نقلا عن المركزية –
منذ تعيينه مبعوثاً رئاسياً الى لبنان يحاول جان إيف لودريان النجاح في مهمة شبه مستحيلة لدفع الأطراف اللبنانيين الى الاتفاق على انتخاب رئيس.
يقوم لودريان بمهمة أخرى هذا الأسبوع قد تبدو مثل المهمات السابقة ولو أن الأوساط الفرنسية تعتبر أن هناك ديناميكية جديدة نشأت من اجتماع سفراء اللجنة الخماسية الذين أصروا على أن يكون انتخاب الرئيس قبل نهاية أيار الحالي. ذلك حمل مبالغة في التفاؤل إذ إن الانقسام لا يزال هو نفسه وقد ازداد مع الحرب الإسرائيلية على غزة وتدخل “حزب الله” لمساندة “حماس” ما جعل المعارضة اللبنانية تتوحّد ضد توحيد الساحتين الفلسطينية واللبنانية.
وفي مثل هذا الظرف لن يسحب الحزب التابع لإيران مرشحه سليمان فرنجية خشية أن تكون خطوة ضعف تجاه الآخرين. فمهمة لودريان هي التعويل على الانتقال الى مرشح ثالث وفتح البرلمان لجلسة انتخاب يبدو أنها بالغة التعقيد مرة أخرى. لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لا ينحني أمام فشل مبعوثه. فهو كأسلافه يصر على الاهتمام بلبنان بل إنه وحده في الغرب حالياً يهتم بالانتخاب الرئاسي فيه وتجنيب هذا البلد حرباً إسرائيلية.
فعندما يقول ماكرون إنه مستعد للقيام بزيارة لبنان للضغط على الأفرقاء أو جمعهم في فرنسا يقول إن الرئيس نجيب ميقاتي وجوزف عون ووليد جنبلاط نصحوه بعدم زيارة لبنان كما فعل فريق مستشاريه. فميقاتي وعون اعتبرا أن زيارة الرئيس الفرنسي لبيروت والبلد دون رئيس ليست محبذة، أما جنبلاط فيرى أنها غير مفيدة إن لم تكن النتيجة مضمونة مسبقاً. فالرئيس الفرنسي في النهاية سيتخذ القرار بنفسه وربما يجازف ويقوم بالزيارة من منطلق إرادة قوية وثقة بالنفس بأنه سينجح خصوصاً أنه يرد على من قال له أن ينتظر ليكون هناك رئيس بأن لبنان بلا رئيس منذ سنتين فلماذا الانتظار.
اتصل ماكرون بولي العهد السعودي محمد بن سلمان في نهاية الأسبوع الماضي وتناول معه موضوع الرئاسة اللبنانية من بين المواضيع التي أثارها معه سنداً لاقتناعه بأن السعودية بثقلها وتاريخها باستطاعتها أن تحرك الأمور نحو انتخاب رئيس وإلاهتمام بدفع الأفرقاء الى الاتفاق على مرشح، والآن وقد عادت العلاقة الديبلوماسية بين السعودية وإيران أصبح احتمال التوافق حول إنجاح عملية انتخاب رئاسي في لبنان ممكناً إذا أرادت المملكة القيام بدور على هذا الصعيد وإقناع الجانب الإيراني بالضغط على “حزب الله” لتسهيل الانتخاب الرئاسي وعدم تعطيل جلسات البرلمان اللبناني. فماكرون كما أسلافه وخصوصاً الرئيس جاك شيراك والرئيس فرنسوا ميتران مهتمّ بشكل خاص بلبنان وهو متابع لملف هذا البلد مثلهم ولو أنه لم ينجح حتى الآن سوى في زيارته لدى انفجار مرفأ بيروت، ويعتبر أن وجود ودور فرنسا في الشرق الأوسط هو عبر لبنان.
وتاريخ فرنسا في لبنان يظهر اهتمام الرؤساء بهذا البلد. فعندما كان لبنان تحت القصف الإسرائيلي في ١٩٨٢ كان ميتران يعقد قمّة مع نظيره الأميركي رونالد ريغان في قصر فرساي كرّسها للاجتياح الإسرائيلي للبنان محاولاً إيقافه.
أما شيراك فعلاقته الوطيدة بالرئيس رفيق الحريري دفعته الى القيام بجهود عملاقة من أجل مساعدة لبنان اقتصادياً حتى بعد مؤتمر باريس-٢، وقال وزير الخارجية السعودي السابق الأمير سعود الفيصل للصحافة اللبنانية “أقول للبنانيين نيالهم على الرئيس شيراك” بقدر ما أصر شيراك على الممولين خلال المؤتمر لمساعدة لبنان. كما أن شيراك استطاع بحنكته الديبلوماسية إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالامتناع عن التصويت على القرار ١٥٥٩ حول انسحاب سوريا من لبنان وعدم استخدام الفيتو وتمكن من الحصول على ٩ أصوات مؤيدة للقرار.
وماكرون هو أيضاً الوحيد الذي يتكلم مع نظرائه عن لبنان. عندما استقبل قبل أيام وزراء الجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي كان الوحيد الذي تكلم عن ضرورة تجنيب لبنان حرباً أوسع. وضعت فرنسا ماكرون الورقة الفرنسية في هذا الإطار لمنع توسيع الحرب لكن السؤال: هل تقتنع إسرائيل وهل يوقف “حزب الله” إطلاق النار على إسرائيل؟ فالحرب في لبنان كارثة للبلد وهي ليست لمصلحة الدولة اليهودية التي قد تفتح جبهة حرب ثالثة لجيشها. فزيارة لودريان لبيروت لن تحمل جديداً سوى أنها تأتي بعد اتصال ماكرون بالأمير محمد بن سلمان وقبل استقباله الرئيس بايدن في النورماندي في ٦ حزيران، وأكد ماكرون أن لبنان سيكون من بين المواضيع التي سيتطرق إليها معه.
المصدر – النهار
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.