نقلا عن المركزية –
حينما يُضرب القضاء من بيت ابيه، وبسوط أمه، يصبح السؤال عما تبقى من بنيان الدولة المنهارة مشروعاً. فبعدما دكّت المنظومة الحاكمة عواميد الهيكل الواحد تلو الآخر سياسيا واقتصاديا وماليا وسخرت الامن لمصالحها في ضوء تعذر فرض كامل سطوتها عليه، ضربت ضربتها في القضاء عبر من زرعتهم في صلب المؤسسة تحت شعارات رنّانة تدغدغ مشاعر الرأي العام وتلعب على وتر أشدّ الملفات دقّة لديه فنجحت في نخرها حتى العظم، وتسديد الضربة القاضية لما تبقى من هيبة عملت على تقويضها في اطار خطة مبرمجة، انكشفت تفاصيلها للملأ في الساعات الاخيرة.
وبعيدا مما اقترفت ام لم تقترف القاضية غادة عون من ارتكابات مخالفة للاصول القضائية، وأبعد مما افضى اليه الاجتماع القضائي الطارئ وما نطقت به وزيرة العدل على الآثر، خلاصة وحيدة يمكن استنتاجها مما جرى، مات العدل في دولة العدالة، وفي انتظار صدور مراسم النعي والدفن…اهلا بكم في جهنم، الرحمة جائزة على لبنان وأهله، ومبروك لمن خطط ونفذ ووصل الى المبتغى.
اصرار على المخالفة: في اعقاب التطورات القضائية المتسارعة بين الامس واليوم على خلفية مداهمة القاضية عون شركة مكتف المالية في عوكر، قافزة فوق قرار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات امس وبعيد الاجتماع القضائي الطارئ، عادت عون مجددا اليها اليوم ترافقها مجموعة من مناصري التيار الوطني الحر، كما ذكر بعض المعلومات، حيث فوجئ القاضي سامر ليشع الذي حضر بمؤازرة أمنيّة الى مكاتب الشركة بناءً على تكليف عويدات بوجودها هناك، متخطية تطابق مواقف رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ومدعي عام التمييز ورئيس التفتيش القضائي بركان سعد وإجماعهم على ضرورة مثولها أمام التفتيش“.
“انتفاضة قضائية”: وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم، رأت بعد الإجتماع القضائي الطارئ الذي حضره عبود وسعد وعويدات، أنّ “ما حصل في الأمس مرفوض كلياً من جميع اللبنانيين و”اللي بدو يزعل يزعل”، مضيفةً: “لست هنا اليوم لأخذ موقف مع جهة سياسية بوجه الأخرى، ولا تبعية سياسية لدي، ولست هنا للقيام بغير صلاحياتي القانونية. بغض النظر عن الأشخاص والأخطاء، نرى اليوم خلافا قضائيا وانقساما، والشعب يرى أن القضاء منقسم وتابع لمرجعيات سياسية، وهذا الأمر يقسم الشعب أيضاً، وأرفض وضع القضاء الحالي الذي يلغي نفسه ويسقط نفسه أمام الناس“.
وسألت: “كيف لقاضٍ الوقوف على قوس المحكمة وهو مرتاح فيما هو منحاز لجهة سياسية؟ وهذا هو الواقع اليوم، فهناك قضاء عاجز عن مكافحة الفساد ويقاتل في معركة إعلامية؟“ وتابعت: “هناك مرجع في القانون اسمه هيئة التفتيش القضائي، وطلبت منه منذ أسبوعين أن يضعه يده على ملف القضاء لتقييم أداء القضاة، وتصنيفهم بين المخطئ والصائب، وأطلب من التفتيش المضيّ بهذا الملفّ لأن الوضع لم يعد مقبولاً“. وناشدت نجم “القضاء الانتفاض على الواقع الحالي، وهناك إمكانات مادّية غير متوافرة لحسن سير العدالة. لطالما طالبت بقضاء فعّال ومستقلّ، ولا يوجد ملفّ من دون مناكفات طائفية والمشكل بالنظام القائم”، لافتة الى “ان المشكلة اليوم تدلّ الى فشل مؤسسات الدولة في ظلّ عدم الفصل بين السلطات“.أضافت: “وزير العدل لا صلاحية له على القضاة، وهناك غياب للثقة بالقضاء اللبناني وهذه إهانة كُبرى، والمشكلة ليست بالقوانين إنّما بالتطبيق“.ورأت “ان المعالجة لا تتمّ بالإعلام بل ضمن المؤسسات، وعلى القضاء تقييم نفسه والاتّجاه الى المحاسبة الفورية من أجل الوصول الى إدارة حكيمة وسليمة وللقضاء، واذا لم يتحمل هذه المسؤولية سيتحوّل الى ضحية“.وختمت: “لن أكون شاهد زور على انحلال القضاء، ولم نأتِ لتغطية فريق سياسي في وزارة العدل، ولا يمكنني الاستمرار بتصريف الأعمال في هذه الأوضاع الرديئة. أدعو الى التسريع في عملية تشريع قانون استقلالية القضاء“. ورداً على سؤال قالت: “لم يُطلَب منّي أيّ شيء في ملف القاضية غادة عون أو أيّ ملف آخر ولا يحقّ لي كوزيرة عدل اتّهام أيّ قاضٍ“.
باسيل والثورة الحقيقية: وكان رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل غرد عبر “تويتر”، قائلاً: “إن الكلام عن الإصلاح ومكافحة الفساد لا معنى له إذا لم يكن هناك قضاء مستقل وجريء وفاعل؛ فالثورة الحقيقية هي ثورة القضاء النزيه الذي يلاحق قضايا الناس بوجه بعض القضاة الفاسدين الذين يخبّئون بعض الملفات ويقصّرون في بعضها ويعطّلون بعضها الآخر. أي إصلاح نأمل ان لم يصلح القضاء؟ على كل لبناني أن يحدّد موقفه بين من يريد الإصلاح لتقوم الدولة وتستعاد الأموال ومن يريد استمرار الفساد فيكون استمرار للانهيار. اين الاعلام والمجتمع المدني ووزيرة العدل والمجلس الاعلى للقضاء والقوى السياسية؟.
الوطني الحر: بدورها اصدرت الهيئة السياسية في التيار الوطني الحر بعد إجتماعها الدوري إلكترونياً برئاسة النائب باسيل وأصدرت بياناً أكدت فيه ان التيار ماضٍ في فضح كل ملف يتصل بمكافحة الفساد، وهو يحيّي كل قاضٍ يتجرّأ بالحق ويقوم بواجباته رغم ما يتعرض له أحياناً من ظلم. ويؤكد التيار أن الكلام عن الإصلاح ومكافحة الفاسد لا معنى له إذا لم يكن هناك قضاء مستقل، جرئ وفاعل يلاحق الملفات حتى خواتيمها، فالثورة الحقيقية هي ثورة القضاء النزيه الذي يقف الى جانب قضايا الناس المحقة بوجه بعض القضاة الفاسدين الذين يخبؤن بعض الملفات ويقصّرون في بعضها ويعطّلون بعضها الآخر. كما يأسف التيار أن يكون بعض الإعلام وكثيرين من المجتمع المدني غائبين عن مناصرة الحق بل مساندين للباطل خصوصاً في قضايا تهريب أموال اللبنانيين الى الخارج وتفريغ البلاد بطرق ملتوية من العملات الصعبة لغايات لا تتوقف عند حدود تحقيق الأرباح غير المشروعة بل تؤدي الى ضرب الإستقرار وخلق الفوضى. ويدعو التيار القوى الشعبية والسياسية المؤمنة بالإصلاح الى رفض التعسف اللاحق بمن يتولى الدفاع عن حقوق الناس وبالتحديد من هم في القضاء. فلا يجوز إحباط آمال الناس بالإصلاح وضرب من يمثلون عنواناً لمكافحة الفساد.ويتوجه التيار الى وزيرة العدل والى المجلس الأعلى للقضاء بالدعوة لتحمّل مسؤولياتهم وعدم السكوت عمّا يصيب القضاء من سوء سمعة وسوء اداء وسوء تحكيم للضمير، فأي إصلاح نأمل إن لم يصلح القضاء؟ ويتوجه التيار الى كل لبناني ليحدّد موقفه من معركة واضحة بين من يريد الإصلاح لتقوم الدولة وتُستعاد أموال اللبنانيين، ومن يريد إستمرار الفساد فيكون إستمرار للإنهيار.
وفي الملف الحكومي رأى التيار ان اللبنانيين ملّوا من تكرار الأسباب التي تقف وراء إمتناع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري عن تشكيل الحكومة، إن هذا التأخير يرتد على حياة الناس ومعيشتهم ويفاقم من الإنهيار المالي والإقتصادي.إن التيار الذي يكرر مجدداً أنه لن يشارك في الحكومة، يؤكد أنه لن يتوقف عن فعل كلّ ما يلزم والمبادرة لحثّ الرئيس المكلّف على التأليف من ضمن الميثاق والدستور وهو يقوم مؤخراً بجهدٍ إضافي ومكثف بعدّة إتجاهات من أجل تشجيع رئيس الحكومة المكلّف على وضع مشروع حكومة متكامل يقدّمه لرئيس الجمهورية بحسب الأصول من أجل الإتفاق بينهم على تأليف حكومة تحصل على ثقة المجلس النيابي والمجتمع الدولي وكافة اللبنانيين.
“المستقبل” يردّ: على خلفية هذا الموقف دعا “تيار المستقبل” في بيان “التيار الوطني الحر الى وقف المسرحيات الهزلية المملة, والى التوقف عن بث الاضاليل, فهو يعرف ان الرئيس المكلف قدم تشكيلة حكومية كاملة المواصفات منذ اكثر من اربعة اشهر استنادا الى معايير الدستور والميثاق والكفاءة ولكن للاسف حتى الان فان رئيس الجمهورية يحتجزها الى جانب التشكيلات القضائية ومراسيم مجلس الخدمة المدنية.
وفي ملف القضاء،يعتبر تيار المستقبل ان ما يحصل في الجسم القضائي مسألة في غاية الخطورة، وهي سابقة لم تحصل في خلال الحرب الاهلية المشؤومة، ولا حتى في ايام سطوة النظام الامني اللبناني السوري المشترك. ان التباكي على بعض القضاة بعد تشجيعهم على مخالفة القوانين، والطلب اليهم فتح ملفات استنسابية للخصوم هو امر لم يعد ينطلي على احد من اللبنانيين.ان القضاء هو حصن العدالة وملاذ المظلوم ومتى سقط تسقط منظومة قيم الحقوق والواجبات ونذهب الى نظام تسوده شريعة الغاب، فالتصدي لما يحصل من ممارسات غريبة عجيبة في القضاء ,تبدأ بالافراج عن التشكيلات القضائية المحتجزة في القصر الجمهوري لغايات كيدية وسياسية ,وما يشاهده اللبنانيون اليوم هو نتيجة طبيعية للاعتداء عللى صلاحية مجلس القضاء الاعلى ومخالفة القوانين عبر الاستمرار في توقيف التشكيلاات القضائية دون اي مسوغ قانوني.
باسيل بعد الحريري: على خط آخر، وفيما غادر الرئيس المكلف سعد الحريري موسكو امس متوجها الى ابو ظبي للتشارك والعائلة في ذكرى ميلاده، قبل ان ينتقل مجددا الى الفاتيكان الخميس المقبل تلبية لدعوة قداسة البابا فرنسيس، كشف مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية النائب السابق امل ابو زيد عن زيارة للنائب باسيل إلى موسكو نهاية الشهر الحالي أو بداية المقبل تتخلّلها لقاءات مع المسؤولين الروس لسماع وجهة نظره من الوضع الحكومي والمستجدات.
عراجي: في المقلب الصحي، غرد النائب عاصم عراجي عبر “تويتر”كاتبا : “عملية التلقيح عن طريق الشركات الخاصة دخل بها عامل الربح غير المقبول، نقابة الصيادلة والمحامين، تعاقدوا مع الشركة لتلقيح الأهل والأولاد وللاسف بدهم يدفعوا ٣٨$ كاش للفرد، مع 40 الف ليرة للابرة، و5000 عموله للبنك، هذه الارباح غير مقبولة من الشركات“.
الانفجار: على الضفة الاقليمية، أفاد التلفزيون الإيراني نقلاَ عن السلطات الايرانية بأنه تم تحديد هوية الشخص المسؤول عن الانفجار في منشأة نطنز النووية، كاشفاً عن أن المشتبه فيه بالهجوم كان ضمن الفريق العامل في المنشأة يدعى رضا كريمي وغادر البلاد قبل أيام من الهجوم.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.