نقلا عن المركزية –
بعد “الاحد الأسود” ببؤسه ودموعه ومرارة فراق من قضوا في محرقة السلطة في التليل العكارية، ومن يعانون وجع الاحتراق في مستشفيات لبنان القابعة بدورها على حافة النزاع لكثرة ما ضربها من ازمات، او في الخارج الذي آلمه ما لم يؤلم المسؤولين عن لبنان فنقلوا المصابين الى مستشفيات في دولهم، عاد البلد إلى النفق المجهول، والمواطنون الى مسلسل الذّل والقهر يصطفون في طوابير لا نهاية لها لتأمين ربطة خبز او دواء او صفيحة بنزين او مازوت، على امل الا ينفجر فيهم خزان محروقات يضع حدا لحياة لم يعد لها من قيمة في وطن بات الموت عنوانه العريض.
التشكيل: غداة الانفجار المأساة، وفيما تم تنكيس الاعلام حدادا على ضحايا التليل، سجلت مواقف دولية لمسؤولين محليين ودوليين اكدت ضرورة تأليف الحكومة سريعا. وقد تحدث مصدر سياسي رفيع لـ”رويترز” عن تطور إيجابي بملف تشكيل الحكومة اللبنانية. وقد زار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قصر بعبدا في الثالثة والنصف بعد الظهر حيث استكمل البحث في ملف التأليف، وقال عقب اللقاء: نحاول حل موضوع الحكومة بالطريقة الملائمة للجميع على أن تكون حكومة تواجه الواقع الموجود في لبنان ونريد أن تتضافر الجهود كي تقوم الحكومة بواجباتها. واضاف: الحديث مع عون كان بالعمق وستكون لنا لقاءات أخرى هذا الأسبوع ودخلنا بموضوع الأسماء. وتابع: العبرة في النهاية ولن أشرح من هذا المنبر المشاكل الموجودة. وقال “نسبة تشكيل الحكومة أكبر من نسبة الاعتذار وليس لدي وقت محدد ولكن المدة ليست مفتوحة“.
لن استقيل: من جهته، أعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن أمله في أن “نتوصل الى الحد من الازمة من خلال تشكيل حكومة جديدة في الأيام القليلة، رغم سعي البعض لعرقلة هذا التشكيل”، مؤكدا أن “رئيس الجمهورية، رغم ما خسره من صلاحيات، إلا انه شريك في التأليف مع رئيس الحكومة المكلف، وله ان يختار من بين الأسماء المطروحة في ظل ما يتمتع به من سلطة معنوية“. وشدد على أن “نضالنا مستمر من أجل إعادة بناء هذا البلد، رغم كل الصعاب والمواجهات التي تعترضنا وحملات التضليل والشائعات”، مؤكدا أنه لن يستقيل وسيقوم بواجباته حتى النهاية ولن يهزه أحد إن في موقعه أو في حرصه على مواصلة محاربة الفساد. وقال: “بدأنا منذ بداية العهد بالعمل والسعي لتحقيق الإنجازات من خلال قوانين تلزيم واستخراج النفط مرورا بحملة تطهير الأرض من الإرهابيين والخلايا النائمة، وصولا الى تعزيز السياحة وإجراء الانتخابات النيابية على أساس القانون الانتخابي الجديد، ونأمل اليوم أن نتوصل الى الحد من الازمة من خلال تشكيل حكومة جديدة خلال الأيام القليلة، رغم سعي البعض لعرقلة هذا التشكيل، والمباشرة بالإصلاحات البنيوية والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإعادة بناء لبنان وتنظيمه إداريا وسياسيا وعلى مختلف الأصعدة“. وأعاد تأكيد سعيه المتواصل لإجراء التدقيق الجنائي. وقال: “كلما اقترب الأمر من التحقيق كلما زادت الضغوط لمنعه. الفساد وليد الذهنية المافياوية كما أثبتت الوقائع على مر العصور، وهناك ما تحقق أخيرا لجهة رفع السرية المصرفية“. وقال: “لن استقيل وسأقوم بواجباتي حتى النهاية، وآمل أن تبدأ معي مرحلة إعادة إعمار لبنان نفسيا وماديا على ان يستكملها الرئيس الجديد في وقت لاحق. رئيس الجمهورية رغم ما خسره من صلاحيات الا انه شريك في تأليف الحكومة مع رئيس الحكومة المكلف، وله ان يختار من بين الأسماء المطروحة في ظل ما يتمتع به من سلطة معنوية“. وشدد على عزمه على مواصلة محاربة الفساد، مؤكدا “لن يهزني أحد إن في موقعي أو في حرصي على مواصلة ما بدأته في هذا الإطار”، معربا عن امله في أن “يعود من غادر لبنان في المرحلة السابقة بفعل اشتداد الازمة الى ربوعه فور تحسن ظروفه“.
شيا: وكان عون التقى سفيرة الولايات المتحدة الاميركية دوروثي شيا، التي قالت بعد اللقاء: “التقيت صباح هذا اليوم رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي حيث بحثنا الجهود اللبنانية لتشكيل حكومة بسرعة، وقد انتهيت لتوي من لقاء فخامة الرئيس ميشال عون حيث بحثنا الموضوع نفسه“. أضافت: “الشعب يعاني والاقتصاد والخدمات الأساسية وصلا إلى حافة الانهيار. كل يوم يمر دون وجود حكومة تتمتع بالصلاحيات وملتزمة وقادرة على تنفيذ إصلاحات عاجلة هو يوم ينزلق فيه الوضع المتردي أصلا أكثر فأكثر إلى كارثة إنسانية“. وتابعت: “نحن نحض الذين يواصلون عرقلة تشكيل الحكومة والإصلاح على وضع المصالح الحزبية جانبا. لقد رحبنا بإطار العقوبات الجديدة التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي لتعزيز المساءلة والإصلاح في لبنان، وستواصل الولايات المتحدة التنسيق مع شركائنا بشأن التدابير المناسبة“. واعتبرت شيا أن “لبنان يحتاج إلى قادته لاتخاذ إجراءات إنقاذ عاجلة، وهذا لا يمكن أن يحدث دون حكومة ذات صلاحيات تركز على الإصلاح وتبدأ في تلبية احتياجات الشعب وتباشر العمل الجاد من أجل التعافي الاقتصادي“.
في التليل: ميدانيا، عاد الهدوء إلى بلدة التليل صباحا بعد التحركات التي حصلت يوم أمس نتيجة انفجار خزان البنزين وسقوط عدد من الضحايا والجرحى. وتولّى الجيش والمخابرات التحقيق، كما تم الاستماع إلى الجرحى في المستشفيات. وأكد رئيس بلدية التليل للـLBCI أن الشهداء هم شهداؤنا وشهداء كل لبنان، معتبرا أن العيش المشترك هو اساس لبنان. وكشف أن اجتماعا يضمّ الفعاليات الروحية والمدنية في المنطقة سيُعقد اليوم في البلدية..
27 ضحية: من جهته، لفت وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن إلى أنّ “حصيلة ضحايا انفجار التليل هو 27 ضحية، لكن هناك أشلاء لبعض الجثامين لم يتم التعرف اليها حتى الآن، فيما الحالات الحرجة 7”. وأشار في حديث إذاعي إلى “إجلاء 3 مصابين بحروق بالغة أمس لمعالجتهم في مستشفيات اسطنبول، بعدما ارتأى الفريقان الطبيان اللبناني والتركي عدم نقل مصاب رابع لأن هناك خطراً على حياته، فأُعيد نقله الى مستشفى الجعيتاوي”. ونوّه حسن بـ “كفاية الأطقم الطبية في لبنان”، موضحاً أن “الخوف من فقدان المازوت والأدوية والمستلزمات الضرورية لمعالجة المصابين هو هاجسنا الآن”.
الراعي: في المواقف، تابع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي كارثة انفجار بلدة التليل في عكار واطلع من راعي الابرشية المارونية المطران يوسف سويف على الجهود المبذولة من اجل احتواء هولها على المتضررين وعلى ابناء المنطقة شاجبا حالة الفوضى الهدامة التي تفتك بلبنان والتي كانت سببًا من أسباب وقوع كارثة التليل وقد تستغل ايضا لحصول المزيد من الاحداث الأليمة التي لم يعد لبنان وشعبه قادرًا على تحملها أو حتى استيعابها. ودعا الراعي السلطة السياسية والاجهزة الامنية والقضائية الى تحمل مسؤولياتها لضبط الاوضاع واحقاق الحق مشددا على ضرورة احترام ارواح الشهداء وابعاد هذه الحادثة الاليمة عن اي توظيف طائفي او بازار سياسي، وهي ابعد ما يكون عن ذلك. وسائلا الجميع الوعي والتروي للحد من الخسائر والكوارث. وإذ رفع البطريرك الراعي الصلاة لراحة نفوس الضحايا سأل لذويهم وعائلاتهم العزاء الالهي وللمصابين الشفاء. وفي هذا السياق اجرى البطريرك الراعي اتصالاً هاتفياً بقائد الجيش العماد جوزف عون معزياً بشهداء الجيش ومتمنيا الشفاء العاجل للمصابين. واثنى على دور الجيش والاجهزة الامنية في الحد من مأساة المواطنين وضبط فلتان استغلال الفاسدين للاوضاع السائدة والمتاجرة بعوز المحتاجين.
مصادرة وتوزيع: الى ذلك، وزع الجيش اللبناني 4000 ليتر من احتياط المحروقات لديه على مئتين واربعين صيادا في منطقة العبدة، استنادا الى لوائح اسمية تم اعدادها. وصادر فوج التدخل السادس في البقاع 400 ألف ليتر من المازوت في البقاع الأوسط، ويعمل على توزيعها لصالح المستشفيات والافران وكهرباء زحلة. كما تم ضبط أكثر من 200 الف ليتر في شرق بعلبك، وسيتم أيضا توزيعها على المستشفيات والافران، ضمن حملة المداهمات التي ينفذها الجيش على محطات الوقود واماكن تخزينها.
محروقات الحزب: معيشيا، بينما شح المحروقات وتحديدا المازوت على حاله، والطوابير تطول كيلومترات امام المحطات، افادت معلومات mtv ان حزب الله بدأ بتحضير المحطات عبر جمع المعلومات لرسم خريطة توزيع المحروقات والطريق المتوقعة هي بنياس – حمص – الهرمل – بيروت لتجنب طريق عكار والشمال لحساسية الأوضاع.
الخبز: الى ذلك، أوضح نقيب أصحاب الافران في الشمال طارق المير أن “اتصالات جرت خلال الساعات الماضية مع مكتب رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي من جهة ومخابرات الجيش من جهة أخرى والنقيب شادي السيد نيابةً عن اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال، أفضت الى إعداد جدول بالافران التي سيصار الى تخصيصها بكميات من المازوت“. ولفت في بيان الى أن “جهودا بذلت لتلافي ظاهرة محاصرة شاحنات نقل المازوت وتأمين وصولها الى الافران او حتى الى المولدات بعيدا من منطق الأنانية“. وتطلع المير الى “العودة للعمل بعد وصول كميات المازوت”، منوها بـ”مبادرة ميقاتي والجيش والنقيب السيد التي بذلت منذ مساء امس الأحد“.
نداء استغاثة: وبينما المستشفيات ترفع الصوت جراء نقص المازوت والادوية، أطلقت نقابة مستوردي المواد الغذائية نداء استغاثة ناشدت فيه “المسؤولين وعلى مختلف مستوياتهم بالاسراع في نجدة القطاع وإمداده بما يحتاجه من محروقات من بنزين ومازوت لتأمين استمرار عمله”. وكشفت في بيان أن “مخزون المازوت لدى الشركات يكفي فقط لأيام معدودة، محذرة من ان أمن اللبنانيين الغذائي بات بخطر ضمن نطاق زمني ضيق، نتيجة هذه العوامل الداخلية وليس لأسباب خارجية تتعلق بعدم القدرة على الاستيراد”. وأشارت النقابة الى ان “مختلف حلقات عمل القطاع مهددة بالتوقف بشكل كلي، لا سيما التوزيع الذي يؤمن المواد الغذائية الى السوبرماركت والمحال التجارية وبالتالي الى المستهلك”، لافتةً الى “عامل آخر أشد خطورة ويتمثل بتلف المواد الغذائية التي تحتاج الى تبريد، لكن ما يستدعي التنبه له هو أن إعادة تكوين مخزون هذه المواد يتطلب ثلاثة أشهر على أقل تقدير”. ولفتت النقابة إلى أن “بعد كل ما نراه من تعطل لمحركات الدولة والقطاعات الاقتصادية بسبب فقدان المحروقات، وصولاً الى فقدان الرغيف والتهديد بتوقف الإمدادات الغذائية، لا بد من معالجة سريعة ونهائية لتأمين ديمومة تسليم المحروقات، لأنها قضية حياة أو موت”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.