة بالحضور الاميركي المفاجئ الى بيروت، في ظل ارتفاع منسوب الحديث عن قرب صدور دفعة من العقوبات الاوروبية على معرقلي تشكيل الحكومة في لبنان لا تنتهي. وفي انتظار اتضاح خلفياتها يسيطر الجمود التام على ضفة التكليف والتأليف. هذا الوضع يبدو سيمتد الى ما بعد عطلة عيد الاضحى وسط عجز ثنائي العهد – حزب الله عن ايجاد بديل من الرئيس سعد الحريري. في المقابل، يبدو رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قرر تفعيل نشاط المجلس الاعلى للدفاع علّه ينوب عن الحكومة المفقودة، في ظل انهيار تام يصيب القطاعات كلّها والاوضاع المعيشية وغياب اي حلول لازمات الكهرباء والدواء والمحروقات…
الاعلى للدفاع: بدعوة من رئيس الجمهورية انعقد المجلس الاعلى للدفاع في الثانية والنصف بعد الظهر وانتهى في الرابعة وافيد ان المجتمعين درسوا الأوضاع الأمنيةلا سيما مع حلول عطلة عيد الأضحى وضرورة جهوزية القوى العسكرية والأمنية للحفاظ على الأمن والاستقرار كما درس المجلس عددامن المواضيع المدرجةعلى جدول أعماله واتُّخذت في شأنهاالقرارات المناسبة.
الاستشارات الاثنين: وفي اعقاب انتهاء اجتماع الاعلى للدفاع ، اعلنت رئاسة الجمهورية عن تحديد الاثنين ٢٦ تموز الجاري موعداً للاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة. وأفيد ان اتصالا تم بين الرئيسين عون ونبيه بري تم في خلاله الاتفاق على موعد الاستشارات.
وفد اميركي: وفي مقابل العقم السياسي المحلي، اهتمام دولي لافت بالقضية اللبنانية. في السياق، أعلنت السفارة الأميركية في لبنان، اليوم أن “وفدا من مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية التابع لوزارة الخزانة الأميركية سيزور بيروت في الفترة ما بين 19 و21 تموز الحالي”. وسيجتمع مع محاورين من القطاع المالي وجماعات المجتمع المدني للمشاركة في مناقشة القضايا المتعلقة بالفساد والتمويل غير الشرعي ومكافحة الإرهاب. وكان رئيس محلس النواب نبيه بري استقبل اليوم السفيرة الاميركية دوروثي شيا.
النظام القانوني: الى ذلك، انهى المسؤولون الفرنسيون الذين زاروا لبنان الاسبوع الفائت، وزير التجارة فرانك رييستير، مستشار الرئيس باتريك دوريل والسفير بيار دوكان، زياراتهم المتتالية لبيروت وغادروا نهاية الاسبوع بعد محادثات اجروها مع كبار المسؤولين الرسميين، وآخرين في القطاع الخاص تناولت في شكل اساسي كيفية انقاذ لبنان والمشاريع الواجب تنفيذها لمواجهة حال الفراغ وتداعيات اعتذار الرئيس سعد الحريري. المسؤولون الثلاثة رفعوا فور عودتهم تقارير اعدوها بخلاصة محادثاتهم ومعايناتهم الميدانية للواقع اللبناني المزري الى الرئيس ايمانويل ماكرون للاطلاع عليها وطرحها مادة للنقاش قبل المؤتمر الدولي المقرر عقده في 4 اب في باريس، تزامنا مع الذكرى السنوية الاولى لانفجار مرفأ بيروت، بدعوة من ماكرون لمساعدة الشعب اللبناني الصديق ، بعدما خصصت اخيرا مؤتمرا لدعم الجيش والاجهزة الامنية. وليس بعيدا، اكدت اوساط سياسية فرنسية، ان باريس لم تتخلَ عن دورها ولا عن مبادرتها التي تتمسك بها، خصوصا انها تحظى بدعم اميركي واوروبي وروسي وعربي كونها مشروع الانقاذ الوحيد المطروح على طاولة الدول المعنية والمهتمة بالازمة اللبنانية، وتبعا لذلك فإن قوة الدفع التي تحظى بها المبادرة لن تتوقف والمسار العقابي سيتواصل داخل الاتحاد الاوروبي وقد بلغ مرحلة الاعداد للاطار القانوني لفرض تدابير تقييدية على المسؤولين عن عرقلة العملية السياسية في لبنان. وكشفت اوساط من داخل الاتحاد لـ”المركزية” ان النظام القانوني لفرض العقوبات على المعرقلين هو قيد الدرس على مستوى الاتحاد راهناً، على غرار معرقلي السلام في ليبيا، بحيث يستهدف الاشخاص الذين يهددون السلام والاستقرار او يعرقلون الانتقال السياسي ويعرضونه للخطر، موضحة ان الاطار القانوني للعقوبات المشار اليها بشأن لبنان سيكون جاهزا في غضون اسبوعين ليتزامن مع الذكرى الاولى لانفجار مرفأ بيروت.
الشعب يقرر: في المقابل، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زادة اليوم ردا على سؤال حول اعتذار الرئيس عن تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة وإجراءات إيران الرامية لاستقرار لبنان، ان “الشعب اللبناني هو من يقرر مصير بلاده، مضيفا: “لم نتراجع في أي وقت من الأوقات عن تقديم الدعم للأطراف اللبنانية سواء الحكومة أو الفئات أو الأحزاب“.
وأضاف أنه “في هذه الظروف التي يعاني فيها الشعب اللبناني من ضغوط اقتصادية أعلنا استعدادنا لتقديم أي مساعدة ممكنة ولن نبخل بها“. وختم خطيب زادة بالقول “إن المهم هو وصول المفاوضات السياسية إلى نتيجة وأن يتم تشكيل الحكومة على وجه السرعة“.
لولا التعنت: في المواقف المحلية، قال الحريري في تغريدة عبر “تويتر”:يهلُّ علينا عيد الاضحى المبارك، ولبنان الحبيب مع شعبه الطيب تعصف به هذه الازمات، والتي كان بوسعنا أن نضع حداً لهذا الانهيار المريع، لولا تعنت البعض وانانيته، إنني اتقدم من اللبنانين عامة، ومن المسلمين خاصة، بأحر التهاني، سائلاً المولى الكريم الفرج العاجل، وكل عام وأنتم جميعاً بخير.
أمل: في الموازاة، اشار المكتب السياسي لحركة امل في بيان الى “أن العيد هو مناسبة للتأمل والتفكير في اوضاعنا اللبنانية والعربية وما يحاك لنا من مؤامرات ومخططات تستهدف المنطقة بأكملها، فعلى الصعيد اللبناني لا تزال ترددات اعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم تشكيل الحكومة تتصدر صورة ضبابية للمشهد اللبناني، ومن هنا الدعوة إلى الاسراع في إجراء الاستشارات النيابية الملزمة، التي يتوقع اللبنانيون ان تنتج تسمية رئيس يكلف بتشكيل حكومة قادرة على الانقاذ بعيداً عن التسويف والمماطلة وكل الحسابات والمصالح الخاصة، وتخرج لبنان من نفق الازمات المتوالدة التي اثقلت كاهل المواطن، وأن تكون عيدية مناسبة الاضحى برجم شياطين التفرقة والمصالح والأنا والإستئثار والتحكم ونبذها من النفوس جميعها. وأن يتوافق اللبنانيون كلهم على خارطة طريق تؤسس لمستقبل لبنان الواحد من خلال السعي لإقامة الدولة المدنية للخلاص من عصب الطائفية البغيضة بما يتناسب مع مفهوم الديمقراطية الحقيقية التي تقدم مدخلاً حوارياً جديراً بالالتفات إليه بما يحصن المجتمع ويحفظ تنوع لبنان بكل الوان طيفه“.
الدواء: معيشيا، رأس رئيس الجمهورية اجتماعاً في حضور رئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الصحة، يضم نقيب الصيادلة وممثلين عن شركات الأدوية العالمية في لبنان ومستوردي الأدوية وشركات تصنيع الأدوية للبحث في حل أزمة الدواء بعد القراربرفع الدعم عن ٧٥% من الأدوية.
الصناعة: في الموازاة، أعلن وزير الصناعة في حكومة تصريف الاعمال عماد حب الله انه “تم التوافق خلال الاجتماع الذي رأسه رئيس الجمهورية صباحا في قصر بعبدا، على السماح للصناعيين بالاستيراد المباشر لمادة المازوت وغيرها من المشتقات النفطية من دون إجازة مسبقة وفقا للقرار 66/ 2004“. وكان الرئيس عون رأس اجتماعا حضره حب الله، وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر، نائب رئيس “جمعية الصناعيين” جورج نصراوي ، خصص للبحث في حاجات المصانع الى المحروقات بعدما تعذر تأمين المواد الضرورية لتشغيلها.
المحروقات بريق الزيت: في المقابل، عادت ازمة المحروقات لتشتد. فقد اكّد ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا انّ “لا مخزون كاف لدى محطات المحروقات لذلك تتفاقم الأزمة في نهاية الأسبوع“. وكشف ان “المحطات ستتسلم اليوم كميات إضافية وسيتمّ ملء خزاناتها“. وأوضح أن “هناك تأخيرا ومماطلة من قبل الدولة ومن مصرف لبنان في فتح اعتمادات“. من جهة اخرى، قال انّ “مادة المازوت متوّفرة ولكن بالقطارة”، وأشار إلى انّ هناك مشكلة كبيرة إذ انها لا تكفي حاجة السوق. وقال عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس “عدنا إلى قصّة ابريق الزيت في ما خصّ أزمة المحروقات من جهة التأخير في فتح الاعتمادات لذلك نطلب من مصرف لبنان التسريع في فتحها لكي تتمكّن البواخر من إفراغ حمولتها”، وتحدث عن “زيادة الحاجة إلى المازوت من قبل كافة المؤسسات والمنازل في ظلّ انقطاع الكهرباء ساهمت في تفاقم الأزمة وشحّ المادة”. وكشفت معلومات mtv: ان الشركتين اللتين تستحوذان على 36 في المئة من البنزين عادتا إلى التقنين بسبب تأخر مصرف لبنان في فتح الاعتمادات. واضافت “مصرف لبنان اتصل بالشركات المستوردة للمحروقات طالباً الإسراع بالطلبات كي يُعمل على تفريغ البواخر سريعًا”. ولفت مصدر مطّلع الى ان “عطلة عيد الأضحى أدّت إلى زحمة خانقة أمام محطات المحروقات بسبب تخوّف الناس من عدم توفر البنزين”.
عتمة في العيد: ورغم الإعلان عن تسليم كميات من المازوت للمولّدات بما يسمح بتشغيلها خلال عيد الأضحى،فإن الامور لا تبدو كذلك، اذ أكّد رئيس تجمّع أصحاب المولّدات الخاصة عبدو سعادة لـ”المركزية” أن “الأزمة لم تحلّ”، لافتاً إلى أن تمّ توزيع 6 مليون ونصف المليون ليتر من المازوت من المصافي يومي الجمعة والسبت الماضيين، على أن توزّع 4 مليون ليتر إضافية اليوم للشركات والتجّار. إلا أن السوق خالية من البضائع، وخزّانات المولّدات لا تزال فارغة. وأشار إلى أن “الكمية المجملة المسلّمة توازي تقريباً 10 ملايين ليتر، في حين أن حاجة السوق خلال 24 ساعة، وفي ظلّ التقنين الراهن، تتراوح ما بين الـ 10 والـ 15 مليوناً، ما يعني أن الكميات الموزّعة تكفي لتأمين حاجة يوم، هذا إن وصلت إلى أصحاب المولّدات “.
رفع الحصانات: على صعيد آخر، عقد النائب في كتلة “الجمهورية القوية” جورج عقيص مؤتمرا صحافيا، في مجلس النواب، طالب فيه الرئيس بري بدعوة الهيئة العامة للمجلس للتصويت على طلب الاذن برفع الحصانة عن النواب غازي زعيتر ونهاد المشنوق وعلي حسن خليل، وأعلن “رفضنا القاطع لعريضة الاتهام بحقهم الجاري توقيعها من قبل بعض الزملاء”، ودعا المجتمعين المحلي والدولي الى مناصرة موقفنا الذي نعلنه اليوم من مجلس النواب“. وقال عقيص: “ان المجلس النيابي هو، في أي دولة، مصدر القانون والقاعدة القانونية وهو ضابط الاصول وحامي الشكل والاجراء والأساس في كل القوانين النافذة، وهو في الوقت عينه مرآة المزاج العام، وانعكاس الارادة الشعبية، ضمير الشعب، صوته والمعبر عن تطلعاته. تلك هي خلطة الديموقراطية وميزتها الخالصة”. اضاف: “انطلاقا من هاتين الركيزتين: حصرية حماية القانون من جهة، وحصرية تمثيل الشعب من جهة أخرى، يشذ أي مجلس نيابي ان هو استند على احداها دون الاخرى، كأن يقدم التشريع مثلا على حساب تمثيل ارادة الناس، او بالعكس يفضل محاكاة ارادة الناس على حساب سيادة القانون. فإن كنا نصف المجلس النيابي الذي يقوم على ركيزة واحدة من الركيزتين المذكورتين بالشاذ، فكيف بالأحرى ان نصف المجلس الذي يهدم في وقت واحد ركيزتي شرعيته. بماذا يمكننا ان نصف الأكثرية النيابية في المجلس التي تخالف الدستور ونظامه الداخلي، وتناهض الرأي العام اللبناني في وقت واحد”؟
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.