نقلا عن المركزية –
تترقب الأوساط السياسية والديبلوماسية الترجمة المتوقعة للإنذار الفرنسي – الأميركي الجديد الذي عد الأقوى في سلسلة التحذيرات التي وجهها المجتمع الدولي الى المنظومة السياسية في لبنان على قاعدة خرقها أو تجاهلها حتى اليوم لمختلف المبادرات الدولية والاقليمية.
ومرد هذا الترقب الى جملة مخاوف تخشى ان يعيد التاريخ نفسه في وقت قريب، فمجمل العقوبات السابقة لم تلق الآذان الصاغية في لبنان بل على العكس رد من طالتهم هذه القرارات بتعزيز مواقع المعاقبين، واعطوا رأيا واضحا في مسلسل العقوبات الأميركية التي طالت شخصيات سياسية وحزبية ونيابية فإذا ممن تقدموا هذه اللوائح يقومون بالادوار السياسية والحزبية الاساسية الامامية في التعاطي مع الملفات المطروحة على الساحة اللبنانية.
وتقول مصادر سياسية وديبلوماسية لـ”المركزية” عند تقويمها للإنذار المزدوج الجديد ، “ان كان من الأفضل وقف مسلسل الإعلان عن العقوبات قبل إصدارها بأشهر عدة. وان الطريقة الأنجح ما زالت في الإعلان عنها ومن تطالهم عند إصدارها. فمن الواضح ان الاتحاد الأوروبي لم يعد قادرا على فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين باسم الاتحاد كقوة وهيئة جامعة، في ظل فقدان الإجماع الذي خرقته هنغاريا بامتناعها عن البحث في هذه الإجراءات فعطلت جهود الدول الأوروبية الـ 27 الاخرى ودفعت بعضا من اعضائها الى التفكير بالعقوبات الافرادية التي يمكن ان تقدم عليها كالحكومة الفرنسية وربما الألمانية كما بريطانيا من خارج مجموعة دول الاتحاد بعدما أبعدت لائحة العقوبات السويسرية القضائية والمالية في حال صدورها عن لائحة العقوبات الأوروبية الجامعة، فسويسرا تتمتع بحياد جعلها خارج أي اصطاف اقليمي او قاري.
وعلى هامش انتظار العقوبات الافرادية التي تحدثت عنها بعض الحكومات الأوروبية وبمعزل عن تلك التي اتخذتها هيئات مصرفية مالية ونقدية اعاقت التسهيلات المالية التي كان المستوردون اللبنانيون يستفيدون منها، توقفت المراجع الديبلوماسية أمام ما يمكن ان تقوم به فرنسا والولايات المتحدة بمعزل عن جهود الدول والحكومات الاخرى. ونسبت الى مراجع معنية ان هاتين الدولتين يمكنهما فرض عقوبات تتجاوز بقساوتها ما يجري الحديث عنه في باقي الدول والمجموعات. فالتنسيق الفرنسي – الأميركي الذي يقوده “الثنائي الصديق” منذ عقود من الزمن انتوني بلينكن وجان ايف لودريان اعطى فاعلية كبرى في الكثير من القرارات التي اتخذت في أكثر من قضية دولية واقليمية وان تعاونهما في الملف اللبناني قد يكون أجدى وأفضل من باقي المبادرات.
وبانتظار ان تتوضح النقاط التي تم التفاهم بشأنها تحدثت المصادر الديبلوماسية عن تحرك مرتقب للديبلوماسيتين الفرنسية والأميركية في بيروت على الساحتين السياسية والمالية، فدعمهما المباشر للجيش اللبناني والمؤسسات الامنية الاخرى تجاوزته المناقشات ورسمت خريطة الطريق التي ترجمتها واشنطن بالمساعدات المباشرة للجيش والقوى الامنية واطلقت باريس التحرك الدولي عبر مؤتمر دعم الجيش الذي عقد في السابع عشر من الشهر الجاري ورسم خريطة الطريق بطريقة ستظهر فاعليته بدءا من أيلول المقبل.
وبالعودة الى التعاون الفرنسي – الأميركي لا يمكن تجاهل ما رسمته العاصمة الفرنسية من عنوان لجهودها في المرحلة المقبلة عندما تحدث الرئيس ايمانويل ماكرون عن “العمل مع شركاء دوليين لإنشاء آلية مالية تضمن استمرار الخدمات العامة اللبنانية الرئيسية” في مسعى لتجاوز مخاطر “الارتطام الكبير” الذي بات على قاب قوسين او أدنى من وقوعه في لبنان طالما ان الجهود الرامية الى “تشكيل حكومة من شأنها أن تقود الإصلاحات وتطلق العنان للمساعدات الدولية” تحول الى هدف بعيد المدى.
وتأسيسا على ما تقدم، ربط المراقبون بين الاعلان الاميركي – الفرنسي هذا، وما عبرت عنه السفيرة الاميركية دوروتي شيا في اطلالتها التلفزيونية امس لتعطي شهادة ايجابية بالمبادرة الفرنسية منذ انطلاقتها في أيلول الماضي. فاعتبرت بصراحة غير مسبوقة ان “حكومة المهمة التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لدى إطلاق مبادرته تركزت على معالجة تداعيات الانفجار والتصدي لوباء كورونا والبدء بتنفيذ بعض الإصلاحات الرئيسية الضرورية لإحداث استقرار اقتصادي واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”.
وفي اشارة واضحة الى حجم معرفتها بالعقبات التي تحول دون تشكيل الحكومة ، لم تشر الى طرف واحد بل وزعت المسؤوليات على مجموعة من القيادات السياسية والحزبية استنادا الى ما سمعته في واشنطن في زيارتها الاخيرة قبل أسبوع تقريبا، ولقاءاتها كبار المسؤولين “الذين يحرصون على لبنان بشدة، فلاحظت في كلامهم مدى خطورة الوضع أكثر مما ألاحظه في بيروت”.
وتابعت “أدرك أن اللوم يقع على أكثر من حزب واحد لكن حجم المسؤولية يختلف من جهة إلى أخرى واللبنانيون أجدر مني بالإجابة عمن يعطل لكن أعتقد أن هذا الأمر واضح”.
عند هذه النقاط تتقاطع القراءات الفرنسية والاميركية فهل تتلاقى على مجموعة العقوبات التي تدفع المسؤولين اللبنانيين الى التحرك في الاتجاه الذي يقود الى الانقاذ والتعافي ام انها دفعة جديدة من العقوبات ستدرج على لائحة من سبقتها والتي بقيت دون فاعلية، ان لم تكن قد انعكست تعاظم قوة المعاقبين وتدفعهم الى مزيد من التشدد أيا كانت الكلفة التي يدفعها لبنان واللبنانيون!؟.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.