نقلا عن المركزية –
فعلت الضغوط الخارجية المتعاظمة غربيا وعربيا لفرملة اندفاعة الرئيس المكلف سعد الحريري نحو الاعتذار فعلها، ليس تمسكا بشخص الحريري بحد ذاته، على اهميته، انما تجنباً لتداعيات الاعتذار التي يصفها البعض بالكارثية في لحظة لم يعد بمقدور البلاد المنهكة تحملها في ظل الانهيارات المتتالية. زيارة مصر كان لها على الارجح الأثر الابلغ في القرار الحريري لجهة ادخال تعديلات الى متن التشكيلة الحكومية من شأنها تبديل الموقف الرئاسي منها كونها اكثر مرونة من سابقتها.
لكنّ حسم الاتجاهات التي سيسلكها الحريري سلفاً يبقى قرارا غير صائب، ما دامت الامور مفتوحة على كل الاحتمالات في انتظار جواب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على تركيبة الحريري التي قدمها من ٢٤ وزيرا اثر زيارته قصر بعبدا عصرا، بحيث يكون رد عون غدا عليها، حاسما اذ سيتحدد في ضوئه قرار الرئيس المكلف اعتذارا ام استمرارا في التكليف من دون تأليف.
زار الحريري عون اذا، وقال على الاثر “حان وقت تشكيل الحكومة وقدمت تشكيلة حكومية من 24 وزيرا بحسب المبادرة الفرنسية ومبادرة الرئيس بري وننتظر جوابا من عون بحلول الغد، حان وقت الحقيقة ، وسنبني غدا على الشيء مقتضاه”.
وقبل الزيارة العتيدة، سُجّلت حركة لافتة فرنسية تجاه بيروت شددت على اولوية التشكيل، في موازاة زيارة قام بها الحريري الى مصر اليوم حيث تبلّغ دعم القاهرة له ولجهوده في التأليف.
عون يأمل: في السياق، إلتقى رئيس الجمهورية اليوم الموفدَ الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل وعرض معه للعلاقات اللبنانية الفرنسية والتطورات المتصلة بالأزمة الحكومية والتحضيرات الجارية لمؤتمر دعم لبنان والشعب اللبناني في بداية آب المقبل. وقال عون لموفد الرئيس الفرنسي: نؤيد المبادرة الفرنسية واللبنانيون شاكرون لما يبذله الرئيس ماكرون لمساعدة بلدهم. واضاف: الجهود لا تزال قائمة لتشكيل حكومة جديدة وآمل ان يحمل لقاء اليوم مع الرئيس المكلف مؤشرات إيجابية. ودعا “للإسراع في تشكيل حكومة جديدة ومباشرة الإصلاحات التي تنادي بها فرنسا والمجتمع الدولي”. واشار الى ان التحقيقات مستمرة في جريمة تفجير مرفأ بيروت ولا غطاء سياسياً لأي مقصّر او مُرتكب”.
دوريل للتشكيل: من جانبه، دعا دوريل بعد لقائه رئيس الجمهورية الى “الإسراع في تشكيل حكومة جديدة ومباشرة الإصلاحات التي تنادي بها فرنسا والمجتمع الدولي”. وقال “مؤتمر الدعم بداية الشهر المقبل يدخل في إطار حرصنا على الاستمرار في مساعدة لبنان”. وبعدها انتقل دوريل الى كلمنصو حيث استقبله رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، قبل ان يتوجه الى عين التينة والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري.
دعم مصري: الحريري كان اذا زار مصر اليوم حيث سمع من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي “دعمه الكامل لمساره الذي يهدف لإعادة الاستقرار إلى لبنان”. وشدد الرئيس المصري على أهمية تكاتف مساعي الأفرقاء في لبنان لتسوية أية خلافات لإخراج لبنان من الحالة التي يعاني منها حالياً. وعبّر السيسي عن دعم الحريري في جهود تشكيل الحكومة اللبنانية. من جانبه، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري للرئيس المكلف: على الأطراف اللبنانية تغليب المصلحة العليا للبلاد على المصالح الضيّقة. وصرح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية معلنا بأن”الرئيس رحب بالحريري في مصر، مؤكداً دعمها الكامل للمسار السياسي للرئيس الحريري الذي يهدف لاستعادة الاستقرار في لبنان والتعامل مع التحديات الراهنة، فضلاً عن جهود تشكيل الحكومة، مع اهمية تكاتف مساعي الجميع لتسوية اية خلافات في هذا السياق لإخراج لبنان من الحالة التي يعاني منها حالياً، بإعلاء مصلحة لبنان الوطنية، بما يساعد على صون مقدرات الشعب اللبناني الشقيق ووحدة نسيجه الوطني... من جانبه، أشاد الرئيس الحريري بجهود مصر الحثيثة والصادقة لحشد الدعم الدولي للبنان على شتى الأصعدة في ظل استمرار التحديات الصعبة التي يواجهها الشعب اللبناني، خاصةً على المستوى السياسي والاقتصادي، مؤكداً اعتزاز لبنان بالعلاقات التاريخية الوطيدة التي تربط الدولتين الشقيقتين، والتي تقوم على أسس من التضامن والأخوة، وتقدير بلاده للدور المصري الحيوي كركيزة أساسية في حفظ الاستقرار بها والمنطقة العربية ككل”.
لتغليب المصلحة العليا: وكان الرئيس الحريري استهل لقاءاته في العاصمة المصرية باجتماع عقده مع وزير الخارجية سامح شكري في قصر التحرير تم خلال عرض لآخر المستجدات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين، وبحسب وكالة انباء الشرق الأوسط المصرية فقد اكد الوزير المصري على دعم مصر للُبنان الشقيق للخروج من الوضع الحالي. ومن ناحيته قال السفير أحمد حافظ المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية في تدوينة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إن الوزير شكري شدد، خلال اللقاء، على ضرورة تغليب كافة الأطراف اللبنانية للمصلحة العُليا للبنان بمنأى عن أي مصالح ضيقة.
لعدم الاعتذار؟: على الصعيد المصري – اللبناني ايضا، أفادت معلومات صحفية أن القاهرة طالبت الحريري بعدم الاعتذار عن تشكيل الحكومة. واشارت الى ان مصر “ستعمل على وضع خارطة طريق لحل أزمة لبنان وستدعو دولاً عربية عدة لاجتماعات تنسيقية حول لبنان”. ولفتت المعلومات إلى ان القاهرة ستسعى الى إنشاء مجموعة اقتصادية دولية لدعم لبنان، كاشفة ان وفداً مصرياً رفيع المستوى سيزور بيروت قريباً لدعم تشكيل الحكومة. وأبلغت مصر الحريري، وفق المعطيات الصحافية، أنها ستقود حواراً عربياً لدعم لبنان ومنع تصاعد الأمور. كما وأنها ستدعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية بشكل كاملً، واتفقت مع الحريري على جدول زمني يتم التشاور فيه لتشكيل الحكومة”. واوضحت مصادر مصرية لـ”النهار العربي“
ان تشكيلة الرئيس الحريري التي سيقدّمها في قصر بعبدا اليوم، تظهر قدراً من المرونة في توزيع الحقائب، والعبرة في تجاوب الرئيس عون لأنّ الخيارات الأخرى غير مضمونة
صندوق النقد: وبينما الانهيار الاقتصادي يشتد، أعرب رئيس الجمهورية عن “امتنان لبنان للدعم الذي يقدّمه صندوق النقد الدولي للمساعدة على تجاوز الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها“. وأكد في خلال استقباله ممثل لبنان والمجموعة العربية في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي محمد محيي الدين، أن “لبنان مقبل بعد تشكيل الحكومة الجديدة على تطبيق خطة نهوض اقتصادية تتضمّن إصلاحات تشريعية تحقق الشفافية، إضافة الى اعتماد توزيع عادل ومنصف للخسائر بهدف إعادة استنهاض الاقتصاد الوطني“. ورحّب عون بـ”أي دعم يقدّمه صندوق النقد الدولي”، شاكراّ لمحيي الدين “ما أبداه من حرص الصندوق على تقديم المساعدة للبنان في مجالات عدة لاستنهاض الاقتصاد، من خلال تحديث خطة التعافي المالي في ضوء المستجدات التي طرأت بعد انفجار مرفأ بيروت“ . وكان محيي الدين الذي زار عين التينة ايضا، أعلم الرئيس عون أن “صندوق النقد الدولي سيعمد إلى تخصيص لبنان بما يوازي 860 مليون دولار أميركي من ضمن برنامج متكامل بوحدات حقوق السحب الخاصة تبلغ قيمته 650 مليار دولار تُوزَّع على 190 دولة وذلك خلال الشهرين المقبلين“.
يوم حداد!: على صعيد آخر، بقيت اصداء المواجهات العنيفة التي دارت امس امام منزل وزير الداخلية محمد فهمي، بين القوى الامنية واهالي شهداء وضحايا انفجار المرفأ ومجموعات ثورية، تتردد بقوة فوق الساحة المحلية. وبينما لا جديد في ملف رفع الحصانات، سوى تأكيد فهمي انه لن يمنح الاذن للاستماع الى المدير العام للامن العام، منح رئيس الجمهورية موافقة استثنائية باعتبار الرابع من آب المقبل يوم حداد وطني لمناسبة ذكرى فاجعة انفجار مرفأ بيروت وسيصدر لاحقاً المرسوم اللازم.
ليس بعيدا، يعقد تكتل “الجمهوريّة القويّة” اجتماعاً في المقر العام لحزب “القوّات اللبنانيّة” في معراب برئاسة رئيس الحزب سمير جعجع، وعلى جدول أعماله بنود عدة “في طليعتها قضية رفع الحصانات في انفجار الرابع من آب سعيا إلى العدالة والحقيقة في قضية أخلاقية وانسانية قبل اي شيء آخر”، عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر غد الخميس.
الاشراف على الانتخابات: الى ذلك، أشارت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان عبر “تويتر”، الى أن “يجب تمكين الإدارة الانتخابية وهيئات الإشراف بالكامل قبل انتخابات لبنان في عام 2022. ومن الضروري قيام هيئة جديدة للإشراف على الانتخابات تحظى بميزانية مناسبة وتؤدي مهمتها باستقلالية“. وكانت البعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات، اجتمعت اليوم الى هيئة الإشراف على الإنتخابات.
اسرائيل والحزب: على خط آخر، شددت إسرائيل على أن “حزب الله لا يتوانى في زرع مستودعاته العسكرية في المناطق السكنية”، وفقاً لـ”العربية. وقالت، “لن نتردد باتخاذ ما يلزم حيال الأهداف النشطة والفاعلة لحزب الله. وسنكشف مواقع في لبنان سيتم استهدافها في أي حرب مع حزب الله”. ورأت أن “حزب الله يستخدم سكان لبنان كتكتيك عسكري لتنفيذ مخططاته”. وقالت، “هناك مخزن أسلحة لحزب الله على بعد 25 مترا من مدرسة
ان المعلومات و الاراء و الافكار الواردة في هذا المقال تخص كاتبها وحده و تعبر عن وجهة نظره الخاصة دون غيره؛ ولا تعكس، باي شكل من الاشكال، موقف او توجهات او راي او وجهة نظر ناشر هذا الموقع او ادارة تحريره.
ان هذا الموقع و ادارة تحريره غير مسؤوليين عن الاخبار و المعلومات المنشورة عليه، و المنسوبة الى مصادرها بدقة من مواقع اخبارية او وكالات انباء.