
نقلا عن المركزية –
عاد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون واللبنانية الأولى السيدة نعمت عون والوفد المرافق الى بيروت عند الساعة السابعة مساء، بعد ان قطع زيارته الى الفاتيكان والغى المواعيد التي كانت مقررة لفترة بعد ظهر اليوم، بسبب الأوضاع التي تشهدها المنطقة والتطورات المتسارعة بعد الاعتداء الإسرائيلي على ايران.
وكان الرئيس عون قد اكد انه سمع من الحبر الأعظم البابا لاون الرابع عشر خلال اللقاء الذي جمعهما في مكتب البابا قبل ظهر اليوم، ما يطمئنه بأن الحبر الأعظم “سيكون دائماً إلى جانب لبنان وأهله إلى أي طائفة ينتمون وسيعمل من اجل ما يحقق تطلعات اللبنانيين في وطن آمن ومستقر وواحة امل وفرح وسلام “.
وخلال اللقاء، وجه الرئيس عون دعوة رسمية للبابا لاون الرابع عشر لزيارة لبنان مؤكدا “ان اللبنانيين يتطلعون إلى زيارته للبنان بشوق عارم لان حضوره المبارك سيكون رسالة سلام وأمل للمنطقة، ونوراً يضيء طريق الخروج من الأزمات. وقد لمست من قداسته كل تجاوب ومحبة “.
من جهته، اكد الاب الأقدس انه يتابع التطورات في لبنان ويصلي دائما من اجل احلال السلام والاستقرار فيه، كما يولي الوضع في منطقة الشرق الأوسط متابعة دقيقة، لافتاً الى انه سيعمل ما في وسعه من اجل السلام في العالم .
وقائع الزيارة: وكان الرئيس عون وصل في العاشرة قبل ظهر اليوم ( الحادية عشرة بتوقيت بيروت) إلى حاضرة الفاتيكان ترافقه اللبنانية الاولى السيدة نعمت عون وأفراد العائلة والوفد المرافق ، فادت له التحية ثلة من الحرس البابوي وتوجه الجميع وسط صفين من الحرس البابوي إلى جناح البابا. ودخل الرئيس عون إلى المكتب البابوي حيث كان في استقباله الحبر الأعظم وعقدا اجتماعا استمر نصف ساعة ثم انتقلا معا إلى المكتبة حيث انضمت اللبنانية الاولى ثم افراد العائلة الذين صافحوا البابا وباركهم، بعد ذلك صافح الاب الأقدس اعضاء الوفد المرافق .
وبعدما التقطت الصور التذكارية ، تقدم البابا والرئيس والسيدة الاولى إلى طاولة وضعت عليها الهدايا التذكارية، حيث قدم الرئيس عون ٣ هدايا هي : تمثال للقديس شربل من نحت الفنان رودي رحمة، أرزة فيها أيقونات القديسين اللبنانيين، صينية فيها مونة لبنانية منوعة وضعت في زجاجيات مصنوعة مما تحطم في انفجار مرفأ بيروت. وقدم البابا للرئيس عون هدايا تذكارية وميداليات .
بعد انتهاء اللقاء، رافق البابا الرئيس عون وودعه مباركاً اياه مع السيدة الاولى وأفراد العائلة واعضاء الوفد .
وقال الرئيس عون بعد اللقاء : “سُعدتُ اليوم بلقاء قداسة البابا لاون الرابع عشر، حامل رسالة السلام والرجاء إلى العالم، واكدت له إن العلاقة بين لبنان والكرسي الرسولي هي علاقة تاريخية ومتجذّرة، تقوم على أسس متينة من القيم الإنسانية والروحية المشتركة، وقد تجسّدت عبر عقود طويلة من التعاون والدعم المتبادل، لا سيما في أحلك الظروف التي مرّ بها وطننا.
وجددت لقداسته تمسك لبنان برسالته الفريدة في هذا الشرق المضطرب، كأرض حوار وتلاقي بين الحضارات، وواحة للحرية الدينية والتعددية الثقافية. وقلت لقداسة البابا ان لبنان، هذا الوطن الصغير بمساحته، الكبير برسالته، ما زال ينهض رغم الجراح، ليؤدي دوره الطبيعي في محيطه والعالم، كجسر بين الشرق والغرب، وكموقع حوار بين الأديان والثقافات، وهو ما أكده مرارا البابا القديس يوحنا بولس الثاني بقوله: “لبنان ليس مجرد بلد، بل هو رسالة.”
واضاف الرئيس عون: “في هذا السياق، شددت على أهمية استمرار الدعم الدولي، وفي طليعته دعم الفاتيكان، لتعزيز صمود اللبنانيين في مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ولتثبيت دعائم الاستقرار والدولة العادلة التي يتطلّع إليها أبناؤنا، وسمعتُ من قداسته ما يطمئنني بان الحبر الأعظم سيكون دائماً إلى جانب لبنان وأهله إلى أي طائفة ينتمون وسيعمل من اجل ما يحقق تطلعات اللبنانيين في وطن آمن ومستقر وواحة امل وفرح وسلام .
وخلال اللقاء، وجهت لقداسته دعوة رسمية لزيارة لبنان مؤكدا ان اللبنانيين يتطلعون إلى زيارته للبنان بشوق عارم لان حضوره المبارك سيكون رسالة سلام وأمل للمنطقة، ونوراً يضيء طريق الخروج من الأزمات. وقد لمست من قداسته كل تجاوب ومحبة .”
وختم الرئيس عون قائلا: “اني اخرج من لقائي مع الاب الأقدس بروح من الأمل المتجدد، وبإيمان راسخ بعمق العلاقة التي تجمع لبنان بكرسي القديس بطرس، حاملين معنا بركة قداسة البابا، وعهداً على مواصلة العمل من أجل وطن يليق بتاريخه، ويعبّر عن رسالته، ويؤدي دوره كاملاً في خدمة الإنسان وقيم العدالة والسلام .”
مع الكاردينال بارولين: بعد انتهاء اللقاء مع الاب الأقدس، التقى الرئيس عون امين سر الكرسي الرسولي الكاردينال بييترو بارولين واطلعه على الأوضاع في لبنان ولاسيما منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجهود المبذولة لتعزيز الاستقرار والوحدة الوطنية، مركزاً على أهمية الحوار بين جميع مكونات الشعب اللبناني لمعالجة القضايا الوطنية انطلاقاً من ضرورة تغليب المصلحة الوطنية العليا على ما عداها . كذلك تطرق البحث إلى التطورات في منطقة الشرق الأوسط وتأثيرها على لبنان لاسيما في ضوء استمرار الاعتداءات الاسرائيلية على الأراضي اللبنانية وعدم الالتزام بالاتفاق الذي تم التوصل اليه في تشرين الثاني الماضي . وتناول البحث ايضاً الجهود المبذولة من اجل اعادة الاستقرار إلى المنطقة وضرورة توفير الفرص المؤاتية لنجاحها .
وتحدث الرئيس عون مع الكاردينال بارولين عن ضرورة المحافظة على دور لبنان كنموذج للتعايش والحوار بين الأديان والعمل على تعزيز العلاقات الثنائية في المجالات المختلفة لاسيما منها القضايا الإنسانية والاجتماعية ودعم المؤسسات التعليمية والثقافية في لبنان .
وخلال اللقاء، عبّر الرئيس عون للكاردينال بارولين عن امتنانه العميق لدعم الكرسي الرسولي للبنان واللبنانيين، لاسيما في ظل التحديات التي يواجهها. واستأثرت الاعتداءات الاسرائيلية على الجمهورية الإسلامية وتداعياتها بحيز واسع من البحث . كما تطرق الرئيس عون والكاردينال بارولين إلى موضوع النازحين وواقع الاقليات ولاسيما منها الاقليات المسيحية في المنطقة التي تحتاج إلى اهتمام ودعم خاص ، وكذلك الوضع في سوريا في ضوء التطورات التي حصلت هناك .
وحضر الاجتماع عن الجانب اللبناني سفير لبنان لدى الفاتيكان غادي خوري والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير والمستشار الشخصي للرئيس عون العميد اندريه رحال .
وقبل مغادرته الكرسي الرسولي زار الرئيس عون والسيدة الاولى وأفراد العائلة واعضاء الوفد مدافن الباباوات وصولا إلى قبر القديس بطرس وذخائره، ومدفن البابا القديس يوحنا بولس الثاني والبابا بينيديكتوس السادس عشر وأيقونة القديس شربل.
دير مار انطونيوس: كذلك، زار رئيس الجمهورية واللبنانية الاولى وأعضاء الوفد المرافق بعد الكرسي الرسولي، مقر الرهبنة المريمية المارونية في دير مار أنطونيوس الكبير في روما، حيث استقبلهم وكيل الرهبانية في روما الاب جوزف زغيب، وحشد من الرهبان الذين رفعوا الصلاة في كنيسة الدير على نية لبنان والرئيس عون .
وعقد لقاء موسع في صالون الدير حضره امين سر مجمع الكنائس الشرقية المطران ميشال الجلخ، ووكيل بطريرك السريان الكاثوليك لدى الكرسي الرسولي المطران رامي قبلان، ووكيل الرهبنة اللبنانية المارونية في روما الأب جاد القصيفي، ووكيل الرهبنة الأنطونية الأب يوسف شديد، ووكيل بطريرك الروم الكاثوليك لدى الكرسي الرسولي الارشمندريت شحاده عبود، ووكيل الرهبنة الباسيليةً المخلصية لدى الكرسي الرسولي الأب نعيم خليل، والقاضي في محكمة الروتا المونسنيور انطوان شويفاتي، وكاهن رعية مار مارون في روما المنسنيور جوزف صفير.
وتم التداول خلال اللقاء في عدد من المواضيع التي تهم اللبنانيين في الخارج اضافة إلى العلاقات بين لبنان والفاتيكان.
وبعد اللقاء، أقام الاب زغيب مأدبة غداء على شرف الرئيس عون واللبنانية الاولى وافراد العائلة والوفد المرافق، شارك فيه ايضاً سفيرة لبنان في ايطاليا السفيرة ميرا ضاهر والقائم بأعمال السفارة اللبنانية لدى الفاتيكان السفير غادي خوري.
والقى الاب زغيب كلمة، قال فيها:”إنه لمن دواعي فخرنا في دير مار أنطونيوس الكبير في روما التابع للرهبانية المارونية المريمية أن نستقبلكم وجمهور ديرنا يا صاحب الفخامة مع عقيلتكم والعائلة والحضور الكريم، وننقل لكم تحيات الرئيس العام للرهبانية الأباتي إدمون رزق الموجود في الولايات المتحدة الأميركية لزيارة رهباننا المقيمين هناك، وقد تعذر عليه مشاركتنا هذه اللحظة التاريخية لديرنا، والتي شئتموها انتم بتخصيصنا بها لما في قلبكم من احترام لقيمنا الدينية والإيمانية التي هي، وكما أنتم عماد الوطن، عماد العيش المشترك الذي يميز لبنان ويجعل منه رسالة محبة وتآخ بين مختلف الديانات والمعتقدات.
في ربوع هذا الدير عاشت هامات كبيرة في الدين والدنيا، نخص منها القائد التاريخي يوسف بك كرم، ناهيك عن مئات ومئات الرهبان والأساقفة الذين حملوا مما نهلوه من ينابيع روما، حملوا العلم إلى شرقنا الحبيب فبزغ نور المعرفة والإنفتاح على مختلف الحضارات، وشكلت جسرا عبرت من خلاله إلينا المدارس والجامعات والمستشفيات والمؤسسات الاجتماعية الراقية التي ميزت ولا تزال”.
أضاف :” لبنان حتى يومنا هذا. في ربوع هذا الدير، عاش لمدة ثلاث عشرة سنة، بطريركنا وحبيبنا، ابن الرهبانية المارونية المريمية نيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، وفي حناياه تعمق بدروس الفلسفة واللاهوت والحق القانوني الكنسي والمدني، كما وخدم الكرسي الرسولي لبضع سنوات كمدير للقسم العربي في إذاعة الفاتيكان، ليعود إلى لبنان ويستمر في خدمة كنيسته وشعبه أطال الله بعمره ومنحه دوام الصحة والعافية.
صاحب الفخامة، وفي خضم الأحاديث الفضفاضة عن السلاح وتحميلكم عبء تاريخ مشحون بالمشاكل لستم أنتم من صنعتموه، نؤكد لكم أننا بدورنا سنحمل السلاح، وسلاحنا هو صلاتنا ومسبحتنا الوردية، لنطلب من أجلكم إلى الله عزّ وجلّ أن يحميكم ممن يريد أن ينتزع منا الفرحة والأمل اللذين نعيشهما منذ انتخابكم على رأس الدولة اللبنانية. مظلم تاريخ الأمس ومشرق تاريخكم الناصع بالاستقامة والشفافية وحب الوطن.
نشكركم مجدّداً فخامة الرئيس مع اللبنانية الأولى والوفد المرافق، باسم الأساقفة والآباء الأجلاء، وأخص منهم صاحب السيادة المطران ميشال الجلخ أمين سرّ دائرة الكنائس الشرقية في الفاتيكان، وصاحب السيادة المطران رامي قبلان الوكيل البطريركي العام لكنيسة السريان الكاثوليك لدى الكرسي الرسولي بارك الله مساعيكم لتحقيق الأماني عشتم، عاشت الكنيسة وعاش لبنان”.
كلمة في السجل: وقبل مغادرة الدير إلى المطار، دوّن الرئيس عون في سجل الدير الاتي :
“محطتان في زيارتي لدير مار انطونيوس الكبير للرهبنة المريمية اللبنانية في روما: الاولى إيمانية، والثانية تاريخية، ذلك ان هذا الدير المجاور لتمثال النبي موسى وسلاسل القديس بطرس، بات بهمّة الرهبان المريميين اللبنانيين الذين شيدوه في العام ١٧٥٣ بعد ٤٦ عاماً على وجودهم في روما العام ١٧٠٧ ، صرحاً دينياً كبيراً أبوابه مفتوحة لجميع اللبنانيين، كهنة ومطارنة وعلمانيين، فكان سفارة لبنانية حقيقية قبل وجود سفارة رسمية للبنان في روما. ولا يزال هذا الدير يواصل رسالته باستمرار، وهو لجميع اللبنانيين محطة وعلامة رجاء في روما .
تحية من القلب لهذه الرهبانية المعطاءة ، رئيساً عاماً ومدبرين ورهباناً، مقرونة بالدعاء بأن تبقى على عطائها الروحي والوطني مزدهرة ومشرقة، فتواصل رسالتها في لبنان وفي عالم الانتشار بنجاح وتألق”.
الى لبنان: وبعدها، قطع الرئيس عون زيارته الرسمية إلى الفاتيكان وعاد إلى بيروت برفقة اللبنانية الأولى السيدة نعمت عون والعائلة والوفد المرافق، مغادرًا قاعدة تشامبينو العسكرية، وذلك في ضوء التطورات الإقليمية المتسارعة.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.