نقلا عن المركزية –
أكد راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر أننا “سنبقى في لبنان بلا خوف على مستقبلنا لأنّنا نعيش فيه بين يدي الآب”، مشددا على أننا “لن نخاف وحوش السلطة والمال فنحن الموازنة شعبٌ يحبّ الحياة ولكنّه لا يخشى الموت في سبيل الحرية والحق والإيمان”.
وقال عبد الساتر في عظة قداس عيد مار مارون من الجميزة: “نطالب بانتخاب رئيس للجمهورية حتى لا تتغيّر هوية لبنان وحتى تبقى الدولة والدستور ونطلب من ممثلي الشعب ألا يتأخرّوا بالقيام بدورهم”.
وجاء في العطة التي ألقاها عبد الساتر بعد الانجيل: “صاحب السيادة المطران أنطوان عوكر ممثلا صاحب الغبطة والنيافة، سعادة السفير البابوي، أصحاب السيادة وقدس الآباء العامين، أصحاب المعالي والسعادة، سعادة السفراء المعتمدين في لبنان، قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، إخوتي وأخواتي، عاش مارون ناسكًا في العَراء على قِمة جبل قورش، من دون سقف يحميه من عناصرِ الطبيعة الشرسة. عاش يصلي، لا يزرع ولا يحصُد، ولا يخطِّط ولا يحسُب، مسلِّمًا أمره للربِّ كاسرِ شوكة كلِّ موت، والحاضرِ دومًا في حياته حضورًا محبًّا وفاعلاً. زَهِدَ بالدنيا حتى لا يخسر المسيح وقضى حياته في محبة أخيه الإنسان. رفضه غيرُ المؤمنين فصمدَ بقوة مَن وهبَه الحياة الأبديَّة. شكَّك به المنافقون فأفحمهم بشفافيَّته وصِدقِه وأمانتِه لدعوته. هاجمه الأشرار فغلبهم بغفرانه وبرِّه وردَّهم عن ضلالِهم فتحوَّلوا إلى تلاميذَ له. ببرِّه وبصدقه وبغفرانه وبإيمانه بيسوع غالِبِ الموت، وبمحبته وبتسليمه للعناية الإلهية صمد مارون على قمته وتحوَّل الجبلُ إلى معبد للإله الحق وإلى جبل طابور يتجلّى فوقه ابنُ الإنسان”.
أضاف: “ونحن أبناءَ وبناتِ مارون سنصمد حيث نحن، غيرَ خائفين ممَّن يتنكَّرون لله بتسلّطهم على أبناء الله وبظلمهم لهم. سنواجه تسلّطهم وظلمهم من دون هوادة ولا ملل لأنّنا نحبّ الإنسان، كلَّ إنسان. وسنصمد في أرضنا على الرَّغم من شَظَفِ العيش وسنتمسّك بها لأنها تضُمّ رفاتِ قديسينا وأهلنا وشهدائنا. وسنواجه الجوع والعطش والعوز بالتضامن والعون والاكتفاء بالضروري، لأننا لا نريد أن نتخلى عن رسالتنا في محيطنا، رسالة الشهادة لحبِّ الربّ للإنسان. سنبقى في لبنان بلا خوف على مستقبلنا لأنَّنا نعيش فيه بين يدَي الآب المحبة ولأنَّ لبنان هو جبلُ قورش بالنسبة إلينا وجبلُ طابور، عليه نرى اللهَ الابن في كامل مجده”.
وتابع: “كانوا قلةً أولئك الذين تتلمذوا له ولكنهم ما أبِهوا بعددهم. ساروا على دروب البلاد، قضيتُهم في قلبهم وبشارتُهم على لسانهم. قضيتُهم الإنسان والعالم الذي يعيش فيه. وبشارتُهم أن ابن الله صار إنسانًا ليُعطي الإنسان الخلاص والحياة في قلب الله. ما خافوا وحوش الليل ولا خافوا من فاقوهم عددًا. ساروا وعلَّموا فكان الحصاد وفيرًا. ونحن أبناءَ وبنات مارون، ملحَ هذه الأرض، ستبقى القضية في قلوبنا والبشارة على شفاهنا. لن نخاف وحوش السلطة والمال والاستغلال ولا من يحاول ثنينا عن القيام بما علينا. نحن الموارنة شعب يحبّ الحياة ولكنه لا يخشى الموت مرات ومرات في سبيل المحبة والحق، والإيمان والحريَّة. نحن شعب يزهد بهذه الدنيا ولكنه يتمسّك بجبله وساحله وواديه وقريته ولا يرضى إلا أن يُدفن في تراب بيته. نحن كنّا هنا وسنبقى هنا حتى آخر الزمان ولو عُلِّقنا تكرارًا على الصليب من أجل الآخر. فإننا لا نخاف الصليب أبدًا لأننا على يقين أنَّ بعده القيامة حتمًا”.
وقال عبد الساتر: “نحن أبناء وبنات مارون نتمسّك بلبنان وطنًا نهائيًا تُحفظ فيه كرامة الإنسان على كافة أراضيه، ويعيش فيه المسيحيون والمسلمون معًا بحسب نظام يسمح لكلِّ مواطن، بمعزلٍ عن انتمائه الديني أو الحزبي أو المناطقي، أن يعيش حريَّته على الصعيدين الديني والمدني، وأنْ يُسهمَ بشكل فاعل في ازدهار الوطن والإنسان فيه. نحن أبناء وبنات مارون متعلِّقون بلبنان الذي ساهمنا في وجوده واستمراره، وطنًا واحدًا موَّحَدًا يعيش فيه مواطنوه تحت سقف القانون، متساوون في الحقوق والواجبات. نحن نحترم تاريخ وتضحيات ودم شهداء كلِّ مكوِّن لبناني وننتظر من إخوتِنا وأخواتنا في الوطن أن يتخلَّوا عن منطق الغالب والمغلوب وأن يحترموا تاريخنا وتضحياتنا ودم شهدائنا. وندعو الجميع إلى تخطّي مآسي الماضي لنبلسم معًا جراح بعضنا البعض ونبدأ مرحلة جديدة في مسيرة بناء الوطن.
نحن نرفض كل محاولة استئثار بمقومات الدولة لأننا تعلَّمنا من الحرب الطويلة التي عشناها بويلاتها أنَّ الإنعزال خطأ تاريخي وأن لا فريق يستطيع أن يحكم بمفرده وأنَّ الاتكال على الخارج والاستقواء به لا يؤدي إلا إلى التزلّم له وإلى نهاية الوطن. نحن نطالب بانتخاب رئيس للجمهوريَّة حتى لا تتغيَّر هوية لبنان وحتى تبقى الدولة اللبنانية ويُحفظَ دستورُها. ونطلب من ممثلي الشعب أن لا يتأخروا عن القيام بواجبهم وينتخبوا من يجمعُ في شخصه ما يكفي من الجرأة والنزاهة والصفات الإنسانيَّة والحنكة السياسيَّة وروحِ التعاون من دون تأخير ومن دون اعتبار لأي مصلحة غير مصلحة الوطن العليا.
نحن أبناء وبنات مارون الذين عشنا مع أهلنا في بيروت جريمة إنفجار 4 آب 2020 نطالب السلطة اللبنانية، السياسيَّة والقضائية، بإعطائنا إجاباتٍ واضحة حول مَن أحضرَ مادةَ النيتراتَ إلى لبنان ومن خزَّنها ومن حافظ عليها ومن أشعلها ليحاسبَ، كان من كان، ومن دون تدخلات أو مسايرة لأي طرف داخلي أو خارجي، فترتاح أرواحُ شهدائنا وتسكنَ نفوس أهلنا. الحقيقةُ حول إنفجار بيروت ومحاسبةُ المسؤولين هي بدايةُ تعافي لبنان وإلا فالسلام عليه كبلدٍ للإنسان”.
أضاف: “يا أبانا مارون، لبنان، هذه الأرض المقدسة، يعيش أهله الخوف من الغد. شبابنا يهاجر ومرضانا لا يستطيعون الاستشفاء وكبارُنا يعيشون اليأس في أيامهم الأخيرة. صلِّ لأجلنا نحن اللبنانيين حتى تتحرَّك ضمائر السياسيين والحكام عندنا، وحتى نقاوم الشرَّ بلا كلل فنكون أخيارًا في كلامنا وأفعالنا. صلِّ لأجلنا حتى تكون لنا الجرأة على مقاومة كلِّ فاسد وظالمٍ، وحتى نحاسب من أخطأ في حقِّ شعبه. صلِّ لأجلنا حتى يبقى في قلبنا الرجاء ونصبرَ حتى تنتهيَ إعادةُ بناء لبنان بلدًا للإنسان وبلد الحرية والازدهار. آمين”.
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.