
نقلا عن المركزية –
يعرف المتابعون لما يجري في سوريا أن السويداء ليست سوى أوّل الغيث، وأن الرئيس السوريّ أحمد الشّرع هو أوّل الخاسرين من هذه الأحداث، مقابل انتصار إسرائيليّ واضح لإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط انطلاقًا من سوريا. وإذا كان لبنان الرسميّ غير معنيّ بالأحداث، إلا أن التداخل الطائفي والجغرافيّ والسياسيّ بين لبنان وسوريا يفرض على معظم السياسيين اللبنانيين وزعماء الطوائف تدخلًا في الموقف ليس أكثر، ومن هنا برزت تدخلات سياسية واضحة درزية وسنيّة، أبرزها موقف الخصمَين اللدودَين في الملعب الدرزي: رئيس «الحزب الإشتراكي» السابق وليد جنبلاط ورئيس «حزب التوحيد العربي» وئام وهّاب. ولأن رئيس «الحزب الديمقراطي» طلال إرسلان كعادته يهوى الاعتدال، فهو وقف بين مؤيد لنصرة السويداء ومنتقد لإدارة الشرع، لكن على طريقته الخاصة.
المعركة الفعلية كانت في سوريا بالدم والنار بين سنّة خارجين عن إرادة الشرع، بحسب بيان الرئاسة السورية، وفي لبنان درزية درزية بين بيك المختارة وزعيم الجاهلية. منتقدو وهّاب كثر وهو فتح الباب منذ حرب إسناد غزة على كثير من الانتقادات عبر مواقف اعتبرها كثيرون متناقضة. لكنّ المؤيدين والمنتقدين يعترفون معًا بأن وهّاب مؤسسة إعلامية بحدّ ذاتها، وهو استطاع في الأسابيع الأخيرة كسب عطف الشارع الدرزيّ بين سوريا ولبنان وإسرائيل بمواقف عالية السقف، أدت إلى مطالبة كثيرين من خصومه بتوقيفه. في مقابل مواقف جنبلاطية داعية إلى استشراف الخطر الإسرائيلي، وإلى الارتماء في الحضن العربي، وإلى عدم مهاجمة الشرع والسنّة بشكل عام.
وكعادته، يعرف بيك المختارة من أين تؤكل الكتف، ويُعطي حقًا للتوازنات السياسية من دون الالتفات إلى نبض الشارع الدرزي، مُدركًا بأن الشارع سيتبع البيت الجنبلاطيّ مهما تباينت المواقف. وكشفت الأوساط الجنبلاطية لـ «نداء الوطن» عن اطمئنانها على مصير دروز سوريا، وأكدت أن تواصل جنبلاط مع القيادات السورية والعربية والغربية أدى ويؤدي إلى تسوية مقبولة، رغم بشاعة المجازر التي استفزّت الإنسانية بشكل عام، والدروز بشكل خاص. ورأت مصادر «الحزب الإشتراكيّ» أن مواقف وهّاب مشبوهة وهي تدعو إسرائيل لضرب عاصمة العروبة، وأن الدروز لن يرضوا بأن يكونوا يومًا أداة بيد إسرائيل، ولن يتخلّى دروز سوريا عن عروبتهم وعن أرضهم وتاريخهم. هذه المصادر قابلتها مصادر «حزب التوحيد» والتي اعتبرت أن الدروز بمعظمهم باتوا ضدّ خيارات جنبلاط، وأن من يتزعّم المشهد الدرزيّ اليوم هو الشيخ موفّق طريف. المصادر نفسها اعتبرت أن مشايخ الدروز يرفضون التهاون مع مجازر السويداء ولا يوافقون على خطاب جنبلاط الاسترضائي، بل إن الاتصالات التي يتلقاها زعيم الجاهلية من المشايخ أنفسهم تؤكد أن الأرض تريد خطاب وهّاب، وأن الشّرع مسؤول عن مجازر السويداء.
يعكس هذا الطرح وجهتيّ النظر من داخل البيت الدرزي. لكن، وبحسب المعلومات الخاصة فإن اللوبي الدرزي على مستوى واشنطن والعالم بدأ تحرّكًا ضاغطًا لمحاولة إقناع أميركا وإسرائيل بالإطاحة بالرئيس السوري، وأن الدروز يعتبرون أن لا إمكانية لأي رئيس بأن يحكم سوريا ويداه ملطّختان بالدم الدرزي. كل هذا في إطار المعطيات والتحليل والمصادر. ولكن المؤكد وما لا يقبل الشكّ، أن أكثر المواقف السياسية الدرزية في لبنان، وخصوصًا من جنبلاط ووهاب، مرتبطة بالانتخابات النيابية المقبلة. فجنبلاط يحتاج إلى سنّة إقليم الخرّوب ليضمن المقاعد التي حصل عليها سابقًا. كما يحتاج إلى سنّة بيروت والبقاع في أكثر من مقعد. كما أنّ وهّاب يحتاج إلى شدّ عصب درزيّ ليعوّض ما خسره من مواقف خلال حرب الإسناد وخلال سقوط الرئيس السابق لسوريا بشار الأسد. كل هذا يبقى مقبولًا ومسموحًا طالما أن الجميع مقتنع بإبقاء الصراع ديمقراطيًّا سياسيًّا، بانتظار الانتهاء من رسم خارطة الشرق الأوسط ومعرفة مصير البلدان والشعوب والأديان.
رامي نعيم – نداء الوطن
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.