نقلا عن المركزية –
زار الدبلوماسيون العرب بيروت الاسبوع الماضي محاولين فتحَ ثغرة في حائط الازمة السياسية، تخرج عبرها الحكومةُ المطلوبة بإلحاح، الى النور، الا انهم عادوا أدراجهم بـ”خفيّ حنين”، وقد أذهلتهم قدرة أهل المنظومة – او جزءِ منها كشفوا عن هويّته من خلال مقاطعتهم إياه- على عرقلة الحلول والتضحية ببلد وشعب بأكمله، كرمى لأنانياتهم وحصصهم وطموحاتهم الشخصية ومصالحهم الفئوية والاقليمية ايضا. هم غادروا لبنان خائبين ومحذّرين، تاركين الساحة لقطار العقوبات الآتي من اوروبا في الايام المقبلة والذي قد يركبه ايضا العرب والاميركيون، علّ هذا الخيار ينفع في ايقاظ الضمائر النائمة – إن وُجِدت. على اي حال، ستتظهّر اكثر معالمُ التعاطي الدولي الجديد مع المعطّلين، وستتوضّح أيضا صورةُ “القصاص” المرتقب صدورُه، بعد المحادثات التي سيجريها وكيلُ وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل في بيروت مطلع الأسبوع المُقبل، ذلك انه، وفي حال لمس ان “التعنّت” على حاله، فإن واشنطن من غير المستبعد ان تنضمّ الى مسار “عزل” المعرقلين ومعاقبتهم، والذي ترفع لواءه باريس.
رسائل هيل: على وقع اتصال “تنسيقي” جرى امس بين وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن شددا خلاله على ان “على القادة السياسيين في لبنان تحقيق إصلاحات حقيقية تخدم مصالح الشعب اللبناني”، يصل هيل الى لبنان في الايام المقبلة في زيارة تستمر اياما، من ضمن جولة تشمل عددا من دول المنطقة. وفيما لم يُحدّد بعد جدول مواعيده أو أعماله، تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” ان الدبلوماسي الذي لم تُعيّن ادارةُ الرئيس جو بايدن خلفا له بعد، سيتطرّق في لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين الى الملف الحكومي. هو سيشدد على ضرورة تأليف حكومة سريعا، تتلاقى وطموحات اللبنانيين والدول المانحة، لتهب الى مساعدة البلد الصغير، لافتا الى ان واشنطن ستقرر التعاون مع الحكومة العتيدة او مقاطعتها، بعد ان تطّلع على طبيعتها. واذ تقول ان هيل، سينقل رفض ادارته لتحكّم اي فريق سياسي بقرار مجلس الوزراء العتيد، اكان رئيس الجمهورية او التيار الوطني الحر او حزب الله – بطبيعة الحال- فإنها تكشف ان الرجل سيعتبر ان الاصلاحات اولوية وان انضمام فاسدين او جهات مصنّفة على لائحة اميركا السوداء، الى الحكومة العتيدة، لن يسعفها كثيرا في نيل ثقة المجتمع الدولي. على اي حال، تدعو المصادر الى رصد جدول مواعيد هيل ومَن ستشمل او تستثني، كون “شكليات” الزيارة بحد ذاتها، حمّالة رسائل ومواقف.
الحدود البحرية: الى ذلك، سيكون الملف النفطي وترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، حاضرا ايضا في جعبة هيل، وسط توجّه الدولة اللبنانية نحو التخلّي عن التصوّر الذي انطلقت على اساسه محادثات الناقورة، برعاية اميركية. وسيبلغ هيل مَن يعنيهم الامر، بموقف الولايات المتحدة من التبدّل الذي اصاب “الاتفاق – الاطار” وما اذا كان يتهدد المفاوضات برمّتها، ام لا…
مبادرة بري: في الغضون، غابت الحركة السياسية كلّيا عن الضفة الحكومية، ولم تسجّل اي لقاءات او اتصالات بين المعنيين بالتأليف، في حين تدور خلف الكواليس، بحسب ما تقول مصادر سياسية لـ”المركزية”، حركةٌ تضطلع بها عين التينة لجسّ نبض الاطراف المحليين، حيال امكانية احياء مبادرة الرئيس نبيه بري الانقاذية. غير ان المواقف التي سُجلت اليوم تدل الى ان الافق لا يزال مسدودا.
الحريري “أفشل” المسعى: فقد اعتبرت الهيئة السياسية في التيّار الوطني الحُرّ اثر إجتماعها الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل ان “لم يعُد من شكّ في أن رئيس الحكومة المكلّف يسعى لتأخير تشكيل الحكومة ويأتي في هذا السياق تفشيله للمسعى الفرنسي الأخير، والاختبار الجدّي لاقتراب موعد التشكيل هو قيامه بتقديم صيغة حكومية مُتكاملة ومفهومة (لا غموض فيها) لرئيس الجمهوريّة، وهو ما سوف يكشف نواياه الحقيقيّة بالسعي للحصول على نصف أعضاء الحكومة زائد واحد. الى ذلك، اعتبرت ان موقف رئيس الجمهوريّة بشأن التدقيق الجِنائي في حسابات مصرف لبنان هو خارطة طريق واضِحة لتسريع تنفيذ التدقيق في ظل عدم تسليم المستندات المطلوبة رغم إزالة كل العوائق؛ وما استلمته وزارة المال أمس ليس إلا موافقة المجلس المركزي على فهرس بلائحة المستندات المطلوبة دون الالتزام بتواريخ محددة لتسليم المستندات بحدّ ذاتها. ازاء هذه المماطلة التي تهدف الى تعطيل ووقف التدقيق الجنائي، يدعو التيار كافة المواطنين الى عدم السكوت والاستنفار والنضال والضغط معه في سبيل تحقيق ذلك.
خبر ملفّق: على صعيد آخر، وبعد اللغط الذي اثير حول ارجاء او الغاء زيارة رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ووفد وزاري، الى العراق، حيث اعتبر بعضُ الإعلام “الممانع” ان السعودية والحريري يقفان وراء هذه الخطوة، صدر عن المكتب الاعلامي للاخير بيان جاء فيه “نشرت جريدة الأخبار في عددها الصادر اليوم، خبراً تصدر صفحتها الاولى تحت عنوان “الحريري يلغي زيارة دياب للعراق”. يؤكد المكتب الاعلامي للرئيس الحريري ان الخبر ملفق بنسبة 100% ولا يمت للحقيقة باي صلة ويشكل اساءة متعمدة لرئاستي الحكومة في العراق ولبنان”.
“استبعاد الارهاب”: وسط هذه الاجواء، قفزت التحقيقات في انفجار المرفأ الى الواجهة من جديد اليوم. فبعد اسابيع على مطالبة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله القضاءَ بتحديد طبيعة التفجير للافراج عن التعويضات للناس، ملمّحا الى ان “فرضية الاهارب تعني ان لا تعويضات”، طلب وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة، من المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق بيطار، عبر وزيرة العدل ماري كلود نجم، إصدارَ تقرير رسمي يُخرج الأعمال الحربيّة والإرهابيّة من دائرة الأسباب التي أدّت إلى وقوع إنفجار 4 آب 2020 “لتمكيننا من إصدار التوجيهات والإرشادات المناسبة لهيئات الضمان اللبنانيّة ومخاطبة هيئات إعادة الضمان الدوليّة، لتسديد التزاماتها الماليّة حفاظاً على حقوق المواطنين المؤمّنين“.
“يلي استحوا ماتوا”: القرار أغضب أهالي الضحايا، الذين سارعوا الى اصدار بيان انتقدوا فيه مواقف نعمة، قائلين “فاجأنا نعمة بتنصيب نفسه قاضيا عدليا، مصدرا حكما مسبقا بتبرئة العدو الصهيوني والإرهاب من جريمة تفجير مرفأ بيروت التي قتلت فلذات أكبادنا وجرحت الآلاف ودمرت مدينتنا بيروت، تحت حجة واهية، لاعبا دور الحريص على حقوق المتضررين، ضاربا عرض الحائط مشاعرنا بصفتنا عوائل شهداء ننتظر الحقيقة بفارغ الصبر والألم والدموع“. وشددت على أن “ما قام به الوزير لا يعتبر تدخلا سافرا غير مقبول بنتائج التحقيق فحسب، بل وطعنة غادرة في خاصرة قضيتنا الوطنية والإنسانية، وهو أمر لا يمكن السكوت عليه“، خاتمين “عنجد يلي استحوا ماتوا”.
نعمة يوضح: على الاثر، اوضح نعمة أن “وزير الاقتصاد مسؤول عن لجنة مراقبة هيئات الضمان، وهو يحض بشكل متواصل شركات التأمين على تعويض المتضررين من انفجار مرفأ بيروت، حماية لحقوقهم، إنما لا يمكن إلزامهم التعويض من دون صدور تقرير رسمي يبين الأسباب وراء الانفجار، لأن غالبية عقود التأمين وإعادة التأمين تستثني أعمال الحرب والإرهاب من نطاق التغطية“. وقال “عليه، وجهت لجنة مراقبة هيئات الضمان كتابا إلى المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، للاضاءة على أهمية تبيان بأسرع وقت الأسباب التي أدت الى انفجار مرفأ بيروت، آملة منه في حال خلصت التحقيقات، الى إعلان ذلك في سبيل اتخاذ اللجنة الإجراءات اللازمة“. وختم “الكتاب لا يهدف بأي شكل الى التدخل في عمل القضاء، وتبدي اللجنة كامل استعدادها لسحب الكتاب وإعادة صياغته، نظرا إلى سوء تفسيره بما لا يتماشى مع الهدف المنشود منه“.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.