نقلا عن المركزية –
بين مَن قرأ في محادثات المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان استكمالا للمبادرة الفرنسية القائمة على سلّة تشمل الرئاستين الاولى (لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية) والثالثة (للسفير نواف سلام) ومحاوَلةً لتسويقها من جديد عبر وسيط أقوى هو عميد الدبلوماسية الفرنسية، ومَن اعتبر ان المشاورات وتكليف لودريان بها، يعنيان ان صفحة هذه المبادرة طُويت، خلاصة وحيدة: لا حلّ في المدى المنظور للعقدة الرئاسية الكأداء وقد غادر لودريان بيروت اليوم مع “وجعة رأس” كبيرة بعد ان لمس حجم الشرخ الداخلي، وهو سينكب في قابل الايام على محاولة صياغة طرحٍ ما، يكون مرضيا للقوى السياسية اللبنانية التي قابلها كلّها، على ان يعود بعدها الى بيروت.
لحوار بناء: وفي ختام جولته في بيروت، كشف لودريان عن معالم المرحلة الثانية من مهمّته. فأعلن في بيان انه “بناء على طلب رئيس الجمهورية، الذي عيّنني موفده الشخصي من أجل لبنان، قمت بزيارة إلى لبنان من 21 الى 24 حزيران، في هذه الزيارة الاولى اردت اولا ان اصغي ، لذا التقيت بالسلطات المدنيّة والدينيّة والعسكرية بالاضافة الى ممثلين عن كافة الاطراف السياسية الممثلة في مجلس النواب.. واضاف “سوف ارفع تقريرا حول هذه المهمة الى رئيس الجمهورية فور عودتي الى فرنسا. وساعود مجددا الى بيروت في القريب العاجل لأن الوقت لا يعمل لصالح لبنان”. وتابع “سوف اعمل على تسهيل حوار بناء وجامع بين اللبنانيين من اجل التوصل الى حل يكون في الوقت نفسه توافقياً وفعالا للخروج من الفراغ المؤسساتي والقيام بالاصلاحات الضرورية لنهوض لبنان بشكل مستدام وذلك بالتشاور مع الدول الشريكة الاساسية للبنان”… وكان المبعوث الرئاسي الفرنسي اختتم زيارته للبنان بلقاء وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب في الوزارة، صباح اليوم السبت، برفقة سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو ووضعه في أجواء لقاءاته مع الأطراف اللبنانيين، على أن يواصل إتصالاته قريباً.
الى الخليج فباريس: وبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن الدبلوماسي الفرنسي سيعرّج على الرياض وعلى الدوحة قبل ان يعود الى باريس لوضع تقريره “اللبناني” ورفعه الى الرئيس ايمانويل ماكرون. واذ التقى الرجل امس في قصر الصنوبر، سفراء الخماسي الدولي في بيروت، تشير المصادر الى ان المعطيات اللبنانية والدولية كلّها سيأخذها لودريان في الاعتبار لدى إعداده طرحه العتيد. وعلى الارجح، هو سيعود ويناقشه مع “الخماسي الدولي” قبل ان يعود الى بيروت.
تواصل مع ايران؟: والى ذلك الحين، تتابع المصادر، لن تكون هناك اي حركة رئاسية لبنانية، حيث يرتقب ان يُحجم رئيس مجلس النواب نبيه بري عن توجيه اي دعوة الى جلسات انتخاب. وفي وقت يعتبر داعمو الوزير السابق جهاد ازعور، ان اللعبة يجب ان تبقى لبنانية وان الحل بيد النواب الـ128 حيث يفترض ان يصار الى فتح ابواب المجلس في دورات متتالية لا تنتهي الا بانتخاب رئيس، وهذا ما ابلغوه الى لودريان، تعرب المصادر عن خشيتها مِن ان يؤدي اي حلّ رئاسي يتم اقتراحُه، ولا يقود فرنجية الى بعبدا، الى ترك الرئاسة الاولى شاغرة حتى اشعار آخر، إلا اذا كانت طهران مشمولة في الاتصالات الدولية وستتم مطالبتها بالتدخل لتليين موقف الثنائي الشيعي المتصلّب والمتمسك بفرنجية او لا احد.. فهل الخماسي في هذا الصدد؟
استنتاجات القوات: ليس بعيدا، قال مصدر مقرب من رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لـ”المركزية” إذا أردنا ان نستنتج عصارة اللقاء مع لودريان نخلص الى التالي: الاستنتاج الأول ان الفرنسيين ينطلقون الآن من الصفر، وقد كرّر لودريان هذه الجملة أمام من التقاهم، مما يعني ان الفرنسيين تخطوا مبادرتهم السابقة وينطلقون الآن من الصفر. الاستنتاج الثاني الضمني هو ان الانتخابات الرئاسية وصلت الى طريق مسدود، ولا يمكن تصور اي حل من الآن فصاعدا سوى من خلال الذهاب الى خارج ما هو مطروح حاليا. الاستنتاج الثالث ان لودريان كان واضحا في حديثه على ان الأولوية القصوى الان هي لانتخاب رئيس للجمهورية وليس لطاولة حوار بمستقبل النظام السياسي او باي موضوع آخر، وان المهم ان ينكب الجميع على تبادل آراء عملية تتعلق مباشرة بالاسم الذي من الممكن ان تجتمع حوله أكثرية القوى السياسية ليتم انتخابه رئيسا للجمهورية.
حالة سيادية: ولم تبدّل محادثات لودريان شيئا في المشهد الرئاسي. في هذا الاطار، بحث جعجع، في معراب، مع النائب أشرف ريفي في آخر التطورات السياسيّة، ولا سيما زيارة الموفد الفرنسي. ريفي الذي أشار إلى أن “الأرقام التي أفرزتها جلسة 14 حزيران كانت لافتة وواضحة، ولو أن حزب الله اعتبرها “وجهة نظر”، هو الذي حاول إقناعنا بمعادلته “الـ51 صوتاً أكثر من الـ59 صوتاً” ، ذكّر بعد اللقاء، أن الحزب صرّح مراراً وتكراراً عن قدرته في التحكّم باللعبة ساعة يشاء ، فأوضحنا له أن هناك حالة سياديّة ترفض الهيمنة الإيرانيّة التي يشهدها لبنان من خلاله ، وهي حالة مسيحية -إسلاميّة متماسكة بشكل كبير، لذا، نحن مستمرون في معركتنا وصامدون إن شاء الله من أجل تعزيز هذه الحالة أكثر فأكثر لنتمكن من كف اليد الإيرانيّة عن الوطن”. ورأى أن الفرنسي يحاول الخروج من “الثنائي” الذي سمّاه، خصوصا أن المسيحيين يرفضون أن يكون مرشّح “حزب الله” مرشّحهم والأمر سيّان بالنسبة للسنّة الذين يرفضون السفير نواف سلام لأنه لا يمثلّهم ، مع احترامنا لشخصيّته وأكاديميّته”. وأوضح “أن الضيف الفرنسي، كان مستمعاً أكثر منه متكلماً، فوجّه سؤالين أساسين : الأول طلب عبره توصيفاً للواقع فأسمعناه وصفنا في هذا السياق فيما أراد في السؤال الثاني معرفة رؤيتنا في كيفيّة الخروج من الواقع الراهن ، فكان جوابنا واضح وبسيط: وجوب عقد جلسة انتخابات رئاسيّة وفقاً للدستور اللبنانيّ بدورات متتاليّة. وأشار إلى أنه في المرّة الأولى استطعنا تأمين 59 صوتاً لمرشّحنا، ولو حصلت الدورة الثانية لتمكّنا من إيصاله إلى الأكثريّة المطلوبة أي 65 صوتاً “.
الانسان يميز نفسه: من جانبها، وتعليقا على قول بري أمس ان لودريان ميّز فرنجية بدعوته الى الغداء، غردت عضو تكتل لبنان القوي النائبة ندى بستاني على حسابها عبر “تويتر” كاتبة: الانسان هو بيميّز حالو بفكرو وسلوكو وبرنامجو، لا بغدا ولا بعشا…وشعبو بيميزو وبيختارو مش الأجنبي مهما بلغ موقعو. نحنا تبلّغنا انو الماضي مضى وبلّشت مرحلة جديدة. اذا حدا انزعج يسأل يلّي بلّغنا ويعترض عليه…لازم سوا نقرّر مصير الرئاسة والحل ما بيكون الّا لبناني لبناني…
امل.. للحوار: على الضفة الاخرى، أشار عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم الى أن ” لودريان وسأل استمع وكان واضحا أنه يحاول استجماع آراء الجميع، لكنه لم يكن واضعا أو ملغيا لاسماء، وسيكون هناك استكمال للزيارة، وبناء على الجولة الأولى سيكون هناك تقدم للمبادرة الفرنسية من خلال أفكار واقتراحات ستبنى عليها الرؤية الفرنسية الجديدة وستتضح لاحقا”. وعن إمكان التخلي عن دعم ترشيح فرنجية قال “دعمنا له لم يكن نتيجة تقاطع حالي يمر مرور الكرام إنما نابع من قناعة، لهذا لا يمكن أن يكون هناك نقطة على السطر، وكل ذلك يجب أن يقودنا الى الواقعية”. وإذ شدد على ان “موقع الرئاسة وطني بامتياز ويمثل اقل الطوائف كما أعلاها”، قال “لا نفرض مرشحنا، وهناك محاولة ذر الرماد في العيون لناحية الدعوة الى الحوار، ونحن مستعدون للذهاب اليه من دون شروط مسبقة”.
الراعي.. فليتفضّلوا: اما بكركي فدعت مرة جديدة مجلس النواب الى الاضطلاع بمهامه. فقد قال البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الرَّاعي في عظته في قداس يوبيل كهنوتي لكهنة طرابلس – في كنيسة مار مارون طرابلس اليوم “الرحمة مطلوبة من كلّ مسؤول في الكنيسة والدولة: المسؤولون السياسيّون عندنا ينتهكون بشكل سافر الرحمة ومقتضياتها تجاه المواطنين. وقد أوصلوا الدولة إلى تفكّكها، والشعب إلى حالة الفقر المدقع والحرمان، وحرموه حقوقه الأساسيّة والعيش بكرامة. وها معطّلو نصاب جلسات مجلس النوّاب لإنتخاب رئيس جديد للجمهوريّة يمعنون في ذلك، وكأنّ العمل السياسيّ أصبح وسيلة للهدم والقهر، بدلًا من أن يكون فنًّا شريفًا لخدمة الخير العام. مرة اخرى نردد للمسؤولين السياسيين: ان لبنان ليس ملكًا لاحد ليتصرف به وبشعبه على هواه وبحسب مصالحه. لبنان ملك شعبه وتاريخه وثقافته وحضارته. نحن نشجب وندين هذا التصرف الهدّام للبنان ومؤسساته واقتصاده وماله العام. ان مدينة طرابلس العزيزة التى كانت تدعى “ام الفقير” اصبحت اليوم “مدينة الفقراء”. وليتذكروا مقدمة الدستور التي تنص على ان لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية”. فليتفضل المجلس النيابي ان ينتخب رئيسا للجمهورية ولديه مرشحان محترمان”.
شرف الدين في سوريا: على صعيد آخر، وفي متابعة لأزمة النزوح السوري، توجّه وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين صباح اليوم إلى العاصمة السورية دمشق، للقاء عدد من المسؤولين المعنيين بملف النازحين السوريين، حيث سيُبحث في الخطة المتفق عليها سابقاً، بالإضافة إلى التحضير للزيارة الرسمية التي سيقوم بها الوفد الوزاري المكلّف من الحكومة.
الحدث الاشتراكي: على صعيد آخر، تتجه الانظار الى المدينة الكشفية عين زحلتا غدا حيث سيكون الحدث “اشتراكيا” بامتياز، مع المؤتمر الـ49 للحزب التقدمي، في الثانية عشرة ظهراً. فقد اكتملت التحضيرات ليوم انتخاب الرئيس الجديد للحزب، لوجستيا وترشيحا ايضا، علما ان المعركة محسومة لرئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط. ويرتقب ان تكون للرئيس المستقيل وليد جنبلاط كلمة مهمة في المناسبة ستكون شاملة وتتطرق الى تاريخ الحزب وثوابته ونضالاته، والى التحديات والازمات والاستحقاقات التي تواجهها البلاد والمنطقة اليوم.
فاغنر يتوعّد: دوليا، وفي تطور خطير، تعهد قائد مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين الذي أعلن الانتفاض على القيادة العسكرية الروسية، أن “يذهب حتى النهاية” وأن “يدمّر كل ما يعترض طريقه”، مؤكدا أن قواته دخلت الأراضي الروسية. أتت التطورات بعدما دعا قائد مجموعة “فاغنر” إلى انتفاضة على قيادة الجيش بعدما اتّهمها بقتل عدد “هائل” من عناصره في قصف استهدف مواقع خلفية لهم في أوكرانيا، في اتّهام نفته موسكو، مؤكّدة ملاحقة يفغيني بريغوجين بتهمة “الدعوة إلى تمرّد مسلّح”. أما الكرملين، فقال على لسان المتحدّث باسمه ديمتري بيسكوف إنّ الرئيس فلاديمير بوتين “أحيط علماً بكلّ الأحداث المتعلّقة ببريغوجين. يجري حالياً اتّخاذ الإجراءات اللازمة”. وتأتي هذه القنبلة التي فجّرها قائد بريغوجين في وجه القيادة العسكرية الروسية لتخرج إلى العلن التوتّرات العميقة التي تعاني منها قوات الكرملين في أوكرانيا.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.