من على مائدة سيبويه “بان باردو” عربي فرزدقي أصيل
فادي بدر – ناشر الموقع
تراني أقف على ناصية القرار مترددا لا أدري إن كنت سأكمل المواجهة أو أتراجع بضع أمتار الى الوراء… ذلك أن قرار التبجيل أو النقد بلغة تتعامل بها يوميا هو لقرار جريء خاصة إن كان ذلك يوم عيدها… وما أكثر المتملقين والمتهافتين الى رؤية محياك يوم عيدك وهم ينبذون جمالية سحنتك باقي أيام الأسبوع.
الأرجح هو أن مجتمعنا اللبناني أصبح أسير ميتافيزيقية مستنسخة من أفكار مجتمعية لا تمت الى واقع لغة دأبت تترفع بقوانينها وأصولها فوق أي دعوة منمقة لدخول عصرنة عالم الكورونا وما بعده. فاللبناني المتبجح أبدا بقدرة ظواهرية على التفاعل المبسط مع أكثر من لغة يقع صريع لغته الأم وذلك انطلاقا من اختلاف قومي وطني على هوية ما زلنا حتى يومنا الحالي ضحية عدم تحديد أصلها وفصلها. فكيف لنا وبعضنا يرفض ضمنا محدودية هذه الهوية أن نحتفل صدقا بعيد لغة ترتبط عضويا بالأرض والمكان؟
ويأتي يوم العيد وبأي حال عدت يا عيد؟ هل ببعض المنشورات الفيسبوكية التي تدعي محبة لغة وعشقها ؟ أو بنقل بعض الأراء أو الأشعار الفرزدقية التي تبشر بقيام جيل يؤكد تأصيل اللغة في يوميات تعامله الإنساني؟
مهلا قليلا! فلنضع تأليهاتنا وجهبذاتنا الإعجازية جانبا ولنعترف ضمنا أننا جميعنا شركاء في عملية إغراق طوعي للغة الضاد رغم بعض المحاولات الصادقة والطفيفة لإنعاشها ووضعها مجددا على سريرغرفة العناية الفائقة…لا يا سادة أنا لا أنعي لغتي فالضاد أبعد من أن تنسفها بضع كلمات في سياق مقال واقعي في يوم عيدها الأشم.
أنا هنا لأدعو نفسي أولا والباقي يأتي لاحقا… فدعوتي هذه هي دعوة صادقة متجذرة بأصول عربية لبنانية,دعوة محب عاشق للغة تسهل معها الإبداعات الفكرية والتمنطقات الفلسفية. لغة حركت الكون سابقا وكان لها الفضل الكبير في نقل الحضارات بين القارات كافة ولا يهم إن كانت عجوزا متقدمة في العمر أو صبية تختال بجمالها يوما بعد يوم.
فمحبتكم للغتكم العربية لا تتمحورفي يوم عيدها فقط بل تكون فعل إيمان يومي يتحكم بجميع تقاصيل حياتكم من لحظة تفاعلكم الأولي مع نور شمسنا الوطنية إلى عمكلم وانتاجكم الفكري وتربيتكم العائلية حيث بات من النادر جدا أن نرى طفلا لا تتبختر والدته بإتقانه للغة أجنبية تدل عالى التزامها الضمنى بفكر داخلي لا واع على الهجرة من وطن أصبح في أمس الحاجة وقبل كل شيء إلى الإيمان به حتى لا ينحو إراديا نحو زوال مجتمعي يتبعه انعدام أي فرصة لنهائية هذا الكيان على الإستمرار قدما….هل ترون مدى عظمة هذه المسؤولية؟
فلا السبب يعود الى مناهج تربوية مترهلة أو إسقاطات فكرية أجنبية أو غزوات ممنهجة للغات أخرى في عصر التفاعل العالمي الذي نستسهل تعريفه بالعولمة. هذه الأخيرة التي أصبحت المتمهمة الأولى لتضعضع لغتنا الأم …ولكن مهلا يا سادة.. فبين العشاء على مائدة الفرزدق أو تذوق “بان باردو” مع غي دو موباسان ماذا تفضلون؟
إسألوا أنفسكم هذا السؤال دون أن تعلنوا الجواب فبعض الأجوبة تتكونن في السكون لأن اللا كلام في بعض الأوقات يضاهي بعظمته أبدع المعلقات الشعرية.
في يوم عيدك… لست أنت العيد…بل نحن وبكل صدق أكبرالخطأة.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.