نقلا عن المركزية –
صارَحَ سفير دولة غربية أحد زوّاره الملمّ بشؤون السفارات في لبنان والذي تربطه علاقات وطيدة مع معظم دبلوماسيّيها قائلاً: “لم نعد نريد انتخاب رئيساَ للجمهورية من أجلكم، بل من أجلنا. نحن نريد رؤية هيكليّة حكم مكتملة ومن نتحدّث معه كرأس دولة في جميع التسويات المقبلة في المنطقة والتي ستكون لها تداعياتها الحتميّة في لبنان”.
أضاف السفير المعنيّ: “لا تتوقّعوا سماع عبارة وقف إطلاق نار في غزة التي تراهن عليها قوى سياسية في لبنان لحسم موقفها من ملفّات داخلية عدّة. سيحصل وقف تدريجي للعمليات العسكرية وهُدن متقطّعة تتخلّلها ترتيبات ما بعد الحرب بين الإسرائيليين وحركة حماس التي قد تطول أشهراً، ولذلك الفرصة متاحة لانتخاب رئيس للجمهورية الآن والبدء بشكل جدّيّ بمسيرة الإصلاحات التي ستتمّ مواكبتها عن قرب”.
المفارقة التي بات يدركها كثر ممّن يتابعون مسار الحراك الدولي تجاه لبنان، وفي مقدّمته النشاط المتجدّد للّجنة الخماسية، أنّه بقدر ما تنفي الدول الأساسية المعنيّة بأزمة لبنان تهمة محاولة فرضها اسم الرئيس على اللبنانيين، وهو واقع صحيح لأن لا فيتو من “الخماسية” على أيّ مرشّح، فإنّ المعطيات تعكس وجود “نَفَسٍ” دوليّ سيُملي سلسلة شروط على “طاقم السلطة” الجديد بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما يعني الدخول في زواريب إدارة الحكم في المرحلة المقبلة، خصوصاً على مستوى رئاسة الحكومة و”نوعية” الوزراء، لكن من دون اتّضاح صورة “الوصيّ” هذه المرّة!
في هذا السياق، تؤكّد مصادر مطّلعة لـ “أساس” أنّ من ضمن الترتيبات التي ستصبغ المرحلة المقبلة التشديد الدولي على عدم إيكال رئاسة المؤسّسات الرقابية والمواقع القضائية الحسّاسة إلى من يمكن وصفهم بـ “رجالات” بعض القوى السياسية، والأهمّ عدم الالتزام بالمعيار الطائفي المعتمد منذ سنوات في ما يتعلّق بالحقائب السيادية في الحكومات، أي وزارات المال والخارجية والداخلية والدفاع وصولاً إلى وزارة الطاقة. وقد شهدت الحكومات الأخيرة من الرئيس سعد الحريري إلى نجيب ميقاتي محاولات جدّيّة للسير بالمداورة، لكنّها لم تنجح، خصوصاً أنّ النائب جبران باسيل مدعوماً من الرئيس ميشال عون رفض بشكل قاطع أيضاً سحب وزارة الطاقة من “التيار الوطني الحرّ”.
في سياق الحديث عن عملية التبديل الوزارية المحتملة تعطي المصادر وزارة المالية مثالاً، “حيث لن يُكرَّس بقاء هذه الحقيبة بيد الطائفة الشيعية، بوصفها الواجهة الأساسية لماليّة الدولة ولكلّ قرش يُصرف أو تشمله دائرة التحصيل والواردات. هذا لا يعني أنّ الفريق الشيعي الحاكم حالياً قد يخسر نهائياً هذا الموقع، لكنّ المطلوب التفتيش عن الشخص المناسب، بغضّ النظر عن طائفته، وليس عمّن تزكّيه طائفة معيّنة”، مشيرة إلى أنّ “هذا الفريق الشيعي الذي لم يقدّم نموذجاً يحتذى به طوال سنوات إدارته لـ “الماليّة” ربط تثبيت بقاء حقيبة المال بيده بالميثاقية و”مشاركته” في القرار التنفيذي إلى أن يتمّ إقرار إصلاحات في النظام الطائفي المعتمد حالياً”.
هنا يَجزم العارفون أنّ سلّة الحلّ ستترافق مع ضمانات بكلّ الاتّجاهات تطال أكثر من فريق سياسي، منها الداخلي ومنها الخارجي. فانتخاب سليمان فرنجية مثلاً سيتطلّب تقديم ضمانات للمسيحيين وأوّلهم جبران باسيل، وهو ما فعله الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله خلال لقائه الأخير قبل أشهر مع رئيس التيار الوطني الحر، ولاقت رفضاً من الأخير، وسحب حقيبة المال من الرئيس نبيه بري يتطلّب ضمانات بحقيبة “معزّزة” للفريق الشيعي ومكاسب أخرى مؤسّساتية لا تنفيعية، تماماً كما إذا سُحبت وزارة الداخلية من يد الفريق السنّيّ… هي ترتيبات، برأي المصادر، ستسبق المسار الحتمي الذي سيؤدّي عاجلاً أم آجلاً إلى إعادة النظر باتفاق الطائف وإدخال تعديلات دستورية تحقّق التوازن المطلوب بين أفرقاء الحكم.
على مقلب آخر، يكتمل المشهد بما وَصَفه دبلوماسيون أخيراً بـ “الأداء الفوضوي” الذي رافق إقرار الموازنة العامّة كما معظم القوانين. وفيما علم “أساس” أنّ بعض نواب المعارضة اشتكى أمام مرجعيات دبلوماسية في لبنان من “استمرار فضيحة التصويت برفع الأيادي في البرلمان”، وهو ما جعل غالبية النواب غير مُدركين لما جرى التصويت عليه في الموازنة والصيغة النهائية لبعض البنود الحسّاسة، فإنّ مصادر سياسية معنيّة تؤكّد استحالة الإبقاء على الإدارة الحالية في إقرار القوانين، مذكّرةً بقانون تمّ تقديمه للمرّة الأولى عام 2004 من جانب النائب غسان مخيبر وتمّ تجاهله كلّياً، فيما لم ينفع الضغط الذي جرى من جانب نواب المعارضة لتركيب تجهيزات التصويت الإلكتروني في قاعة البرلمان.
للمفارقة، فإنّ اعتماد التصويت الإلكتروني يتطلّب تعديلاً دستورياً أيضاً قد ينضمّ إلى تعديلات أخرى، وهي الحجّة التي يستند إليها برّي لعدم اعتماده، حيث تنصّ المادّة 36 من الدستور على أن “تُعطى الآراء بالتصويت الشفوي أو بطريقة القيام والجلوس إلا في الحالة التي يراد فيها الانتخاب فتُعطى الآراء بطريقة الاقتراع السرّيّ. أمّا في ما يختصّ بالقوانين عموماً أو بالاقتراع على مسألة الثقة فإنّ الآراء تُعطى دائماً بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال”، من دون ذكر التصويت بالأيادي.
في المقابل، عبارة “التصويت بالأيادي” وردت في المادة 81 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي أشارت إلى “التصويت على مشاريع القوانين مادّة مادّة بطريقة رفع الأيدي. وبعد التصويت على الموادّ يُطرح الموضوع بمجمله على التصويت بطريقة المناداة بالأسماء”، وهو ما لم يتمّ الالتزام به يوماً حيث تسبق كلمة “صُدّق” آراء النواب وأياديهم.
صارَحَ سفير دولة غربية أحد زوّاره الملمّ بشؤون السفارات في لبنان والذي تربطه علاقات وطيدة مع معظم دبلوماسيّيها قائلاً: “لم نعد نريد انتخاب رئيساَ للجمهورية من أجلكم، بل من أجلنا. نحن نريد رؤية هيكليّة حكم مكتملة ومن نتحدّث معه كرأس دولة في جميع التسويات المقبلة في المنطقة والتي ستكون لها تداعياتها الحتميّة في لبنان”.
أضاف السفير المعنيّ: “لا تتوقّعوا سماع عبارة وقف إطلاق نار في غزة التي تراهن عليها قوى سياسية في لبنان لحسم موقفها من ملفّات داخلية عدّة. سيحصل وقف تدريجي للعمليات العسكرية وهُدن متقطّعة تتخلّلها ترتيبات ما بعد الحرب بين الإسرائيليين وحركة حماس التي قد تطول أشهراً، ولذلك الفرصة متاحة لانتخاب رئيس للجمهورية الآن والبدء بشكل جدّيّ بمسيرة الإصلاحات التي ستتمّ مواكبتها عن قرب”.
المفارقة التي بات يدركها كثر ممّن يتابعون مسار الحراك الدولي تجاه لبنان، وفي مقدّمته النشاط المتجدّد للّجنة الخماسية، أنّه بقدر ما تنفي الدول الأساسية المعنيّة بأزمة لبنان تهمة محاولة فرضها اسم الرئيس على اللبنانيين، وهو واقع صحيح لأن لا فيتو من “الخماسية” على أيّ مرشّح، فإنّ المعطيات تعكس وجود “نَفَسٍ” دوليّ سيُملي سلسلة شروط على “طاقم السلطة” الجديد بعد انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما يعني الدخول في زواريب إدارة الحكم في المرحلة المقبلة، خصوصاً على مستوى رئاسة الحكومة و”نوعية” الوزراء، لكن من دون اتّضاح صورة “الوصيّ” هذه المرّة!
في هذا السياق، تؤكّد مصادر مطّلعة لـ “أساس” أنّ من ضمن الترتيبات التي ستصبغ المرحلة المقبلة التشديد الدولي على عدم إيكال رئاسة المؤسّسات الرقابية والمواقع القضائية الحسّاسة إلى من يمكن وصفهم بـ “رجالات” بعض القوى السياسية، والأهمّ عدم الالتزام بالمعيار الطائفي المعتمد منذ سنوات في ما يتعلّق بالحقائب السيادية في الحكومات، أي وزارات المال والخارجية والداخلية والدفاع وصولاً إلى وزارة الطاقة. وقد شهدت الحكومات الأخيرة من الرئيس سعد الحريري إلى نجيب ميقاتي محاولات جدّيّة للسير بالمداورة، لكنّها لم تنجح، خصوصاً أنّ النائب جبران باسيل مدعوماً من الرئيس ميشال عون رفض بشكل قاطع أيضاً سحب وزارة الطاقة من “التيار الوطني الحرّ”.
في سياق الحديث عن عملية التبديل الوزارية المحتملة تعطي المصادر وزارة المالية مثالاً، “حيث لن يُكرَّس بقاء هذه الحقيبة بيد الطائفة الشيعية، بوصفها الواجهة الأساسية لماليّة الدولة ولكلّ قرش يُصرف أو تشمله دائرة التحصيل والواردات. هذا لا يعني أنّ الفريق الشيعي الحاكم حالياً قد يخسر نهائياً هذا الموقع، لكنّ المطلوب التفتيش عن الشخص المناسب، بغضّ النظر عن طائفته، وليس عمّن تزكّيه طائفة معيّنة”، مشيرة إلى أنّ “هذا الفريق الشيعي الذي لم يقدّم نموذجاً يحتذى به طوال سنوات إدارته لـ “الماليّة” ربط تثبيت بقاء حقيبة المال بيده بالميثاقية و”مشاركته” في القرار التنفيذي إلى أن يتمّ إقرار إصلاحات في النظام الطائفي المعتمد حالياً”.
هنا يَجزم العارفون أنّ سلّة الحلّ ستترافق مع ضمانات بكلّ الاتّجاهات تطال أكثر من فريق سياسي، منها الداخلي ومنها الخارجي. فانتخاب سليمان فرنجية مثلاً سيتطلّب تقديم ضمانات للمسيحيين وأوّلهم جبران باسيل، وهو ما فعله الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله خلال لقائه الأخير قبل أشهر مع رئيس التيار الوطني الحر، ولاقت رفضاً من الأخير، وسحب حقيبة المال من الرئيس نبيه بري يتطلّب ضمانات بحقيبة “معزّزة” للفريق الشيعي ومكاسب أخرى مؤسّساتية لا تنفيعية، تماماً كما إذا سُحبت وزارة الداخلية من يد الفريق السنّيّ… هي ترتيبات، برأي المصادر، ستسبق المسار الحتمي الذي سيؤدّي عاجلاً أم آجلاً إلى إعادة النظر باتفاق الطائف وإدخال تعديلات دستورية تحقّق التوازن المطلوب بين أفرقاء الحكم.
على مقلب آخر، يكتمل المشهد بما وَصَفه دبلوماسيون أخيراً بـ “الأداء الفوضوي” الذي رافق إقرار الموازنة العامّة كما معظم القوانين. وفيما علم “أساس” أنّ بعض نواب المعارضة اشتكى أمام مرجعيات دبلوماسية في لبنان من “استمرار فضيحة التصويت برفع الأيادي في البرلمان”، وهو ما جعل غالبية النواب غير مُدركين لما جرى التصويت عليه في الموازنة والصيغة النهائية لبعض البنود الحسّاسة، فإنّ مصادر سياسية معنيّة تؤكّد استحالة الإبقاء على الإدارة الحالية في إقرار القوانين، مذكّرةً بقانون تمّ تقديمه للمرّة الأولى عام 2004 من جانب النائب غسان مخيبر وتمّ تجاهله كلّياً، فيما لم ينفع الضغط الذي جرى من جانب نواب المعارضة لتركيب تجهيزات التصويت الإلكتروني في قاعة البرلمان.
للمفارقة، فإنّ اعتماد التصويت الإلكتروني يتطلّب تعديلاً دستورياً أيضاً قد ينضمّ إلى تعديلات أخرى، وهي الحجّة التي يستند إليها برّي لعدم اعتماده، حيث تنصّ المادّة 36 من الدستور على أن “تُعطى الآراء بالتصويت الشفوي أو بطريقة القيام والجلوس إلا في الحالة التي يراد فيها الانتخاب فتُعطى الآراء بطريقة الاقتراع السرّيّ. أمّا في ما يختصّ بالقوانين عموماً أو بالاقتراع على مسألة الثقة فإنّ الآراء تُعطى دائماً بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال”، من دون ذكر التصويت بالأيادي.
في المقابل، عبارة “التصويت بالأيادي” وردت في المادة 81 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي أشارت إلى “التصويت على مشاريع القوانين مادّة مادّة بطريقة رفع الأيدي. وبعد التصويت على الموادّ يُطرح الموضوع بمجمله على التصويت بطريقة المناداة بالأسماء”، وهو ما لم يتمّ الالتزام به يوماً حيث تسبق كلمة “صُدّق” آراء النواب وأياديهم.
المصدر – أساس ميديا
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.